الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نفقد آخر شعارات الثورة

عادل بن خليفة بالكحلة

2017 / 5 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


مقال رأي
نَفقد آخر شعارات »الثورة« :
الكرامة و السيادة

الدكتور عادل بن خليفة بالكحلة
(باحث في الأنثروبولوجيا، الجامعة التونسية)

في جوّ » مؤتمر الاستثمار«، هذا، تذكرت كلام ّ » الحكيم« زياد الرحباني:
شو هالأيام اللي وصلنالهـــــا قال إنه غني عم يعطي فقير
كأنه المصاري قشطت لحالها عاهــــــيدا نتفه وهيـــدا كثير
فعلاً يا أخي زياد ...هل من الممكن أن تكون قَطَر لم تنتبه لأزمتنا الاقتصادية طيلة هذه السنوات فجأة تحركت فيها نخوتها العربية و عطفها الإنساني ؟!!!!
لو نقارن بين ما صَرَفَتْهُ على الحروب السورية و ما أنفقته على إنقاذ الاقتصاد الفرنسي و ما وعدت به من قروض و »استثمارات « لبلادنا، سوف نكتشف أنها لم تعط شيئا... بَلْ أنفقت على التغرير بكثير من شبابنا البريء في الحرب الإمبريالية –الصهيونية على سوريا أكثر ممّا وعدت بإنفاقه في ّ » مؤتمر الاستثمار«.
بيقولو من عرق جبينه طلّع مصاري هالإنسان
طيّب كيف هايدا وكيف ملايينه وما مرّه شايفينه عرقان
كل أموال الرجعية العربية مسروقات من أملاك الأمة العربية، لتنفق على تنشيط الاقتصاد الامبريالي، بل و لإجهاض آمال الأمة في الثورة و العدالة الاجتماعية و الوحدة.
علاوةً على صمت البرلمان و الحكومة المريب عن عدم سيادة الدولة التونسية على الملح و النفط و الغاز و الحديد و الرصاص لتكون تلك المعادن ملكًا للآخرين دون أن ننال منها شيئًا، ها نحن نقيم مؤتمر الاستثمار. و إنّه و في الحقيقة، لم نقم مؤتمر الاستثمار، و إنما مؤتمر الاستعمار. فجّل الحاضرين هم الإمبرياليون و أدواتهم: الخليجيون و الترك، و جل الصفقات معهم، و ما استدعاء غيرهم إلا تقيّة و ها نحن نشهد أيضًا حضورًا عسكريًّا أمريكيا على أرضنا و بحرنا دون تدخل من البرلمانيين و المعارضة.
يذكرني الأمر باتجاه المملكة التونسية في النصف الثاني من القرن التاسع عشر ، نحو » الإصلاحات«، أكثرها مُمْلى من القوى الإمبريالية ، لنصل في النهاية إلى الاستدانة و بيع خير الدين باشا » الإصلاحي« لبحرنا و لهنشير سيدي ثابت و هنشير النفيضة... ثم كان الباب مفتوحًا نحو الانهيار و دخول الجيش الفرنسي.
هاهي الاستدانة تتفاقم. و لَيتها كانت من دول صاعدة و تقدمية (كالصين و روسيا و إيران )، بل كانت من دول مفلسة، و على حافة الانهيار و رجعية، مثل السّعودية ( التي أمرْها معروف إلى حد أن أحد المسؤولين السعوديين السابقين ، عبد العزيز الدخيل ، كتب كتابا في تشخيص الأزمة ) و مثل فرنسا التي أنقذتها قطر ( وقد كتب الصحافيان بُو و بورجيه في Le Vilain Petit Qatar : Cet ami qui nous veut du mal))
و كيف نستدين من السعودية التي أهانت الشعب التونسي و حمت جلاَّده ليُسْتقبل في القصر الملكي بالرياض في الأعياد....هل عَزّت على الشيخ الغنوشي كرامته الآدمية إذ أهين بمطار جدة و حُرِم من الحجّ مطرودًا ليزور الملك » الديمقراطي« السعودي ؟ ! و كيف يفضّل رضا السعودية على كرامة الشعب التونسي ؟
و لقد وصلنا في سياسة رخص الشعب التونسي إلى حدّ » ذبح « جامعي / وزير تونسي، إذ أهنّا كرامته و كرامة الجامعة بالتجسس عليه في غرفة مغلقة من غرف برلماننا العتيد لأنه قال كلمة حق عند سلطان عالمي جائر : » إن السعودية هي مَصْدر الإرهاب ، لأن المذهب الوهابي الذي تحميه و تصدّره هو مصدر الإرهاب السلفي-الجهادي «. عاقبناه بطرده من الحكومة حتى لا نُحْرَمَ من رضا السعودية و شفاعتها المالية، فهي من المبشرين بالجنة. أيها السادة: تجوع الحرة ، تونس، و لا تأكل بجسدها !!!!
من غير المعقول أننا لا نفكر إلا في اقتصاد ريعي، اقتصاد تسوّلي، اقتصاد نهب للضرائب داخليا و اقتصاد تسوّل للديون و القروض خارجيا. فمتى سنفكر في اقتصاد الإنتاج و السيادة و العدالة الاجتماعية و الإبتكارية؟ !أيها » الأغبياء «(كما صنفكم أبو القاسم الشابي منذ عقود) متى تلتفتون إلى كوبا السيادة و جزائر السيادة و إيران السيادة و فنزويلا السيادة و روسيا السيادة ؟ ! أيها الراكعون لقطر متى ستتفطنون أنها كانت مِعْول الربيع العربي؟ ! متى ستصبحون آدميين: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ)، فتكفّوا عن التذلل للرجعية العربية؟!!
في عز الأزمة ، لم يبادر البرلمانيون ورؤساء الجمهورية و الوزراء، عام 2012 ولا عام 2016 بالتنازل عن نسبة مائوية من أجورهم الشهرية الباهظة ، بينما يطالبون أهل الوظيفة العمومية و الأطباء و المحامين بمزيد من الضرائب. برلمانيوّ » الثورة« عام 2012 يعيشون في بذخ و شعبهم يعاني. هل يفكرون اليوم و رئيس جمهوريتهم في التنازل عن مائة دينار شهريا لفائدة التشغيل؟!! قالت صديقتنا جوليا بطرس : " فهّمني شُو يعني ضمير؟!!!! "
أيتها النخبة » العمياء« ( كما سماك أبو القاسم الشابي منذ عقود)، متى ستتحررين من تعاليك على دين شعبنا ؟ ليلة5/12/2016 اتفق الحاضرون في بلاتو إحدى القنوات التونسية على أننا يجب أن لا ندعو السلفيين الجهاديين العائدين إلى » التوبة « بل إلى » العودة إلى ما كانوا إليه « لأن » التوبة مصطلح ديني « . أين تعيشون أنتم ؟! ألا تتعاملون مع مسلمين » مخطئين «؟! كيف ستقنع مخطئا في تأويل الدين دون تأويل آخر أكثر مصداقية؟! أنتم من أسباب خرابنا أيها العلمانيون المحاربون للدّين لأنكم تستفزون المتدينين، فمتى ستصبحون علمانيين متفهمين للدّين، على الأقل !! أحد زملائي العلمانيين شارك عام 2011 في مظاهرة » لا السعودية و لا قطر ! « ليرتمي عام 2014 في أحضان قطر و يخدم إستراتيجيتها الفكرية لضرب الثورات العربية لأن مال قطر أهم من سيادة تونس لديه .

و أنتِ أيتها النخبة المتدينة، متى سيصبح دينك دين أبي ذَرٍّ و تحاربين دين كنز المال و دين العمالة للبيزنطيين، دين معاوية؟! أي وزر تتحملون إذ كنتم من المعاول التي أسقطت شعارات » الثورة«، إذ تحالفتم مع الولايات المتحدة الأمريكية و آيْ بَاكْ و غفرتم للسعودية التي كانت ضدنا و لم تغفروا لدولة سوريا التي لم تكن ضدنا بل لجأ إليها الكثير من منفيي بن علي النهضويين و قدمت إلينا القمح مجانًا في موسمي جفاف !!!
متى سيصبح دينكم دين الشعب و ليس دين السعودية؟!
جريدة حزب يميني لم يَعُد فيها أيّ طعم، لم تجد من يقدم لها » مؤتمر الاستثمار« سوى أستاذ تاريخ ( لم نجد أستاذ اقتصاد أو مالية)، و وفرت أكثر من 5 صفحات لتسويق هذا المؤتمر، و لم تجد فيه أي سلبية. و قد ملأت بقية الصفحات بما يشبه التشدق البلاغي بماهي » عاشقة للضّاد « و كأن الضاد شقشقة لا سلوكًا سياديًّا. و لم تجد ما تقدم من الكتب سوى ما لا يعني شيئا في زمن » الثورة« بتعلّة تكريمها في المهرجانات الجهوية ، كأن تلك المهرجانات بريئة من مضادّة الثورة . و لم يفت الجريدة تقديم آراء ممثلي الإتحاد الأوروبي في المؤتمر » التاريخي «. و لم ينس العدد، و لو على خجل، التباكي على حلب و الدفاع عن » معارضتها «، وهي: » النصرة «، أساسا، و » أحرار الشام « ثانويًّا. ثم ختم العدد بــ » كلاسيكو برشلونة والريال«، و » الأسعار المشطة«، في مباراة الإفريقي و سان جرمان.
يقول أبو القاسم ألشابي :
مواكــــبُ إلحـادٍ وراءَ سكوتِكُـم تَضُـجُّ وهــا إنَّ الفضـــاءَ مَـــــــآثِمُ
أَفيقوا فليــلُ النَّــومِ ولَّى شبـابــُهُ ولاحــتْ لــلألاءِ الصَـــّباحِ عَـــلائِمُ
فـدونَ ضـجيجِ الفـاسقين سَكيـنةٌ هيَ المـــوتُ مــمَّا أَورَثَــتْهُ التَّــمائِمُ
عوائـدُ تُحـيي في البـلادِ نوائـبتاً تـقـُدُّ قـُوامَ الـدِّيــن والـدِّيـــنُ قــائِـــمُ
أَفيــقوا وهُبــُّوا هَبــّةً ضـــَيْغَمِيَّةً ولا تحجُمُوا فالموتُ في الجبْنِ جاثِمُ
فدون نِقابِ الصَّمتِ تنمو ملامحٌ تبرقعـتِ الشـــّرَّ الَّـــذي لا يُقـــــاوِمُ
فقـدْ فَـتَّ في زَنْدِ الـدِّيانَــةِ معشـرٌ أثاروا على الإســلامِ مَنْ قَدْ يُهاجــِمُ
فو الحقِّ مَا هذي الزَّوايا وأَهلـُها سِوَى مصـنعٍ فيـهِ تُصـاغُ السَـّخائــِمُ


علينا أن نعود إلى شعارات الثورة الأصلية، وهي ليست مشطّة بمعايير الثورات، و علينا أن ننخرط في الدول التقدمية ( لا في الدول الرجعية) لأن الدول التقدمية تدعم الثوريّة، أما الدول الرجعية فهي مجهضة طموحات الشعوب الثورية.
فعلاً يا جوليا :
انا خوفي ع ولادي .. من ظلم الأيام
ع ارضي ع بلادي .. خوفي ع الأحلام
ما بعرف نحنا لوين رح نوصل لبكرا لوين
لا بتنام العين و لا القلب بينام








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ترامب يواجه محاكمة جنائية بقضية شراء الصمت| #أميركا_اليوم


.. القناة 12 الإسرائيلية: القيادة السياسية والأمنية قررت الرد ب




.. رئيس الوزراء العراقي: نحث على الالتزام بالقوانين الدولية الت


.. شركات طيران عالمية تلغي رحلاتها أو تغير مسارها بسبب التوتر ب




.. تحقيق باحتمالية معرفة طاقم سفينة دالي بعطل فيها والتغاضي عنه