الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
الأحزاب السياسية قبل يوليو1952- (2) حزب الأمة
طلعت رضوان
2017 / 5 / 14العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
كان من رأى أحمد لطفى السيد (رائد القومية المصرية) أنّ انفصال مصرعن الدولة العثمانية، والتحررمن سيادتها، يحقق أول ركن من أركان الدولة القومية، والسبيل إلى إبراز شخصية الأمة المصرية، كشخصية متميزة قائمة بذاتها (صابرنايل فى كتابه " التجربة الليبرالية والعلمانية- هيئة قصورالثقافة- عام2010- ص65)
وأضاف نايل (فى نفس الصفحة) ولذلك كان برنامج حزب الأمة الداعى إلى خلق وعى قومى مصرى متماسك، هوأكثرالبرامج إيجابية، فقد وضعتْ كتابات قادة الحزب، وما قاموا به من أنشطة بين عامى1907- 1914 الأسس الصلبة لاستقلال مصرعام1922. كما كان من شأن هذه الكتابات والأنشطة أنْ تــُـقـدّم عددًا من القادة الذين حملوا على عاتقهم مسئولية حكم مصرالمستقلة، وعلاوة على ذلك كان الحزب بمثابة إطارمدنى للتقدميين المصريين، حيث أخذوا يناقشون علانية- لا القضايا السياسية فحسب- بل كذلك قواعد السلوك السياسى المتعقل وما يستوعب تحقيقه من تنظيم وتدريب.
وكتب لطفى السيد ((لسنا نطلب الاعتراف باستقلال حكومتنا المصرية، لأنّ استقلالها ثابت معترف به، ومؤيد بالمعاهدات الدولية والفرمانات التى صدرتْ بناءً عليها، ولكن الذى نطالب به هواسترداد حقوق الأمة المصرية (الطبيعية) أوبعبارة أخرى استقلال الأمة المصرية، بأنْ تكون لها فى بلاد مصركل السلطة التشريعية تدريجيـًـا)) وفى نفس الوقت رفض أعضاء حزب الأمة الميول الإسلامية والمتشددة للحزب الوطنى (حزب مصطفى كامل) والتركيزعلى فكرة (الوطن) على أسس عقلانية تتطابق مع المصالح العامة لجموع الشعب المصرى، بكل فئاته وشرائحه الاجتماعية، بغض النظرعن معتقداتهم الدينية.
وفى الوقت الذى ارتمتْ فيه السياسة المصرية فى أحضان فرنسا وتركيا، لدرجة أنْ تستنجد (مصر) بفرنسا كى تخلصها من الاحتلال الإنجليزى (كما كان يحلم ويتمنى ويفعل مصطفى كامل) فى تصورساذج عن إمكانية استغلال ما بين فرنسا والدولة العثمانية من منافسات، وأنّ تلك المنافسات (فى تصورمصطفى كامل وأعضاء حزبه) ستجعل تركيا تقف مع مصربصفتها صاحبة السيادة الاسمية على مصر، بينما رأى لطفى السيد وأعضاء حزب الأمة، أنّ هذا تصورمثالى ولن يتحقق، وعلى المصريين أنْ يعتمدوا على أنفسهم. وأوضح لطفى السيد أنه- لوبالفرض وقفتْ فرنسا مع مصر، فكأننا نستبدل محتل بمحتل آخر، كما أنّ مصرواقعة تحت الاحتلال التركى منذ الغزوالعثمانى سنة1517.
كان أحمد لطفى السيد وأعضاء حزب الأمة يرون أنّ استقلال مصر، لابد أنْ يتأسس على ركيزتيْن: الأولى الدفاع عن شخصيتها القومية، وأنّ مصرالحديثة هى امتداد لمصرالقديمة التى أسّـستْ الحضارة الإنسانية. والثانية الدفاع عن (مفهوم الدولة العلمانية) وكتب عدة مقالات فى صحيفة الجريدة (التى أصدرها عام1907) من بينها المقال الذى قال فيه: أنّ مصريعوزها الاعتقاد بأنها لن تتقدم إلاّ بعد التخلص من أوهام (الاتحاد العربى) كما يقول البعض وأوهام الجامعة الإسلامية كما يقول آخرون، أمثال مصطفى كامل وأعضاء حزبه. ونادى بضرورة أنْ يسود الاعتقاد ((بمصريتنا.. والاعتقاد بأنّ لنا وجودًا خاصًـا ومنافع خاصة)) (صابرنايل- مصدرسابق ص67)
وكان من رأيه أنّ فكرة الجامعة الإسلامية فكرة خيالية ويستحيل تحقيقها ((وذلك لأنّ التاريخ علمنا أنه من طبائع البشرأنّ لاشيىء يجمع بين الناس إلاّ المنافع المشتركة، فإذا تناقضتْ المنافع بين قلبيْن استحال عليهما أنْ يجتمعا لمجرد قرابة فى الجنس أو وحدة فى الدين. وأنّ أبلغ مثال على ذلك هوانشقاق المسلمين على أنفسهم فى خلافة أميرالمؤمنين على بن أبى طالب، فيما هومشهور ومأثور)) (صفحات مطوية من تاريخ الحركة الاستقلالية فى مصر- مكتبة النهضة المصرية- عام1946- ص90، 91)
ومن منطلق وعيه بفكرة (القومية المصرية) رفض الاشتراك فى الجريمة التى ارتكبها الإسلاميون (وفى مقدمتهم أعضاء الحزب الوطنى الذى أنشأه مصطفى كامل) فقد تمثلتْ جريمتهم عندما كتبوا فى صحفهم يطالبون شعبنا المصرى بالوقوف مع ليبيا (بالمال والسلاح والرجال) عندما غزتْ إيطاليا أراضى الشعب الليبى. رفض لطفى السيد تلك (النزعة الرومانسية- بفرض حـُـسن النية) فكتب عدة مقالات انتقد فيها الغزوالإيطالى وهاجم إيطاليا التى تسيربمنهج الدول الاستعمارية، ولكن هذا لايدفعنا نحن المصريين لأنْ نسير وراء النزعة العاطفية التى يتزعمها الإسلاميون، كى تقف مصرمع تركيا، وبالتالى يتم توريط مصرفى تلك الحرب، فالصراع يدورلحساب دولتيْن استعماريتيْن (تركيا وإيطاليا) فما شأن مصرفى هذا الصراع؟
وفى رأى صابرنايل أنّ حزب الأمة (فى قراراته وارتباطاته بالأفكارالتحديثية) لم يكن مدفوعـًـا بحسابات عملية، كالسعى- مثلا- إلى استرضاء بريطانيا خاصة بعد إعلان لطفى السيد وأعضاء الحزب ضرورة الاستقلال التام، عقب رحيل (كرومر) ومجيىء (ألدون جورست) الذى مال إلى سياسة الوفاق مع الخديو. وإنما جاء موقف حزب الأمة نتيجة تأثيرات فكرية حديثة حول المجتمع والسياسة. وأنّ العلمانيين بالحزب استمدوا هذه المفاهيم من مصادرأوروبية، ومن الفكرالإنسانى اليونانى والرومانى الكلاسيكى، كما تمثله وفسّـره الفكرالاجتماعى والسياسى الإنجليزى والفرنسى فى العصرالحديث.. ولذلك أصرّلطفى السيد على رفض فكرة الجامعة الإسلامية، بالتوازى مع الإصرارعلى دستورديمقراطى حديث وحياة برلمانية، وضرورة تقليص نفوذ الخديو، مع الدعوة إلى الحرية الشخصية والتوجه الليبرالى. وبيما كانت صحف الأحزاب السياسية الأخرى، تنتهج طابعـًـا سياسيـًـا حزبيـًـا ضيقــًـا ، فإنّ صحيفة الجريدة (لسان حال حزب الأمة) ظلت طوال ثمانى سنوات هى المنبرالأساسى لعرض الأفكار العلمانية ومناقشتها (علانية) على صفحات الجريدة.
وسارهؤلاء اليبراليون والعلمانيون فى البحث عن أسس التقدم، بمعزل عن التراث التقليدى، وتوجهتْ أنظارهم نحوأوروبا للتعرف على سبب تقدمها. وعند مناقشة موضوع التعليم أومناقشة علاقة الحكومة النيابية بنشاط الحزب أومشكلة المرأة أوالمسئولية المدنية..إلخ كان لطفى السيد ينطلق من مقولة (الأمة المصرية) وفقــًـا للإعتبارات التاريخية ولموقعها الجغرافى، وانتهى إلى أنّ الأمة المصرية لها وجود مستقل عن أى ((تجمع دينى إسلامى))
والمثيرللدهشة والتساؤل أنّ طلعت حرب كان أحد أعضاء حزب الأمة، بينما تناقضتْ مواقفه عندما هاجم قاسم أمين، ودافع عن التراث العربى/ الإسلامى (المُـقيـّـد لحرية المرأة) ووجد أنّ لطفى السيد وكل أعضاء حزب الأمة مع تحررها من تلك القيود التراثية ، فاضطرإلى الانسحاب من الحزب.. ولكنه لم ينضم إلى أى حزب آخر، وفضــّـل التفرغ للعمل فى مجال (الكفاح الاقتصادى) خاصة بعد ثورة شعبنا فى شهربرمهات/ مارس1919، ودوره المهم فى إنشاء (بنك مصر) الذى كان السبب فى إنشاء العديد من الشركات التى أفادتْ الاقتصاد القومى المصرى.
***
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. كيف نفذت المقاومة الإسلامية في لبنان بعملية في عرب العرامشة؟
.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية في لبنان تصعد عملياتها النوع
.. ما قصّة قبائل الإيغبو التي يعتبر أفرادها أنفسهم يهودا لكن إس
.. 22222222222222
.. VODCAST الميادين | مع وئام وهاب - رئيس حزب التوحيد العربي |