الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اللغة «العصفورية»

ضيا اسكندر

2017 / 5 / 13
كتابات ساخرة


عندما كنّا صغاراً وبسبب افتقار مناهجنا التعليمية في المرحلة الابتدائية للّغة الأجنبية، فقد شاعت في أوساطنا لغة جديدة من غير المعروف كيف تم اختراعها عُرِفت باسم (اللغة العصفورية) كنوع من التعويض عن النقص في تعلّم اللغات الأجنبية. أو ربما بسبب غياب الحريات والشفافية، فلجأ مخترعها إلى هذه اللغة ليعبّر عمّا يجول بخاطره من آراء. وأعتقد أنها سُمِّيَت بهذا الاسم نظراً لكثرة استخدام حرف «الزين» بكلمات هذه اللغة والتي شبّهها مخترعها بزقزقة العصفور فأطلق عليها هذا الاسم. وخلاصتها إدخال حرف «الزين» بعد كل حرف من أحرف الكلمة. وكمثال: عبارة (مين قلّك أنا مجنون) فتصبح: (مزبن قزلّزك أزانزا مزجنزون). وكم كنا نتباهى باستخدام هذه اللغة أمام الأطفال الآخرين الذين لم يتعلّموا هذه اللغة بعد. ولكن وبعد أن شاع استخدامها من قبل أكثرية الرفاق وباتت مثَلها مثل اللغة المحكية الأصلية، تلاشى عشقنا لهذه اللغة وخفّ استخدامها وبدأنا البحث عن لغة جديدة. وفي أحد الأيام جاءنا أحد الرفاق وهو يقفز مبتهجاً، وعرفنا منه أنه تعلّم من أحد أقاربه لغة جديدة وسهلة وعصيّة على فهم المتلقّي الذي لم يسمع بها من قبل. وخلاصتها: استبدال الحرف الأول من كل كلمة بحرف «الجيم» ووضع الحرف المستبدل بآخر الكلمة. مثال: (مين قلّك أنا مجنون) تصبح بعد الاستبدال: (جين بلْمي جلّك بلْقي جنا بلإي ججنون بلْمي). وإذا صدف أن يكون الحرف الأول من الكلمة (جيم) يتم استخدام حرف «الحاء» بأول الكلمة عوضاً عن الجيم ونلحق الحرف المستبدل بآخر الكلمة. مثال: كلمة (جنّي) تصبح (حنّي بجّي). (جردون) تصبح: (حردون بجّي).. وهكذا. وانتشرت هذه اللغة انتشار النار في الهشيم. ولم يقتصر استخدامها علينا نحن الأطفال، بل بات استخدامها شائعاً لدى الكبار ومن كلا الجنسين. فمثلاً وأنت تتمشّى بأزقّة الحيّ صار مألوفاً أن تسمع امرأة توبّخ ابنتها بالقول: (جالله بلْإي جاخْدِك بلْياء جنْتِ بلْإي وجخوكي بلْإي. جوّشتوني بطّي بجصْواتكن بلْإي) وترجمتها: الله ياخدك انت وأخوكي طوّشتوني بأصواتكن).
وفي إحدى الليالي كنت عائداً إلى البيت، وقبل وصولي سمعت جارنا يقول لزوجته من داخل غرفة النوم: «الجوم بلْيي جدّي بلْبي جام بنّي جعك بلْمي، جقى بلْبي جضّري بلْحي جالك بلْحي» = (اليوم بدّي نام معك، بقى حضّري حالك) فردّت عليه زوجته قائلةً: «جابللّه بلّي جا بلْمي جمّر بزّي جنيّك بلْبي، جإنّي بلّي جعبانة بتّي جتير بلّكي» = (لا بالله ما زمّر بْنيّك، لإنّي تعبانة كتير).
وبسبب حداثة سنّي وعجزي عن فهم ما يدور بين الزوجين في السرير ليلاً، تساءلتُ ببراءة:
يا الله، لماذا ترفض النوم مع زوجها حتى ولو كانت تعبانة!؟ أصلاً التعبان ينام فوراً من شدّة تعبه! وهل يعقل في حالة التعب هذه أن ينام كلٌّ منهما في غرفة لوحده؟! ولماذا؟! وما الفائدة من ذلك!؟
فعلاً شي بيحطّ العقل بالكفّ!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/


.. الفنان أحمد سلامة: الفنان أشرف عبد الغفور لم يرحل ولكنه باقي




.. إيهاب فهمي: الفنان أشرف عبد الغفور رمز من رموز الفن المصري و


.. كل يوم - د. مدحت العدل يوجه رسالة لـ محمد رمضان.. أين أنت من




.. كل يوم - الناقد الرياضي عصام شلتوت لـ خالد أبو بكر: مجلس إدا