الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قالها ،يلزمني علماً

اسحق قومي
شاعرٌ وأديبٌ وباحثٌ سوري يعيش في ألمانيا.

(Ishak Alkomi)

2017 / 5 / 12
الادب والفن


عشتار الفصول:10275

قالها ،يلزمني علماً
قصة قصيرة .
كانت عبارة عن فكرة، بسيطة ، سمعتها منذ حداثتي ،وقمتُ بصياغتها بالتصرف من جديد مع إطالة ملحوظة ومنحتها الكثير علها تفيدنا جميعا .
اسحق قومي.
جوهر القصة ،يتمحور حول كيف نُخاطب الناس ،الحمقى، والسفهاء خاصة؟!!..
طالب ، يتخرج من جامعة الأزهر الشريف ،بعلامة ،ممتاز . على جميع أبناء دورته.في كلّ شيء، العلوم اللغوية ،ومشتقاتها ،وصناعتها الإنشائية ،ومحسناتها البديعية ،وتاريخها ،وإشكالاتها، وفي الحديث الشريف ،والتفسير وفي تاريخ الإسلام، واليهود، والمسيحية ،وجميع المعارف التي احتوتها مكتبة الأزهر..وقصته تبدأ بعد أن ودع كل الطلبة من الأزهر بالقاهرة، وأراد أن يرحل إلى أهله ، وقريته في شمال غزة ،ويومها لم يكن يوجد وسائل للنقل الحديث، فكان الحمار، أو البغل، أما الحصان ، لمن تمكن من دفع الأسعار النارية في تلك الأزمنة الدهرية، ولكن هذا الطالب ابن أسرة فقيرة، لايملك سوى حماره الهزيل وذلك ، لعدم إطعامه في الأوقات المحددة ،شدّ الرحال نحو الشمال، وكان عليه أن يقطع المسافة، بيومين أو أكثر،والوقت شتاء، وحماره النحيل ،قطع البراري، والقفار، حتى غابت الشمس ،وأكفهرّت السماء، وأرعد ت ،وأمطرت ، ومن المطر اتصلت السماء بالأرض ، يفتش عن مأوى، يقيهم وابل الأمطار،والعواصف ،والرياح ، نظر وإذا به يرى بصيصاً من بعيد، سار باتجاهه ، مجموعة بيوت ، وها هو إيوان المختار، وقف وشد حماره لوتد موجود هناك يُربط الخيل به ، وراح يطرق الباب، وما هي إلا لحظات ، فتح له ، دخل ونظر ،الرجال يجلسون على جانبي الإيوان ،يسمعون لرجل عجوز يبدو أنه رجل دين، أكل عليه الزمن ،وشرب، سلم على الجميع ،وردوا عليه التحية، سأله المختار ، أَأنتَ جوعان ياضيفنا ؟ قال بلى، وعطشان ودابتي منذ يومين ،لم تأكل ربع طعامها ،وشرابها .طلب المختار من أحد الموجودين أن يذهب ويُحضر عشاء للضيف، وأوصاه أن يقدموا لدابته الطعام والشراب أيضاً ، وأن يُدخلوها لزريبة التي تقع بجانب الإيوان، وحين أكل وشبع الضيف المسكين ، جلس يسمع لذاك الملا (رجل الدين) . وكان ذاك الرجل المؤذن بالقرية ،والعلامة بالنسبة لأهلها ،ويبدو عليه جهله اللغوي والفقهي ه
ولكون هذا الطالب المتقدم ،والذكي تعلم بأن يكون غيورا على لغته ، وعلى آيات القرآن الكريم ،ولا يعرف مماحكة الحمقى ،ولا الضالين .ولا يُساير أحد الحضور لو أخطأ بشيء.ما كان عليه إلا أن يقول. يا مختار والله العظيم ،ياسيدي هذا الرجل ،جاهل، ولا يعرف من الدين إلا بعضاَ من الكلمات، وهو شر عليكم، وعلى ديننا .وبعده لم يكم ،وما إن سمع أولئك الحمقى ،من هذا الضيف المسكين ماقله ،بحق ذاك رجل الدين. ولكونهم يقدسون شيخهم الجليل ،قاموا وانهالوا على ذاك الضيف العبقري المسكين، وأوسعوه ضربا ،وقتلا، حتى أصبحت الدماء تجري من فمه،ومن رأسه. وتمكن أن يفلت منهم، ويركب حماره، ويعود أدراجه نحو الأزهر، وبعد يومين
وصل المكان ، وعندما أدرك الطلاب بعودته ، استغربوا، وسألوه قائلين لماذا عدت ياهذا، والدماء بادية على ثيابك ؟ فقال لهم:يلزمني علماً ، أصوات الطلاب تعلو قائلةً.أأنتَ أنتَ يلزمكَ علماَ؟!! وأنت الأول على جميع طلاب دورتك؟!! كيف هذا؟ قال لهم أقسم بربك الوجود ،يلزمني علماً ،بقدر ما تعلمتُ ،وأكثر ،وبقي عاماً دورة كونية بكاملها ، وهو يُحضر كيف سينتقم من هؤلاء؟!! ومن ذاك الشيخ (الملا) . حان الوقت ليودع الموجودين ليسافر إلى أهله .في نفس الظروف التي كانت في العام الماضي ، وبعد مسيرة يومين وأكثر .جاء إلى تلك القرية ، بقصد الثأر، ولكنه كان قد أطال لحيته ، ولبس لباساً ممزقاً، يشبه لباس الزهاد والمتصوفة ، وربط عصابة خضراء على رأسه ..
.طرق الباب ، فتح أحدهم له، ودخل عليهم وسلم ، فردوا عليه التحية ، رحب به المختار وجميع الموجودين ، ومن عادة المختار أن يسأل الضيف ، فقال له: نفس الأسئلة عن الطعام والشراب فتحقق له ما أراد ،وكان ينظر يميناً وشمالاً ،وإلى وجوه هؤلاء العباد ،لكنه تأكد من أنهم لم يعرفوه ، بينما كان ذاك الملا(الشيخ العجوز) يشرح لهم أية الكرسي، لكنه ياليته في عالم منسي. فتذكرهم، وهم ينهالون عليه ضربا ،وقتلا، ولم يرحموه بالرغم من أنه قال لهم أنا طالب أزهري وقد أنهيت دراستي بعلامات جيدة جدا.سكت وعاد المختار يسأله ، ياضيفنا ، هل تتكرم علينا،ما هو رأيكَ بملانا( شيخنا) وبشرحه وتفسيره لآية الكرسي .؟!!
وقف وتنهد وقال: والله العظيم ،يامختار ،والله العظيم يامختار، والله العظيم يامختار ويا أيها الجمع الكريم المغوار ، بالله العظيم وبالغ الكريم،بالعود ورب المعبود وسليمان ابن داؤد ،هذا الرجل ولي من أولياء الله الصالحين، وبه تتم مغفرة الخطايا للمذنبين، وأقرأُ في وجهه ولحيته البركة، لزيادة النسل، والعطاء الوفير، ومن يريد يتبارك ويزاد البهو عنده من أجل الجماع . فليحصل على عشرين شعرة من لحيته، ورأسه، فعند امتلاككم للشعرات، فإن الرزق الوفير سينهال عليكم ، وسيأتيكم دون أي تعب، أو تفكير،وراح ينفخ في عقول هؤلاء الجهلاء، لكي ينتقم من تلك الغلطة الحمقاء، فما رأى إلا والشيخ يبكي ويُنادي الرجاء ، الرجاء ،كفى مزقتم لحيتي ،وجعلتم الدماء تسيل من وجهي، كفى ، كان الملا يبكي، أما الطالب الأزهري فقد قال في سره والله يا أولاد الكلب، إن لم يكن الإنسان خبيثاً وصقراً ، فستأكله الصقور ، وكان إن الجميع نتف لحية ذاك الملا ،وراحوا ينهشون شعررأسه ، وبالكاد استطاع أن يفلت منهم، في تلك الليلة ،ومضى الجميع،وبقي المختار يهتم بضيفه لينام عنده حتى الصباح ، ودعه على أمل اللقاء على الفطور صباحا ، نام ذاك الطالب في ذاك الإيوان ،حتى مطلع الفجر ، وبهدوء ،فتش عن دابته وركبها وأخذ اتجاه أهله وقريته ، .وهو يقول في سره ، العلم شيء ،ومعرفة الحقائق، وسلوكيات الناس، شيئاً آخر... ( والحديد لايفل إلا بالحديد )). صدقت ياعنترة بن شداد حين قلتَ لهؤلاء الأوغداد :
(
إذا بُليتَ بظالمٍ كُن ظالماً ===وإذا لقيتَ أخو الجهالة فأجهل) ِ.
وقال لنا السيد المسيح : كونوا حكماء كالحياة ،وودعاء كالحمام .
وقال أهل الجزيرة السّورية في الأزمنة الهنية ،(حسب السوق سوق).فهل وصلت الرسالة ياسادتي الكرام ؟!!
اسحق قومي
11/5/2017م








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل الزوايا - -شرق 12- فيلم مصري يشارك في مسابقة أسبوع المخرج


.. الفيلم اللبنانى المصرى أرزة يشارك فى مهرجان ترايبيكا السينما




.. حلقة #زمن لهذا الأسبوع مليئة بالحكايات والمواضيع المهمة مع ا


.. الذكاء الاصطناعي يهدد صناعة السينما




.. الفنانة السودانية هند الطاهر: -قلبي مع كل أم سودانية وطفل في