الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من أجل الحقيقة والتاريخ (الجزء الثاني)

فلاح أمين الرهيمي

2017 / 5 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


من أجل الحقيقة والتاريخ (الجزء الثاني)
بعد أن استفز بعض الإخوان خواطري لتقول ما تفيض به روحي للمرة الثانية أكررها من آلام وذكريات تواردت على نفسي لكي يقرأها ويسمعها كل بصير وحتى من به صمم.
نحن الشيوعيون الذين احتضنا الزعيم عبد الكريم قاسم وجمهورية الرابع عشر من تموز بشريان قلوبنا وسهرنا الليالي وبذلنا الغالي والنفيس من أجل حمايتها وصيانتها لأن ذلك الأمل المنشود والأمنيات الغالية للشعب العراقي أصبحت كالحلم والسحاب راحت ومضى إلى عالم النسيان بعد أن جثم على صدورنا كابوس العولمة المتوحشة وربيبتها الخصخصة المتعجرفة التي أفرزت الطائفية والفئوية والشوفينية والبطالة والجوع والتسول وما أكتبه ليس للحقيقة والتاريخ فقط وإنما لأبنائنا وأعزاؤنا من الأجيال الحالية والمقبلة التي جعلهم الحاضر المأساوي بكل آثاره وألمه يجهلون (جمهورية الرابع عشر من تموز التي خلقتها تلك الثورة التي كان أكثر وقودها ورجالها من الشيوعيين).
1) من قوانين النظرية الماركسية – اللينينية التناقض والصراع في المجتمع بين طبقاته التي يسترشد بها الحزب الشيوعي فهنالك تناقضين وصراعين واحد تناحري مثلاً الطبقة الإقطاعية قضت وولدت على حساب الشيوعية البدائية والطبقة البورجوازية قضت وولدت على حساب نهاية وموت الطبقة الإقطاعية والطبقة العاملة والفلاحين والكادحين تقضي على الملكية الخاصة التي تملكها الطبقة البورجوازية والعمال والفلاحين والكادحين هم الطليعة التي تتكون منهم الأحزاب الشيوعية والذين هم حفاري قبر البورجوازية لأنهم يسترشدون بالفكر الماركسي – اللينيني حسب تسلسل التاريخ ومنطقه والصراع الثاني تناقض ثانوي فكري يحل ويتم التوافق بينه والآخرين عن طريق الحوار الفكري وليس الصراع الدموي من أجل القضاء على الآخرين. فكان الصراع والخلاف بين الشيوعيين والبعثيين فكري ونقاش وحوار، فبادر الحزب الشيوعي العراقي والاتصال مع البعثيين والقوميين من أجل الجلوس على طاولة واحدة وبناء جبهة وطنية بينهم وبين جميع الأحزاب الوطنية من أجل صيانة الجمهورية وبناء مستقبل زاهر وسعيد للشعب العراقي والوصول بها إلى شاطئ السلامة، فوافق البعثيون والقوميين بشرط أن يرفع الشيوعيين أيديهم ومساندتهم للزعيم عبد الكريم قاسم فرفض الشيوعيون طلبهم وفشلت المحاولة من أجل التقارب وذلك عام / 1962 بالرغم من أن الشيوعيين كانوا تحت مطرقة وكابوس المطاردة والمضايقة حتى بقي الشيوعيين على إخلاصهم وحبهم وصيانتهم وحمايتهم للزعيم عبد الكريم قاسم الذي كانوا يعتبرونه رمز الجمهورية العراقية.
2) في أحد المناسبات تجمع بعض الضباط البعثيين في نادي معسكر الحبانية وتناولوا الخمر وبعد أن تأثروا بالخمر الذي شربوا منه كثيراً أخذوا يرقصون ويهتفون وتسلق بعضهم وأنزل صورة الزعيم عبد الكريم قاسم التي كانت معلقة في النادي ورموها على الأرض وأخذوا يرقصون عليها بأحذيتهم فتناثر الزجاج ومزقت الصورة وبعد أن غادر الضباط النادي وهم سكارى وتركوا الصورة المحطمة والممزقة على الأرض فجمعتها المخابرات العسكرية وذهبوا بها إلى رئيس المخابرات العراقية (الرفيعي) من أهالي النجف الأشرف فحملها وذهب إلى الزعيم عبد الكريم قاسم مع أسماء الضباط البعثيين الذين قاموا بإنزالها فأمر الزعيم عبد الكريم قاسم بإحضار الضباط البعثيين إلى مقره في وزارة الدفاع وفعلاً استدعي الضباط وحضروا جميعهم إلى مقر وزارة الدفاع وجلس الزعيم على طاولته يحيطون به أولئك الضباط الذين جردهم الحرس من سلاحهم فأمر الزعيم بجلب القهوة إليهم وقد وضع الصورة المهشمة والممزقة أمامه على الطاولة وأخذ يكلمهم بكلام يشبه المعاتبة والشكوى وهو يشير إلى الصورة التي قال لهم أن مدير المخابرات جلبها له مع الأسماء فاعتذروا منه وكعادة الزعيم (عفا الله عما سلف) فودعهم بالمصافحة والقبل وغادروا وزارة الدفاع إلى مقرات عملهم وحينما علم مدير المخابرات (الرفيعي) بهذا التصرف والسلوك من قبل الزعيم عبد الكريم قاسم بعد أن كان يتوقع أن يعاقبهم ويطردهم من الجيش ويحيلهم إلى محاكم عسكرية. ومنذ تلك الحادثة لم يعد (الرفيعي) يقدم تقارير مخابراتية عن تحرّك البعثيين التآمرية لإسقاط نظام عبد الكريم قاسم ويمزقها ويحرقها ولذلك لم يتعرض مدير المخابرات (الرفيعي) إلى مساءلة أو أذى من قبل انقلابي 8 شباط الأسود عام / 1963 من البعثيين والقوميين.
3) كان لدى الحزب الشيوعي العراقي مخابرات وعيون ترصد تحركات البعثيين والقوميين وكانت كل حركاتهم قبل 8 شباط الأسود عام / 1963 يخبر بها وصفي طاهر أو المهداوي أو يذهب وفد من الحزب الشيوعي ويخبرون بها الزعيم عبد الكريم قاسم وبعد أن أدار الزعيم عبد الكريم قاسم ظهر المجن وساءت العلاقة بينهما أهمل الأخبار والمعلومات التي كانت تأتيه من الحزب الشيوعي العراقي وكان يعتبرها دسيسه وفتنه من الشيوعيين ضد الفئات الأخرى، وفي أحد الأيام اعتقل الضابط البعثي (صالح مهدي عماش) وكذلك القيادي البعثي (علي صالح السعدي) فأقلق وأخاف ذلك البعثيين خوفاً من تعرضهم إلى التهديد والتعذيب ويدلون باعترافاتهم التي تؤدي إلى كشف خططهم وأسماء العناصر التي يعملون فيها ولأجلها فعجلوا بحركة وانقلاب 8 شباط الأسود عام / 1963 وفي مساء يوم 7 شباط الأسود / 1963 أخبر البعثيون والقوميون جماعتهم من الضباط والعسكريين المتقاعدين والجنود بحركتهم وانقلابهم الذي صادف يوم الجمعة 8 / شباط / 1963 حتى وصلت تعليماتهم إلى جماهيرهم من المدنيين في مدن العراق عن توقعات وتطورات مهمة تحدث في الأيام المقبلة وطلبوا منهم التهيؤ والتحضير لها، وقد حضر أحد الضباط البعثيين الذين أخبروه بالحضور إلى بغداد وكان في مدينة (الديوانية) ولديه أقارب في بغداد لم يذهب إليهم عند مجيئه إلى بغداد مساء يوم 7 / شباط / 1963 وإنما ذهب إلى مسؤوله البعثي فذهب مع الآخرين من البعثيين إلى شارع أبو نؤاس وجلسوا في أحد (باراته) لتناول الخمر وقبل منتصف الليل ذهب إلى أقاربه الذين تفاجؤوا بقدومه في ذلك الوقت وكان في حالة غير طبيعية من شرابه الخمر فتكلم بكلام إنسان مخمور فاقد وعي وقد ذكر لهم عن وجود حركة انقلابية يقوم بها غداً صباحاً حزب البعث والقوميين وهو أحد المشاركين بها وقد كانت إحدى الفتيات وهي ابنة أقاربه طالبة في الجامعة وتنتمي إلى الحزب الشيوعي العراقي وعندما نام جميع من في البيت تسللت من البيت وذهبت إلى عائلة شيوعية وأخبرت الزوجة والزوج بالحركة الانقلابية فأسرعوا وأخبروا الحزب بذلك وتحركت قيادة الحزب الشيوعي وأخبروا (وصفي طاهر) الذي أخبر الزعيم بذلك فأهمله الزعيم عبد الكريم قاسم واعتبره من أحد مكائد الشيوعيين وحينما أذكر هذا الموضوع لأن أحد القادة البعثيين قد ذكر في مذكراته بأن الفتاة كانت عشيقة الضابط وهي من العاهرات وتنتمي إلى الحزب الشيوعي وكان القصد هو تشويه سمعة الحزب الشيوعي بأنه كان يضم في صفوفه نساء عاهرات ..!! بينما الحقيقة والواقع عكس ذلك فهي أحد أقاربه وطالبة في جامعة بغداد.
4) حينما نجى عبد الكريم قاسم من محاولة الاغتيال التي قام بها مجموعة البعثيين والقوميين في رأس القرية ببغداد ذهب وفد من الحزب الشيوعي العراقي برئاسة الشيوعي بهاء الدين نوري الذي ذكر في مذكراته قائلاً (لقد تكلمنا مع الزعيم عبد الكريم قاسم عن الثورة وذكرنا صمود وموقف (فيدل كاسترو) قائد الثورة في كوبا وهي أحد دول أمريكا اللاتينية ومجاورة للولايات المتحدة الأمريكية فقال الزعيم عبد الكريم قاسم سوف أضع كاسترو في جيبي). ولكن الواقع والحقيقة عكس ذلك لأن محاولة الاغتيال خلقت لديه هواجس خوف من أعداء الجمهورية فهو لم يصبح أشد عداءً ومحاربة للحزب الشيوعي العراقي فقط وإنما حتى لكل من يحب الجمهورية من الديمقراطيين وحتى من المقربين إليه فجمد وأحال على التقاعد قائد قوات بغداد أحد أقاربه (هاشم عبد الجبار) وكذلك (فاضل عباس المهداوي) وغيرهم حتى أصدقائه ومعارفه مثل الشاعر الكبير رئيس اتحاد الأدباء محمد مهدي الجواهري الذي قال في قصيدته :

تصور الأمر معكوساً وأخذ مثلاً
تالله لقتيد زيد بأسم زائدة
فضيق الحيل وأشدد من خناقهم
عما يجرونه لو أنهم نصروا
ولأصطلى عامر والمبتغى عمرو
لربما كان في إرخائه ضرر


لقد اعتقل الجواهري بعد فترة وأمر بأن يكون إطلاق سراحه بكفالة قدرها (50 فلساً) إهانة لتلك الشخصية الكبيرة الذي صدقت تنبؤاته وتوقعاته في يوم 9 شباط / 1963 حينما استمر الشيوعيين في مقاومة الانقلاب البعثي في الدفاع عن الجمهورية والزعيم عبد الكريم قاسم فأصدر الحاكم العسكري العام آنذاك رشيد مصلح بيان رقم 13 المشؤوم الذي طالب إبادة الشيوعيين أينما وجدوا لمحاولتهم البائسة ضد الثورة ولإنقاذ عبد الكريم قاسم .. فعلاً أخذ الموت والاعتقال بكل خصم وبكل من يشك به فكانت مذبحة وقتل على الشبه لا مثيل لها وقد استمر هاجس الخوف يجثم بكابوسه على صدر الزعيم عبد الكريم قاسم حتى أيامه الأخيرة وحاول أن يقنع ويعمل بما يرضي البعث والقوميين والرجعية فحينما أحال أبطال الموصل الذين تصدوا لمؤامرة الشواف وأفشلوها إلى المحاكم فكانت تقام لعوائل المتآمرين في الموصل مهرجان في مدينة الأعظمية وشوارعها في بغداد حينما يحضرون إلى بغداد للشهادة أمام المحكمة العسكرية التي تحاكم أبطال الموصل الشجعان كما فسح المجال للرجعيين لإقامة الاحتفالات بمناسبة ولادة الرسول الأعظم أو ولادة الحسن () وغيرها من المناسبات الدينية مما ساعد على رفع شعار (يا أعداء الشيوعيين اتحدوا) وحينما كان الشيوعيون يذهبون لمقابلته يرفض مقابلتهم بحجج واهية مثلاً (الزعيم نائم أو لديه اجتماع) وحينما كان الشيوعيون يحضرون في المناسبات العامة لتهنئته كان يستهزئ بهم ويسخر منهم ويقول لهم (حزب أوسع الجماهير) حتى وصل به العداء ومحاربة الشيوعيين حينما استدعى في أحد الأيام عبد الكريم الجدة آمر الانضباط العسكري وطلب منه أن يذهب بمجموعة من العناصر ويعتقل (اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي) فعلم بذلك الشهيد البطل (سلام عادل) وأعلن إنذار في الحزب الشيوعي بين العسكريين والمدنيين فتراجع عبد الكريم قاسم وتم تعيين نزيهة الدليمي وزيرة بلديات وفيصل السامر وزيراً للثقافة، حتى وصل الحد بالشهيد البطل جلال الأوقاتي وصرخ في الحزب الشيوعي : (إن هذا الرجل ويقصد به عبد الكريم قاسم سوف يدمر نفسه والحزب الشيوعي والشعب العراقي) وفعلاً في يوم 8 شباط الأسود كان اغتيال جلال الأوقاتي نقطة الصفر للانقلاب المشؤوم.
كانوا الشيوعيون حينما يساقون إلى المحاكم العسكرية بعد انقلاب 8 / شباط الأسود يطلب منهم رئيس المحكمة (شتم عبد الكريم قاسم ونبذه والبراءة منه) فكان الشيوعيين يرفضون ذلك ويعاقبون بالسجن والاعتداء عليهم.
بالرغم من أن الشيوعيين أثناء حكمه تعرضوا إلى الاعتقال والاعتداء عليهم ومحاربتهم وأخذ يُقرّب الرجعيين والإقطاعيين الذين تشجعوا واغتالوا كثير من الفلاحين الشيوعيين وبشكل خاص رؤساء الجمعيات الفلاحية وساعد القوى المعادية له وللجمهورية وزوروا وتلاعبوا بكثير من الانتخابات لنقابة المعلمين والعمال والجمعيات الفلاحية الذي أدى ذلك إلى ترأس الجمعيات والنقابات بأيدي عناصر معادية للجمهورية والزعيم فكان الزعيم عبد الكريم قاسم كما يقول المثل (عليّ وعلى أعدائي يا رب العالمين) وفي عهد الزعيم عبد الكريم قاسم (ترك الجواهري العراق وهاجر إلى جيكوسلوفاكيا كما أغلقت جريدة الشيوعيين (اتحاد الشعب) وأحال رئيسها عبد القادر إسماعيل البستاني إلى المحاكم) وبالرغم من كل ذلك لم يتخل الشيوعيين عن عبد الكريم قاسم إلى نهاية عهده.
إن الأيام تترى وتستعرض الأجيال أمام منصة التاريخ وسوف ينطق التاريخ حكمه الذي لا يرحم فيذم هذا ويمدح ذاك. وأدعوا بإطالة عمر كل من شارك وساهم في اغتيال جمهورية تموز ليشاهدوا بعيونهم ما آل إليه العراق من مآسي ودموع وآلام.
فلاح أمين الرهيمي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القناة 12 الإسرائيلية: اجتماع أمني تشهده وزارة الدفاع حاليا


.. القسام تعلن تفجير فتحتي نفقين في قوات الهندسة الإسرائيلية




.. وكالة إيرانية: الدفاع الجوي أسقط ثلاث مسيرات صغيرة في أجواء


.. لقطات درون تظهر أدخنة متصادة من غابات موريلوس بعد اشتعال الن




.. موقع Flightradar24 يظهر تحويل الطائرات لمسارها بعيداً عن إير