الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طوابير العرب العائدة لبيت الطاعة الامريكي

تميم منصور

2017 / 5 / 8
مواضيع وابحاث سياسية



هناك من يحاول أن يسقط المقولة التي رددها الكثيرون ، بأن قوة لبنان في ضعفه على السلطة الفلسطينية القائمة في رام الله ، وأول من استخدم هذه العبارة المثيرة للجدل ، هو الاعلام المعادي لمواقف لبنان الوطنية ، محاولاً إيجاد المبررات للتدخل في شؤون هذا البلد ، لمنع الاستقرار فيه .
اليوم سارع الاعلام الإسرائيلي الى تناول هذه المقولة ، لإثارة الغبار وتعكير الرؤيا التي نتجت عن زيارة رئيس السلطة الوطنية محمود عباس لواشنطن ، وكل من تابع التعليقات على هذه الزيارة من قبل أكثر من وسيلة إعلامية واحدة ، إسرائيلية وفلسطينية ، يستنتج ان كلا الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي ، يستكثرون مثل هذه الزيارة على شخص محمود عباس وعلى كونه يمثل الشعب الفلسطيني المغلوب على أمره .
اذا سلمنا بصحة مقولة أن قوة لبنان بضعفه ، فإن هذه المقولة لم تعد تنطبق على لبنان ، ولا تنطبق على السلطة الفلسطينية بالمعنى الذي كانت تنطبق فيه في يوم من الأيام على لبنان ، أما لماذا لم تعد تنطبق على لبنان اليوم ، لأنه يوجد فرق كبير بين لبنان قبل وجود المقاومة على أرضه من أبنائه ، وبين لبنان مع وجود قوة ردع شعبية قادرة عسكرياً ، اثبتت جدارتها في المعارك التي خاضتها ضد الاحتلال الإسرائيلي ، وانتصرت على هذا الاحتلال وأجبرته على الهروب من أمام ضرباتها المميتة قبل سنة الفين ، وفي سنة 2006 .
بفضل هذه القوة الرادعة ، أصبح للبنان هيبته ووزنه السياسي والعسكري أكثر من السلطة الفلسطينية عسكرياً وسياسياً ، وجود المقاومة في لبنان ،حال دون تحويله الى لقمة سائغة بشكل دائم من قبل القوى التي كانت دائماً تتربص به ، وتوجه اشرعته السياسية كما تريد ، خاصة زمن الحكومات التي ترأستها قوى 14 آذار ، وآخرها الحكومة الحالية ، ان التلاحم بين الجيش اللبناني وبين المقاومة ، حمى لبنان من هجمات القوى التكفيرية ، لكن أعداء لبنان ينكرون ذلك .
من المؤسف الاعتراف بأن جانب القوة لدى السلطة الوطنية ومنظمة التحرير لا يمكن مقارنته مع جانب القوة لدى المقاومة اللبنانية ، كما أن جانب الضعف لدى سلطة رام الله يتراجع كل يوم أكثر مقارنة مع أي حالة ضعف في المنطقة ، خاصة لبنان ، والسبب ان السلطة في رام الله لا تخطط لاعداد قوة عسكرية مقاتلة ، كما كان الأمر قبل اتفاق أوسلو .
قبل الاتفاق المذكور كانت قوة منظمة التحرير الفلسطينية تفوق في عددها ومهماتها وقدراتها ، ليس لبنان وحده ، بل العديد من الدول العربية ، لكن اتفاق أوسلو ، قضى على هذه القوة ، قبل تحرير فلسطين ، مع أن عدد قوات الأمن الوطني الفلسطيني الحالية تتجاوز السبعين الف عنصر ، لكن مهماتها وقدراتها محدودة ، لإسباب يطول شرحها .
السلطة الفلسطينية أيضاً لا تملك أي قوة ضغط سياسية قادرة على ردع الاحتلال ، واذا وجدت مثل هذه القوة ، فإن السلطة لا تستثمرها لمقاومة الاحتلال ، مثل اللجوء الى المؤسسات الدولية ، أو السماح بثورة شعبية ، والسبب أن السلطة فقدت حرية اختيار جميع قراراتها ، وقد أصبحت هذه القرارات رهينة لمزاج الدول المانحة ورهينة بمزاج وعقلية الجامعة العربية . وحبيسة امراء السلطة أنفسهم
قوة السلطة الوحيدة التي تعترف بها أمريكا و حلفاؤها ، هي بقاء هذه السلطة قائمة ، لأن وجودها ولو شكلياً ، يبقى الضمانة الوحيدة للحديث عن قيام دولة فلسطينية ، مع أن هذا الحديث لا يحدد هوية وحدود هذه الدولة ، كما أنه لا يشير الى انه فترة زمنية لقيامها .
اذا القوة الوحيدة المتوفرة بأيدي هذه السلطة ، بالنسبة للسلطة ذاتها ، وبالنسبة للشعب الفلسطيني هي استمرارية وجود هذا الهيكل كي يوفر على الاحتلال الكثير من واجباته التي يقرها القانون الدولي ، هناك من يعتبر هذا الوضع احتلال بالوكالة ، كما حاولت أن تفعل فرنسا في الجزائر .
أما القوة الكامنة المتوفرة لدى سلطة رام الله من وجهة نظر أمريكا ومحورها هو ان بقاء هذه السلطة هو صمام الأمان لاستمرار الهدوء والاستقرار في ظل الاحتلال وممارساته ، لأن الاستقرار يعني بالنسبة لامريكا إرضاء إسرائيل ويعني بالنسبة لإسرائيل استمرار الاستيطان .
الغريب ان السلطة ورئيسها ورجالها في رام الله يعتبرون الكثير من تحركاتهم اعمالاً وطنية ، ينفردون بها الى درجة التفاخر ، آخر هذه التحركات ، استقبال عباس في واشنطن ، وقد ركزت الفضائيات التابعة للسلطة على ان هذه الزيارة ، سابقة تاريخية ، وان عباس كان من بين أول عشرة زعماء طالهم شرف اللقاء مع الرئيس الأمريكي ترامب – خلال اللقاء ركز الرئيس الأمريكي ترامب على التنسيق الأمني مع إسرائيل فقط ، واعتبر ترامب هذا التنسيق حالة ضرورية لا بد منها ، مع العلم ان ثلاثة من بين هؤلاء العشرة الذين سبقوا عباس من القادة العرب ، جميعهم من دول الطابور الخامس الذين يدورون في المجال المغناطيسي الأمريكي ، وهم الرئيس المصري السيسي ، وملك الأردن عبد الله الثاني وولي عهد مملكة الاجلاف الغلاظ السعودية .
انهم لا يدركون انه منذ ان تولى ترامب الرئاسة في أمريكا ، تم اعداد برنامج لاستقبال أكبر عدد من القادة والزعماء العرب ، لأن هذه الزيارة تعني بالنسبة لامريكا وحلفائها ، تجديد البيعة والولاء لسياسة الولايات المتحدة ، وتعني ان هذه الأنظمة لا تزال متواجدة في بيت الطاعة وانها تقف في الخط الامامي للدفاع عن مصالح أمريكا المعادي لمحور المقاومة .
ان بريق الزيارة التي قام بها محمود عباس الى واشنطن – في الزمن المرافق لإضراب الاسرى - جعل الفلسطينيون يلهون عن النتائج الملموسة ومردود هذه الزيارة على الصعيد العملي هذا هو الأهم .
ان قوة الفلسطينيين ليس بضعفهم ، قوتهم مرتبطة بقوة صمودهم ، وقوة تلاحمهم ، قوتهم بمصداقية مطالبهم وتضحياتهم من اجل بلوغ أهدافهم بنيل الحرية والاستقلال ، قوتهم لا يستمدونها من واشنطن او من جامعة الخزي العربي ، أو أي مؤتمر اسلامي ، قوتهم تكمن بطول وعرض وفوق وتحت وامام وخلف استعدادهم للتضحية والنضال والعودة الى حراك انتفاضة لكنس الاحتلال .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غرقُ مطارِ -دبي- بمياهِ الأمطارِ يتصدرُ الترند • فرانس 24 /


.. واقعة تفوق الخيال.. برازيلية تصطحب جثة عمها المتوفى إلى مصرف




.. حكايات ناجين من -مقبرة المتوسط-


.. نتنياهو يرفض الدعوات الغربية للتهدئة مع إيران.. وواشنطن مستع




.. مصادر يمنية: الحوثيون يستحدثون 20 معسكرا لتجنيد مقاتلين جدد