الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نزع الشرعية عن العرب، طريق نتنياهو للبقاء في الحكم

دوف حنين

2017 / 5 / 20
القضية الفلسطينية



لا يمكننا في هذا اليوم تجاهل "قانون القومية" الذي تم تمريره بالقراءة التمهيدية بدعم من الحكومة. لذلك سأبدأ الليلة نقاش هذا القانون الإشكالي، الخطير والضار. سوف تسنح لي الفرصة لمناقشة تفاصيل قانون القومية لاحقا. الا انني وقبل تناول التفاصيل اجد انه من الضرورة إزاحة دخان الدعاية الكاذبة التي تحيط بهذا القانون.
على ماذا يدور الحديث؟ من المهم أن نفهم: الجدل الحقيقي في السياسة في هذه البلاد هو ليس على دولة إسرائيل. فقد أقيمت، إسرائيل قائمة، معترف بها في العالم، بل معترف بها من قبل الشعب الفلسطيني ومن قبل ممثليه، مثلا في اتفاقية أوسلو، دولة إسرائيل معترف بها في خطة السلام العربية.
الجدل الحقيقي هو على الدولة الفلسطينية التي ترفض حكومة نتنياهو الاعتراف بها. ترفض الاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة. هذا الرفض يحدث بطريقتين: فهناك المباشرة لدى الذين يقولون: نحن ضد. والمداورة لدى نتنياهو الذي لا يقول ذلك حقا، إلا أن جميعنا هنا نعرف انه ملتزم بالقيام بكل ما بوسعه كي لا تقوم الدولة الفلسطينية. اذا فكيف يتم منع قيام دولة فلسطينية مستقلة؟ يتم ذلك بحرف الجدل باتجاه آخر. فلا تتم مناقشة الدولة الفلسطينية، بل يتم خلق جدل على إسرائيل. ومن اجل ان يكون هناك جدل على دولة إسرائيل، يتمادى نتنياهو كثيرا. وفي هذا القانون تمادى كثيرا. مثل المس بمكانة اللغة العربية، بالإضافة إلى قائمة طويلة من الآليات المضرة والمميزة.
يجب القول بصراحة، انه وبالإضافة إلى حرف النقاش عن السؤال الحقيقي، أي إقامة الدولة الفلسطينية، للسؤال الوهمي، على دولة إسرائيل، يوجد لدى نتنياهو مكسب آخر من كل هذه القصة، وهو المكسب السياسي. فاستراتيجية البقاء لدى نتنياهو مبنية على الصراع مع الجمهور العربي. هذه هي طريقته في كسب الانتخابات. إن التحريض القومجي لطالما كان ملجأ الحكام الفاشلين، وهذه هي الطريق التي يمشي فيها نتنياهو. ونظرا لأنه من الصعب إسقاط نتنياهو دون وزن الجمهور العربي. لذلك، فإن نزع الشرعية عن العرب، إخراجهم من المعسكر، توضيح ذلك لهم والقول لهم: أن لا مكان لكم في هذه الدولة - هي خطوة ضرورية من أجل بقاء نتنياهو وشركائه في الحكم.
لطالما كان يتم تصوير مهاجمة الأقلية على أنها حماية لحقوق الأغلبية. وهذا هو بث الدخان وخلط الأمور بعدة طرق. اليوم، في جواب الحكومة على اقتراح القانون الذي عرضه عضو الكنيست ديختر، كانت لدى الحكومة وقاحة الحديث عن قرار 181 للأمم المتحدة، قرار التقسيم. إذا لنضع الأمور في نصابها: لا علاقة بين مبادئ قرار 181، قرار التقسيم من 30 نوفمبر 1947، وبين قانون ديختر، نتنياهو وفهمهم للعالم.
فماذا حدد قرار 181؟ اولا، الغاء الانتداب البريطاني، استقلال البلاد. وإقامة دولتين ديمقراطيتين، دولتين مع نظام ديمقراطي تعيشان جنبا إلى جنب، مع ضمان حقوق الأقلية القومية في كل منهما: دولة واحدة، تعبر عن حق تقرير المصير لليهود الإسرائيليين، ودولة ثانية تعبر عن حق تقرير المصير للفلسطينيين. وفي كلتيهما - ضمان حقوق الأقلية القومية. هذه هي مبادئ قرار 181.
الآن هناك البعض في الشعب الفلسطيني، في الماضي وايضا في الحاضر، الذين رفضوا ويرفضون قرار التقسيم. كانوا كذلك، أيضا اليوم ما زال هناك موقف كهذا. انا انتمي الى حزب دعم ويدعم قرار 181 ومبادئه. منذ عام 1947 دعم الشيوعيون اليهود والعرب في البلاد هذا القرار. الشيوعيون العرب، والذين كانوا منتظمين في عصبة التحرر الوطني، أخذوا قرارا تاريخيا ومهما بدعم القرار، الذي نادى بإقامة دولتين في هذه البلاد. وهنا يجب عليّ ذكر الأسماء توفيق طوبي، إميل حبيبي، فؤاد نصار، جمال موسى، رمزي خوري ورفاقهم. هؤلاء الأشخاص، الذين عرفوا أن يقولوا بشجاعة للشعب الفلسطيني ان هذا القرار صائب ويجب قبوله. عند ذكر أسمائهم، اود ان اذكر اسم رجل عزيز توفي مؤخرا، والذي كان عضوا في عصبة التحرر الوطني، كمال غطاس من الرامة.
هؤلاء الأشخاص استطاعوا أن يقولوا لشعبهم: علينا قبول القرار رغم كل الصعوبات الكامنة فيه. علينا قبوله لاننا مع استقلال البلاد وإلغاء الانتداب البريطاني، وايضا لاننا مبدئيا مع حق تقرير المصير لكل الشعوب. وايضا لانهم فهموا أن بديل قرار التقسيم لن يكون فلسطين الكاملة، مثلما ربما اعتقد الناس، بل أن البديل هو كارثة، مثل الكارثة التي حلت بالشعب الفلسطيني، والتي يعاني منها حتى اليوم - شعب جزء كبير منه ما زال لاجئا حتى اليوم. لدينا هناك من لا يفهم هذا الألم الشديد، الألم الطبيعي والمفهوم ضمنا فهمه، لشعب جزء كبير من أبنائه لاجئون. رفيقتي عضو الكنيست عايدة توما سليمان، انت شاركت، اظن انك استطعت الوصول. انا لم استطع، لكن في قلبي كنت مع أولئك الطلاب الذين أحيوا ذلك الألم اليوم في الجامعة، وهو أمر طبيعي ومفهوم.
تجدر الاشارة الى انه ومثل الشيوعيين العرب الفلسطينيين الذين ذكرتهم، كان هذا موقف الأحزاب الشيوعية في كل العالم العربي: الحزب الشيوعي المصري، اللبناني، السوري والعراقي. فقائد الحزب الشيوعي العراقي، يوسف سلمان يوسف، الذي كانت كنيته فهد، أعدم على يد نظام نوري سعيد، الذي حكم العراق برعاية البريطانيين، أيضا بسبب موقفه الصائب، المبدئي والشجاع لحل قضية هذه البلاد. وقتها أصاب هؤلاء الأشخاص تاريخيا، واليوم يتضح أنهم أصابوا دون شك.
اعيد واكرر للبروتوكول بما نادت به عضو الكنيست عايدة توما سليمان. لأنه من المهم أن يدون في البروتوكول: كانت هناك احكام بالاعدام ايضا ضد بعض الأشخاص الذين ذكرت أسماؤهم، في هذه البلاد، الشيوعيون العرب، كانت هناك احكام بالاعدام خصوصا بسبب هذه المواقف، بسبب هذه المواقف. انا اقول، عندما ننظر إليهم فإننا نرى في هؤلاء الأشخاص مثالا للشجاعة، للقدرة على قول كلام لم يفهمه الجميع. العديدون من أبناء شعبهم لم يفهموه. ويمكننا أن نفهم لماذا لم يفهموه - فهذه البلاد، قبل 150 عامًا، 100 عام، كانت بلادا عربية - فلماذا هناك حاجة لدولتين؟
لكن اليوم واضح. هؤلاء الأشخاص أصابوا تاريخيا. انت تعلم، سيدي رئيس الجلسة، أن المرحوم أبو إياد، أحد قادة منظمة التحرير، قال انهم لو أصغوا لهؤلاء الشباب - للأشخاص الذين ذكرت اسماءهم - توفيق طوبي والذي كان لاحقا بعد سنوات عضو كنيست، ووقتها شاب صغير، ابن 30 تقريبا، وفي جيله كان رفاقه - لو أصغوا لكلامهم، فكم من الألم والعذاب كان سيدرأ عن الشعب الفلسطيني.
هذه هي العبرة التي اريد ان اقولها اليوم لشعبي، لليهود في إسرائيل. لانه ايضا لدينا هناك من ينادي بشعارات: أرض إسرائيل الكاملة، وأن كل شيء هو لنا، واننا سنحتل كل العالم. هؤلاء الأشخاص الذين يتحدثون عن أرض إسرائيل الكاملة سيجلبون لشعبي كارثة. سيجلبون لشعبي كارثة. أنا أسير في ذات الطريق التي سلكها رفاقي العرب قبل العديد من السنين، وانا احاول ان أقول لشعبي ما قالوه هم وقتها لشعبهم: فقط حل يعطي مكانا للشعبين، فقط حل يعطي عدالة حقيقية للشعبين، سيعيش في هذه البلاد.
اريد ان اتحدث عن قضية حق تقرير المصير. تاريخيا، وفي بداية القرن الـ 20 ولد معا مبدآن توأمان. ولدا مع بدء عصبة الأمم في 1918: المبدأ الأول كان حق تقرير المصير، المبدأ الثاني، التوأم، كان حق الأقلية القومية. لم يكن هناك في أي مكان وجهة نظر يكون فيها حق تقرير مصير لا يشمل الاعتراف بحقوق الأقلية القومية. كما أن حقوق الأقلية القومية ليست فقط حقوقا فردية، أي أنه لكل فرد هناك حقوق شخصية، الأقلية القومية معناها حقوق قومية، حق الأقلية القومية. ولا يمكن فصل هذين المبدءين : حق تقرير المصير عن حق الأقلية القومية.
اليوم ايضا نحن نحمل نفس المفهوم. نحن مع حق تقرير المصير، طبعا نحن مع حق تقرير المصير، ونحن ضد التمييز القومي. انه منطقي جدا، بسيط جدا، طبيعي جدا، ونحن لن نسمح لأحد، بما يشمل هذه الحكومة، أن يضللنا في ذلك. لان ما يتم الحديث عنه الآن، في هذا القانون الذي تحاول الحكومة دفعه، هو ليس حماية اليهود اطلاقا، بل هو الهجوم على العرب. ليس هذا حماية لحقوق الأغلبية اليهودية. من ماذا يجب حماية حق الأغلبية اليهودية؟ إن هذا هو هجوم على حقوق الأقلية العربية الفلسطينية. هذا ما يكمن وراء هذا القانون، ولهذا فإنه من السخرية والمستفز ان يأتي الى هنا وزير محترم في الحكومة ليحكي لنا عن قرار التقسيم كأنه استمرار لمبادئه.
في النضال ضد هذا القانون يجب التعاون مع كل الناس الذين لديهم أي ذرة التزام بالفهم الديمقراطي. انه امتحان للفهم الديمقراطي، لان امتحان الفهم الديمقراطي هو خصوصا عندما يأتون لمهاجمة الأقلية، عندما يأتون للتحريض ضد الأقلية. انا سعيد اليوم لأننا كنا كلنا في التصويت، كل المعارضة، موحدين بالتصويت ضد هذا القانون. وانا افكر انه من المهم، أيضا في الائتلاف، أن يقيموا محاسبة ذاتية. فلم يفقد الجميع بوصلته وضميره. ولمن لم يفقد بوصلته وضميره - حان وقت إيجادهم.
علينا وقف هذا القانون السيئ، الخطير والاشكالي بجهد مشترك من كل من يخشى على الديمقراطية، ومن كل من يريد مستقبلا حقيقيا في هذه البلاد.
تحدثت عن ما قامت به الكنيست اليوم. وهما شيئان سيئان: أيضا مهاجمة مؤسسة البث الجماهيري وايضا "قانون قومية". لكن ما الذي لم تقم به الكنيست اليوم؟ العديد من الأمور لم تقم بها اليوم، العديد من المشاكل الحقيقية لدى الجمهور في هذه البلاد - لم تقم اليوم بمعالجتها، فلم تنشغل اليوم بقضية المسكن، بحماية المستأجرين، بالأزمة المالية للمستشفيات، بنضال أصحاب الاحتياجات الخاصة من أجل حقوق أساسية، بالنضال من أجل العيش بكرامة لكبار السن، بشمل التأمين التمريضي في سلة الصحة الجماهيرية من أجل إنهاء المشاهد الصعبة للتنكيل بكبار السن. فلماذا على الكنيست أن تنشغل بمشاكل البشر؟ لماذا تنشغل بها عندما تستطيع أن تواصل التحريض ضد العرب، وأن تدير مغالاة على رموز فارغة من الفحوى وعلى ديماغوغيا قومجية خطيرة؟
من بين الأمور التي لا تنشغل بها الكنيست هناك مشكلة المشاكل - الفيل الموجود في مركز الغرفة، ذات الفيل الذي تقوم حكومة نتنياهو بكل شيء من أجل أن تتهرب منه: واقع الاحتلال، المستمر منذ 50 عامًا. واقع غير ممكن بالضرورة للقابع تحت الاحتلال في الأراضي المحتلة، الشعب الفلسطيني، ولكنه واقع رهيب أيضا لإسرائيل وللمجتمع الإسرائيلي.
هذا الواقع، زملائي أعضاء الكنيست، معناه الحقيقي - هذا الاحتلال - هو تهديد حقيقي على المستقبل، ليس فقط للفلسطينيين، بل أيضا على مستقبلنا نحن في هذه المنطقة. لان من لا يفهم أن الطريق الوحيد للعيش في هذه المنطقة حيث تحيطنا الشعوب العربية وفيها مئات الملايين من البشر، أن الطريق الوحيد للعيش في المنطقة هو التوصل إلى اتفاقية سلام تاريخي، سلام عادل مع الشعب الفلسطيني ومع العالم العربي. من لا يفهم هذا الشيء البسيط - لا يقرأ الواقع. اليوم نحيي 50 عامًا على احتلال 1967، واليوم علينا أن نطلق من هنا النداء: 50 عامًا تكفي. آن أوان تغيير كبير، آن الأوان لأن نجعل العام الـ 50 عام التقدم الى مكان آخر، مكان استقلال الشعبين، مكان فيه دولتان تعيشان بجانب بعضهما، حيث القدس الشرقية هي عاصمة فلسطين والقدس الغربية عاصمة إسرائيل.

زملائي أعضاء الكنيست، هذا هو التحدي الكبير الذي يقف أمامنا. وإن لم نعرف نحن كيفية مواجهة هذا التحدي، لا وجود لنا ولا مستقبل لنا في هذه البلاد.




*من خطاب عضو الكنيست دوف حنين عن قانون القومية (خلال النقاش عن مؤسسة البث الجماهيري) – 10.5.17








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انطلاق معرض بكين الدولي للسيارات وسط حرب أسعار في قطاع السيا


.. الجيش الإسرائيلي يعلن شن غارات على بنى تحتية لحزب الله جنوبي




.. حماس تنفي طلبها الانتقال إلى سوريا أو إلى أي بلد آخر


.. بايدن يقول إن المساعدات العسكرية حماية للأمن القومي الأمريكي




.. حماس: مستعدون لإلقاء السلاح والتحول إلى حزب سياسي إذا تم إقا