الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


89 أربع مقالات في نقد الدين

ضياء الشكرجي

2017 / 5 / 16
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


89 أربع مقالات في نقد الدين
ضياء الشكرجي
[email protected]o
www.nasmaa.org

هذه هي الحلقة التاسعة والثمانون من مختارات من مقالات كتبي في نقد الدين، حيث سنكون مع مقالات مختارة من الكتاب الرابع «الدين أمام إشكالات العقل»، وتشتمل هذه الحلقة على أربع مقالات قصيرة «الصراع بين الـ(أنا) الحقيقية والـ(أنا) المتوهمة»، «رؤية مغتيرة في علي»، «آيات السلام المنسوخة بآيات القتال»، «دليلان على خطأ تفسير الفعل كفر».

الصراع بين الـ(أنا) الحقيقية والـ(أنا) المتوهمة
نشرت باسمي المستعار (تنزيه العقيلي).
حديث عفوي جرى بيني وبين بعض الأصدقاء، جرني إلى ذكر الصراع الذي كان في داخلي، عندما كنت متدينا، ومن غير سابق تفكير، بل بشكل عفوي، عبرت عن ذلك الصراع، أنه كان بين أَنَوَين في داخلي، (أنا) ظاهرة مفتعَلة، أو متوهَّمة، تلك الـ(أنا) المتديِّنة، و(أنا) كامنة، حقيقية، متملمِلة، مقموعة من قبل (أنا)ـيَ الغريبة عن حقيقتي. كانت (أنا)ـيَ المتدينة المطيعة للدين، متوهِّمة أنها إنما تطيع الله، كانت هذه الـ(أنا) تحاول أن تقنعني أنها (أنا)ـيَ الحقيقية، السائرة في خط الفطرة، وفي خط الطاعة، وفي خط الاستقامة، ولذا كلما حاولت الـ(أنا) الحقيقية، القابِعة في سجن الدين، المتملمِلة، المتحيِّنة فرصةَ التمرد، تقمعها الـ(أنا) الدينية، أو الـ(أنا) المفتعَلة، والمتوهَّمة. فكانت تلك الـ(أنا) المتوهَّمة تعنف الـ(أنا) المتملمِلة، موحِيةً إليها أنها ليست إلا ذلك الهوى، أو تلك النفس الأمارة بالسوء، أو هي ذلك الشيطان الموسوِس في صدري، كي يحرفني عن الصراط.
وبعد التحول إلى عقيدة التنزيه (لاهوت التنزيه) بعد ثلاثين سنة، مرورا بالأصولية المعتدلة نسبيا، فالتدين العقلاني، فتأصيل مرجعية العقل، فالمذهب الظني، فالتفكيكية (التفكيك بين الدين والإيمان على نحو الإمكان، فترجيحه ما دون مرتبة الحسم)، ثم حسم التفكيك باعتماد لاهوت التنزيه، أي تنزيه الله من الدين، أدركت عندها أن الـ(أنا) المتوهَّمة، كانت مشركة من حيث ظنت أنها موحِّدة، لأنها اتخذت من الدين وثنا، وإلها له خوار، يُعبَد من دون الله، فيحرم ما أحل الله، ويحل ما حرم الله، فيكون ندّا لله، وطاغوتا يزاحم الله في عرشه، وينافسه في ألوهيته، ويدافعه في ربوبيته.
وحيث إن الـ(أنا) الحقيقية، رغم مقموعيتها، وتخفيها، كانت تزداد تململا، وتمردا، وكانت شغالة في هدنة مع الـ(أنا) المتوهَّمة المتدينة، لذا كانت تحاول أن تصوغ لها دينا يحاول أن ينسجم مع ما لا ينسجم الدين معه في الكثير الكثير من مقاطعه ومفاصله، من إنسانية في التفاعل الوجداني، وفي السلوك، لاسيما مع الآخر المغاير، ومن عقلانية في الفهم والتأويل والتفسير.
هاتان الأنَوان حاولتا أن تتعايشا، فكانتا تتدافعان وتتنافران أحيانا، وتتناغمان وتتناسقان أخرى. كانت من جهة (أنا) الفنان، ومن جهة (أنا) الناسك، من جهة (أنا) الأصولي، ومن جهة (أنا) الليبرالي، من جهة (أنا) المنغلق، ومن جهة (أنا) المنفتح، من جهة (أنا) العابد، ومن جهة (أنا) العاشق، من جهة (أنا) الموقن، ومن جهة (أنا) الشاكّ، من جهة (أنا) المتعبد، ومن جهة (أنا) المتمرد، حتى انتصر الفنان على الناسك، والليبرالي على الأصولي، والمنفتح على المنغلق، والعاشق على العابد، والشاكّ على الموقن، والنسبي على الإطلاقي، والمتمرد على المتعبد، والحقيقة على الوهم، والواقع على السراب، والنافع الماكث في الأرض على الزبد الذاهب جُفاء، وحتى انتصر السجين على السجن، والعقل على النص، والله على الدين.
وعندما حسمت خياري، أطعت الله من حيث عصيت الدين، إلا ما كان من طاعات الدين طاعة لله، فيما هي إنسانياته وعقلانياته، نابذا، أو حاسما نبذ كل لاإنسانيات الدين ولاعقلانياته، التي هي من تشريعات الطاغوت، وتوهيمات السراب، فرأيتني قد تماهيت مع (أنا)ـيَ الحقيقية، متناغما، متناسقا، متساجما معها، لكن مقرا بنسبيتها، أي بمواصلتها تحولاتها، أو لا أقل إمكانات تحولها. إذن بقي الصراع، لكنه صراع الضدين المتجاذبين، أو الأضداد المتجاذبة، بعدما كان صراع النقيضين المتنافرين، فكم من ضدَّين، جمَّل وكمَّل الضد منهما ضده، وبالعكس، كما هي التضادات اللونية، وتضادات المشمومات، وتضادات المذوقات، وتضادات الأشكال، وتضادات السطوح، وتضادات الأفكار، وتضادات السلوك. فمن الألوان ندرك جمالية تضاد الحار والبارد من الألوان، وتضاد الداكن والفاتح، والتضاد النوعي، والتضاد الكمي وغيرها، وهكذا هي التضادات بين مذاقات الحلو والمر والمالح والحاذق والحامض وغيرها، وهكذا في الخطوط والسطوح والأشكال والمواد، ما بين المستقيم والمنحني، بين الصقيل والخشن، بين المستوي والمتعرج، بين الحديد والخشب، وبين الذهب والرخام، وبين الزجاج والحجر. وفي السلوك نكتشف جمالية التضاد بين المرونة والصلابة، بين الفرح والحزن، بين العفو والمقاضاة، بين الخشونة والنعومة، بين أنوثة السلوك وذكورته، بين الرضا والغضب، بين اللعب والجد، بين الإتقان والمقاربة، بين الإبداع والاتباع، بين التجاذب والتنافر، بين الزعل والتصالح.
إن هذه التضادات هي تضادات الذات المركبة، فيما هو التضاد الذاتي في الداخل الأَنَوي، وتضادات تعددية الذوات، فيما هي العلاقات إلى الخارج، حتى فيما بين الذوات المتماهية مع بعضها البعض إلى حد كبير، أو إلى الحد الكبير، وحتى الكبير جدا، لكن النسبي، أي دون المطلق.
12/11/2009

رؤية مغايرة في علي
جاء الموضوع أدناه تعليقا على مقالة للكاتب العراقي جعفر المظفر، وهو ليس بحثا متكاملا، بل عبارة عن رؤية أو انطباع تكوّن عندي عن علي بن أبي طالب، عسى أن يكون في هذه الرؤية بعض الصواب.
الصديق العزيز الأستاذ جعفر المظفر، الذي لم ألتقه إلا عن طريق ما أنعم الله به علينا على يد الكُفّار الحَبّابين، الذين هم أحب إلى الله من الكثير من المؤمنين، ليوجدوا، أي هؤلاء الكُفّار الحَبّابون وسيلة التواصل والتقريب بين المتباعدين جغرافيا، المتواصلين فكرا ومودة.
جميل جدا ما كتبتَه، لكني مع هذا أذهب إلى أبعد مما تفضلت به، على الأقل بحدود ما جاء في مقالتك، ولعلك تتفق معي، وهو عندما نكتشف عظمة شخصية مثل علي، [على فرض إن ما وصلنا عنه يمثل الحقيقة] والعظمة نسبية، بعد نزع هالة القداسة عنه، التي تصل إلى تأليهه فوق تأليه الإله أحيانا، وهي أننا عندما نعظم العظيم بعيدا عن التقديس، يعني أن تعظيمنا وإعجابنا لا يخلو من نظرة ناقدة في بعض محطات ذلك العظيم، ثم لا نستبعد إن بعض ما وصلنا في التاريخ قد لا يكون واقعا، سواء في الجانب الإيجابي، أو فيما دون ذلك. فلو صحت نسبة مقولة «المرأة شر لا بد منه» إليه، أو «شاوروهن وخالفوهن»، أو الوصف المروي عنه للنساء أنهن «ناقصات عقل، ناقصات حظ، ناقصات دين»، ولو صح أنه بطل الإبادة الجماعية ليهود خيبر، فبلا شك لا ألتقي معه في مثل هذه الأمور، بل أختلف معه اختلافا حادا، وحادا جدا، دون إنكار مفاصل العظمة في الجوانب الأخرى في شخصيته. مع هذا أقول إن بعض ما نُسِبَ إلى علي، مما هو إيجابي، وما هو سلبي، قد يكون موضوعا، من «محب غالٍ» هنا، أو «مبغض قالٍ» هناك، حسب تعبير بن عمه محمد بن عبد الله.
ثم عندي ثمة قناعة لا أدعي أنها قائمة على دراسة، بل هي تحتاج إلى دراسة، وتستحق هذه الدراسة، لإثبات صحتها أو عدم صحتها، وهي إن عليّا الصبي الذي اتبع ابن عمه وكافله اتباعا مطلقا منبهرا به بلا حدود، [من أجل ألا أقول اتباعا أعمى] والذي قد يكون امتداده هو عليّ الشاب [الأصولي] المقاتل الشديد، غير عليّ في مراحل لاحقة من حياته، كما إن عليّا الثلاثيني عند وفاة محمد غير عليّ الشيخ الخمسيني ثم الستين الخليفة، وعليّ في أشهر ما بعد وفاة النبي مع فاطمة غير عليّ ما بعد وفاة فاطمة. فهناك تطور في شخصية عليّ، وهناك ظروف تفرض عليه مواقف، كمراعاته لفاطمة ذات الحساسية الشديدة تجاه الشيخين. والأمر الثالث، الذي يحتاج هو الآخر إلى دراسة، هو إنه لولا تقيده بقيود الإسلام، ولولا المقولة النبوية «... إلا أنه لا نبي بعدي» والمقولة القرآنية «... وخاتم النبيين»، لا أقول إنه كان سيعلن نفسه نبيا بعد محمد، لكنه لامتلك ربما فسحة أوسع بكثير من حرية الفكر لتقديم اجتهاده ورؤيته وفلسفته في الدين والإيمان، التي تلتقي حيث تلتقي وتفترق حيث تفترق مع رؤية محمد. أقول هذا مع الاعتذار للأصدقاء المؤمنين بنبوة محمد، والأصدقاء المؤمنين بعصمة علي. [فشخصيا عندما لا أؤمن بنبوة محمد، لا يمكن أن أؤمن بما يتفرع عنها، من قبيل القول إن عليا وصي رسول الله وخليفته والإمام المعصوم المنصوص عليه من الله، حسب عقيدة الشيعة، كما ولا أمؤمن يعدالة الصحابة وعدالة (أمهات المؤمنين) أي زوجات النبي، أو عدم أو نسبية عدالة الواحد أو الواحدة منهم أو منهن، فهذ كله يكون سالبا بانتفاء مقدمته، أي الإيمان بأن محمدا نبي الله ورسوله.]
وعن قولك: «أما من هو أكثر عداوة لعلي فأجده من بين مدعي محبته ونصرته أكثر مما أراه بين من يحبه لأخلاقيته»، فهذا يذكرني بقول يروى عن إمام الشيعة الخامس محمد الباقر «إن لمن شيعتنا من هو أشد علينا من الناصبين لنا العداء»، ولما سئل كيف يكون ذلك، قال «إنهم يقولون فينا ما لم نقله في أنفسنا»، إذا صحت الرواية. وهذا ما كنت قديما أردده في محاضراتي الدينية، وأنا أضع العمة على رأسي، لمواجهة الفكر المغالي عند بعض الشيعة الذي كنت أتحسس منه كثيرا، قبل أن أكتشف إن الدين كله ليس إلا غلوا، فيزيد التدين الشعبي غلوا على الغلو (العقلاني نسبيا)، مقابل الغلو في الغلو.
والغلو، عند الشيعة على سبيل المثال، مع إن الكثيرين من السنة ليسوا بعيدين عن ثمة غلو من نوع آخر، وفي أشخاص آخرين، ولكن عندما نتناول الغلو عند الشيعة، فهو درجات، فهناك الغلو الذي يعتبر حسب عقيدة الشيعة الإمامية أو الاثناعشرية، خروجا عن العقيدة، وهو تأليه عليّ من قبل بعض فرق الغلاة، والذين يطبقون عليهم ما ينطبق على الفريق الأول من الحديث المنسوب لنبي الإسلام بحق عليّ «هلك فيك اثنان؛ مُحِبٌّ غالٍ ومُبغِضٌ قالٍ»، ولكن هناك من داخل الشيعة الاثناعشرية أنفسهم من يزاولون الغلو في علي والأئمة بمرتبة دون مرتبة التأليه، من حيث نسبة العلم المطلق والقدرة المطلقة إليهم، وذلك استنادا إلى عقيدة ما يسمونه بـ(الولاية التكوينية)، والأصح (الكونية) أي ولايتهم المدعاة على الكون، بحيث يقولون للشيء كن فيكون، معللين صحة تلك العقيدة بحديث قدسي عن الله ينسب للنبي بقوله على لسان الله «عبدي أطعني تكن مثلي تقل للشيء كن فيكون»، وكان الخميني من القائلين بالولاية التكوينية. وهكذا هناك الغلو فيما أسميه بالتشيع الشعبي، الذي يرفضه معظم العلماء علاوة على رفض عقلاء ومعتدلي الشيعة له، ولكن غالبا ما يخشى معظم علماء الشيعة التصريح بنقدهم لهذه العقائد والممارسات، خشية أن يجري تكفيرهم من العوّام، والظاهر إن صور الغلو هذه في التشيع، هي نتاج لعقيدة كل من الأخباريين والصفويين.

آيات السلام المنسوخة بآيات القتال
في الثالث من مجموعة «كتب لاهوت التنزيه»، أي كتاب «مع القرآن في حوارات متسائلة»، تناولت بحوثا قرآنية، من أهمها، وبمقدار ما يتعلق بموضوعنا هنا، بحث «مع مصطلحي "الذين آمنوا" و"الذين كفروا" في القرآن»، مبينا من خلاله موقف القرآن من غير المسلمين دنيويا وأخرويا، وكذلك موضوع «النظرية القتالية في القرآن». وجدت أن أكمل الموضوع هنا بموضوع «آیات السلام المنسوخة بآيات القتال» ذي العلاقة الوثيقة بموقف الإسلام الحقيقي من غير المسلمين، مقتبسا العنوان من مقالة للكاتب والإعلامي المصري عادل نعمان، المنشورة في 13/10/2016. وعندما نتكلم عن «آیات السلام المنسوخة بآيات القتال»، يمكن أيضا التعبير عن ذلك بالآيات المكية المتصالحة والمسالمة في مرحلة ضعف المسلمين، المنسوخة بالآيات المدنية المعادية والمقاتلة لغير المسلمين في مرحلة قوتهم. ثم لألحق به ما اعتبرته دليلين على عدم صحة تفسير البعض للفعل (كَفَرَ، يَكفُرُ)، تعضيدا لما ذهبت إليه في كتابي الثالث حول مصطلحي «الَّذينَ آمَنوا» و«الَّذينَ كَفَروا» في القرآن.
لم أقتصر على استعارة العنوان من مقالة الكاتب عادل نعمان، بل استفدت من مقالته، توفيرا للوقت والجهد عليّ، الآيات المنسوخة، والآيات الناسخة لها، منظما ذلك، لتوضيح التقابل بين المجموعتين من الآيات المسالمة والمقاتلة، المنسوخة والناسخة، المكية والمدنية. ثم سأشير إلى القائل بالنسخ، معتمدا على ما طرحه الكاتب عادل نعمان.
1. الآية المنسوخة: «فَاعفُ عَنهُم وَاصفَح إِنَّ اللهَ يُحِبُّ المُحسِنِينَ».
الآيتان الناسختان لها: «قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤمِنونَ بِاللهِ وَلا بِاليَومِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمونَ ما حَرَّمَ اللهُ وَرَسولُهُ وَلا يَدِينونَ دينَ الحَقِّ مِنَ الَذِينَ أوتُوا الكِتَابَ».
القائل بالنسخ: قتادة.
«فَإِذَا انسَلَخَ الأَشهُرُ الحُرُمُ فَاقتُلُوا المُشرِكينَ حَيثُ وَجَدتُموهُم وَخُذوهُم وَاحصُروهُم وَاقعُدوا لَهُم كُلَّ مَرصَدٍ».
القائل بالنسخ: ابن عباس.
2. الآية المنسوخة: «يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا عَلَيكُم أَنفُسَكُم لا يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهتَدَيتُم».
الحديث الناسخ: «إِنَّ النّاس إِذا رَأَوا ظالِماً فَلَم يَأخُذوا عَلى يَدَيهِ أَوشَكَ أَن يَّعُمَّهُمُ اللهُ بِعِقاب».
القائل بالنسخ: أبو بكر.
3. الآية المنسوخة: «لا إِكراهَ فِي الدّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشدُ مِنَ الغَيِّ».
الآية الناسخة: «أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الكُفَّارَ وَالمُنافِقينَ وَاغلُظ عَلَيهِم وَمَأواهُم جَهَنَّمُ وَبِئسَ المَصيرُ».
القائل بالنسخ: سليمان ابن موسى.
4. الآيات المنسوخة: «لَكُم دِينُكُم وَلِيَ دِينِ»، «إِن أَنتَ إِلّا نَذِيرٌ»، «فَذَكِّر إِنَّما أَنتَ مُذَكِّرٌ لَّستَ عَلَيهِم بِمُسَيطِرٍ»، «أَفَأَنتَ تُكرِهُ النّاسَ حَتّى يَكونوا مُؤمِنينَ».
الآية الناسخة: «فَاقتُلُوا المُشرِكينَ حَيثُ وَجَدتُّموهُم وَخُذوهُم وَاحصُروهُم وَاقعُدوا لَهُم كُلَّ مَرصَدٍ».
5. الآية المنسوخة: «فَإِن توَلَّوا فَإِنَّما عَلَيكَ البَلَاغُ المُبينُ».
الآية الناسخة: «فَإِن تَوَلَّوا فَخُذوهُم وَاقتُلوهُم حَيثُ وَجَدتُّموهُم وَلا تَتَّخِذوا مِنهُم وَلِيّاً وَّلا نَصيرًا».
6. الآية المنسوخة: «وَلا تُجادِلوا أَهلَ الكِتَابِ إلّا بِالَّتِي هِيَ أَحسَنُ».
الآية الناسخة: «وَمَن يَّبتَغِ غَيرَ الإِسلامِ ديناً فَلَن يُّقبَلَ مِنهُ».
مع إني أتصور بأني كنت قد أشرت إلى الآيات التي تنقض آيات السلام، دون الرجوع إلى المصادر، بل اعتمادا مني في بحوثي على القرآن حصرا، مضافا إليه استخدامي للدليل العقلي، مع التعويل على اللغة، مما لا يحتاج إلى تفسير أو تأويل. والآن مع أدلتي، أو دليليَّ على عدم صحة تفسير أو تأويل فعل الكفر من قبل البعض، سواء كانوا تنويريين صادقين، أو مبررين مخادعين عن علم، أو متلقين بسطاء.

دليلان على عدم صحة تفسير البعض للفعل كفر يكفر:
بالرغم من أني وضحت بما لا يقبل الشك بأن معنى كل من المصطلحين القرآنيين «الَّذينَ آمَنوا» و«الَّذينَ كَفَروا» هو (المسلمون) للأول، و(غير المسلمين) للثاني، أردت هنا الرد على من يدعي أن المقصود بـ«الَّذينَ كَفَروا» ليس عموم غير المسلمين، بل فقط أولئك الذين عرفوا أن الإسلام حق، وأنكروا ذلك عن قصد وعلم وإصرار وعناد ومكابرة، بتفسير (كَفَرَ، يَكفُرُ، كُفراً) بمعنى إنكار الحقيقة، كون الجذر (ك ف ر) يعني غطى، ومن هنا استخدم الكفر بمعنى عدم الشكر، أو إنكار الجميل، أو إنكار النعمة. والذين يفسرون هذا الفعل بهذا المعنى قسمان، قسم يعلم علم اليقين أن المقصود بذلك هو كل غير المسلمين بلا استثناء، لكنهم يخدعون بسطاء المسلمين الطيبين، ويكذبون على غير المسلمين، لتجميل صورة الإسلام. وقسم آخر مصدق بهذه الكذبة، ومخدوع بها عن بساطة، وعدم تعمق بالقرآن. أقول لو كان الفعل قد ورد بمعنى غطّى أو أنكر، لجاء مُتعدِّياً إلى مفعول به، فيكون (كفر الشيءَ)، ولم يكن قد استعمل مع حرف الجر (ب)، بقول (كفر بالشيء). الدليل الثاني مدح القرآن لمن يكفر بالطاغوت بقوله «وَمَن يَّكفُر بِالطّاغوتِ وَيُؤمِن بِاللهِ فَقَدِ استَمسَكَ بِالعُروةِ الوُثقى»، إذ لو صح المعنى المدَّعى، لكان الطاغوت يمثل حقا وحقيقة، ينكرها ويغطيها الكافرون بها رغم علمهم بكونها حقيقة، ولاستحق الكفر بالطاغوت الذم وليس المدح، كما تذهب إليه الآية بالإجماع. ثم نحن نعرف إن لكل مفردة باللغة معنى أصلي (لغوي)، ومعنى منقول (اصطلاحي). وما قيل عن فعل الكفر، يمكن أن يقال عن فعل الإيمان أيضا، ففعل (آمَنَ، يُؤمِنُ، إيماناً)، وأصله بإثبات الهمز (أَءْمَنَ، يُؤمِنُ، إئماناً)، والذي هو فعل متعدٍّ إلى مفعول به، يعني بالأصل جَعَلَهُ آمِناً، ومن هنا كان (المؤمِن) أحد الأسماء الحسنى لله في القرآن، حسب الآية 23 من سورة الحشر: «هُوَ اللهُ الَّذي لا إِلاهَ إِلّا هُوَ المَلِكُ القُدّوسُ السَّلامُ المُؤمِنُ المُهَيمِنُ العَزيزُ الجَبّارُ المُتَكَبِّرُ»، لكن المعنى المنقول أصبح (يعتقد) أو (يصدّق)، وبهذا المعنى يستعمل الفعل ليس متعديا إلى مفعول به، بل كفعل لازم، أي من غير مفعول به، بل بالاقتران بجار ومجرور، كما هو الحال مع فعل (كفر، يكفر). إذن دعونا نكون صادقين، وكفى خداعا لبسطاء الناس غير المتوفرين على الثقافة القرآنية الكافية، كي يتعرفوا بدقة على حقائق الأمور، فيكتشفوا امتناع نسبة هذا الكتاب المسمى (القرآن) إلى الله، تعالى الله عن ذلك تعالِياً كبيراً، وتنزَّه عنه تنزُّهاً بعيدا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لابيد: كل ما بقي هو عنف إرهابيين يهود خرجوا عن السيطرة وضياع


.. عام على حرب السودان.. كيف يعرقل تنظيم الإخوان جهود الحل؟ | #




.. خالد الجندي: المساجد تحولت إلى لوحة متناغمة من الإخلاص والدع


.. #shorts yyyuiiooo




.. عام على حرب السودان.. كيف يعرقل تنظيم الإخوان جهود الحل؟ | #