الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الضحية والنجاة

مروان صباح

2017 / 5 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


الضحية والنجاة

خاطرة مروان صباح / تنقسم البشرية إلى مدرستين ، الضحية و النجاة ، فهناك من يخرج من المعركة ، ويطلق على نفسه بالضحية ، وأخر يعتبر ، من شروط الاستمرار في الحياة وليس العيش ، أن تؤمّن أنك ، بمجرد خروجك حي ، هو نجاة بحد ذاته ، وهنا الفارق كبير ، فالضحية ، لا تُجيد، سوى البُكاء على اطلال الخسارة أو العذابات ، لهذا، ضمنياً تُعلن لعدوها ، أنها على استعداد تام ، التنكيل بها مرّات ، أما الناجي ، يضع لعدوه نصب تذكاري في ذاكرته ، ويكتب تحته ، أنت ضحية نجاتي .

لقد استوقفني في الانتفاضة الثانية ، حادثان تحولا إلى موقفين ، رغم إن أصحابهما ، أولاد ، لا تتجاوز أعمارهم العاشرة ، لكنهما ، اعتبرتهم معلمين من طراز خاص ، الموقفان تحولا أيضاً إلى درسين ، أهم من جميع الدروس التى تُعطى في الكليات العسكرية والجامعات المدنية ، فارس عودة ومحمد الدرة ، فالثاني ، تضامن معه العالم ، وقد تكون عائلته جمعت أموال طائلة ، بسبب همجية الرصاص المصبوب التى أطلقها جندي الاحتلال ، باتجاه الأب والابن ، وهنا ، أظهر فعل الجلاد ، عزلية الضحية وضعفها ، الذي جعل العالم بأكمله ، أن يتعاطف مع الصورة المفضوحة ، دُون أن يتعاطف مع حقه التاريخي المسروق ، تماماً ، كما هي حكاية اللجوء ، فالعالم نظر للفسطنيون على أنهم حالات إنسانية ، وعندما يُطرق باب حقوقه التاريخية ، تكون منقوصة إلى درجة العدم ، لكن ، فارس عودة ، وهنا المرء ، عندما يراجع شريط المسجل بين فارس والجندي الإسرائيلي ودبابته ، على مدار أيّام ، يجدالمراقب ، أن الاشتباك يحمل إختلاف عن السائد بين الطرفين ، حيث ، استعان فارس بالحجر والمقلاع لمقارعة المحتل ، بل ، المشهد يحمل أبعد من ذلك ، لقد أجبر الدبابة مرات على التراجع وأجبر أيضاً ، الجندي لأكثر من مرة على الهروب ، بينما كان فارس ، يتقدم مصوب حجره باتجاه الجندي تارة وأخرى إلى الدبابة ، كأنه ، كان لا يرّ الدبابة أكثر من ذبابة .

إذا اخذنا المسألة هكذا ، الشيء الوحيد الذي سيشمل الجميع ، دون استثناء ، هو الموت ، وهذا الحق حتى لو تأخر بعض الشيء ، قادم لا محالة ، لهذا ، الإنسان لديه الحرية الكاملة في إختيار شكل الرحيل ، هل سيندرج في سياقات الضحية ، أم أن المرء ، أعد العدة من أجل تفادي الوقوع في مصيدة الضحية ، الذي يجعل موته بطعمة الكرامة ، بهذه الطريقة ، طرح فارس سؤال للبشرية ، وتحول هذا التساؤل إلى درس ، كيف عليك أن تموت ، مُسمن ، تنتظر في طابور الجلاد مِنْ أجل الذبح ، تماماً ، كما هو الحال في العراق ، أو مقارعاً ، مقداماً ، رافض أن تكون ضحية ، قد سمنها الجلاد ، فإذا ، كان خالد بن الوليد ، وهو على فراش الموت ، قد انتقد نفسه قبل أن ينتقده النقاد ، قال لقد شهدت مائة زحف أو نحوها وما في بدني موضع شبرٍ إلّا وفيه ضربة أو طعنة أو رمية، وهـا أنا أموت على فراشي، فلا نامت أعين الجبناء ، فماذا ستقول هذه المجاميع التى تنعصر في كل يوم داخل معاصر الموت ، دون أن تعرف لماذا تُقتل ، رحمك الله يا فارس ، على الأقل ، لقد عرفت لماذا قُتلّت . والسلام
كاتب عربي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نور الغندور ترقص لتفادي سو?ال هشام حداد ????


.. قادة تونس والجزائر وليبيا يتفقون على العمل معا لمكافحة مخاطر




.. بعد قرن.. إعادة إحياء التراث الأولمبي الفرنسي • فرانس 24


.. الجيش الإسرائيلي يكثف ضرباته على أرجاء قطاع غزة ويوقع مزيدا




.. سوناك: المملكة المتحدة أكبر قوة عسكرية في أوروبا وثاني أكبر