الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مقاطعو الإنتخابات في الجزائر- أي دلالة وأي مستقبل؟

رابح لونيسي
أكاديمي

(Rabah Lounici)

2017 / 5 / 9
مواضيع وابحاث سياسية



يعتقد البعض أن ظاهرة مقاطعة الإنتخابات هي ظاهرة خاصة بدول معينة، فهي في الحقيقة ظاهرة عالمية تتوسع يوما بعد يوم، ولعله يعود إلى عدم تجديد الإنتماءات الطبقية للنخب، فمثلا في أوروبا أصبحت البرامج المطروحة هي تقريبا متشابهة، وتخدم طبقات إجتماعية معينة، وتقودها نخب محددة، ولهذا أصبح المواطن يشعر أنه لا يوجد أي تغيير سواء أنتخب أم لا، ولهذا طرحنا في كتابنا "النظام البديل للإستبداد-تنظيم جديد للدولة والإقتصاد والمجتمع-" نظاما برلمانيا بشكل آخر يكون فيه التمثيل على أساس شرائح إجتماعية، وتكون كلها ممثلة فيه عن طريق الإنتخاب.
ففي الجزائر مثلا لا يعلم البعض ما معنى ودلالة المقاطعة وما هي قراءتها السياسية بما فيها عناصر من النظام الجزائري، فمثلا في الإنتخابات التشريعية الأخيرة أخفت وزارة الداخلية عدد الأوراق الملغاة معتقدة أن ذلك لا يخدم النظام متناسية أن ما لا يخدمها هي المقاطعة، فكل حالة لها معناها ودلالتها، فإن أنتخب المواطن فمعناه راض على النظام القائم وعلى مرشحين معينين، لكن في حالة وضع ورقة ملغاة، فمعناه أنه راض على النظام القائم، لكنه غير راض على كل المرشحين، أما في حالة المقاطعة، فمعناه رافض للنظام القائم كله، لكن لايمكن لنا تطبيق هذه الدلالات على الجزائر لأن الكثير من الذين يضعون ورقة ملغاة يخشون أن تطلب منهم بطاقة الإنتخاب من الإدراة، ولهذا يذهب لينتخب، كما أن الكثير من المقاطعين لم يكن العامل السياسي هو سبب مقاطعتهم الإنتخابات، بل هو لامبالاة تامة.
ولهذا يصعب إقامة قراءة سياسية للمقاطعين في الجزائر، بل حتى فهم مقاصدها، كما يستحيل أن يتنبناها أي حزب كان لأنه يعتقد أنه هو الداع للمقاطعة، كما ترى أحزاب المعارضة المشاركة في الإنتخابات أن المقاطعة تخدم أحزاب السلطة التي تمتلك وعاءها الإنتخابي الثابت، طبعا لاننفي ذلك نسبيا، ولهذا تجد أحزاب السلطة ذاتها تدعو باشكال ملتوية إلى مقاطعة الإنتخابات، لكن السؤال المطروح ماذا بعد المقاطعة؟
تمت عدة مقاطعات للإنتخابات في الجزائر، لكن زادت النظام تثبيتا أكثر وتزايدت سيطرة الأوليغارشية المالية على الهيئة التشريعية التي عادة هي من أحزاب السلطة، فسواء أنتخب الشعب أم لا فهو سيان، بل المقاطعة أعطت قوة للأوليغارشية المالية، فهل هذا معناه دفع بالجزائر أكثر إلى الإنسداد،لأن ذلك سينتج سياسات لاشعبية وضد مصالح بسطاء الشعب وفي خدمة هذه الأوليغارشية المالية، مما يمكن ان يشكل خطرا كبيرا على الإستقرار الوطني، لكن يبقى دائما السؤال المطروح هل أقيمت دراسة علمية لهؤلاء المقاطعين وإمكانية إستثمارهم في إنشاء تنظيمات جديدة شاملة وجامعة تتجاوز الأحزاب كلها سواء السلطوية أو المعارضة مادام أنها فشلت في إيجاد حلول للأزمة المزمنة التي تعيشها الجزائر، والتي بدورها أنعكست حتى على أحزاب المعارضة التي تعيش أيضا أزمات مزمنة ومشاكل داخلية حادة وعجزا كبيرا في إنتاج الأفكار والحلول والبدائل، بل هي ضد النخب الرفيعة المستوى التي هي عادة ما تجد نفسها خارج هذه الأحزاب التي تشبه ممارساتها بشكل كبير ممارسات النظام الطاردة لهذه النخب؟ فهل بإمكان هذه الأحزاب المعارضة أن تطرح حلولا لأزمة الجزائر، وهي عاجزة على حل مشاكلها الداخلية، بل تتخبط في صراعات داخلية وشخصية حادة لا تعود حتى إلى خلافات حول أفكار او إستراتيجيات بل صراعات شخصية ونفسية ومصلحية ضيقة، فهي لاتملك حتى آليات ديمقراطية لحل إختلافاتها وتناقضاتها وصراعاتها الداخلية، فكيف ستحل مختلف الإختلافات والتناقضات داخل الدولة كلها.
أعتقد انه حان الوقت للتفكير جديا والقيام بدراسة علمية لهؤلاء المقاطعين ومعهم حتى أصحاب الأوراق الملغاة، لأننا بإمكاننا ضمها إلى هؤلاء المقاطعين، لأنهم ينتخبون خوفا من أي عقاب إداري مستقبلا، فيجب معرفة ومعرفة توجهات كل هؤلاء وكيف يريدون للجزائر أن تكون مستقبلا مادام أنها تشكل أغلبية لا يمكن الإستهانة بها، ولعل ذلك سيسمح بتغيير سياسات الجزائر او التفكير في تنظيم سياسي جديد أكثر نجاعة وفعالية كما أشرنا في بداية هذه المقالة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الحديد والنار
نور الحرية ( 2017 / 5 / 11 - 20:42 )
العسكر العلماني الديمقراطي هو البلسم والحل الحقيقي والواقعي ايضا لكل مشاكلنا فلن ينفع حزب ولا تداول على السلطة ولا أي شيئ اخر مع انتشار الخرافات والتدين والبرصا والريال

اخر الافلام

.. هل ساعدت كوريا الشمالية إيران بهجومها الأخير على إسرائيل؟ |


.. مسلسل يكشف كيفية تورط شاب إسباني في اعتداءات قطارات مدريد في




.. واشنطن تؤكد إرسال صواريخ -أتاكمس- بعيدة المدى لأوكرانيا


.. ماكرون يدعو إلى أوروبا مستقلة أمنيا ودبلوماسيا




.. من غزة| 6 أيام في حصار الشفاء