الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عندما تفتقر النخب إلى الثقافة

محمد بوجنال

2017 / 5 / 7
مواضيع وابحاث سياسية




إن الدولة، أية دولة، بناؤها، تطورها، تقدمها أو تخلفها رهين بالمستوى الثقافي لنخبتها، إن عاليا فثقافة نخبها تكون عالية، وإن متدنيا، فثقافة نخبها تكون متدنية. ونعني بالنخبة كل المسئولين عن الشأن الوطني العام من قبيل المسئولين بالحكومة والبرلمان والقضاء وباقي المؤسسات الوطنية والجهوية والإقليمية والمحلية. أما الثقافة فنحددها في ضرورة فهم معنى الوجود والموجود ،على الأقل في حده الأدنى، سواء على الصعيد الوطني أو الإقليمي أو الدولي.
صحيح أن النخبة المغربية من أعلاها إلى أدناها، مع استحضار الاستثناء، ضعيفة ثقافيا؛ لذا، فهي نخبة تفتقر إلى ثقافة الوطنية لصالح ثقافة الكذب والفساد، فتدلي بإحصاءات ظاهرها وادعاؤها دوما التنمية والازدهار – وهي مفرداتها -، وحقيقتها دوما التقهقر والتخلف؛ هذا حصل ويحصل على مختلف المستويات والمؤسسات؛ فالصحة منذ عقود والنخب تتكلم عن كونها تعرف تقدما يشرف البلد بينما الواقع، ومنذ عقود يفند ذلك حيث النقص المهول علة مستويات التجهيز والأدوية والموارد البشرية؛ وقطاع التعليم منذ عقود وهو يعاني من التخبط ولا أهمية البرامج والمناهج والتكوين؛ لكن، ومنذ عقود والنخب المسئولة والفاقدة لعنصر التأهيل ومعنى الوجود والموجود المغربي، تمطر مسامع الشارع المغربي بتطور التعليم واحتلاله المصاف المشرفة على المستوى الإقليمي؛ ومختلف المؤسسات الإدارية: من مقاطعات وجماعات وضرائب وغيرها، فكلها، ومنذ عقود، تمطر الشارع المغربي، في أبحاثها وتقاريرها بأنها مؤسسات حققت تقدما ملموسا في الاستجابة لمصالح المواطن والوطن؛ في حين نجدها، ومنذ عقود، تنخرها السلطوية والمحسوبية وتفشي الفساد وفق معايير وتقاليد الأمية، واللامبالاة بالشأن الوطني العام مع التظاهر بالمسئولية لذر الرماد في الأعين.
ما سبق قوله يؤكد أن النخبة المغربية، في مجملها، نظرا لفراغها الثقافي، فهي نخبة تتميز بالكذب والفساد؛ أو قل إن سلوك الكذب والفساد يرجع في جزء كبير منه إلى ضعفها الثقافي الذي لن يفرز سوى النخب التي لا تفهم معنى تحمل المسئولية، ولا الوطن والوطنية؛ إنها نخبة الهمزات والصفقات وهو مؤشر الجهل. فكيف يمكن لنخبة لا تعرف معنى الوجود والموجود المغربي أن تخطط وتبني المناهج والبرامج التعليمية لأن الأساس بالنسبة لها في القطاع – وغيره من القطاعات – هو عملية الاسترزاق وشطب وتشطيب الوطن والوطنية من ساحة الضمير؛ فالنخب تلك هي أصلا تفتقر إلى الضمير أو قل تمتلك ضميرا فارغا من معنى البناء وخلق شروط النمو والتنمية.. ويمكن تعميم هذا التحليل على باقي القطاعات حيث التكون الثقافي لصالح الهمزات والصفقات وأشكال الكذب والفساد المعتبر بالسلوك ذي القيمة الحضارية كما تراه النخبة تلك؛ أو قل أن تصريف كذبها وفسادها يتم تمريره وفق أساليب معادية لمصلحة المجتمع؛ ولا حاجة لنا بذكر أسماء وزراء لا يتقنون سوى النكث والتهريج.
هذه هي حقيقة النخب المغربية: الجهل والتسلط والكذب والفساد. وهنا لابد من استحضار السؤال الأهم الذي به نفهم عداء النخبة للثقافة وحرصها على أن المسئولية هي، وبالكاد، إنجاز وتحقيق المصلحة الخاصة، وأن معنى الوجود والموجود المغربي لا يمكن أن يكون إلا كذلك. وبالفعل، فهي ثقافة الكذب والفساد كما أرضعتهم إياها مختلف المؤسسات المغشوشة والمخدومة كالأسرة والبرامج والمناهج التعليمية والمحكيات الدينية ووسائل الإعلام والأغاني المهرجة. إنها الثقافة التي عملت على تدمير وإعاقة ولادة المولود الجديدة الذي هو الثقافة ذات الأهداف النبيلة في تحقيق النمو والتنمية التي هي نقيض الكذب والفساد.
وافتقار النخبة إلى الثقافة يعني،وبالكاد، عدم فهمها وإدراكها قضايا ومشاكل المجتمع المغربي؛ هذا حدث منذ عقود وما زال مستمرا؛ نخب رأسمالها التسلط والنهب والكذب والفساد؛ لذلك لا نندهش إذا أنصتنا إلى قول الفيلسوف الألماني نيتشه (القرن 19) الذي لمسناه ونلمسه في مجتمعنا المغربي، وبأشكال مغربية، وهو ما يؤكد في نفس الوقت ضرورة الإنصات إلى تاريخانية عبد الله العروي؛ يقول نيتشه ما مضمونه : النخبة جهاز كذاب. فما المنتظر من نخب متتالية – مع الاستثناء – تتميز بالدرجة الدنيا من المستوى الثقافي سوى الكذب والفساد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احمد النشيط يصرح عن ا?ول راتب حصل عليه ????


.. تطور لافت.. الجيش الأوكراني يعلن إسقاط قاذفة استراتيجية روسي




.. أهم ردود الفعل الدولية حول -الرد الإسرائيلي- على الهجوم الإي


.. -حسبنا الله في كل من خذلنا-.. نازح فلسطين يقول إن الاحتلال ت




.. بالخريطة التفاعلية.. كل ما تريد معرفته عن قصف أصفهان وما حدث