الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مهدى عامل.. اغتيال لا يقتل الفكر

إيهاب القسطاوى

2017 / 5 / 18
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية



يصادف اليوم 18 مايو/أيار 2017، الذكرى الثلاثون لاغتيال المفكر حسن حمدان، "مهدي عامل"، وعلى الرغم من انقضاء ثلاثون عاماً، إلاّ أنه مازالت "رصاصات الغدر" التي اغتالت مهدي عامل، تنفذ هذه الاغتيالات حتى الآن، ضد كل من يخالفهم الرأي، مجرد الرأي، فالمجرم لم يكن مجهولاً، وهويته معروفة وكذلك أفراد عصابته الذين كانوا يتفننون في التنكيل بالشيوعيين، واستخدموا أبشع وسائل الترهيب والترويع والاعتداء والتهجير الذي طال أكثر من 600 من أعضاء الحزب الشيوعي اللبناني من بلداتهم وقراهم في الجنوب على قاعدة أنهم غير مرغوب فيهم، وعلى الرغم من كل هذه المعاناة استمر نضال الحزب الشيوعي اللبناني، الذى لم يرهن في يوم من الأيام في سبيل إمارة أو ولاية أو ثروات، وكذلك ليس لقاء أجر مادي موعود أو معنوي موهوم، ولهذا استحقوا عن جدارة أن نطلق عليهم مدرسة النضال والتضحية والإيثار، سوف تظل قامات الحزب الشيوعي اللبناني هي قامات الوطن، التي تطاول السماء وإقدامها مزروعة في أرض الوطن، أيا كانت الغيوم التي تغطي سماءه، وأيا كانت الديدان الطائفية التي تلوث مياهه وهواؤه .



في صباح الثامن عشر من أيار عام 1987، وأثناء سير الرفيق حسن عبدالله حمدان، مهدي عامل، في طريقه المعتاد بشارع الجزائر في بيروت، لتوجهه إلى جامعته الجامعة اللبنانية معهد العلوم الاجتماعية الفرع الأول، وبينما كان يترجل، ويحمل تحت إبطاه أوراقه، كانت في انتظاره، رصاصات غادرة ما زالت حتى اليوم تغتال بصيغ مختلفة ما أراده مهدي من حزبٍ ثوريٍ، وممارسة سياسية طبقية مستقلة وفكرٍ نقدي يفتح الدرب أمام خطوة الانتقال من مجتمع أنظمة القمع والاغتراب والسلعية والأزمات الدورية إلى مجتمع الأنظمة الإنسانية الحرة الديموقراطية، لتختلط دمائه بأوراقه، و يلفظ أنفاسه الأخيرة، ليضع نهاية لحياة مفكر عظيم طالما أثرى الإنسانية بكتاباته، وخلد باستشهاده حرية الكلمة، فاعتبِر التاسع عشر من أيار من كل عام "يوم الانتصار لحرية الكلمة والبحث العلمي".



وقف الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني آنذاك جورج حاوي في تأبين المفكر والقيادي في الحزب حسن حمدان "مهدي عامل" في جامع الإمام علي في الطريق الجديدة، بحضور حشود من المثقفين، والغصة في حلقه، وقال: "أصبح المشهد مملاً، أليس كذلك يا رفاق؟".



ولد عام ١٩٣٦، ببلدة "حاروف" الجنوبية قضاء النبطية، وانتقل بعد ذلك لمدينة بيروت الباسلة مع عائلته، ليلتحق بمدرسة "المقاصد" حتى العام 1955 و سافر بعد ذلك لفرنسا من أجل دراسة الماجستير والدكتوراه في الفلسفة في جامعة ليون عام 1956، وأثناء سنوات دراسته بفرنسا انضم لمجموعه من الشيوعيين العرب كانت تناهض الاحتلال الفرنسي للجزائر، بمجرد اعلان استقلال الجزائر، ترك فرنسا، وفي عام 1963 توجه للجزائر هو وزوجته "ايفلين بران"، ليستقروا بمدينة "قسنطينة"، وكان يقوم بإعطاء محاضرات مسائية عن أعمال الكاتب و المناضل "فرانز فانون"، و هناك نشر أول مقال له بمجلة Revolution Africaine الناطقة بالفرنسية.



كان عضواً "بارزاً" في اتحاد الكتاب اللبنانيين والمجلس الثقافي للبنان الجنوبي، ورابطة الأساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية. انتسب إلى الحزب الشيوعي اللبناني عام 1960، وانتخب عضواً في اللجنة المركزية للحزب في المؤتمر الخامس عام 1987.

في الثامن عشر من أيار عام 1987 اغتيل في أحد شوارع بيروت، وهو في طريقه إلى جامعته الجامعة اللبنانية معهد العلوم الاجتماعية الفرع الأول، حيث كان يدرس فيها مواد الفلسفة والسياسة والمنهجيات. من أقواله "لست مهزوماً ما دمت تقاوم". وعلى إثر اغتيال مهدي عامل أعلن يوم التاسع عشر من أيار من كل عام "يوم الانتصار لحرية الكلمة والبحث العلمي".

عام 1960، درس الفلسفة في الجامعة الأردنية، وحصل على درجة الماجستير فيها، وهو محسوب على التيار اليساري في الأردن، وكان أحد ناشطي الحزب الشيوعي الأردني، منذ جلوسه على مقاعد الدراسة الجامعية.



وانفرد عامل، بوضعه منظومة فكرية نظرية قائمة على المنهج العلمي الماركسي والصراع الطبقي، وصاغ من خلالها مفهوماً جديداً للتاريخ حيث لم يعتبره حدثياً، أو مجموعة أحداث متتالية، بل بما هو علاقة بنى اجتماعية محدّدة تتوّلد بها الأحداث اللبنة الأولى للنقد القائم بشكليه البرجوازي والماركسي، وأساسه أنه لا يمكن للنقد إلاّ أن يكون ماركسياً بالمعنى المذكور أعلاه فكان التزامه بالمنهج المادي الماركسي في انتاج مشروعه الفكري الذي انتقد في جانب منه تقيؤ مفاهيم وقوانين متكونة في تمارين إنشائية لا تنتج فكراً ماركسياً علمياً ولا تقدم للواقع أسس نقده .



وبرز "عامل"، كأحد أهم المثقفين الثوريين في النصف الثاني من القرن العشرين، فقد ساهم في نقد القوميين في كتابه "النظرية في الممارسة الثورية"، موضحاً مأزق "البرجوازية الكولونيالية"، في قيادة حركة التحرر، "تظهر كأنها تمارس الصراع ضد الإمبريالية، فيما هي تمارس، في الواقع، الصراع الطبقي ضد القوى المعادية للإمبريالية، مقيمة تعارضاً لا وجود له بين الصراعين الطبقي والوطني، ساعية لإظهار نقيضها الثوري، أي الطبقة العاملة، بمظهر المعادي للقضية الوطنية، أو غير المعني بها، مع ما يفضي إليه ذلك من منع التلاقي الطبيعي بين جماهير البرجوازية الصغيرة والطبقة العاملة»، مؤكداً في السياق ذاته البعد القيادي للطبقة العاملة، في تحقيق أهدافها الوطنية، وفي القلب منها تحرير فلسطين.



وللمفكر العديد من المؤلفات:

- مقدمات نظرية: لدراسة أثر الفكر الاشتراكي في حركة التحرر الوطني. 1972 الطبعة الأولى، 1986 الطبعة الخامسة.

- أزمة الحضارة العربية أم أزمة البرجوازيات العربية. الطبعة الأولى 1974، الطبعة الثالثة 1989.

- النظرية في الممارسة السياسية. بحث في أسباب الحرب الأهلية. الطبعة الأولى 1979. الثالثة 1989.

- مدخل إلى نقض الفكر الطائفي - القضية الفلسطينية في أيديولوجية البرجوازية اللبنانية. الطبعة الأولى 1980. الطبعة الثالثة 1989.

- هل القلب للشرق والعقل للغرب. الطبعة الأولى 1985. الطبعة الثالثة 1990.

- ي عملية الفكر الخلدوني. الطبعة الأولى 1985. الطبعة الثالثة 1990.

- في الدولة الطائفية. الطبعة الأولى 1986.

- نقد الفكر اليومي. الطبعة الأولى 1988. لم ينتهي.

بالإضافة إلى العديد من المساهمات النظرية المنشورة وفي الشعر :

- تقاسيم على الزمان، الطبعة الأولى 1974.

- فضاء النون، الطبعة الأولى 1984.



غادرنا مهدي عامل، حاملًا أسئلته، مفارقًا واقعاً مأزوماً وعبثياً، وتاركًا جرحًا غائرًا في قلوبنا، وفي نهاية المطاف، لا ضير من القول مع مـحـمـود درويـش: "كم متنا، وكم متنا، وكان الكهنة، خدماً للسيف، منذ المعبد الأول، وحتى آخر الثورات".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. يرني ساندرز يدعو مناصريه لإعادة انتخاب الرئيس الأميركي لولاي


.. تصريح الأمين العام عقب الاجتماع السابع للجنة المركزية لحزب ا




.. يونس سراج ضيف برنامج -شباب في الواجهة- - حلقة 16 أبريل 2024


.. Support For Zionism - To Your Left: Palestine | الدعم غير ال




.. كلام ستات | أسس نجاح العلاقات بين الزوجين | الثلاثاء 16 أبري