الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تفكيك البارتهايد .. قهر الليبرالية الجديدة واقتصادها

سعيد مضيه

2017 / 5 / 17
القضية الفلسطينية


تفكيك الأبارتهايد، هزيمة ثقافة الليبرالية الجدية واقتصادها
بلفور والتجريف الهمجي عبرمائة عام - الحلقة الأخيرة
يختزل طبيعة الصراع واصطفاف القوى على طرفي خندقه كلمات وزير خارجية نظام الأبارتهايد في جنوب إفريقيا الموجهة للسفير الأميركي عام 1960: نحن معزولون وكل الدول تصوت ضدنا في الأمم المتحدة؛ ولكن صوتا واحدا يهمنا هو صوت الولايات المتحدة. طالما نحظى بالدعم الأميركي فلن يهمنا الآخرون. في العام 1988 صدر تصريح الرئيس الأميركي ريغان " ليس بين المنظمات السياسية في العالم من هو أسوا من حزب المؤتمر الوطني الإفريقي". كان نيلسون مانديلا داخل زنزانة نظام الأبارتهايد، وبقي اسمه في قائمة الإرهابيين حتى العام 2008. في ثمانينات القرن الماضي أخذت تبرز وتتعاظم معارضة الأبارتهايد داخل الولايات المتحدة وشرعت الشركات الأميركية تنسحب من جنوب إفريقيا؛ ثم وجد البيزنس في اميركا وجنوب إفريقيا ان من الأفضل التخلص من الأبارتهايد مع الاحتفاظ بالنظام الاقتصادي – الاجتماعي بتغييرات طفيفة. وفي تسعينات القرن الماضي تفكك نظام الأبارتهايد في جنوب إفريقيا وبقي في إسرائيل . كانت مقاومة الشعب في جنوب إفريقيا متاجة وفاعلة. ليس مثال جنوب إفريقيا هو الأسلوب الوحيد لهدم الأبارتهايد، ولابد من أن يتبع أسلوبا مغايرا شكلا لعملية تفكيك الأبارتهايد الإسرائيلي. "هناك شبه مع هذا(جنوب إفريقيا) في الشرق الأوسط، لكن ليس تطابقا .وإذا قررت الولايات المتحدة سحب البساط من تحت إسرائيل أعتقد انهم سوف يمتثلون للأوامر. ليس من وسيلة أعظم من الضغوط الشعبية، المنظمة والمثابرة والمخلصة لإحداث تغيير. وهذا عمل شاق"(11).
والمهمة الجوهرية الملحة تعبئة حركة شعبية ديمقراطية ضاغطة. والمهمة ثقافية بدرجة اولى"(11).
بداية يتقوض النظام اللاإنساني للأبارتهايد مع تداعي القوة النسبية للولايات المتحدة على المسرح الدولي اقتصاديا وثقافيا، مواصلة لسيرورة جارية منذ عقود. إذا التقطت قوى التحرر الوطني انفاسها وشرعت هجومها تتوفر بذلك فرصة إعادة الاعتبار للقيم الإنسانية من تكافل اجتماعي وترقية التعليم واضطلاع الدولة بالخدمات الاجتماعية، وتصفية البيئة التي عربدت فيها النزعة العسكرية وكذلك الصناعات العسكرية –الأمنية في إسرائيل.
يجمل الأكاديمي هنري غيروكس في مقالة قصيرة(17 أيار 2017) اربع عشرة منفذا لتسريب ثقافة الليبرالية الجديدة في الحياة الاجتماعية بالولايات المتحدة والعالم اجمع . يكمن خلف هذه التوجهات إيديولوجيا الفاشية الجديدة المنحازة كليا لأصحاب الرساميل الضخمة ، إذ تحمّل البشر وحدهم المسئولية عن عجزهم السياسي او الاقتصادي او الاجتماعي. رسالة ثقافة الليبرالية الجديدة تمجيد النخب المالية وإشاعة نموذجها لتقويض الكيانات القومية والانتماء القومي ، وتحميل مسئولية فقر الملايين للأفراد وليس النهج الاقتصادي وإجراءات خصخصة القطاع العام المتحيزة لأصحاب الرساميل. بموجب هذا التوجه تم إقصاء مفردة الديمقراطية ومشتقاتها من قاموس التعامل الرسمي وتدمير كل معالم التعليم النقدي، على أي صيغة وردت في النظرية وأساليب العمل وبالمؤسسات، والاستخفاف بالميديا النقدية وصولا إلى حظرها في النهاية.
يطلب من الأجهزة الثقافية الخاضعة لإشراف الحكومة شرعنة الخصخصة ونشر خطاب الاعتماد على الذات، بما يرافقه من أنانية منفلتة وفردية مفرطة وازدراء كل ما من شانه أن يعبر عن الصالح العام. طغيان الفردية والجشع غير المكبوح هما شعار الليبرالية الجديدة. وأصدق مثال على ثقافة القسوة إجراءات الحكومة الأميركية بتخفيض الضرائب على أرباح الماليين وفي نفس الوقت تصفية برامج الرعاية الصحية المقدمة لأربعة وعشرين مليون أميركي يعجزون عن وصول الطبيب وتوفير العلاج. من منافذ إشاعة ثقافة الليبرالية الجديدة نشر ممارسات إفراغ اللغة من معاني الأخلاق والتعاطف، وترويج خطاب البقاء للأفضل ضمن مساعي فسح المجال للعنصرية والفصل العنصري؛ اعتبار العدالة نوعا من الخيانة والسخرية منها ك "أنباء زائفة "، وادراج شرائح اوسع من الناس ضمن الفضلات البشرية؛ إشاعة لغة القوة، وازدراء أي شكل من أشكال التضامن لا ينسجم مع أخلاق السوق وقيمه واعتباره جريمة يعاقب مقترفها ، ومن ثم توسيع دائرة الأفعال والممارسات الجرمية بالولايات المتحدة؛ تعريض الجميع لشبهة الإرهاب وإخضاعهم للمراقبة والتشهير وللتفتيش لدى اجتياز الحدود. وبهذا تختفي مظاهر دولة الرفاه ويجبر ملايين المحرومين على تدبير أمورهم بأنفسهم .
وبالمثل يطل الكاتب اليهودي جوناثان كوك بين فينة واخرى على قرائه في مجلة كاونتر بانش بمظاهر من زرع عنصرية الأبارتهايد الفاشية في أذهان الاجيال اليهودية . قدم نموذج اغتصاب أراضي قبيلة العقبي بالنقب واضطهادها؛وطرح ماساة خطف الأطفال ابناء اليهود الشرقيين حين الولادة كي ينشأوا بمنأى عن أصولهم العربية التي وفد منه آباؤهم. وفي 16 أيار2017 قدم صورا لمشاهد الرعب والقسوة والكراهية تجاه العرب التي يجري غرسها في عقول الناشئة.
يخلص الكاتب إلى القول،"اذا كان مستقبل المجتمع يتقرر من مرحلة الطفولة فإن النظرة قاتمة حقا لمستقبل العلاقة بين إسرائيل والشعب الفلسطيني .
اظهرت استطلاعات الراي العام ان نماذج التربية تسفر عن نتائج مفضلة لدى المسئولين؛ تبين ان طلبة المدارس اشد تطرفا من ذويهم وان اربعة أخماس الطلبة يعتقدون أن لا امل في التوصل إلى سلام مع الشعب الفلسطيني. تلك المشاعر المزروعة لا تدمر فقط فرص السلام في الوقت الراهن، إنما تدمر ايضا أي فرصة في المستقبل للتعايش بسلام مع المواطنين الفلسطينيين داخل إسرائيل. نصف اطفال اليهود يؤمنون بوجوب حرمان الفلسطينيين من الاقتراع في الانتخابات.
في العام الفائت رفض زئيف داني مدير مدرسة مشهورة في إسرائيل إرسال طلبة الصف الثانوي الأول في الرحلة التقليدية إلى معسكر الاعتقال النازي اوشفيتز.اعتبرالرحلات تسبب "مرضا نفسيا"، حيث القصد من الرحلات السنوية توليد الخوف والكراهية في نفوس الشبان لغرس الفكر القومي المتطرف. في الشهر الحالي وصف وزير حرب إسرائيل ليبرمان النواب العرب في الكنيست بالنازيين وتوعدهم بنفس المصير. ومنذ زمن بعيد والفلسطينيون يوصفون بالنازية، بقصد متعمد إسقاط الحقد بسبب المحرقة على الشعب الفلسطيني. غدت الرحلة إلى اوشفيتز أحد طقوس تكريس العنف في نفوس الشبان الذين سيخدمون في الجيش بعد عام ولمدة ثلاث سنوات. وأمر نفتالي بينيت وزير التعليم واحد قادة المستوطنين بحظر نشاط جماعة "كسر الصمت"، وهم جنود قدموا شهادات على الفظاعات التي امروا باقترافها ضد الفلسطينيين.. وحظر تداول كتب ورحلات إلى المسرح قد تشجع على التعاطف مع أشخاص خارج "القبيلة".
عرضت لقطات فيديو لأربعة ضباط على دراجاتهم النارية ينفذون امام مئات الطلبة عملية قتل ارهابيين في متنزه قرب تل أبيب.يستلقي الإرهابي جريحا فيجهز عليه الضباط بصليات من مسافة قريبة كي يتأكدوا من موته. في كل مكان بالعالم تعتبر العملية جريمة اغتيال ؛ اما الطلبة فقد صفقوا للعملية، التي تقلد جريمة الجندي ازاريا باغتيال عبد الرحيم الشريف. معظم الإسرائيليين ومنهم موظفو الحكومة يعتبرون أزاريا بطلا، وتقليد لباسه اكتسب شعبية لدى الأطفال.
نددت حركة بيتسيلم لحقوق الإنسان بقتل الطالبة فاطمة حجيجي بنت السادسة عشرة؛ إذ تجمدت بالمكان حال سحب السكين من حقيبتها ولم تشكل أي تهديد. كان بالامكان اعتقالها. في عدة أحياء سكنية بإسرائيل بمناسبة يوم الاستقلال قدم الجنود هدايا دبابات وبنادق وقنابل للأطفال كي يلعبوا بها، بينما شاهد الأهالي الكلاب المدربة تلعق دماء "إرهابيين".
وفي مستوطنات مقامة بالضفة الغربية قام الجنود بطلاء أذرع الأطفال وسيقانهم بسائل يشبه الدم ينزف من لعب تماثل اطرافا مبتورة وقد احبت الأسر المشهد.
إن تعريض الأطفال في سن ما قبل النضوج لمشاهد القتل والعنف يتم بهدف تربية اطفال خائفين مشوهين شكاكين بأي شخص من خارج "القبيلة". وبتلك الطريقة ينشأون جنودا عنيفين يبهجهم سحب الزناد وهم يؤدون الخدمة بين الفلسطينيين بالأراضي المحتلة .
وفي الشهر الماضي احتفل في إسرائيل بذكرى الهولوكوست . وبدلا من نشر التضامن الإنساني مع المضطهدين جرى إبلاغ الأطفال في سن الثالثة ان عبرة المجزرة تعلمنا ان نكون حذرين على الدوام- وأن إسرائيل وجيشها القوي هما الشيء الوحيد الذي يمنع عملية إبادة اخرى لليهود.
جرت العادة في عيد الفصح( ذكرى الخروج من مصر) أن يتولى رب الأسرة تلاوة سفر الخروج المتضمن كراهية الغويم والطعن في إنسانيتهم على مسامع أفراد الأسرة.
إن جوهر أزمة المقاومة الفلسطينية ثقافي، ومكمن قصورها هو قصور فصائل المقاومة في نشر وترويج ثقافة مناهضة لليبرالية الجديدة المضمرة في ثقافة التيار السلفي وشعبيته الكاسحة. أوضاع القهر والهدر تسلب الجماهير إرادتها وتفكيرها؛ والاستلاب يلقي الجماهير في مهاوي الارتباك والخلود إلى مراقبة الأحداث وابتلاع القهر بصمت . فحين تتطاول إسرائيل على الجوامع والأراضي وتهدم البيوت والمنشئات وتدمر الأشجار والمزارع دون ان يرتفع بوجهها التحدي المانع ، فإن ذلك يولد القهر الدفين واللواعج المحبطة. الناس يبتلعون نقمتهم على عناصر الواقع الأليم وهي متعددة. الفكر السلفي وليد الأمية الدينية الشائعة وثمرة الإحباط والهدر في كنف استبداد الأنظمة الأبوية وفسادها. تحولت اجهزة النظام الأبوي إلى أبواق تنفث على مدار الساعة ثقافة الليبرالية الجديدة، ويحتضن تحالف الامبريالية –الرجعية العربية السلفية الجهادية ويغدق عليها الأموال والأسلحة . وذلك كي يعزل الشعب الفلسطيني ويرفع الراية البيضاء. تتكشف كل يوم روابط الجماعات الإرهابية بكل من إسرائيل ودول الخليج وبالامبريالية الأميركية والبريطانية والفرنسية.
ما لم توقف مدحلة الاستيطان فإن الكلام عن التحرير والتحرير من النهر إلى البحر كلام عابث يستر التخاذل. وضع جدلغطرسة إسرائيل يشترط وانتشال الجماهير من الحيرة والارتباك واستنهاضها إلى النشاط الوطني. لإنجاز المهمة يتوجب على فصائل المقاومة الفلسطينية تجديد ثقافة المقاومة والتخلص من الأفكار المتخشبة ؛ عليها العمل على تقديم ثقافة تنويرية تبدد الحيرة وتأخذ بأيدي الجمهور نحو التحرر الاجتماعي والقومي، مسترشدة بمعطيات العلوم الإنسانية . وفي العام 1921 نصح لينين ممثلي شعوب الشرق أن مهمتهم الأساس تتمثل في انتشال شعوبهم من تخلف العصر الوسيط، ولن يعثروا على المرشد لنشاطهم الثوري في الكتب الشيوعية، وعليهم من ثم التخلص من الكسل الذهني والبحث عن اجوبة للمشاكل المثارة.
قد تتدهور الأوضاع في فلسطين ؛ لكن مهما تدهورت ستظل شعب فلسطين يعمر وطنه ؛ ولكن انتشال عربة متدهورة من قاع الوادي أصعب بكثير من إبعادها عن حافة المنزلق .
على الفصائل الوطنية اولا رصد منابع الثقافة اللاإنسانية ، تلك التي توحش البشر، واكثر من ذلك تعيدهم إلى مرحلة الهمجية. إن تهميج المجتمعات البشرية، والتي رصد بعض معالمها الأكاديمي الأميركي ، هنري غيروكس، عملية سياسية انتهجتها الليبرالية الجديدة منذ سبعينات القرن الماضي.
ينتقد علم اجتماع التحرر القومي والاجتماعي ، إغفال اليسار التربية في نشاطه السياسي. ووجه عالم الاجتماع الفرنسي بيير بوردو(1930 -2002) ، أحد أبرز المراجع العالمية في علم الاجتماع المعاصر، اللوم إلى شغيلة الثقافة في الغالب الأعم ممن "استهانوا بالأبعاد الرمزية والتربوية للنضال، ولم يقوموا على الدوام بشحذ الأسلحة الملائمة للكفاح على هذه الجبهة". يمضي غيروكس على خطى بوردو وفريري في حث مثقفي اليسار على "الاعتراف بأن أهم أنماط الهيمنة هي ثقافية وبيداغوجية (تربوية) وليست اقتصادية وحسب، وتكمن بجانب المعتقدات والقناعات. ومن المهم ان يتحمل المثقفون على عاتقهم مسئولية ضخمة لتحدي هذا النمط من الهيمنة". نشرت في هذا المجال أبحاث علماء التربية النقدية، باولو فريري من البرازيل وهنري جيروكس من الولايات المتحدة وحامد عمار من مصر، وآخرون كثر .
"غدت مهمة التربية تكوين عقل متجدد نحو تنظيم مجتمع متجدد في عالم متجدد. وأهم الوسائل لتحقيق الهدف هي مؤسسات التعليم والثقافة، ويمكن اختزالها في تنمية التفكير العلمي ومناعة الهوية الثقافية"، هذه بعض الوصايا النفيسة التي تركها خبير التربية المصري الراحل الدكتور حامد عمار. إن توظيف التربية لأغراض التنمية تدخلها عاملا سياسيا أساسيا في عملية التقدم الاجتماعي. ودمج التقدم الاجتماعي بعلاقة عضوية جدلية مع تعزيز قيمة المواطنة ينهي العصبوية وكيلة الهيمنة الأجنبية، سواء كان التعصب طائفيا او عشائريا او عرقيا ؛ وبذلك ينشط المجتمع المدني وتحترام حقوق الإنسان وتترسخ سيادة القانون ويتاهل المجتمع للتنمية والديمقراطية والتطور المستقل. في هذه السيرورة يحتل التعليم مكانة محورية في السياسة والحياة الاجتماعية.
أبرز عناصر التربية النقدية ذات التوجه التقدمي تربية ملكة النقد وتعزيز التخييل العام لنصرة الديمقراطية. ثقافة الديمقراطية الراديكالية تخوض الصراع لتعزيز قيمتي المواطنة والكرامة ضد ثقافة الليبرالية الجديدة ، ثقافة الكراهية والقسوة والعنف والفردية الأنانية، وعدم الاكتراث بالصالح العام وبقضايا المجتمع. إن وظيفة الثقافة حيال التصحر الوجداني المنتشر على أديم الحياة،هي التزود بالشروط والقيم والممارسات الضرورية للاضطلاع بالمسئوليات المتوجبة علينا كمواطنين لتعرية ثقافة القسوة والعنف والتضامن مع ضحاياها ، علاوة على مقاومة البؤس البشري واستئصال الظروف المنتجة للبؤس.
كما ان من صميم مهام التطور الديمقراطي اضطلاع التربية بتعزيز مناعة المجتمعات ضد التفتيت العصبوي والتركيز على التوجه القومي في مجالات الاقتصاد والثقافة والسياسة مع تضمين مناهج التعليم مساقات تحث على التسامح واحترام الحريات وقبول الآخر. ان ترسيخ هذه القيم في الحياة الاجتماعية يجتث النزعات الانفصالية والتجزيئية، حيث يتغلب الانتماء للدولة وللإنسانية، وليس للقبيلة او الطائفة أو المذهب .
على المعلم في مدرسته أن يعي ضرورة تغذية المجتمع باضطراد بنزعات النقد الذاتي والعمل الجمعي ونماذج للمواطنة يلعب فيها الناس دورا جوهريا في النقاش النقدي والإشراف على المصالح العامة. وعلى التعليم ان يزود الطلبة ، خصوصا في الجامعات بالمعارف المتنوعة لتوسيع الأفق وتعميق التخصصات. ولما استيقن خليل السكاكيني من ضراوة الصراع القادم مع الاستيطان الكولنيالي فقد طالب أن تكون المدرسة مجالا لتربية حس الكرامة الشخصية والوطنية لدى الأجيال ، وبدمج الكفاح ضد السيطرة الأجنبية مع التحرر الاجتماعي.
بمقدور المعلم الديمقراطي، بدون قرار سياسي، ان يقيم عملية التدريس على مبدا الحوار بدل التلقين والتحفيظ. وبالإمكان خلق مناخ ديمقراطي داخل المدرسة يشعر فيه الطلبة بالكرامة ويقبلون على التعلم برغبة في المعرفة وليس خوفا من العقاب. وليس صعبا ولا مكلفا ترقية التعليم الرسمي إلى مستوى التعليم الخاص في المعاهد الأجنبية المتناثرة في أقطار العروبة بقصد ترويج الثقافة العولمية لليبرالية الجديدة.
و في مضمار السياسة ينبغي الإقرار بأن امل الفلسطينيين في الظفر بحقوقهم يتحقق من خلال التحالف المناهض للعنصرية والأبارتهايد، يتصدى بحزم ومثابرة لأعمالهما العدوانية . قد لا تتوفر في الزمن الراهن شروط حل عادل للصراع الدائر على فلسطين ؛ ولكن تنشيط المقاومة بمنهجية حداثية تعيد الثقة بالطاقات الكفاحية للجماهير المنظمة والواعية بظروف نضالها وملابساته يوفر الضمانة للصمود بوجه مدحلة الاستيطان والتهجير إلى أن تتغلب رياح التحرر والديمقراطية والتنمية على رياح العولمة الامبريالية وتلحق الهزيمة بالقرن الأميركي الجديد. لن تتوفر ظروف تحقيق العدالة للشعب الفلسطيني إلا من خلال تصعيد نضال الشعوب العربية وشعوب العالم من أجل تفكيك نظام الأبارتهايد في إسرائيل، ومن خلالها تصفية نفوذ الامبريالية بالمنطقة وشكم النظرات العنصرية المنتشرة في بلدان الغرب الامبريالية.
تبدأ المقاومة الفعالة بانتشال الجماهير من إحباطها وقهرها . وهذا موضوع جهد ثقافي بالدرجة الأولى، حيث الثقافة تحيل على النشاط العملي والممارسة السياسية للأحزاب والقوى التقدمية. ينبغي اولا اعتبار التربية قضية اجتماعية سياسية لا تقتصر على المربين. على الفصائل السياسية المعنية بالتحرر والتقدم ان تدرك دور التربية في تنشئة اجيال تعزف عن السلفية وتبحث عن حلول مشاكل الحاضر في منتجات العلم ومعطيات التجربة الإنسانية.
تستهل عملية التحريك بإجراء مباشر ، كما اورد بيان الإسكوا "إحالة القضية على محكمة الجنايات الدولية، ودعم حركة مقاطعة إسرائيل.. وإعادة إحياء لجنة ومركز الأمم المتحدة لمناهضة الفصل العنصرى اللذين توقف عملهما العام 1994 حين اعتقد العالم أنه تخلّص من الفصل العنصرى بسقوط نظام الأبارتهايد فى جنوب إفريقيا. تقرير الإسكوا في نظر المراقبين والباحثين والمدافعين عن حقوق الإنسان، مرجعية بحثية استقصائية علمية معدة بحسب معايير نظام القانون الدولى فى تعريفه لجريمة الأبارتهايد، بل وموثق بالأدلة والشواهد لسياسات إسرائيل وممارساتها نحو الشعب الفلسطينى. وجه المنتدى العربى الدولى من أجل العدالة لفلسطين نداء لصحوة وتحرك عربى ــ إسلامى ــ دولى لتبنّى تقرير «الإسكوا»، انطلاقا من قناعته بأنه يعالج جذر القضية المتمثلة فى عنصرية الكيان الصهيونى، وما يشكّله من جريمة ضد الإنسانية، مطالبا محكمة العدل الدولية إصدار رأى استشارى، ومن محكمة الجنايات الدولية إطلاق تحقيق فى هذا المجال.
على القوى التقدمية أن تنبري لاستنفار الاحتياطات المجمدة كي تنفض الجماهير مشاعر الإحباط وتتصاعد باضطراد حركة شعبية ديمقراطية عربية تنتشل الجماهير من إحباطها وقهرها وتتصدى لممارسات الاحتلال. فالنجاح في وقف مدحلة الاستيطان يمنح الجماهير معنويات وقوة إرادة. وهذا موضوع جهد ثقافي بالدرجة الأولى، حيث الثقافة تحيل على النشاط العملي والممارسة السياسية للأحزاب والقوى التقدمية.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيران وروسيا والصين.. ما حجم التقارب؟ ولماذا يزعجون الغرب؟


.. مخلفا شهداء ومفقودين.. الاحتلال يدمر منزلا غربي النصيرات على




.. شهداء جراء قصف إسرائيلي استهدف منزل عائلة الجزار في مدينة غز


.. قوات الاحتلال تقتحم طولكرم ومخيم نور شمس بالضفة الغربية




.. إسرائيل تنشر أسلحة إضافية تحسبا للهجوم على رفح الفلسطينية