الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المهرجانات الفنية بالمغرب: تمسرح السلطة والسيطرة الناعمة

عبد المجيد السخيري

2017 / 5 / 22
الادب والفن


موازين، أصوات نسائية، تيميتار، كناوة ، تويزا، طنجاز، روافد، العيطة، الأندلسيات،الموسيقى الروحية، أحواش، أحيدوش،جوهرة، سينما المتوسط،..إلخ؛ إنه غيض من فيض أسماء مهرجانات تملأ الدنيا مرحا ورقصا وهرجا في مدن مغربية مختلفة، من شمال البلاد إلى أقصى جنوبها، ومن شرقها إلى غربها. مهرجانات تقدم كل شيء تقريبا: موسيقى، شعر، مسرح، سينما، فنون الطبخ، فولكور وغيره. وبقدر ما تعكس هذه المهرجانات التنوع الثقافي واللغوي الهائل للبلاد، وتعدد التقاليد والعادات وطقوس وأشكال من التراث المادي واللامادي، بقدر ما تخفي ورائها أهدافا سياسية وامتيازات لا تخفى على لبيب. فجل هذه المهرجانات تدين للسلطة برعايتها الفعلية أو السامية (الملك)، وتنظمها جمعيات ومؤسسات يوجد على رأسها أعيان ورجال مقربون من النظام، ويدينون له بالولاء المطلق ويحرصون أشد ما يحرصون على تلميع صورته قبل أي شيء آخر؛ وآخر ما يعنيهم هو الثقافة والفن. ولأجل ذلك تصرف الملايير بسخاء حاتمي من أجل جلب النجوم من العالم لتأثيث مشهد فني مقولب، فيما يكاد ينحصر أهم مصدر لتمويل المهرجانات في المال العام، إضافة إلى أعطيات جهات معنوية وذاتية تبتغي مصلحة عند الدولة وهيئاتها العمومية؛ وجزء هام من هذه الأموال كان يجدر أن يصرف لأجل بناء المستشفيات والمدارس والطرقات وما شابه، للنهوض بالوطن وتطوير الخدمات العمومية لفائدة أبنائه.

المهرجانات والسيطرة والناعمة

تستغرق المهرجانات الفنية والملتقيات في المغرب حوالي ثلث السنة (ما يناهز المائة بين مهرجان وحفل وملتقى)، وهو ما أضحى مثار نقاش وجدال بين أنصار سياسة "لفراجة"(الفرجة) المفتوحة في المدن والقرى التي تقودها الدولة في إطار تصورها الخاص للثقافة والفنون من جهة، ومعارضي السياسة الثقافية التي تجعل من المهرجانات الباذخة والحفلات الغنائية والسهرات الأسبوعية قنوات وحيدة لتمرير نوع محدد من المنتجات الفنية والثقافية تتسم بالسطحية والتفاهة والفلكرة من جهة ثانية.
في السنوات الأخيرة أضحى الجدل في المغرب حول هذه المهرجانات، ونوع الثقافة والقيم التي يتم تمريرها أو تكريسها من خلال فعالياتها وبرامجها وموادها الفنية، في قلب التجاذب السياسي والاستقطاب الإيديولوجي؛ والاتجاه الأساسي لهذا الجدل يكاد ينحصر بين رؤيتين أحاديتين للفن والثقافة، كل واحدة منهما تزعم الانتصار لقيم الخير المطلق والجمال والسمو بذائقة الإنسان.
الرؤية الأولى، وهي السائدة والمتنفذة في أكثر من موقع مؤسساتي وإعلامي والمستقوية بأجواء العصر والنصر الثقافي لليبرالية الجديدة، ترتكز إلى أرضية فلسفية مشتقة من التراث الليبرالي الغربي، مع تكييف محلي يجعل من التصورات الثقافية الليبرالية للفن رديفا لفوضى من الاختيارات والأذواق المعلبة والمفروضة قسرا بواسطة الطغيان الإعلامي والاستقواء بالوسائل العمومية المحتكرة من قبل فئة مرتبطة من حيث المصالح الاقتصادية ونمط الوجود وفن العيش بالغرب الرأسمالي. وهذه الرؤية، بالرغم من أنها تعكس وتحمل في طياتها اختيارات وقيم طبقة اجتماعية لا أحد ينازعها الحق في الدفاع عن نفسها بوسائلها الخاصة وفعاليتها الاجتماعية، في إطار قواعد وقوانين الصراع المكتسبة تاريخيا، تتطلع لتكون المرجع الوحيد لسلوك الأفراد، ويجري تصريفها وتصويرها كرؤية جامعة ومشتركة، في الوقت الذي لا تعدو أن تكون فيه فلسفة طبقية تختص بشكل من الوجود الاجتماعي تترجمه في الحياة اليومية ممارسات الجسد واللباس وفنون التواصل وغيرها؛ وتحاول عبثا أن تتقدم للجمهور العريض بوصفها المفتاح السحري لولوج العصر وترياقا للروح عندما تصر على اعتبار"العري"و"تحريك المؤخرة"و"الصخب"و ما شابه، فنا متحررا من الوصاية الأخلاقية والرقابة البوليسية لشرطة الفن وتسلط الحجر الإيديولوجي لدعاة الالتزام!
أما الرؤية الثانية فقد وجدت في تطرف الأولى في الدفاع عن التفاهة، باسم الحرية، أرضية خصبة لإطلاق تأويلات متشددة للدين والأخلاق، في اتجاه التضييق على حريات متاحة فعليا في مجال الإبداع الفني، ومحاولة فرض مفهومها الخاص للالتزام، دون البحث عن القواسم المشتركة مع تيارات أخرى في الساحة تتبنى تصورات بديلة للفوضوية في المجال الفني التي يدافع عنها تيار ليبرالي ذو نفحات شعبوية، وينزع أحيانا نحو الغلو والتطرف. طبعا هذه الرؤية تختص بها حتى الآن جماعات ما يعرف بالإسلام السياسي، لكنها أيضا تجد لها امتدادا في المواقف المحافظة لأغلبية شعبية لا يستهان بها.

(...)
موازين: نغم وسياسة
بهرجة السلطة
إيقاع المعارضة
جدل وديماغوجية

تتمة النص ب: مجلة نوافذ، العدد 59/60 يناير 2015.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة أخيرة - هل الفنان محمد علاء هيكون دنجوان الدراما المصري


.. كلمة أخيرة - غادة عبد الرازق تكشف سر اختيار الفنان محمد علاء




.. كلمة أخيرة - الفنانة سيمون تكشف عن نصيحة والدها.. وسر عودتها


.. كلمة أخيرة - محدش باركلي لما مضيت مسلسل صيد العقارب.. الفنان




.. كلمة أخيرة - الشر اللي في شخصية سامح في صيد العقارب ليه أسبا