الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


موعد مع الجن!

محمد مسافير

2017 / 5 / 17
كتابات ساخرة


كنت في بدايات تبصري متحفزا بشكل غريب إلى دحض كل مخلفات الفكر السلفي، أو بشكل أوضح، كل الأفكار المرتبطة بالغيبيات والمتأصلة في جذورنا، ولأن تذليل فكرة وجود الإله ليست بالأمر الهين، فقد كنت أصوب سهامي نحو الأمور المرتبطة بوجوده... فمثلا، كنت أتعمد، في حضرة المتشبثين بالخرافة، سكب الماء الساخن في المرحاض، أكررها مرات متتالية في انتظار ظهور عفريت ينتصر لجاحدي، أو أني مرة انتظرت إلى منتصف الليل فاتجهت وإياه إلى قبرين وحيدين في الخلاء، يعودان إلى فترة الاستعمار، يقولون إن الجن تسكنهما، فانتشرت حولهما الإشاعات والخرافات حتى أصبحا مثار فزع العارفين بهما... يقال مثلا إن أحد نابشي القبور، حاول كشف باطنهما سنوات خلت، فوجدوا نصف جسده بعد غد مرميا على بعد عشرة أميال، والنصف الآخر على نفس البعد، لكن بالجهة المقابلة... ربما كانت هذه أظرف الروايات التي حيكت حولهما...
اتجهنا إليهما في ليلة ظلماء لا نكاد نتبين فيها ملامح بعضنا البعض، حتى إذا اقتربنا منهما، وقف صديقي على بعد عشرة أمتار تقريبا، وأبى أن يزيد خطوة واحدة، فاكتفى بمراقبتي أتقدم إليهما بخطوات ثابتة، كنت أسمع أنفاسه تكاد تخرس قلبه، حاول إقناعي بلاجدوى المحاولة، تلفظ بعدة همسات كانت تحملها الريح إلى أذناي وكأنها مجرد تهيؤات... أما بالنسبة لي، فلم أكن أربط إقدامي بمسألة الجسارة أو الجرأة، بل باليقين التام والأكيد، بأن كل ما قيل حول القبرين يستحيل أن يكون حقيقة، وأن العفاريت والجن لا وجود لهم إلا في أذهان المؤمنين، وإن كانت ليلتها تنتابني أحيانا بعض المخاوف والتوجسات، فلم تكن في الحقيقة إلا بسبب خوفي الشديد من الثعابين...
دنوت من أحدهما، أخذت حجرة تليق بقبضة يدي، ثم بدأت أحفر، ضربة أولى ثم ثانية وثالثة... كان صوت الضربات يحدث دويا مبينا في الخلاء، ورغم ذلك، كنت لا أزال قادرا على تبين أنفاس صديقي... أسرعت قليلا في إيقاع الضربات، كنت أنوي إتمام المهمة سريعا قبل أن أجد صديقي قد تجمد من الهلع... لكن ويا للمفاجأة، اندفعت نحونا من حيث لا ندري، بعض الكلاب الضالة، فأطلقنا ساقينا للريح نهرول نحو المدينة، نقفز فوق الأحجار الحادة وبعض النباتات الشوكية، سقطنا أرضا مرتين، لكننا استأنفنا الركض، كنا نجري بسرعة لا نطيقها، حتى إذا أمنا شر أنيابهم، تمددنا على الأرض لنستريح قليلا، ثم عدنا إلى ديارنا...
لكن الغريب في القصة، هو أن صديقي كان يقسم بيمينه أن الذي سمعه ليس نباح كلاب، بل كانت أصواتا غريبة تنادي باسمه واسمي، قال لي هذا وزاد لأصدقائه حين رواها أنه رأى قبل أن يسمع تلك الأصوات، نورا غريبا ينبثق داخل القبر، ويتجه صوب السماء...
أضيفت هذه الأسطورة إلى سجل الأساطير، وتذكى الهلع أكثر وسط المدينة... لقد تضخمت بسببي الأساطير التي كنت أنوي تحطيمها!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - أنت انسان شجاع كيف لم تواجه كلابا ؟
عبد الله اغونان ( 2017 / 5 / 17 - 20:47 )

في الحقيقة أمت أيض تؤمن وتخاف أنها ليست كلابا انها جن في صورة كلاب

هل تحققت فعلا أنها كلاب ؟

اخر الافلام

.. جيران الفنان صلاح السعدنى : مش هيتعوض تانى راجل متواضع كان ب


.. ربنا يرحمك يا أرابيسك .. لقطات خاصة للفنان صلاح السعدنى قبل




.. آخر ظهور للفنان الراحل صلاح السعدني.. شوف قال إيه عن جيل الف


.. الحلقة السابعة لبرنامج على ضفاف المعرفة - لقاء مع الشاعر حسي




.. الفنان أحمد عبد العزيز ينعى صلاح السعدنى .. ويعتذر عن انفعال