الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثر الشيكات الراجعة على الحالة الاقتصادية في قطاع غزة

محسن ابو رمضان

2017 / 5 / 14
القضية الفلسطينية


الشيك ورقة نقدية يجرى العمل على التداول بها بهدف التخفيف من التداول النقدي المباشر والاسراع بالتواصل بين الأطراف والتداول بها ، الأمر الذي يسرع من النشاط الاقتصادي ويفعل دورة السوق .
وعليه فإن احد مؤشرات النشاط الاقتصادي تكمن في تقليص نسبة الشيكات الراجعة وبالمقابل فالعكس هو الصحيح ، فكلما زادت نسبة الشيكات الراجعة فإن بطئ النمو الاقتصادي يكون عنوان الحالة الاقتصادية والسوقية في المجتمع .
تشير تقارير سلطة النقد بأن قيمة التداول بالشيكات بالسوق لكل من الضفة والقطاع في عام 2015 وصلت إلى حوالي 531 مليون-$- وبلغت عدد الشيكات حوالي 4.22 ألف شيك ، تقسم بالعملات المتداولة الثلاث الشيكل ، الدولار، الدينار، وتقدر حصة قطاع غزة بحوالي 177 مليون -$- وإذا احتسبنا نسبة الشيكات الراجعة بحوالي 13% ، فإن المبلغ المهدور يقدر بحوالي 23 مليون-$- .
لوحظ زيادة نسبة الشيكات المرتجعة بالسنوات الاخيرة ، الأمر الذي اثر على دورة الاقتصاد ودرجة نموه وقد قدرت النسبة بالسنوات الاخيرة تقريباً ما بين 10% - 16% من نسبة الشيكات المتداولة بالسوق ، الامر الذي دفع سلطة النقد لاتخاذ إجراءات بحق مصدري الشيكات بدون رصيد وأهمها قيام سلطة النقد تصفيات الزبائن بتصنيفات محددة ، حيث ان الزبون الذي يتم ارتجاح خمسة من شيكاته يصنف على القائمة السوداء ويعمم اسمه آلياً على باقي البنوك ، بخلاف المراحل السابقة حيث كان من المسموح به رجوع الشيكات وذلك حتى 15 شيكاً ، وبدون تعميم آلي على كافة البنوك ، الأمر الذي كان يسمح للزبون بالمناورة بين بنك وآخر .
وبالوقت الذي رحب العديد من المعنيين بتلك القرارات والاجراءات من سلطة النقد ، فقد نظر بعض المقاولين بقلق تجاهها معللين ذلك بتأخر وصول الدفعات من الحكومة ذاتها ، عندما تبنوا تنفيذ مشاريع لصالحها ، حيث تتأخر دفعات الحكومة للمقاولين المتعاقدين معها لتنفيذ مشاريع محددة لا تأتي بعد 56 يوماً كما ينص العقد بل تأتي الدفعة بعد ذلك بكثير حسب راي العديد من المقاولين ، ويرد الآخرين على هذا التعليل بأن العديد من المقاولين يقوموا بتنفيذ مشاريع أكثر بكثير من مركزهم المالي ، حيث يفترض ان تتوفر لديهم السيولة لمتعاقديهم دون الحاجة لانتظار دفعات الحكومة .
وتعتبر مسألة الشيكات المرجعة جريمة يحاسب عليها القانون وهي تتراوح بين دولة واخرى ، وفي فلسطين فإن العقوبة تتحدد بحوالي ثلاثة اشهر سجن "91 " يوماً، تجدد سنوياً ما لم يتم استيفاء قيمة الشيك، وهذه العقوبة ليست رادعة بالقياس بالبلدان المجاورة، ولكن ربما بسبب الظروف السياسية والاقتصادية المعاشة فإن القضاء يكتفي بهكذا عقوبة .
تعود اسباب رجوع الشيكات لنقص السيولة النقدية ، وهذا النقص ناتج عن العديد من الاسباب منها تأخر تحويلات المانحين ، او تأخر اسرائيل بتحويل اموال المقاصة للسلطة ، أو اجراءات الحصار والاغلاق والحواجز التي تقلص من عمليات التصدير والاستيراد إلى جانب تأخر تزويد الرواتب لموظفي القطاع العام .
للأسباب المذكورة سالفاً فإن السيولة النقدية تنقص وتتقلص بالسوق ، بما يزيد من نسبة الشيكات المرتجعة وبما يؤشر على تباطؤ النمو الاقتصادي بالمجتمع .
إذا ارادت سلطة النقد وباقي هيئات المجتمع تقليص من نسبة الشيكات المرتجعة فعليها اتخاذ العديد من الاجراءات الجادة منها عملية التصنيف التي اتبعتها سلطة النقد وكذلك ضرورة قيام القضاء بإجراءات جدية لإعادة الاعتبار للشيك والتعامل مع عدم صرفه كجريمة رادعة يحاسب عليها القانون بشكل حازم حتى لا يجرى الاستخفاف بهذه الورقة والتي تعتبر مصرفياً ورقة نقدية.
ويذكر أن عودة الشيكات وعدم صرفها يساهم في خلق الاهتزاز المالي والنقدي بالسوق ويضعف الثقة والعلاقة ما بين الاطراف المتداولة به ،كما يبعد الاعتماد عن التداول بها لصالح التداول النقدي المباشر الأمر الذي يساهم في اضعاف الثقة بالنظام البنكي والمصرفي والائتماني كما أن ذلك يؤدي إلى حذر البنوك والمصارف ومؤسسات الاقراض بضخ السيولة بالسوق عن طريق التسهيلات الائتمانية " الإقراض " بسبب فقدان احد اهم اليات الضمان وهو الشيك مؤجل الدفع .
يشار هنا إلى اتساع ظاهرة التسهيلات الائتمانية لدى البنوك وصلت إلى 56% من قيمة الموجودات " الاصول " وتزايدت نسبة هذه التسهيلات عن معاملات الجاري المدين بصورة كبيرة ، علماً بأن ازدياد نسبة الشيكات الراجعة وتزايد مخاطر التعثر بسبب تأخر صرف رواتب موظفي القطاع العام أو الحسم منها نسبة ما بين 30-50% وهي " العلاوات " سيؤدي إلى تراجع نسبة التسهيلات الاقراضية وسيؤدي إلى اعتماد سياسة محافظة تجاه هذه المسألة .
ومن الملاحظ ان نسبة التسهيلات ازدادت لدى فئة الموظفين العموميين والطبقة الوسطى بصورة عامة الأمر الذي ادى إلى زيادة الطلب على القروض التي معظمها موجه لأغراض استهلاكية بنسبة لا تقل عن 70%، وهذا لا يساعد على تحقيق التنمية المعتمدة على الذات ويزيد من اعباء المديونية ويضعف من الاقراض كأداة لتمكين وتقوية الفقراء وكذلك من فرص تحقيق التنمية الانتاجية والاقتصادية الحقيقية ومن المعروف ان نسبة لا تقل عن 80 % من الموظفين العموميين حاصلين على قروض وتسهيلات ائتمانية .
أما بالنسبة للقطاعات الانتاجية فالزراعة لم تقدم لها تسهيلات ائتمانية بأكثر من 1.4%بحجة انه قطاع خطر ويوجد منظمات أهلية ودولية تهتم به ، والصناعة بنسبة 6.4% والباقي تسهيلات خدماتية وتجارية أي ان نسبة الانتاج والتنمية ما زالت ضعيفة ومحدودة جداً بما يقلص من فرص عمليات التنمية المعتمدة على الذات لصالح تعزيز النزعة الاستهلاكية وفق معايير العولمة الراسمالية .
ويذكر ان 94% من التسهيلات المقدمة من البنوك هي لصالح القطاع الخاص و6% لصالح القطاع العام ، الامر الذي يشير إلى تزايد الثقة بالقطاع الخاص واعطاء مساحة أوسع له بالعمل.
وإذا قدرنا تزايد الاعتماد على التسهيلات الائتمانية من قبل البنوك وخاصة لشركات القطاع الخاص وبالمقابل تزايد التسهيلات الإقراضية المقدمة من قبل مؤسسات الاقراض الصغير ومتناهي الصغر وفي ظل معيقات تدفقات السيولة النقدية بالسوق بسبب الاحتلال والحصار وتعثر الاعمار والمقاصة وتأخر وحسم نسبة من رواتب الموظفين ، نجد أن آلية استرداد القروض يجب ان تعيد الاعتبار للشيك بوصفه ورقة نقدية معتمدة ، الأمر الذي يتطلب مزيد من الاجراءات الجدية مصحوبة بإجراءات قضائية رادعة ، علماً بان 79% من نسبة الشيكات المرتجعة تعود إلى نفاذ الرصيد وليس لوجود خلل في توقيعات الشيك ذاته اي لاسباب فنية .
ويذكر ان نسبة الودائع في البنوك وصلت عام 2015 إلى حوالي 10 مليار -$- منها 1 مليار في غزة و 9 مليار بالضفة الغربية ، علماً بأن نسبة " الموجودات والاصول+ الودائع + الاسهم والسندات " تصل قيمتها إلى أكثر من ذلك .
وإذا قدرنا نسبة التسهيلات من البنوك ومؤسسات الاقراض وصلت إلى 912 مليون -$- حسب تقارير سلطة النقد للعام 2016 وبأن أحد آليات الضمان تكمن بالشيكات مؤجلة أو شيكات الضمان فإن هدراً بالسوق سيحدث جراء نسبة لا تقل عن 12% من الشيكات الراجعة الأمر الذي يضعف سرعة دوران السيولة النقدية بالسوق.

ويذكر بأن البنوك مؤخراً لم تقم بالخصم على الكفلاء والذين يتلقوا رواتبهم من الوظيفة العمومية والبالغ عددهم حوالي 56 الف موظف، و التي يعتمد معظم مؤسسات الاقراض عليهم من حيث الخصم لصالح البنوك وبنسبة 70% من قيمة القسط حسب تعليمات سلطة النقد وهذا لم ينفذ مع مؤسسات الاقراض الأمر الذي ادى إلى زيادة العجز في مؤسسات الاقراض بالشهر الماضي وارتفاع نسبة المحفظة بخطر بصورة غير مسبوقة ، علماً بأن عدم قيام البنوك بالخصم لصالح مؤسسات الاقراض سيضر ايضاً البنوك ذاتها حيث تقترض مؤسسات الاقراض منها مبالغ كبيرة، الامر الذي يتطلب تعاون الجميع لتجاوز هذه الازمة ، من حيث أهمية صيانة دور مؤسسات الاقراض التنموية ، التي تركز على الانتاج والتنمية وليس الاستهلاك .
ويشار إلى أن سلطة النقد قامت وعلى ضوء ازمة الرواتب مؤخراً بإلغاء التصنيفات الخاصة بالزبائن التي ترجع شيكاتهم ، الامر الذي سيضعف من القدرة على إعادة الاعتبار لقيمة الشيك.
ويشار كذلك إلى أن نسبة الشيكات الراجعة وصلت حسب التقديرات إلى أكثر من 50% بالشهر الماضي بسبب أزمة الرواتب فإن ذلك سيؤثر سلباً على هدر جزء من السيولة بالسوق ، علماً بأن استمرار وشح السيولة بالسوق التي تعد أحد اسبابها لعدم الحصول على كامل الراتب أو خصم العلاوات فإن أزمة السيولة ستتفاقم بالسوق بما يعنى زيادة نسبة البطء في دورة رأسمال وزيادة حالات الركود وتعثر النشاط الاقتصادي وتراجعه بصورة كبيرة .
لعل واحدة من الآليات التي من الممكن الاعتماد عليها وذلك عبر الاستفادة من تجربة الازمة الاخيرة يكمن في إعادة الاعتبار لقيمة الشيك ، بما يساهم في تعزيز عملية التداول المالي والنقدي بصورة فعالة بالسوق وتقلص من مخاطر التعثر بالنسبة لمؤسسات الاقراض .
انتهى








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لبنان.. مزيد من التصعيد بين إسرائيل وحزب الله | #غرفة_الأخبا


.. ماذا حققت إسرائيل بعد 200 يوم من الحرب؟ | #غرفة_الأخبار




.. قضية -شراء الصمت-.. الادعاء يتهم ترامب بإفساد انتخابات 2016


.. طلاب الجامعة الأمريكية بالقاهرة يهتفون دعما لفلسطين




.. قفزة في الإنفاق العسكري العالمي.. تعرف على أكبر الدول المنفق