الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما الذي تبقّى من المشروع الفلسطيني؟

عبد الحسين شعبان

2017 / 5 / 17
القضية الفلسطينية



حين يخصّص مركز الخليج للدّراسات (التّابع لدار الخليج)، مؤتمره السنوي السابع عشر المنعقد في الشارقة، لبحث موضوع "مستقبل المشروع الفلسطيني" وبمشاركة نخبة متميّزة من المفكّرين والباحثين العرب من فلسطين والمغرب والبحرين ومصر والعراق والإمارات وغيرها، فذلك له دلالات عديدة:
أوّلها- إنّه يستعيد القضية الفلسطينية كمحور للقضايا العربية، خصوصاً وتشهد الساحة العربية اليوم ، بل ومنذ ثلاث عقود من الزمان، تراجعات مختلفة، لا سيّما لشيوع ظواهر التعصّب والعنف والإرهاب والطائفيّة، تلك التي زادت من الانقسامات والتباعدات والاحترابات العربية الموجودة أساساً، في حين كانت القضية الفلسطينية جامعاً ومشتركاً ومرتكزاً للعمل العربي الموحّد، وإنْ كان بحدّه الأدنى الذي أُطلق عليه "التضامن العربي" الذي بدأ هو الآخر بالتقهقر، والذي طال اليوم الدولة العربية بوجودها ووحدتها باندلاع حروب أهلية ونزاعات مذهبية.
وثانيها- محاولة نابهة لردّ الاعتبار للقضية الفلسطينية في الوعي العربي الذي أخذ بالتصدّع، خصوصاً وأنّها تتزامن مع إعلان الأسرى الفلسطينيّين الإضراب عن الطعام في "السجون الإسرائيليّة" وسط حالة من اللّامبالاة على أقلّ تقدير على الرّغم ممّا ترتّبه من مسؤوليّات دولية يمكن استنفارها، لأنّها تتعلّق بالحقوق والقوانين والشرعيّات الدولية التي تنتهكها "اسرائيل" جهاراً نهاراً دون أيّ رادع أو مساءلة.
وثالثها- إنّ توقيت انعقاد المؤتمر يأتي بعد صدور قرارين دوليّين مهمّين : الأوّل عن منظمة اليونيسكو بتاريخ 18 أكتوبر (تشرين الأوّل) العام 2016 والخاص باعتبار الأماكن المقدّسة في القدس من تراث العرب والمسلمين. وكان هذا القرار قد استكمل بقرار لاحق صدر بعده بعدّة أيّام (26 أكتوبر- تشرين الأول) أدان الانتهاكات "الإسرائيليّة " في الأماكن المقدّسة، وهو القرار الذي وصفه "كرمل شامة هاكوهين" السفير "الإسرائيلي" لدى اليونيسكو بقوله: "إنّ هذا القرار هو الأكثر عبثيّة ومكانه الوحيد مزبلة التاريخ" .
أمّا القرار الثاني فكان قد صدرعن مجلس الأمن الدولي بتاريخ 23 ديسمبر ( كانون الأوّل) 2016 والخاص بمنع الاستيطان، إضافة إلى صدور تقرير من منظمة الإسكوا الذي أدان بدوره "الأبرتايد الإسرائيلي" وكان "أنطونيو غوتيرس" الأمين العام للأمم المتّحدة قد قرّر سحب التقرير، فما كان من ريما خلف المديرة التنفيذيّة للإسكوا إلّا أن قدّمت استقالتها.
إنّ هذه القرارات والأجواء الإيجابية التي خلقتها تستوجب متابعة فلسطينية وعربية ودولية لما لها من جوانب معنوية على حركة التضامن التي
أخذ رصيدها يرتفع خصوصاً في إطار المجتمع المدني الذي خصّص له المؤتمر محوراً خاصّاً ، ويتعلّق الأمر بملاحقة متّهمين صهاينة بارتكاب جرائم أو صدور قرارات من مؤتمرات دولية تدين "اسرائيل" وتدعو لمقاطعتها أكاديميّاً وثقافيّاً واقتصاديّاً، لأنّها تمارس جريمة الأبرتايد . وقد أصبح لحركة التضامن صوت مؤثّر في أوروبا وأمريكا اللّاتينية وكندا وأفريقيا وآسيا وتحتاج لتفعيل وتوسيع وإسناد.
ورابعها- إنّ القضية الفلسطينيّة لم تعد تهمُّ الفلسطينيّين وحدهم أو العرب فحسب على الرغم من وجود نزاعات إنعزالية وانكفائية لديهم ، فتارة بزعم "القرار الوطني الفلسطيني المستقل"، وأخرى برفع شعار "هذا البلد أوّلاً" وإنّ الفلسطينيّين هم أدرى بشؤونهم، لتبرير تقديم التنازلات.
لكنّ المشروع الوطني الفلسطيني ليس مشروعاً وطنيّاً خالصاً ، بقدر ما هو مشروع عربي وأممي في الآن، إذْ لا يمكن تحقيق تقدّم وتنمية حقيقيّة ودائمة دون حلّ عادل للقضية الفلسطينيّة، وحتّى الإصلاحات الديمقراطية المنشودة لا يمكن لها أن تتوطّد وتترسّخ باستمرار حالة الحرب، كما أنّ قضايا مثل "السلام العالمي" و"حقّ الشعوب والأمم في تقرير مصيرها"، هي قضايا ذات أبعاد إنسانيّة ودوليّة تتعلّق بالتحرّر والحريّة والعدالة. وهي جزء لا يتجزّأ من قواعد القانون الدولي واتّفاقيّات جينيف لعام 1949 وملاحقها ونظام العدالة الدوليّة، لأنّ الفلسطينيّين والعرب والعالم أجمع يواجهون استعماراً استيطانيّاً إجلائيّاً عنصريّاً، وهو محرّم دوليّاً بموجب نظام محكمة روما لعام 1998 والذي دخل حيّز التنفيذ العام 2002، ويعتبر جريمة دوليّة تستحقّ العقاب ولا تسقط بالتقادم.
وإذا كان جوهر المشروع الصهيوني يقوم على الاستيطان الذي تحوّل مع مرور الأيّام، وخصوصاً منذ قيام "إسرائيل" إلى مشروع تمييز عنصري ونظام أبرتايد بكلّ ما تعنيه الكلمة، فالمشروع الفلسطيني هو نقيضه، لأنّه : يتعلّق بجوهر المسألة الإنسانيّة وحقوق الإنسان. كما عبّر عنه نيلسون مانديلا الزعيم الجنوب أفريقي، ورمز التسامح العالمي.
ولهذه الأسباب فقد كان حاضراً على طاولة البحث والمناقشة في المؤتمر مطالبة بريطانيا الاعتذار عن وعد بلفور (2 نوفمبر - تشرين الثّاني -1917) وتعويض الشعب العربي الفلسطيني بتمكينه من استعادة حقوقه العادلة والمشروعة، مع استذكار اتّفاقيّة سايكس بيكو (1916)، باعتبارهما حدثان دوليّان أساسيّان كان لهما أثر كبير في الكارثة التي حلّت بالشعب الفلسطيني وامتدّت إلى الوطن العربي بتفكيكه وتفتيته.وهو ما يواجهه اليوم بعد أكثر من قرن من الزمان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صواريخ إسرائيلية -تفتت إلى أشلاء- أفراد عائلة فلسطينية كاملة


.. دوي انفجارات في إيران: -ضبابية- في التفاصيل.. لماذا؟




.. دعوات للتهدئة بين طهران وتل أبيب وتحذيرات من اتساع رقعة الصر


.. سفارة أمريكا في إسرائيل تمنع موظفيها وأسرهم من السفر خارج تل




.. قوات الاحتلال تعتدي على فلسطيني عند حاجز قلنديا