الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جذور العنف في الاسلام

وليد يوسف عطو

2017 / 5 / 14
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



يكتب الباحث السوداني هشام آدم في كتابه ( المسلمون الجدد :في

نقد الاسلام المعتدل )- ط 1- 2017 – اصدار :دار سطور – بغداد – شارع المتنبي :
(لقد علمت الطبيعة اهل مكة انهم لايتمكنون من كسب المال , ومن تامين رزقهم في هذا الوادي الجاف ,الا اذا عاشوا هادئين مسالمين ,يدفعون الاساءة بالحسنة , والشر بالصبر والحلم ,والكلام السيء البذيء بالكلام الحسن المقنع المخجل فتغلب حلمهم على جهل الجاهلية).

لذا كانت قريش مدفوعة دفعا الى التعايش السلمي ,والقبول بالتعددية , حماية لمصالحها الاقتصادية واستقطابا للقبائل العربية الوافدة الى مكة لغرض الحج .لذا لم تحتكر قريش الكعبة لنفسها ,بل ان قريش لم تمنع محمد من الصلاة داخل الحرم المكي . كما انها لم تمنع غيره .التوحيد الالوهي ليس بجديد على مكة وعرب الجزيرة العربية .

فقد ادعى النبوة قبل محمد , او حتى في حياته :خالد بن سنان العبسي , وحنظلة بن صفوان , شعيب بن ذي مهدم , مسلمة الحنفي وطليحة الاسدي وغيرهم .وكان لمسلمة الحنفي مكانة محترمة بين العرب قبل ان تشوه المؤسسة الاسلامية سيرته للاحتقار ,والى نعته بالكذاب , وهي الصفة التي لازمته الى اليوم .لقد حضر الى يثرب ( المدينة )ومحمد بها رجل من بني عامر يقال له ابو البراء بن عازب .قدم الى محمد هدية ,فلم يقبلها محمد بحجة انه مشرك .

وقد عرض محمد على ابي البراء الاسلام فلم يقبل منه ولم يسلم .لكنه قال لمحمد ان دينه , اي دين محمد ,حسن , ونصحه بان يرسل الى اهل نجد عسى ان يقبلوا دعوته .ففعل محمد بنصيحة ابو البراء بعد ان ضمن له ابو البراء جواره لاهل نجد .

من هذه الرواية نرى ان ابو البراء لم يغضب لرفض محمد للهدية المقدمة اليه ,وقد تصالح مع فكرة الاسلام.يقول الباحث هشام آدم ان مشكلة قريش مع محمد لم تكن بسبب دعوته , او ادعائه للنبوة . فالدعوة الى التوحيد كانت معروفة في الجزيرة العربية .

يقول زيد بن عمرو بن نفيل :
ولكن اعبد الرحمن ربي – ليغفر ذنبي الرب الغفور
ان خلاف قريش مع محمد لم يكن بسبب دعوته , وانما بسبب طبيعة الدعوة نفسها ,مثلما يشير الى ذلك الباحث هشام آدم :
( ان الاسلام كايديولوجيا دينية ,غير قابلة للتفاعل والتعايش مع الاديان والافكار العقائدية الاخرى ,الا بشروط ,اي بشروط الاسلام ,وبان يكون هو مسيطرا ومهيمنا عليها ).

وكان التصادم بين محمد وبين قريش تصادما بين فكر احادي اقصائي , وبين تعددي منفتح يقبل الاخر ,وفكر يرفض الاخر ويستعلي عليه .فخلال مناظرات قريش مع محمد لم يتم طرح الدعوة المحمدية على بساط البحث ,بل كانت هنالك قضية محددة , ظلت قريش ترددها على مسامع قريش, الا وهي قضية احترام المقدسات .وهي القضية التي يطالب بها المسلمون اليوم وينادون بها كضرورة للتعايش السلمي .

لذا كان مطلب قريش من محمد الكف عن ذكر الهة قريش بسؤ .وهو يعني انهم كانوا حريصين على الا يتجاوز محمد حدود حريته في التعبير حتى لاينال من مقدساتهم .اذن فسب محمد لالهة قريش كان هو السبب في ثورة القريشيين على محمد.من هنا يتضح ان مافعله محمدا كان مخالفا للاعراف والتقاليد السائدة . وكان ذلك هو السبب في نشؤ الخلاف بين محمد وقريش .

يخلص هشام آدم الى نتيجة مفادها (ان مشكلة الاسلام بدات منذ عهد الاسلام المحمدي الباكر .فالامر ليس مشكلة تطبيق من المسلمين او عدم فهم صحيح منهم بمعاني الايات ,او اختلافات في التاويل ,كما يحاول المسلمون الجدد ايهامنا ,بل هي مشكلة في طبيعة الدعوة المحمدية ,وطبيعة الاسلام نفسه الذي لايقوم الا بنفي الاخر , وعدم احترام خياراته واعتقاداته والاساءة اليها ) .

يقول هشام ادم ان المبشر بفكرة او عقيدة لايملك سوى التبليغ بفكرته ,لكننا نرى من محمد اصرارا على ضرورة قبول قريش بمحمد وبرسالته ونبوته ,وذلك لم يكن لغرض رسالي ,وانما لغرض سياسي . يظهر ذلك في قوله لعمه ابي طالب وهو على فراش الموت عندما ساله عما يريده من قريش,فاخبره ,انما يريد منهم كلمة , تذل لهم بها العرب , وتؤدي اليهم العجم الجزية ,الا وهي :
(لااله الا الله ) ,وهو الشعار الديني للمشروع السياسي المحمدي , الذي تتضح معالمه السياسية والسلطوية من خضوع العرب لمشروعه , ودفع العجم للجزية . فكان يريدهم ان يكونوا شركاء استراتيجيين في مشروعه السياسي التوسعي .

يصل الباحث هشام آدم الى نتيجة نهائية بقوله:لان الاسلام دين شمولي ,يفترض من داخله امتلاك الحقيقة المطلقة , فلم يضع محمد في حسبانه ان يتم رفض دعوته على الاطلاق .وعلى الفور تم تصنيف الرافضين للدعوة والمكذبين بها , في خانة الاعداء او المكابرين , او الذين لايعقلون . وفي راينا ان هذه الازمة انتقلت ,بطريقة ما الى المسلمين ايضا .ولهذا فاننا نجدهم يصفون غير المسلمين بالجهلة,فهم اما لم يفهموا الاسلام على حقيقته , او فهموه وجحدوه , ولا حل اخر لديهم للمعارضين , ولا خانة اخرى لتصنيفهم ).

ان القران يصف الرافضين للدعوة المحمدية بانهم كالانعام ,بل هم اضل سبيلا (الفرقان :44 ).فهي اذن ازمة محتوى وليست ازمة تطبيق .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي