الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما الاسم الذي يفضل الخالق أن يطلق عليه ؟

محمود شاهين
روائي

(Mahmoud Shahin)

2017 / 5 / 12
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


منذ أن اخترع الإنسان اللغة ، أي منذ عهد قريب جدا مقارنة بعمرالخلق وعمرالخالق نفسه ، قد لا يتجاوز ستة آلاف عام على أبعد تقدير، حتى راح الإنسان يفكر في القدرة الكامنة وراء الخلق ويطلق أسماء عليها ، فكان هناك آلاف الخالقين وآلاف الأسماء لهؤلاء الخالقين أنفسهم ، الذين تصور العقل البشري وجودهم وراء الخلق . وإذا كانت بعض المعتقدات قد أضفت على الخالق أسماء لا تنبئ بماهية الخالق من حيث طبيعته ، إن كان خالقا عادلا رحيما ومحبا لخلقه ، أو كان عدوانيا منتقما وكارها لخلقه ، أوبين بين، كأن يحب ويكره ويرحم وينتقم ، ويحيي ويميت ، فإن الإسلام على سبيل المثال اجتهد في أن يطلق عليه تسعة وتسعين اسما، هي في الوقت نفسه صفات له ، تحيط بكافة جوانب الطبيعة الإلهية له . من هذه الأسماء:
الجبار. المتكبر. القهار. القابض. الخافض. المذل. الحسيب. الشهيد. المتين. المميت. الظاهر. الباطن. المتعال. المنتقم . المانع. الضار.
بداية ، لا بد من القول إن المسلمين اختلفوا حول بعض هذه الأسماء ، فبعضهم لم يعترف إلا بالأسماء التي وردت في الكتاب والسنة ، فهناك ثمانية عشر اسما لم ترد لا في الكتاب ولا في السنّة .(1) وهناك من لم يعترف بكل ما يتناقض مع الرحمة الإلهية التي تشمل البشرية كلها . (2) والحق إن صفات مثل: المنتقم ، الضار، المميت ، المذل ، القهار، القابض، الجبار، المتكبر، تنطبق على الإله في مفهومه التوراتي حسب ورود أفعاله في التوراة ، فهو لم يكتف بإبادة وإفناء الشعوب التي وقفت في وجه أبناء شعبه المختار ( بني اسرائيل ) بل لحق الأمر ببني إسرائيل أنفسهم ، الذين كثيرا ماكان ينزل غضبه عليهم ويذيقهم سوء العذاب ، رغم أنه اختارهم وحدهم دون البشرية كشعب له وفضلهم على البشرية وعلى العالمين حسب التعبير الإسلامي. وإذا ما نظرنا إلى هذه الصفات بمنظورانساني ، سنجد أنها تتناقض بالمطلق مع الصفات الرحمانية التي اختص بها الخالق ، كالرحمن والرحيم والغفاروالغفور والعلي والحفيظ والجليل والكريم والواسع والحق والعدل والمتعالي والتواب والرؤوف والبر والحكم والحميد والولي. فكيف بمن هو رحمن رحيم أن يقبل بالإنتقام وأي انتقام ؟ الجميع يعرفون نار جهنم التي لا تعرف الرحمة !
ولو أننا تناولنا صفة واحدة من هذه الصفات التي تتناقض مع الرحمة والرحمانية بالمطلق ، سنجد أنه من الصعب حتى على البشر أن يتقبلوها رغم أنهم بشر يحبون ويكرهون وينتقمون وإن بشكل أقل فظاعة ! فكيف بالآلهة ، أو بالخالق إذا ما اتفقنا على أن الخالق واحد لدى البشرية كلها وإن أختلفت أسماؤه وصفاته وأفعاله وتشريعاته وماهيته؟
لنأخذ صفة أو اسم : المميت . والمميت حسب تعريف الموسوعة الحرة هو : هو مقدر الموت على كل من أماته ولا مميت سواه، قهر عباده بالموت متى شاء وكيف شاء(3) وحسب هذا التعريف يبدو الموت مسألة مزاجية عند الله يقرره متى يشاء وكيفما يشاء ! وحاشا أن يكون الخالق كذلك !
قبل أسابيع طرحنا موضوعا عن الموت وكره الناس له بعنوان : الخوف من الموت. ورغم فهمنا المختلف للموت كضرورة لتجدد الحياة واستمرارها ، وأنه خلود في الألوهة نفسها ، فإن أحدا لم يقل أنه يحب الموت ، حتى المؤمن الخالص لله الذي يتوقع جنة وحورعين في انتظاره ، لم يقل أنه يحب الموت رغم إدراكه التام أن الموت شريعة إلهية تجري بأمر الله ! فهل يكفر أو يخطئ المؤمن بكرهه لأمر الله ؟! من وجهة نظر إيمانية ، يخطئ بالتأكيد ، ويخالف شريعة الله ، ويستحق العقاب الإلهي !!
إذا كانت هذه هي الحال مع الإنسان فكيف بها مع الله أو الخالق نفسه ؟ فهل يقبل بما يتناقض مع رحمانيته ؟!
بالتأكيد لن يقبل وما أدركه أن الله محبة مطلقة وخير مطلق وعدل مطلق وجمال مطلق ولن يكون الله أو الخالق غير ذلك ،وإذا شاء الخالق أن يطلق على نفسه اسما : لما اختار غير : الخالق ، الخير ، المحبة ، العدل ، الحق ، الجمال ، وكل اسم إنساني يسمو على مشاعر العدوانية والإنتقام ، مهما كان جوهر الله وماهيته وطبيعته ، حتى لو كان كما في الفكر المثالي الديني خارج المادة والطاقة .
فيا صديقاتي ويا أصدقائي . إن شئتم أن تؤمنوا ، فأمنوا بالخالق المحبة والخير والعدل والجمال ، فليس هناك خالق غير ذلك .
يبدو أنني لن أرسم مع أنني جهزت أدوات الرسم بالأمس . وها هي الكلمة تنتصر على اللون في الصراع الجاري في دخيلتي بينهما .
محمود شاهين
11/ 5/ 2017
الهوامش 1+2+3
راجع ويكيبيديا الموسوعة الحرة ... ولمعرفة الأسماء المختلف عليها بين المسلمين ،ووجهة نظر علماء المسلمين في الأمر. ويمكن مراجعة بعض أسفار التوراة كسفر الخروج مثلا لمعرفة ما يفعل الإله ( يهوه ) بالمصريين . وإن شئت راجع كتابنا " قصة الخلق التوراتية "








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الكلمة
ماجدة منصور ( 2017 / 5 / 12 - 03:46 )
الكلمة...في البدء كانت الكلمة و ستظل الكلمة هي الخالدة في قاموس الوجود0
الكلمة و اللون..وجهان لعملة واحدة
لكنها عملة نادرة
احترامي


2 - شكرا
محمود شاهين ( 2017 / 5 / 12 - 15:02 )
شكرا عزيزتي ماجدة
افتقدتك
https://www.facebook.com/profile.php?id=100012634182546

اخر الافلام

.. الشرطة الأمريكية تعتقل عشرات اليهود الداعمين لغزة في نيويورك


.. عقيل عباس: حماس والإخوان يريدون إنهاء اتفاقات السلام بين إسر




.. 90-Al-Baqarah


.. مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى وسلطات الاحتلال تغلق ا




.. المقاومة الإسلامية في لبنان تكثف من عملياتهاعلى جبهة الإسناد