الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


- قعدة فيدنا و زيدنا - حين يُشعّ الفكر التنويري من أعماق الصحاري

تركي لحسن

2017 / 5 / 16
المجتمع المدني


في هذا الزمن الذي اصبح فيه المفكر و المثقف غريبين و مزعجين، غريبين في الوسط الغوغائي لدهماء الناس و عامتهم، و مزعجين للأنظمة السياسية التي أصبحت تتحصّن بأشباه المفكرين و المثقفين المزيفين...في هذا الزمن الذي لا زالت بعض المجتمعات، العربية منها على وجه الخصوص، تقبع في ظلمات ماضيها الثقافي و الاجتماعي رهينة تراث يأبى أن يعترف بتاريخيته. زمن النجوم التي لا تضيء و لا تتلألأ إلا في أعين الموتى الأحياء المسلوبة عقولهم، نجوم سطعت في سماء الأذواق السوقية و الأحاسيس الفجّة..
ومن عمق الصحراء الجزائرية، من رحم منطقة " الساورة " التي أنجبت خيرة الأدباء و المفكرين أمثال : محمد مول السهول الملقب بـ " ياسمينة خضرة، بيار الرابحي، مليكة مقدم و غيرهم، كما أنجبت فنانين كبار أمثال : عازف العود " علاّ "، حسنة البشارية، القعدة و فنانين تركوا بصماتهم في العالمين العربي و الغربي، من هذه الصحراء النائية عن عقول و أفكار الساسة و أولي الأمر، ظهرت " قعدة فيدنا و زيدنا " للوجود.
هي حلقة فكرية ثقافية رأت النور في الشهور القليلة الماضية، بولاية بشار الجزائرية و بمبادرة من مجموعة من المثقفين الغيورين على وطنهم ...قاسمهم المشترك هو الحرقة الوطنية، و الحسرة تقبض على قلوبهم لما وصلت إليه الجزائر من تقهقر فكري و ثقافي بسبب تغييب و تهميش النخبة المثقفة.
هذه الحلقة النابعة من صميم الأزمة الثقافية و الفكرية التي يعاني منها المجتمع الجزائري وهي ترمي، في مسعاها، إلى تجاوز الإشكاليات الخلافية التي تعصف بالمحاولات النهضوية، بدءا بجمعية العلماء المسلمين و مرورا بمالك بن نبي وصولا إلى محمد أركون.
هذا النادي الحر و المتحرر من القيود المؤسساتية و من التعليمات الوزارية، التي تسعى لأن تجعل من المفكر و المثقف ناطقا رسميا بأيديولوجياتها السطحية و راعيا لسلطتها الوهمية، قٌلت هذا النادي الذي يتعارض في هيكلته و توجهاته مع كل البروتوكولات الرسمية، كان بمثابة الآذان الصاغية و القلوب المتوقدة بشغف المعرفة، لهواجس المثقفين و لصيحاتهم الفكرية التي ما فتئت تحاول إيقاظ همم الشعب و فكّ السحر عنه و قض مضجعه من سباته الدوجماطيقي، الذي تسببت فيه عاداته المجتمعية التقليدية و تاريخه المحمل بالصراعات و الفتن التي يتيه فيها اللبيب و يضل فيها ذو العقل.
إذا كانت الصحاري القفار مهبطا للرسالات وبيئة أهلّت الأنبياء لتلقي الوحي الإلهي، فلماذا لا تكون منبعا للفكر الإستناري البعيد عن كل أشكال الزيف، و المتحرر من القيود السياسية و جميع الإيديولوجيات التي تسعى لأن تختزل الإنسان في قوالب تارة جهوية و تارة قبلية و تارة أخرى سياسية عقيمة مكبلة بالانتهازية و الوصولية.
أخيرا وجد المثقف " البشاري " ضالته بعيدا عن النفاق السياسي و الهرج الثقافي اللذان قيدانه و همشانه و ابعدانه من معادلة الحراك الاجتماعي و السياسي. تنفس المثقف " البشاري " الصعداء لأنه وجد نخبة تمتلك وعيا صادقا و حقيقيا، نخبة تبحث هي عنه لتسمع منه و تصغي إليه لا لشيء إلا للاستفادة و الاستزادة. هي من سمّت نفسها " قعدة فيدنا و زيدنا "، أي الجلسة و الحلقة الفكرية التي تلهف خلف العلم و المعرفة، و التزود بما جادت به عقول المثقفين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيليون يتظاهرون ويشعلون النيران أمام منزل نتنياهو ليلة ع


.. شاهد: لاجئون سودانيون يتدافعون للحصول على حصص غذائية في تشاد




.. تقرير أميركي.. تدهور أوضاع حقوق الإنسان بالمنطقة


.. واشنطن تدين انتهاكات حماس لحقوق الإنسان وتبحث اتهامات ضد إسر




.. الأمم المتحدة: الأونروا تتبع نهجا حياديا وإسرائيل لم تقدم أد