الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


والكهنوت الرسمي أيضاً

حمدى عبد العزيز

2017 / 5 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


أجيال من الشباب المصري الذين يدينون بالإسلام بوصفه كديانة مثلها مثل أي ديانة موضوعها علاقة الإنسان بالله كسلوك أخلاقي وكمدخل لتهذيب الوجدان الإنساني فيصدمهم التأسلم الرسمي ذو الطابع الوظيفي المبرر للسلوك السياسي والداعم للهيمنة البطرياركية السلطوية علي المجال العام وخالع القداسة الدينية علي أفعال الحاكم أياً كانت هذه الأفعال في صالح أو في غير صالح الناس قمعية كانت أو غير قمعية

وأمثلة توظيف الأزهر وتوظيف فتاوي رجال الدين الحكوميين عندما قام السادات بالتوجه نحو عقد اتفاقيات السلام مع العدو الصهيوني لازالت قائمة في أذهان الأجيال التي عاصرت ذلك

لذلك فإن الإسلام الرسمي الموظف لدي الدولة عبر عقود طويلة كان هو أيضاً أحد العوامل التي لايستهان بها ضمن عوامل أخري أهم أو أقل أهمية للجوء كثير من الشباب علي مدي مايقترب من أربعة أجيال أو أكثر إلي الإنضمام إلي عصابات السلفية الوهابية الإخوانية بتجلياتها الجهادية الدعوية والجهادية المسلحة باعتبارها فضاءات شعبية حرة محصنة بدين غالبية المجتمع ومشرعنة لنوازع التمرد في ظل احتباس التجارب التنظيمية والحزبية التي تعبر عن أفكار التغيير الحقيقي المناهضة لما هو قائم فاسد وقديم وعجزها عن التواصل مع الشباب لضيق مساحة الحريات السياسية واتساع مساحات القمع السلطوي مما يسمح بمساحات مجهزة مادياً وبشرياً لصب اللعنة ماهو قائم علي اعتبار زائف أن هذا هو الإسلام الشعبي المقاوم والثوري والحقيقي بينما عجزت بعض محاولات القراءة المستنيرة للإسلام والتي ظهرت علي استحياء في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي أن تكون مؤثرة بفعل توافق كلاً من الإسلام الرسمي الموظف والإسلام الوهابي السلفي الإرهابي علي محاربة تلك المحاولات ومنع وصولها إلي المجال الشعبي

وبالمناسبة فالإسلام الرسمي الموظف هو الآخر إرهابي (يستخدم أسلحة أخري وأدوات للقمع غير المسدس والجنزير والحزام الناسف والقنبلة) وقد مارس بدوره إرهاباً فكرياً علي الإبداع والفكر وهناك أمثلة كثيرة لكتب وأفلام جادة صودرت ومفكرين تم إيقافهم والحيلولة دونهم ودون منابر الحوار بل لعلنا جميعاً نذكر - كمثال من عشرات الأمثلة الفاضحة التي يمكن ذكرها - واقعة التفريق بين المفكر الراحل نصر حامد أبو زيد وبين زوجته لمجرد أنه تجرأ وقدم قراءة مستنيرة للنصوص الدينية خارج قراءة الكهنوت الأزهري من جهة والكهنوت الوهابي السلفي من جهة مماثلة

ولعلنا نذكر تلك الهجمة الشرسة التي خاضها رجال الكهنوت الرسمي للدولة من خلال أعلي المنابر الإعلامية الممثلة في الإذاعة والتليفزيون والصحافة أو منابر المساجد ضد تيارات اليسار المصري ورموزه ومناضليه في سبعينيات القرن الماضي وحملات التكفير التشويه الديني والفكري التي مورست علي كل المستويات من قبل رجالات هذا الكهنوت ليتكامل بضرباته الدعائية مع ضربات الجنازير التي كان شباب الجماعات الإسلامية في الجامعات قد بدأوا يستخدمونها ضد الطلاب اليساريين في الجامعات

والحقيقة أنه بالإضافة للنضال التنويري المطلوب من كل القوي التقدمية الوطنية الديمقراطية في سياق النضال من أجل النهوض الوطني المستقل فإنه لامناص عن الإصرار علي النضال من أجل الدولة الوطنية المدنية الديمقراطية التي تعني عدم توظيف الدين سياسياً سواء كان ذلك عبر جهد وظيفي من داخل الدولة أو جهد عصابي يقبع في بنيتها المؤسسية أو ينطلق من مساحات خارج جهاز الدولة عشوائية كانت أو منظمة

2017








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما ردود الفعل في إيران عن سماع دوي انفجارات في أصفهان وتبريز


.. الولايات المتحدة: معركة سياسية على الحدود




.. تذكرة عودة- فوكوفار 1991


.. انتخابات تشريعية في الهند تستمر على مدى 6 أسابيع




.. مشاهد مروعة للدمار الذي أحدثته الفيضانات من الخليج الى باكست