الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وِشْ عرَّفك بالمراجل يا رِدِيّ الحَيل؟!

سعود قبيلات

2017 / 5 / 22
مواضيع وابحاث سياسية







أفكِّر في:

1. حسين الطروانة الذي ترأس المؤتمر الوطنيّ الأردنيّ الأوّل، في مقهى حمدان في عمَّان (في العام 1928). ذلك المؤتمر الذي كان مِنْ بين أبرز بنود الميثاق الوطنيّ الذي أصدره، رَفْضُ المعاهدة البريطانيّة الأردنيّة المذلّة، والتحذيرُ، في ذلك الوقت المبكِّر، مِنْ خطر الاستيطان الصهيونيّ.. على فلسطين خصوصاً، والبلاد العربيّة عموماً. وبعد ذلك، قاد الحزب، الذي نشأ عن «المؤتمر»، مظاهراتٍ واسعةً وإضراباً عامّاً في مختلف أنحاء البلاد لمنع بيع أرض غور كبد للحركة الصهيونيّة؛

2. ماجد العدوان وعرار.. شاعر الأردنّ الكبير، والشيخ الشهيد صايل الشهوان، وسواهم الذين قادوا انتفاضةً باسلةً ضدَّ قوّات الانتداب البريطانيّ وأزلامه وأدواته، في عشرينيّات القرن الماضي، شاركتْ فيها عشائر العدوان والعجارمة والشراكسة وبنو حميدة وبعض عشائر البلقاء. حيث تصدَّى لها الإنجليز وأتباعهم ببعض مدرّعاتهم وطائراتهم صبيحة يوم 16 أيلول 1923. ومِنْ أبرز شهداء تلك الانتفاضة المجيدة صايل الشهوان*، شيخ قبيلة العجارمة، الذي رثاه عرار قائلاً:

«قسماً بماحص والفحيص وبالطفيلة والثنية
ودم ابن شهوان الزكيّ ومصرع النفس الأبيّة»

كتب شاعرنا الجميل الراحل حبيب الزيوديّ، قائلاً:

«ولا اظنّ أحداً مِنْ أبناء الأردن لا يعرف صايل الشهوان الذي ارتقى به وجداننا حتَّى جعله أسطورةً شعبيّةً خالدة في حبّ الأردن تفيض على الزمان والمكان بحضورها الحارّ.
وقد تساءل كثير من الناس، ومن المثقفين خاصّة، لماذا اكتفى عرار بهذا المرور الخاطف السريع على «ابن شهوان» ولم يفرد له قصيدةً كاملة مع أنَّ عرار تعلَّق بصايل تعلّقاً شديداً إلى درجة أنَّه سمَّى أحد أبنائه بهذا الاسم.
إن هذا التعبير وإنْ كان خاطفاً وسريعاً، إلا أنَّ الشاعر ارتقى بالبطل والرمز إلى درجة أنَّه ساواه مع تضاريس المكان وجباله ومدنه وسهوله وينابيعه، فما عاد البطل مِنْ لحمٍ ودم وإنما أصبح، طيّة مِنْ طيّات الأرض ونبعاً مِنْ ينابيعها، وهذا هو الشعر وهذه هي البلاغة والبلاغة بإيجاز.
لقد كان سيف عجرم أو صايل الشهوان إفاقةً أولى واطلالةً مبكّرةً على الأردن، وإضاءةً على تشكّل الوعي، الأوَّل بالمكان، وصار رمزاً وقنديلاً لكلّ المثقّفين، وفي كتابات ناهض حتَّر الأدبيّة والتاريخيَّة والسياسيّة عن هذا الرمز ما يؤكّد هذه الفكرة وهذا الرأي.
ينبغي أنْ لا يغيب عن بال المهتمّين بأدب المكان، أنَّ المكان لا يعطي المبدع أو الكاتب روحاً وحيويّة، وأنّه - أي المكان - أصمّ وأخرس، إنْ لم تمنحه أرواح ساكنيه التي ترفرف حوله الألق والحيويّة، وفي مقدّمة هؤلاء سيف عجرم: صايل ابن شهوان.» - حبيب الزيوديّ – جريدة «الرأي» الأردنيّة – يوم الخميس 12/5/2005.

تجدر الإشارة، هنا، إلى أنَّ القوّات التي استخدمها الإنجليز وأتباعهم ضدّ الانتفاضة الشعبيّة الأردنيّة، لم تكن قد حرَّكتْ ساكناً، قبل ذلك بسنة فقط (1922)، عندما تعرَّضتْ البلاد لغزوةٍ وهَّابيّة همجيّة (اُشتُهِرَتْ باسم غزوة الخوين)، وقد راح ضحيّتها الكثير مِنْ أبناء قبيلة بني صخر في القسطل (رجالاً ونساءً وأطفالاً وشيوخاً).. غيلةً وغدراً وهم نيام. وما لبثت عشائر البلقاء أنْ جمعتْ نفسها، وردَّتْ الغزاة على أعقابهم.

3. حابس المجالي، قائد قوَّات الجيش العربيّ الأردنيّ في معارك باب الواد، وفي اللطرون في العام 1948.. حيث أُسِرَ على يدِ قوّاته في تلك المعركة مئات الجنود والضبّاط الصهاينة، ومِنْ ضمنهم إرييل شارون نفسه، كما قُتِلَ فيها بحسب بعض المصادر «الإسرائيليّة» حوالي ألفي جندي مِنْ قوّات العدوّ. وتجدُر الإشارة هنا إلى أنَّ حابس، حين دُعِي لحضور الاحتفال بتوقيع اتِّفاقيّة وادي عربة سيِئة الصيت، اعتذر عن عدم الحضور، لعدم استعداده لمصافحة أولئك الذين لم يسبق له أنْ التقى بهم إلا في ساحات القتال.

وبالمناسبة، حابس المجالي، نفسه، هو صاحب الأغنية الشهيرة التي غنَّتها سميرة توفيق، والتي تقول: «وِش عرَّفك بالمراجل يا رِدِيّ الحيل.. وِش عرَّفك بالمراجل والمشي بالليل؟»؛

4. كايد المفلح العبيدات الذي كان أوَّل شهيد أردنيّ (وربّما عربيّ) على أرض فلسطين؛ حيث أُستُشهِدَ، في العام 1920، على أرض بيسان، في مواجهةٍ باسلة قادها ضدّ العصابات الصهيونيّة؛

يقول الشهيد كايد المفلح، في قصيدةٍ له، محرِّضاً على مهاجمة العدوّ الذي كان آنذاك يتربَّص بأرضنا وأمّتنا:

«يوم كانني مصروع صايبني جنون
سال دمعي فوق وجناتي طفيح
وسقاني البين كاسات الغبون
فالح السمرين هالوجه الفليح
بالعدى فتاك ربعه يشهدون
اهل حوارة مع اربد والصريح
والحصن والنعيمة مع اهل ايدون
لا تهابوا الموت.. من هابه قبيح
من يموت اليوم للجنة مضمون»

وفي النبذة المكتوبة عنه في ويكيبيديا، نجد الكلام التالي عن وَقْعِ خبر استشهاده على الناس:

«لم يكن خبر استشهاد شيخ منطقة الكفارات (كايد المفلح) سهلاً، فقد كان نزوله على أبناء تلك المنطقة شبيهاً بنزول الصاعقة. لم يصدّق بعضهم الخبر حتّى أكّده رفيق الشهيد في النضال الشيخ عزّام الجبر عندما خاطب المجاهدين: "لقد خسرتم الذي قادكم في معركة واحدة، لكننا خسرنا القائد والزعيم والشيخ والابن الذي تعوّدنا أن نراه كلّ يوم. لقد فقدتُ أعزّ ما كنت افتخر به في هذه الدنيا، لكن العزاء بموت شيخنا الذي اختار الموت على أرض فلسطين".
أمّا في الجولان وفلسطين فقد عمّ الحزن أهاليها ورُفِعَت الرايات السوداء.»

5. صقر الحامد (أحد شيوخ قبيلة بني صخر) الذي كان يُهرِّب السلاح إلى فلسطين في أثناء ثورة 1936؛

6. وآخرون كُثر، أعتذر لأنَّني قصَّرتُ في ذكرهم هنا.

على أيَّة حال،

هذا ما خطر في بالي عندما شاهدتُ صورةً لأشخاصٍ لم أعرف أحداً منهم، قيل إنَّهم ذهبوا إلى فلسطين المحتلَّة وقابلوا هناك قادة الاحتلال الصهيونيّ في يوم النكبة الذي يسمِّيه العدوّ «يوم الاستقلال»، وقد أطلق إعلام العدوّ على أولئك الأشخاص لقب شيوخ ونوّاب أردنيين.. وما إلى ذلك!

يا إلهي! أين كنّا؟ وإلى أين أوصلونا؟!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
• أُستُشهِدَ، في تلك المعركة أيضاً، كلٌّ مِنْ: فهد أحمد قبلان العساف وسالم حصيد السرحاني.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شولتز: المساعدات الأميركية لا تعفي الدول الأوروبية من الاستم


.. رغم التهديدات.. حراك طلابي متصاعد في جامعات أمريكية رفضا للح




.. لدفاعه عن إسرائيل.. ناشطة مؤيدة لفلسطين توبّخ عمدة نيويورك ع


.. فايز الدويري: كتيبة بيت حانون مازالت قادرة على القتال شمال ق




.. التصعيد الإقليمي.. شبح حرب يوليو 2006 | #التاسعة