الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خاطرتان قصيرتان في موضوع وحدة اليسار العراقي

جاسم ألصفار
كاتب ومحلل سياسي

(Jassim Al-saffar)

2017 / 5 / 18
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية


الخاطرة الاولى
زرت بغداد لاول مرة في صيف عام 2010، بعد هجرة طويلة الى روسيا ابتدأت منذ خريف عام 1972 ، شغلت المساحة الاكبر من حياتي، قضيتها في الدراسة وبناء الاسرة والعمل. وكانت زيارتي الى وطني بدعوة من الصديق وزميل الدراسة وزير العلوم والتكنولوجيا وعضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي، وقتها، الاستاذ رائد فهمي.
وكان من الاحاديث التي تناولناها في لقاءنا هي اوضاع البلد ومشاريع الحزب الشيوعي العراقي السياسية قبل الانتخابات النيايبية، وردا على مقترحي بالشروع في انشاء جبهة لليسار العراقي يخوض بها مع حلفاء يساريين الانتخابات، أجابني الصديق ابو رواء (رائد فهمي) بان الحزب منهمك الان في انشاء التيار الديمقراطي اما مشروع جبهة اليسار فان اوانها لم يحن بعد.
كان مقترحي وقتها مبني على اساس انطباعات سريعة تولدت عندي وانا اتجول في بغداد وشارع المتنبي. ففي مركز بغداد ابهرني تموضع مقر لاحد الاحزاب الشيوعية اليسارية وشارع المتنبي يروج باعلانات وفعاليات اليسار، والاحاديث تدور عن رؤيا متنوعة لليسار، في دردشات وحوارات مقاهي المتنبي، فيها المراجعة والنقد المختلف في حدته لكل مسيرة النضال اليساري في العراق، وكل هذا كما بدا لي حينها، تديره مجموعات منظمة ونشطة.
الا ان هذه النظرة تغيرت مع مرور الوقت، خاصة بعد عودتي للاقامة والعمل في العراق في عام 2012 ، أو ربما ان هذا الواقع نفسه قد تغير مع الزمن وضعفت وهزلت امكانيات وطموحات نشطاء اليسار الشيوعي، فاصبحت اميل لفكرة اتحاد يساري يجمع الشخصيات اليسارية الاشتراكية حول ورقة عمل تقرب بينهم وتوحد نشاطاتهم.
اكتب هذه الخاطرة بعد لقاء جمع الاخوة من نشطاء اليسار مع ممثلين عن الحزب الشيوعي العراقي، لأتمنى فيها للقاء النجاح في تعزيز النهج الذي شكل قاعدة للقاء والارتفاع على الخلافات من اجل تحقيق هدف سامي يسعون اليه اليوم في لقائهم. وان لم تكن ورقة العمل اساسا ضروريا للقاء فانها ستكون واحدة من اهم نتائجه المنشودة.
انها المحاولة التي لا خيارات لها الا النجاح بتحقيق تجمع مفتوح حول ورقة عمل مشتركة قابلة للتعديل والتغيير، وغير ذلك ستكون محاولة بائسة تثبط العزائم وتحبط مشروع جبهة اليسار الى الابد..... وللموضوع بقية
الخاطرة الثانية
من وحي حوارات المتنبي التي تبعت زمنيا تاريخ كتابتي لخاطرتي الاولى عن مستقبل وافاق تجمع اليسار ودور الحزب الشيوعي العراقي في صناعة هذا المستقبل، تذكرت حكاية روسية ساخرة، شاعت في فترة انهيار الاتحاد السوفيتي وتجربته الاشتراكية، تقول الحكاية ان هنالك مواطنان روسيان مؤمنان بالانفتاح الاقتصادي الجديد ويرغبان في ان يكون لهما دورا فيه.
قال احدهم للاخر انه يرغب بشراء قاطرة محملة بالسكر، وكان السكر سلعة مطلوبة في تلك الفترة، فاجابه صاحبه بانه مستعد لتزويده بقاطرة من افضل أنواع السكر وبثمن معقول. بعدها دار حوار طويل ومضني حول تفاصيل الصفقة وطريقة الاستلام والتسليم وعن البنوك التي يمكن التعامل معها لتنفيذ الصفقة.
توادع الرجلان بعد ان اتفقا على كل التفاصيل، ومضى كل منهما الى سبيله. الأول للبحث عن أموال يسدد فيها قيمة الصفقة ان تحققت، والثاني للبحث عن السكر الذي ادعى انه يملكه. والنتيجة هي انه لا المال يتوفر ولا السكر، الا انهما قضيا وقتا ممتعا في أجواء صفقة تجارية تحدثا عنها في كل مشرب ومحفل.
الحزب الشيوعي العراقي يريد من تحالفه مع اليسار العراقي، باطرافه الوهمية والشبه فاعلة، ان يوسع قاعدته الجماهيرية ومساحة تأثيره، بينما الثمن الذي يطلبه اليساريون هو هيكلة تنظيمية مستقلة. ومع شكي بان الشيوعيين راغبين بتحمل انتاج هيكل تنظيمي يساري مواز لتنظيمهم ومجاور له، فاني على يقين من ان قانون الاحزاب العراقي يجعلهم عاجزين عن تقديم اي مساعدة في هذا الاتجاه لرفاقهم اليساريين حتى وان رغبوا، وتجربتنا في التيار الاجتماعي الديمقراطي خير دليل على ذلك.
هذا من جهة، اما من الجهة الاخرى فهل سيحصل الحزب الشيوعي العراقي على "السكر" كما في الحكاية الروسية، وتتسع قاعدته الجماهيرية ويعلو صوته في كل الفعاليات الجماهيرية القادمة بفضل تحالفه مع اليسار؟ الشك كبير في تحقيق منعطف واضح في هذا الاتجاه، مع اختلاف الطموحات وتنافر الارادات في التجمع اليساري نفسه، اضافة الى ان الثقل الجماهيري لاطراف اليسار العراقي ما زال غير معروف ولم يبشر بعد بالخير الكثير وتجربة احتفالات الاول من ايار شاهد مهم على الثقل المتواضع لهذه الاطراف.
التجربة مازالت في بدايتها، وتحتاج بالتالي الى بعض من التدقيق والتعديل، ولكي لا تكون اطراف الحوار اليساري كما في وصف الرئيس الصيني السابق شو ان لاي " مضطجعان في فراش واحد ويحلمان بطريقتين مختلفتين"، فعلى الحزب الشيوعي العراقي والتجمع اليساري ان يحسما امرهما ويطلقان ورقة عمل ترسم مشتركات الحاضر وافاق المستقبل... وللحديث بقية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا


.. الشرطة الأميركية تعتقل عدة متظاهرين في جامعة تكساس




.. ماهر الأحدب: عمليات التجميل لم تكن معروفة وكانت حكرا على الم


.. ما هي غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب؟




.. شرطة نيويورك تعتقل متظاهرين يطالبون بوقف إطلاق النار في غزة