الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يبدأ الحبّ بلمسة تعاطف

نادية خلوف
(Nadia Khaloof)

2017 / 5 / 17
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية


عندما نكتب عن التلامس الجسدي، فإنّنا نعني كلّ أنواع ذلك التلامس الذي يعطي طاقة إيجابيّة للإنسان، وعندما نكتب عن السّلبيات لدينا فإنّنا لا نقصد الجميع فلا شيء في الحياة عام، وإنما نقصد الظاهرة.
يعبّر الغرب عن أمراضه في الكتابة ووسائل الإعلام ويدعوا لعلاجها، وحسب رؤيتي فإنّ أغلبهم أكثر دفئاً وتعاطفاً منّا، لكنّه محتارٌ كيفَ يعودُ إلى إنسانيتهِ، تسودُه أفكارٌ أتتْ من عمقِ الأساطيرِ والديانات الوثنيةِ حتى أنَّ الناسَ بدأوا يهجرون أماكنَ العبادةِ ،ويتوجهونَ إلى أماكن التأملِ أو أماكنَ أخرى تعادلُها. ُآخر تقليعةٍ هي المشي على أربعٍ في الحدائق كرياضةٍ لها صلةٌ بالعودة إلى البيئة، أو الطبيعة .دعواتٌ تعمُ المجتمعَ الغربيَّ تحثُّهُ على العودةِ إلى الطبيعةِ والإنسانيةِ لمعالجةِ هذا الإغراق في الماديةِ . يقصدُ الناسُ الأماكن التّأمليّة من مختلفِ الطبقاتِ الاجتماعيةِ ومن مختلفِ الأديانِ ،أما في العلاجات الروحانيةِ والنفسيةِ فقد عادوا إلى منطقِ الإنسانِ الذي يحتاجُ لدعمِ الآخرِ دائماً كي يكملَ رحلةَ الحياةِ ، ومن بينِ تلكَ العلاجاتِ العلاجُ باللمسِ لإعادةِ الاتصالِ الجسدي بينَ البشرِ.لا يعني هذا بأيِّ حالٍ أنَّ المادةَ ليستْ هي الأساسَ في المجتمعِ الغربيِّ. لكنَّ الحياةَ لديهم تستوعبُ كلَّ الحالاتِ الموجودةِ. أما عن اللمسِ فإنهم يقولونَ : أن الإنسانَ يشعرُ بالرضا والتعاطف عندما يعانقُه شخصٌ عزيزٌ كنوعِ من التوددِ، أو الترحيب بهِ لقدومِه من السفر مثلاً . هنا لابدَّ لي أن أتحدثَ عن اللمسِ ، أو عن لغةِ اللمسِ التي تساعدُ على تعزيزِ صحةِ الإنسانِ النفسيةِ. بل حتى تحسينِ أمورِهِ كلّها .
عندما يقرأُ المتصفحُ ما أكتبُهُ لابدَّ أنْ يعتقدَ أنَّ الأمرَ محلولٌ بالنسبةِ لنا – نحنُ العربُ – نعتقد أنّنا شعب عاطفي كما يصفوننا . نحنُ شعبٌ عاطفيٌّ بمعنى أننا لا نتمعنُ في الأمورِ جيداً . تحركُنا غرائزُنا، أبناءُ اللحظةِ ،لا نبحثُ عن الحقيقةِ . يأتينا الحبّ العاصف فجأةً ثم يختفي مثلما جاءَ ،نظرتَنا مسبقةٌ للأمورِ .
هل كان اللمسُ والقبلاتُ من روتينِ حياتِكم في الطفولةِ ؟ أي أنَّ أمهاتَنا وآباءنا كانوا يقبِّلوننا قبلة الصباحِ وقبلةَ ما قبلَ النوم . أغلبَنا لم يتلقَ القبلةَ حتى في الأحلامِ . ربما كان اللمسُ متوافراً لدينا في الطفولةِ بسبب أننا كنَّا ننامُ قربَ بعضِنا البعض وفي غرفةٍ واحدةٍ في أغلبِ الأحيانِ ، كما كانتْ أمهاتُنا تلمسُنا لتعرفَ إن كانَ علينا سخونةٌ أم لا، ومعَ ذلكَ كانَ الآباءُ أفضلُ من آباء اليومِ ربما . يسيرُ المجتمع باتجاهٍ أسوأ مما كانَ عليهِ الأمرُ قبلَ خمسينَ عاماً .
اللمسُ لغةٌ الحبِّ والرحمةِ . عندما يُطرَقُ رأسُنا بحائطٍ تكونُ أولُ ردةِ فعلٍ لنا هو أن نلمَسه بيدِنا فنشعرُ أن الألم قد خفَّ بعدها .القبلةُ ،العناقُ ،المصافحةُ كلُّها رسائلَ حبٍّ تجاهَ الآخر.
اللمسُ هو لغةُ الحبِّ والأمنِ أيضاً . الشعورُ بالأمنِ تشكلُهُ لمسةٌ من زوجٍ لزوجته عندما يلمُّ بها خطبُ ما أو دونَ أن يلمَّ بها ذلكَ الخطبُ ، وكم من لمسةِ حبٍّ من امرأةٍ لزوجِها عندما تعانقُهُ قائلةً : كلُّ شيءٍ سيكونُ بخيرٍ أعطت نتائجَ فوريةً وتجاوزَ بسببِها محنتَهُ . أغلبُنا لديهِ اختلالٌ في الوظائفِ العاطفيةِ لأنهُ حُرمَ من لمساتِ الحنانِ في حياتِه .اللمسة التي تجعلُ العقلَ والجسمَ يعيشانِ لحظةَ استرخاءٍ . تجعلُ التغييرَ يتمُّ على مستوى عقلِنا الباطِنِ ويتحولُ اللمسُ عندَها إلى علاجٍ يبهرُنا بآثارِه .
حياتُنا الجنسيةُ تحتاجُ إلى لمساتِ حبِّ في النهارِ لتكتملَ العلاقةَ الإنسانية فيما بعد ، فلا يمكنُ أن تعطي لمساتُ الإثارةِ الجنسيةِ نتيجةً في جسدٍ محرومٍ من الحبِّ والحنانِ . يقالُ أن أماكنَ التدليكِ يقبلُ عليها الناسُ اليومَ من أجلِ تعويضِ النقصِ في اللمسِ الذي كانَ يجبُ أن يتمَّ في حياتِهم .
تنازلَ الرّجل طوعاً عن رجولتِهِ ليعوضَها بالغرائزِ والرغباتِ التي يعتبرُها هي فقط ما تعنيهِ. سلَّمَ مقاليدَ إدارة الحياةِ إلى المرأةِ مختاراً بينما هيَ ترغبُ في مشاركتِهِ .، لكنه ا غائبٌ ، ولو حضر يثورُ لأتفه الأسباب كونهُ غاضبٌ من الحياة، و في بعضِ الحالاتِ غيابُ الرجل أفضلُ من وجودِه كي يتمكنُ بعضُ أفرادِ الأسرةِ من متابعةِ أغنيةِ ما أو برنامجٍ عن الطبخِ بدلاً من سماعِ الحواراتِ على الفضائياتِ وسماعِ ذلكَ الجدل البيزنطي الذي يدورُ فيها والمدفوع الثمنِ أصلاً.
بل أصبحَ وجودُ الرجلَ عبئاً على الأسرةِ . ليس لأنّه لا يتواصلُ باللمسِ بل لأنّه سوف يستعملُ صوته وسبابَته من أجلِ الوعيدِ والتهديدِ . في الحالينِ غيرُ موجود
أعطني قبلةً وعناقاً لأعطيكَ حباً وصفاءً . هذا هو المبدأ . قبلةُ المحبةِ البعيدةِ عن الغرائزِ ، وإذا كانتِ القبلةُ الثانيةُ ضروريةً أيضاً لأنَّ الحياةَ من غيرِ جنسٍ تشبهُ الصحراءَ من غيرِ واحةِ، فالجنسُ هو نوعٌ من اللمسِ أيضاً وربما فيهِ شفاءٌ ليس للروحِ فقط بل لأمراضِ الجسدِ الأخرى . لكنَّ الأغلبيةَ تعوّدَ على الصحراءِ وتأقلمَ معَ جوّها . ففي أغلبِ الأسرِ هناكَ طلاقٌ روحيٌ ولو لم يكنْ هناك طلاقٌ في المحاكمِ . ليس هناكَ لمساتُ محبةٍ ولا لمساتُ رغباتٍ جنسيةٍ .
الجِلدُ ذلك الغطاءُ الواسعُ الذي يغلفُ جسدنا . هو من يفسرُ متاعبُنا .يفهم على كلِّ لمسةٍ ويعرفُ كيفَ يوظفُها .أمراضُنا الداخلية والنفسية يقرؤها الأطباءُ من خلالِ النظرِ إلى وجوهِنا حيث يتحدثُ الجلدُ في وجهنا عن داخلنا بشكلٍ واضحٍ .
كما أن الجلد يرسِلُ إشاراتِه إلى أدمغتنا، فإما أن يشعر دماغنا أنهُ محرومٌ من اللمسِ والحبِّ، أو أنه مرتاحٌ فيرتاحُ ويعطينا مكافأةً هي الشعورُ بالرضا .نسترخي وتغمرُنا السعادةَ ربما !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما الهدف وراء الضربة الإسرائيلية المحدودة في إيران؟|#عاجل


.. مصادر: إسرائيل أخطرت أميركا بالرد على إيران قبلها بثلاثة أيا




.. قبيل الضربة على إيران إسرائيل تستهدف كتيبة الرادارات بجنوب س


.. لماذا أعلنت قطر إعادة -تقييم- وساطتها بين إسرائيل وحماس؟




.. هل وصلت رسالة إسرائيل بأنها قادرة على استهداف الداخل الإيران