الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المحرقة السّورية، والموت السّهل

نادية خلوف
(Nadia Khaloof)

2017 / 5 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


سورية كانت محرقة على مدى الأعوام السبعين الماضية. محرقة للفكر، للقيم، للعقل، وللجسد. لقد اختفى آلاف السّجناء، والمخطوفين، خلال فترة ما قبل الثّورة،والتّغطية على الأمر مستمرّة، فقد كان النّظام ملهماً للغرب، واليوم يأتون بقانون سيزر، وكأنّهم كانوا جاهلين بما يجري، ونحن نصفّق كأنّنا انتصرنا، معلنين ثقتنا بترامب الذي يتراجع عن كل وعوده، فمستشاروه يشبهون مستشاري أوباما، ولن يسمحوا له إلا بما تملي عليهم مصلحة أمريكا" الاحتكارات الماليّة" وليس الشّعب الأمريكي.
"نحاول أن نتجاوز الواقع، نستمرّ في العيش حتى لو لم يكن كريماً، يمنعون علينا العيش، وحتى الندب عندما نموت"
هذه الكلمات هي من الذكرى. ذكرى صديق افتراضي أرسلها لي في عام 2013.لا أستطيع ذكر اسمه خوفاً على عائلته. لا أعرف إن كان قد مات، أو ربما لم تعد تعجبه منشوراتي. في جميع الأحوال كانت رسائله توقظ بي إحساساً غريباً بالقدرة على الانفجار.
تبادلنا الرّسائل كثيراً . كنت أنا النّاصح له بالصبر بينما أضرب رأسي بحذاء عتيق، وكان هو الرّاوي الذي يتحدّث عن ألف ليلة من القهر. اعتقدت للحظة أنه يروي سيرتي لولا أن أخبرني أنه في الأربعين من عمره، وهو من منطقة موالية للنّظام، وقد قال لي بالحرف الواحد:" أنتم تموتون أحراراً، ونحن نموت عبيداً" لأنّ الصّامتين منّا يعتبرون خونة يستحقون القتل. نحن لن نرفض طلباً للنظام كي يحيا أولادنا، لكن يبدو أنّنا سوف نموت، ويموت أولادنا"
تبادلت الرّسائل مع الكثير من " الثّوار" الذين انضموا إلى الجيش الحر، وقبل أن تظهر الفصائل، أو قبل أن تسمي نفسها، وقد كانوا محبطين، وبعضهم هرب من الجيش الحر كما هرب من جيش النّظام. التقيت ببعضهم في اليونان، وقالوا لي: كنّا نرجوهم أن لا يقربوا جهة المناطق الآمنة ، لكنّهم كانوا يقومون بعملياتهم منها وهذا ما تسبب بمجازر بين السّكان ومنها مجزرة من أربعين شخصاً من آل المعري بمن فيهم والد وأخ الشّخص الذي قابلته في اليونان، وأسماءهم موثقة في مقابلة معه نشرتها على موقع كلّنا شركاء.
سوريّة اليوم هي بلد المحرقة. بلد إبادة الجيل الشّاب تحت اسم الجهاد، أو محاربة داعش، أو الوطن، والمليشيات التي تسود فيها تعمل في خدمة عدد من الأشخاص يروّجون للمخدرات، وبيع الأعضاء، وتجارة السلاح، وأعني بالمليشيات مليشيا النّظام، الفصائل الإسلامية، قوات سورية الدّيموقراطية، وغيرها من المليشيات التي نشأت حديثاً وسوف تنشأ في المستقبل. هو عصر محرقة الشّباب سواء من خلال خطفهم وتجنيدهم، أو من خلال إغراءهم بالمال والجنس.
الجميع بانتظار ترامب، وترامب في حالة سكر. ما يعلن عنه في الليل يمحوه في النّهار. سوف يبحث عن المال الموجود في الخليج، ولا يهتمّ إن كانت المرأة في السعودية تقود سيارة، أو تكون زوجة رابعة. تسعده الوهابية السّنيّة، والشيعيّة، ومن يعتقد أنه سوف يعادي إيران فهو واهم. لكنّنا لا زلنا سذّج ننتظر" المسيح الخلّص" ترامب العظيم، وبينما يحارب اليسار الغربي اليمينيّة المتطرفة ، القوميّة الشّعبوية كترامب، وماريا لو بان. نجد أقلياتنا القومية الشّعبوية تتأسّف لرأي تلك الأغلبية اليسارية بهم.
الطبخة نضجت، ونظام الأسد سوف يزول قريباً ليس بسبب ترامب بل لأنّ صلاحيته قد انتهت، وربما يكون هناك تقسيم جغرافي في سورية يشمل المنطقة الشمالية ذات الأكثرية العربية السّنية، ولن نستغرب أن تكون القيادة بيد الأقليّة، فهذا ما يجري عادة.
السّؤال المطروح هو حول الدّستور، والذي أنا شخصيّاً لا أهتم بيد من يكتب. بل بنتائجه المباشرة. هل سوف تكون سورية مدنيّة لا دور للدّين فيها في السّياسة؟ وهل سيكون في الدستور ولو إشارة إلى حق الحياة، والعدالة الاجتماعيّة؟
لا شكّ أن الحكومة المقبلة، والحكومات التي تليها سوف تكون مشابهة لنظام الأسد، لكن التّغيير البسيط سوف يدخل من عقول الأطفال، وقد يتحقّق لهم بعض الحرّية والعدالة ربما بعد خمسين عاماً.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انفجار بمقر للحشد في قاعدة كالسو العسكرية شمال محافظة بابل ج


.. وسائل إعلام عراقية: انفجار قوي يهزّ قاعدة كالسو في بابل وسط




.. رئيس اللجنة الأمنية في مجلس محافظة بابل: قصف مواقع الحشد كان


.. انفجار ضخم بقاعدة عسكرية تابعة للحشد الشعبي في العراق




.. مقتل شخص وجرح آخرين جراء قصف استهدف موقعا لقوات الحشد الشعبي