الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


- تعددت اللسانيات ، فبأي لغة تكتبين الفلسفة ؟- من -دهشة فعل التفلسف كعقلنة - في الحلقة الرابعة من حوارنا مع البروفيسورة خديجة زتيلي في -بؤرة ضوء-

فاطمة الفلاحي
(Fatima Alfalahi)

2017 / 5 / 9
مقابلات و حوارات


" تعددت اللسانيات ، فبأي لغة تكتبين الفلسفة ؟" من "دهشة فعل التفلسف كعقلنة " في الحلقة الرابعة من حوارنا مع البروفيسورة خديجة زتيلي في "بؤرة ضوء"

https://i58.servimg.com/u/f58/19/60/38/08/5510.jpg


تعددت اللسانيات، فبأي لغة تكتبين الفلسفة؟

د. خديجة زتيلي:

أكتب باللغة العربيّة وأبحث عن عزائي فيها، فهي تُلامس روحي وعقلي وقد نشأتُ وكبرتُ عاشقة لها مستمتعة بها ومستغرقة في معانيها، لكنّ الأمر الأكيد أنّني عالميّة الثقافة وكونيّة التفكير كما هو حال أجدادي القدامى الذين ترجموا تراث اليونان والسريان والفرس إلى اللغة العربيّة، وتفاعلوا مع لغات وحضارات العالم بشغف كبير وبطموح إلى الارتقاء لا حدود له، فعلى هذا النحو أفكّر وأمارس فعل الكتابة الفلسفيّة. إنّ عنوان كتاب جرجي زيدان ((اللغة العربّية كائن حيّ)) يستهويني كثيرا في هذا المقام ويعبّر عن مشاعري تجاه هذه اللغة التي لم أتراجع عن الاهتمام بها ومحبتها قيد أنملة. يتناول الكاتب فيه تاريخ اللغة ومنشأها وتكوينها ونموّها وفيما طرأ عليها من تغيير وتجديد مع مرور الزمن، مشيرا إلى الألفاظ التي اندثرت وأخرى حلّت محلّها والأدوار التي مرّت عليها اللغة العربيّة ابتداء من العصر الجاهلي مرورا بالعصر الإسلامي، والألفاظ العلميّة والإداريّة والعامّة المستحدثة في الدولة العربيّة فضلا عن الألفاظ النصرانيّة واليهوديّة، وتلك الدخيلة من الدوّل الأعجميّة كالتركيّة والكرديّة وغيرها، إلى أن يصل بنا جرجي زيدان في كتابه الآنف الذكر إلى ما يسميه بـالنهضة الحديثة، فقد اقتضى التمدّن، حسبه، ظهور ألفاظ جديدة وحتى دخول بعض الألفاظ الإفرنجيّة على اللغة العربيّة وقد حدث هذا في المجالين الإداري والصناعي على حدّ سواء، فبهذا المعنى تعتبر اللغة العربيّة بمثابة الكائن الحيّ، فقد تطوّرت مع الزمن وعبّرت عن روح الحضارة ومراحل التاريخ المختلفة وخرجت في كلّ مرة بحمولات ثقافيّة وإنسانيّة وحضاريّة جديدة وعميقة.

من الأهميّة بمكان في هذا السياق استحضار موقف الفيلسوف وعالم اللغة والناشط السياسي الأمريكي المعاصر نعوم تشومسكي، الذي يدين بشهرته الواسعة لمجموعة كبيرة من مؤلفاته التي ترجمت إلى أغلب لغات العالم، وعلى رأسها تلك المؤلّفات اللغويّة منها. فاللغة عنده وبشكل عام خاصيّة جوانيّة، وموضوع دراسة اللغة أو اللسانيات الحيويّة هو على حدّ تعبيره «الحالات الخاصّة للبشر، وبشكل أعمّ، أدمغتهم: لنطلق عليها اسم الحالات اللغويّة . إنّه يسعى إلى الكشف عن طبيعة وخواص هذه الحالات، وتطوّرها وتنوّعها وأساسها في الموهبة الطبيعيّة البيولوجيّة الفطريّة». وقد ورد هذا الكلام في كتابه ((آفاق جديدة في دراسة اللغة والعقل)) في الصفحة 29. ويجادل تشومسكي في نصّه المذكور بأنّ موضوع اللغة هو معقّد ومتداخل مع أنواع السلوك الإنساني، وله وشائج قربى مع علوم إنسانيّة أخرى كعلم النفس مثلاً، ففي الفصل الموسوم بــ استكشافات ذاتانية وفي استهلاله يورد تشومسكي نصاًّ عن هذا التداخل قائلا: «فيما أنا أكتب، تُظلم السماء ويحذر الراديو من عاصفة تتّجه نحو بوسطن، يُتوقّع أن تجلب مطراً غزيرا ورياحا قويّة، وفيضانا للأنهار والمناطق الساحليّة وتخريبا للأشجار والمنازل وانقطاعا للتيار الكهربائي.. إنّ البيان السابق.. يتمّ إعلانه في وسط خارجي ويفهم بطرق مختلفة من قبل المتكلّم والسامعين».

من الواضح جدّا أنّ استدعائي للنصّ التشومسكي في هذه العجالة، لم يكن اعتباطيا، بل بغرض توضيح وتأكيد أنّ اللغة بشكل عام حيويّة بالفعل وهي تتأثر بالحمولات الاجتماعيّة والنفسيّة والفكريّة، وينجم عن هذا التأثير والتأثر تفاسير وتأويلات مختلفة ومتعدّدة للأشاء والعالم بوجه عام، وإنّ منطق التفاعل بين الأنا والموضوع هذا لينسحب عليّ أيضاً وأنا أتعاطى مع اللغّة العربية وأكتب بها، بعيدا عن أيّ ترسيخ لمركزية ما أو تعصّب قومي أو مذهبي قد يخطر على البال. ففي الوقت الذي أقرأ فيه باللغة العربيّة تستهويني أيضا القراءة والكتابة بغير اللسان العربي، ولعلّ ولعي بالترجمة ورغبتي العميقة في نقل أحد النصوص الفرنسية إلى اللغة العربيّة يرفع هذا اللبس الذي قد يعتري القارئ الذي يجدني عربيّة الهوى والكتابة بجرعة زائدة. يصعب عليّ كثيرا أن أصف بدقّة مشاعري وأنا أنجز نصاً مكتوباً بها، وكل ما يمكن قوله أنّ اللغة بشكل عام ليست مجرّد حروف وحسب بل هي منطوق الحضارة والروح النابض لها وهي الهويّة التي تعلن عن نفسها، وليس بالضرورة أن تكون قوميّة فقط بل بالإمكان أن تتعداها إلى الكونيّة أيضا.


انتظرونا عند سؤالنا "هل خانتك اللغة يوما ووجدت أن الفكرة أعقد وأكبر من أن تتسعها اللغة ؟" من "دهشة فعل التفلسف كعقلنة " في الحلقة الرابعة من حوارنا مع البروفيسورة خديجة زتيلي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما ردود الفعل في إيران عن سماع دوي انفجارات في أصفهان وتبريز


.. الولايات المتحدة: معركة سياسية على الحدود




.. تذكرة عودة- فوكوفار 1991


.. انتخابات تشريعية في الهند تستمر على مدى 6 أسابيع




.. مشاهد مروعة للدمار الذي أحدثته الفيضانات من الخليج الى باكست