الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
هل الزمن مكتوب مُسبقاً؟
هاشم عبد الرحمن تكروري
2017 / 5 / 20الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
هل الزمن مكتوب مُسبقاً؟
هذه معضلة احتار بها الفلاسفة وأصحاب الأديان قبل أن يحتار بها العلماء ومتتبعو الطبيعة منذ انبلاج الوعي وخروج العقل باحثاً عن الكون المحيط به، وقد تناثرت الآراء وتعددت الفرضيات التي حاولت أن تُطوع مفهوم الزمن وحقيقته، فمنهم من نفاه من الأصل ونسب التغييرات الطارئة على المادة إلى الحركة والجهد، ومنهم من قال بلا محدوديته؛ ومنهم من ذهب إلى نسبيته، ومنهم من قال بتمايزه، ومنهم من قال بأنه وهم أراده العقل ليرتاح من عناء البحث عن كينونته، وبين هذه الصور والفرضيات فرح الجميع ببضاعته وأهال عليها الشكر والثناء؛ بكيل البراهين والأدلة على صحة ما ذهب إليه، وما زال الزمن يسخر من الجميع ويجود علينا كل حين من نفسه بتفسيرات وتعليلات جديدة له منها ما يرتاح له العقل ومنها ما ينتظر وما بدلوا تبديلا، فالأمر ما زال على حاله يحتمل الوجوه كلها دون أن يستقر على إحداها، ونحن مع وجود الزمن كفرضية يركن إليها العقل مؤقتاً كمصطلح دال على الحركة والتغييرات المحيطة بنا، دون أن نمتلك برهان يجعلنا نكون على صواب أكثر من غيرنا، وما نقبل عليه هنا من فرضيات أو تعليلات أو تحليلات لربط الزمن بحادثة أخرى ألا وهي حتمية الزمن وأحداثه، فهل يكون الزمن كذلك؟ وما يعنيه هذا الأمر إذا كان حقيقياً؟ وما الأسئلة الفلسفية والعلمية والدينية التي يجرها علينا؟ هذه الأسئلة وغيرها الكثير ستلح علينا بالإجابة وستطالبنا بإيجاد حلولاً لها؛ أو ترتب علينا حقوقاً أو تنزعنا إياها، فماذا تعني فرضية أن الزمن قد كتبت أحداثه مُسبقاً؟
هل دار هذا السؤال بخلدكم كما دار بخلدي وخلد العديدين على وجه هذه البسيطة؟
قد أمتلك الإجابة جزئياً وأتجرؤ على القول بحدوث ذلك معكم؛ أو مرور طيفه بخاطركم دون أن تبلوروه على صيغة سؤال. فأول ما يحضر إلى العقل بحال تأكيد هذه الفرضية هو أن الإنسان مجبر لا مخير وأنه هو والدواب سواء، وهذا ما لا نقبله لأنفسنا كأصحاب حيازة عقلية ميزتنا حسب علمنا المحدود عن غيرنا من مخلوقات وموجودات تحيط بنا، على الرغم أننا لا ننفي وجود من يحوز هذه الحيازة غيرنا بحال وجوده خارج ما ندرك، وإلا إذا ما كان هذا الأمر صحيحاً فكيف يحاسب الإنسان على ما كتب عليه مسبقاً؟ وكيف نجرم مجرماً بعمل قد كتب عليه أن يفعله؟ وكيف وأخواتها ستطرح نفسها بمئات بل الآف الأسئلة الأخرى التي لن تقبل بإجابات تغيب العقل وتنزع حرية الإختيار من البشر.
إذن أين هي الحقيقة وأين تختبئ ؟
قد أجيب العديد من الإجابات وأطرح العديد منها على عواهنها منتظراً من نفسي أو من غيري المزيد من البحث للوصول إلى شاطئ الحقيقة النسبية، فأنا لا أطلب الحقيقة المطلقة لعدم قدرة العقل على إتيانها، فلو قلنا أن الزمن وحركته بما يعني الوصول إلى المستقبل هي حتمية الحدوث والحوادث الساكنة في أركانه احتمالية الحدوث، فهذا الجواب يترك للعقل حرية الاختيار ويحرره من الجبرية المقيتة التي تذهب بأهم ما وجد من أجله ( حرية إتيان الفعل أو القول)، فهل هذه الإجابة مريحة لكم؟
أيضاً قد يكون الزمن المكتوب مسبقاً متستراً خلف مفهوم فيزيائي معروف لدى علماء فيزياء الكم، ألا وهو أن الأمر يبقى يقينياً وغير يقينياً حتى يتم النظر إليه ( قطة شرودنجر)، فهل المستقبل تكتب أحداثه عند الوصول إليه ويصبح من الحاضر؟
وجواب أو فرضية أخرى قائمة على أن الماضي هو زحف الزمن على المستقبل؛ بمعنى أن ما فعلناه في الماضي ألزمنا بأفعالنا في الحاضر وما نفعله في الحاضر يكتب قصة المستقبل؟ أرى بهذه الفرضية حتمية مشابهة لحتمية الزمن المكتوب سابقاً على الرغم من إحالة كتابته إلى الماضي الخاص بنا، وليس الماضي الأزلي، مع العلم من ان هناك بعض مؤشرات دالة على تأثر مستقبلنا بما نفعله الآن...
فرضية أخرى أطرحها وهي أن المستقبل حتمي الحصول بما هو مكتوب فيه ولكن مع حرية الاختيار على قاعدة معرفة الطريق تجعل السائر بها عالم إلى ما سيصل إليه.
فرضية هي الأولى التي ذهبت إليها منذ أمد بعيد على الرغم من إيرادها في نهاية ما افترضت، وهي فرضية اللوحة، وهي من الفرضيات التي كنت قد ركنت إليها خلال فترة وجودي في سجون الاحتلال الصهيوني، فقد ارتأيت أن خط الزمن بمثابة لوحة مكتملة الفكرة والعنوان وما نحن إلا جزيئات منها، وبما أن الجزء لا يدرك الكل فنحن لا نعلم عن أنفسنا أكثر من ما نحن عليه حتى يتغير موقعنا من اللوحة، وبهذا لن يمتلك مشاهدة الصورة بأكملها إلا من يمتلك رؤيتها من الخارج، وفي هذا المقام لسنا نحن.
نرى أن هذه الفرضيات والإجابات كلها لها حظ من الصحة ومكان من الخطأ، وليس لنا إلا ان نجتهد الإجابة على منوال تغير الإجابة بزيادة المعرفة أو نقصانها، فصواب الأمس خطأ اليوم، وخطأ الأمس قد يكون صواب اليوم، فما الحاضر إلا مستقبل الماضي، وما الحاضر إلا ماضي الغد، ويبدو أني سأترككم مع مزيد من الفرضيات تاركاً لكم الركون إلى إحداها أو رفضها جميعاً بمحتواها، أو توليد غيرها الذي قد يحمل صواباً أكثر منها أو يقل عنها، أرجو أن أكون قد أرحت عقلي وعقولكم لردح من الزمن بما افترضته، أو أثرت فيكم حمية البحث عمّا غفلت عنه نفسي؛ وترشدوا أنفسكم ونفسي إليه...
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. البيت الأبيض: نعتقد أن الخطة التي تنوي إسرائيل تنفيذها في رف
.. سقوط 8 قتلى بصفوف حزب الله وحركة أمل جراء غارتين إسرائيليتين
.. تطوير نحل روبوتي يزيد من نسل النحل ويمنع انقراضه • فرانس 24
.. الإعلام الإسرائيلي: الجيش يستعد لإجلاء المدنيين من رفح تمهيد
.. غواص مخضرم يكشف مخاطر البحث بمنطقة انهيار جسر بالتيمور وسبب