الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التثقيف الانتخابي

سعد السعيدي

2017 / 5 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


قبل الدخول في موضوعنا نضع بضعة سطور حول عملية استجواب المفوضية التي قامت بها النائبة الصدرية ماجدة التميمي. إذ يوجد الكثير مما يمكن ان يقال بخصوص هذا الاستجواب. اهمه انه لم تكن التجاوزات التي ذكرت فيه وليدة اللحظة. إنما هو مجمل كل عمل المفوضية منذ ان جرى تأسيسها وهو ما يعرفه الجميع. فلماذا تذكرت النائبة هذه التجاوزات فقط مؤخرا بينما نستها او بالاحرى تناستها طوال كل هذه المدة منذ اول استجواب قبل عشرة سنوات ؟ ايضا لماذا تبدو العملية وكأنها رد الصاع لإقالة محافظهم من حكومة بغداد واضطرارهم مجبرين على سحب ممثلهم في المفوضية محسن جباري الموسوي في شباط الماضي ، ام ان الامر هو مجرد صدف ؟ كذلك فهل يعقل بأن تتحمل كل المفوضية اوزار الفساد فيها ليبقى الصدريون وكأنهم معفيون من تبعاتها وسجلهم نظيف ناصع البياض ؟ كذلك فقد لاحظنا بأن النائبة قد تعمدت عرض قضايا فساد محددة تدين المفوضية بحيث تجنبت عرض كل ما يمكن ان ينعكس سلبا على شرعية حصول رهطها الاسلامي والباقي الآخر على مقاعدهم في مجلس النواب. وقد سمح لها هذا بالتملص من إعادة الحق لمن سلب منه حق التصويت مثلا وحالات اخرى من الخروق مما لجأت اليه هذه المفوضية او تغاضت عنه. وكانت النتيجة (المبتغاة بشكل واضح) تجنب إدانة كل هذا الرهط الاسلامي مما عرضناه وآخرين في مقالات سابقة...

نعود الى موضوعنا الاصلي الذي نريد طرحه هنا. لا ندري إن كان العراقيون على بينة من امرهم بالنقاط التي سنثيرها هنا. حيث ان النتيجة كانت مما رأيناه في البرلمان منذ بدايته وصول محتالين اليه ومجرمين مرتشين من جميع الاشكال ادت مما ادت اليه إلى تسيد الفوضى والاستهتار فيه واللا ابالية علاوة على السرقة والفساد. والسبب لا يكمن فقط في مفوضية الانتخابات.

لنأتي على بعض النقاط الاساسية حول الانتخابات مما جرى تجنب إثارتها والعمل بها لضرورات تخريب بناء البلد وإجهاض الرقابة الشعبية على الحكومة ومجلس النواب عدا عن ضرورات اخرى تتعلق بإرساء حواجز لعزل الاخير عن ناخبيه. فالمسألة تتعلق بالدرجة الاولى بالمعرفة والوعي بكل ما يتعلق بالانتخاب من اجزاء مهمة وبما يتبعها ، وما سينتج من الجهل بها. وهذه النقاط ليست بالجديدة ، بل هي مكملة لما هو معروف سابقا. وكل الامر هو التدقيق باسس العملية الانتخابية حيث يتوجب ايضا الاعتماد على الذات في البحث المفيد وايجاد اية امور اخرى حولها مما يكون قد فاتنا.

ندخل بهذه النقاط مباشرة كما يلي وهي بضعة مما جرى تعمد إبقاؤه غامضا او حتى تغييبه :

التاريخ الشخصي للمرشح : يتوجب في المرشح لمجلس النواب ان يتوافر على تاريخ شخصي معروف في الدفاع عن مصالح الناس مما يمكن التثبت منه. وهذا التاريخ الشخصي هو ما سيؤمن للناخبين الثقة به للتصويت له. والتاريخ الشخصي هو ما سيحدد شكل الاتفاق الذي سيعقده المرشح مع ناخبيه الذين على اساسه سيوصلوه للبرلمان. وهذه النقطة تعتبر من البديهيات. نريد التوكيد عليها كيلا يتكرر ما جرى في السابق من وصول امثال الاشكال الفاسدة الحالية مما نراه في مجلس النواب. إذ يبدو لنا ان ثمة من لا علم له بهذا الموضوع !! نسأل هنا هل جرى التحقق من هذا التاريخ الشخصي ، ام ان العراقيين (او بعضهم) قد صوتوا فقط لمجرد التصويت... واهملوا الامر بعدها ؟

البرنامج الانتخابي : هل يعرف العراقيون بأن هذا البرنامج هو شكل الاتفاق الذي يعقده المرشح مع ناخبيه ؟ انه يشكل برنامج العمل الذي سيقوم المرشح بتحقيقه لدى فوزه بالمقعد النيابي. مما نراه هذه الايام هو اختفاء معظم البرامج الانتخابية من على مواقع الاحزاب ومرشحيها. ولعلها قد اختفت بمجرد وصول هؤلاء المرشحين لمجلس النواب. فلن نستطيع والحال هذا الحكم بمدى إنجاز المرشحين واحزابهم بتحقيق ما وعدوا ناخبيهم عند الترويج لبرامجهم. لكن... هل قام الناخبون في الانتخابات الماضية بالتصويت وفقا لبرامج المرشحين ، ام انهم صوتوا بناء على امور اخرى لا علاقة لها بالانتخابات ولا بالبرنامج الانتخابي ؟ وفي حالة انهم قد صوتوا اعتمادا على البرنامج فهل قاموا بمتابعة تطبيق هذه البرامج من قبل مرشحيهم ام انهم تركوا الامر للصدف ؟

شروط تسجيل المرشح : لتنظيم الحملة الانتخابية وضمان جديتها ومنع ترشيح المغامرين والمأجورين من عديمي القاعدة الانتخابية يتوجب ان يكون هناك حد ادنى من الداعمين لاسناد ترشيح المرشح عند التسجيل لدى المفوضية وان يكون هذا محددا في القانون الانتخابي. ولدى استذكار ما جرى في كل الانتخابات الماضية نتساءل إن كان مثل هذا التنظيم واقعا ومقننا وهل جرى التدقيق في قانون الانتخابات حول هذه النقطة.. ام على العكس قد فتح الباب لكل من هب ودب للترشيح للانتخابات بحيث حصلت فوضى ومهازل من مثل تلك التي وضعت صورة زوجها بدل صورتها هي على ملصق الاعلان !

طريقة سانت ليغو : هي إحدى طرق حساب الاصوات في اية انتخابات. وهي بذاتها غير بذات اهمية. فجوهر الامر هو ان المفسدين ارادوا تثبيت قاعدة لحساب الاصوات في الاعداد التسلسلية بالابتداء برقم كسري !!! وكان طرح المفسدين لهذا الاسم غرضه فقط التشويش وللتغطية على حقيقة هذه الارقام. نذكّر بأن الغرض منها كان لغلق الطريق امام اية احزاب اخرى قد تشكل منافسة جدية لاحزاب الفساد هذه. إهمال الامر وتركه للصدف ادى الى نجاح الرهط النيابي الفاسد بتمرير البند الانتخابي الفاسد هذا.

العتبة الانتخابية : هي إحدى بديهيات امور تنظيم الانتخابات ولعل إحدى اهمها مما جرى التكتم حولها بشكل تام. وهذه العتبة هي الحد الادنى من الاصوات التي يتوجب على مرشحي كل كيان سياسي الوصول اليه للفوز بالمقعد النيابي وهي مكملة لعملية حساب الاصوات. والغرض الواضح حول عدم إثارة موضوع هذه العتبة هو للسماح لكل من كان يراد له حتى ممن لم يصل الى العتبة هذه ، من الدخول الى البرلمان. وهو تزوير فاضح للعملية الانتخابية. هل جرى الانتباه الى هذه النقطة وضرورة وضعها في قانون الانتخابات ام انه ايضا قد جرى ترك الامر للصدف ؟ إحدى النتائج الواضحة للجهل بهذه البديهية وطريقة حسابها هو وصول مجاميع الى مجلس النواب مدعومة من جهات نيابية متنفذة واخرى اقليمية ودولية مع النتيجة الواضحة للاوضاع الحالية في المجلس مع مهازله المتوالية مما نرى تكراره منذ تأسيسه.

الكوتا النسائية : هي ما جرت الاشارة اليه في المادة (49 رابعاً) من الدستور من نسبة تمثيل النساء التي حددت بنسبة لا تقل عن الربع عن عدد أعضاء مجلس النواب. وهي اكثر ما يسترعي الانتباه من مواد الدستور المبهمة. فوضع كلمة (كوتا) تعني انه قد جرى تخصيص نظاما خاصا لبند انتخاب النساء من ضمن نظام الانتخاب العام. والنظام الخاص يعني توجب وضع توضيح له. إلا انه يلاحظ على العكس من بعض مواد الدستور الاخرى إنه لم يحدد وجوب سن قانون له لتحديد كيفية حساب الاصوات مثلا ! وبسبب من تعمد صياغة هذه المادة بهذا الشكل المبهم فقد اتبع قانون الانتخابات نفس هذا الابهام بتكرار نفس الصيغة في التملص عن التوضيح ، فلم يذكر إن كانت الكوتا ستندرج تحت نفس طرق الانتخاب في القانون من مثل العتبة الانتخابية مثلا ؟ وماذا لو لم يتحصل على الربع من النساء هذا ؟ كل هذه هي اسئلة مشروعة. فهل جرى سؤال المفوضية ومجلس النواب عنها ام انها قد تركت عرضة للتلاعب طوال هذه السنوات ؟

من المهم ان يعرف الجميع بأن الانتخابات وحدها لا تأتي بالديمقراطية. فهذه لا تأتي إلا بالرقابة الشعبية المستمرة على الاجهزة التنفيذية والتشريعية لضمان تطبيقها. بالمقابل فالحكومات على اشكالها تقوم حسب مصالحها بمحاولة عرقلة تطبيق الديمقراطية والتملص منها وإفراغها من محتواها. لذلك فلا توجد على الارض حكومة ديمقراطية بشكل كامل. واقتراب الاولى من التطبيق الحقيقي للاخيرة لا يأتي بسبب من كونها ديمقراطية بحد ذاتها ، إنما من وعي شعبها ورقابته المستمرة في تطبيقها للديمقراطية. لذلك فعلى العراقيين ان يعوا بأن اللا ابالية المستمرة وترك الامور على الصدف لن يأتيهم بالديمقراطية الموعودة. فالديمقراطية والحريات لن تهبط علينا ونحن جالسون في البيت. بل هو بالانتباه المستمر وفرض الرقابة على عمل الدولة ومجلس النواب بكافة فروعهما. لذلك نؤكد على ضرورة متابعة ما يحدث قبل الانتخابات وخلالها وما بعدها وما يجري في اروقة مجلس النواب حولها لكي نضمن حصولنا على التمثيل الحقيقي فيه. لذلك فكتابتنا في هذه المسائل ليست مدفوعة إلا عن الوعي بضرورة طرحها والتأكد من معرفة الناس بها. فالوضع الجديد الذي نعيشه زائدا الفوضى التي يراد فرضها تفرض علينا طرح الاسئلة الصحيحة لفهم كيفية وصولنا الى هذا الحال وكيفية العمل كي لا تتكرر مرة اخرى. فهل يقوم العراقيون بواجب الرقابة هذا ؟ ونعيد بهذا التذكير كما في بداية المقالة.. بأن الخطأ ليس فقط في المفوضية.

في الرابط ادناه نتائج انتخابات عام 2014 للاطلاع والتدقيق. وتحته آخر يعطي نتيجة الاسترخاء وانعدام الرقابة في طرح الاسئلة اللازمة :

نتائج عام 2014
http://www.ihec.iq/ar/index.php/news-archive/6075.html
http://www.ihec.iq/ar/index.php/parliament-2014.html

الشيخ صبحي الطفيلي
https://www.youtube.com/watch?v=0yBllUtcEHk








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مليار شخص ينتخبون.. معجزة تنظيمية في الهند | المسائية


.. عبد اللهيان: إيران سترد على الفور وبأقصى مستوى إذا تصرفت إسر




.. وزير الخارجية المصري: نرفض تهجير الفلسطينيين من أراضيهم | #ع


.. مدير الاستخبارات الأميركية: أوكرانيا قد تضطر للاستسلام أمام




.. وكالة الأنباء الفلسطينية: مقتل 6 فلسطينيين في مخيم نور شمس ب