الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الخليفة أبو بكر البغدادي القرشي .. البعد الرمزي للتسمية

جعفر المظفر

2017 / 5 / 23
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الخليفة أبو بكر البغدادي القرشي .. البعد الرمزي للتسمية
جعفر المظفر
إن الإسلام السياسي يختلف عن غيره من الحركات السياسية من واقع إستلهامه لتجارب وإستحقاقات سياسية ماضوية. وفي حين نرى أن هناك إستحقاقا من هذه الناحية في الحالتين التركية والإيرانية يعينهما عليه وجود تاريخي لدولتين قوتين وكبيرتين (العثمانية والصفوية) فإن إفتقاد الإسلام السياسي العربي المجزأ لهذه الميزة يجعله إسلاما فاقدا للصفة التي تجعله وطنيا او قوميا وبما يوفر له بعض ضمانات الإستقلال عن تلكما الدولتين.
وحتى في حالة الأخوان المسلمين الذين يملكون بعدا أمميا مفترضا فإن تكونهم عربيا متأثر بتشتت الحالة العربية وغياب الجسم الواحد الأمر الذي جعل بعدهم القومي مفقودا, وليس كما في الحالتين الإسلاميتين التركية والفارسية, التي جعلهما إستمرار الجسم الجيوسياسي المتماسك للدولتين أكثر قدرة على الحفاظ على الصفة القومية والوطنية المستقلة والقائمة بذاتها ولذاتها.
ولست أرى أن مجموعة الدولة الإسلامية "داعش" بعيدة عن إدراك مفترض لهذه الحقيقة,وما نراه أن هذا التنظيم يدعو المنضوين لصفوفه إلى الهجرة لساحات القتال على أمل أن يحقق ذلك إنعتاقهم من مجتمعاتهم المحلية المجزأة و(الكافرة) ولغرض بناء تجربة تحقق حالة إنتماء جديد موحدة ومتماسكة.
أما المشهد الآخر فهو ذهاب مؤسس التنظيم (إبراهيم عواد إبراهيم علي البدري السامرائي) إلى تسمية تحمل الكثير من الرمزية الماضوية المنتسبة إلى عصر الإسلام الأول:
- فهو أولا خليفة وليس حاكما أو رئيس حزب.
- كما أن إسم أبي بكر يأخذنا إلى الخليفة الأول أبي بكر الصديق.
- وسيعيدنا لقب (القرشي) إلى إستذكار الحجة التي إستند عليها عمر بن الخطاب في يوم السقيفة وأكد فيها على أن (الخلافة من قريش) وذلك لحسم الصراع الذي كان جرى عليها مع مجموعة الأنصار بقيادة سعد بن عبادة.
- وسيضيف الخليفة إلى مجموعة ألقابه لقب (الحسيني) أيضا في محاولة توفيقية لحل الإشكال التاريخي الذي نشأ بعد يوم السقيفة من خلال الجمع ما بين البيتين القرشيين في نسب واحد (تيم وهاشم).
ولربما إعتقد الخليفة أبي بكر البغدادي القرشي من خلال الرمزين "الخليفة + القرشي" أنه يضع الأساس لتجربة إسلامية مستقلة عن التجربتين القوميتين التركية والإيرانية وذات شأن يتجاوز من حيث القدسية شأنهما الذي يظل ملتصقا بتجربتين إسلاميتين مُخْتلَفٌ عليهما وهما العثمانية والصفوية واللتان لا تحملان بعدا توحيديا "سنية التجربة أو شيعيتها" إضافة إلى مابهما من شوائب لا تمت بإعتقاده للإسلام الأول بصلة بل يراها عالقة عليه بكل تأكيد.
- وسيبقى الإقتراب من رمزية إسم الخليفة ناقصا ما لم يتم التوقف امام مفردة (البغدادي) التي قد يكون إختيارها ضمن التشكيلة قد جرى لغرض تجاوز محلية النَسَبِ ورواسبه, فالخليفة هو في الأصل من سامراء التي أضحت في العقود الأخيرة من عمر الدولة العباسية عاصمة لها بعد ان تصاعدت نقمة البغدادين على عساكر الخليفة المعتصم التي كان أغلب جنده وقادته من الأترك.
والعودة إلى التبغدد هنا ربما يتأسس على محاولة إعادة كتابة التاريخ بشكل يعتمد على ما تعني به بغداد كحاضرة كبرى للدولة العربية العباسية وبما يمنح الإنتماء نفسه قدرة الوقوف بما يكفي من الإستقلالية في وجه العاصمتين المتنافستين على الزعامة الإسلامية, اي أنقرة وطهران.
إن تعدد الإسلامات السياسية وإنتسابها إلى تجارب تاريخية مختلفة, وحتى متخاصمة, ربما هي التي اوحت للبغدادي بقضية الخلافة أولا ثم العودة بدولته الإسلامية إلى عصر الخليفة الأول, وسيحاول الخليفة تقديم حل مغري للشيعة بالجمع ما بين شحصين في واحد, ابي بكر على جهة وعلي بن ابي طالب على الجهة الأخرى لحسم مجموعة التداعيات التي أسس لها الصراع السني الشيعي حول خلافة النبي.
وفي (وكالة الأنباء الإسلامية- حق) سنعثر على السيرة التي تقول :
هو الشيخ المجاهد، العابد الزاهد، أمير المؤمنين، وقائد كتائب المجاهدين، أبو بكر القرشي الحسيني البغدادي، من أحفاد عرموش بن علي بن عيد بن بدري بن بدر الدين بن خليل بن حسين بن عبد الله بن إبراهيم الأواه بن الشريف يحيى عز الدين بن الشريف بشير بن ماجد بن عطية بن يعلى بن دويد بن ماجد بن عبد الرحمن بن قاسم بن الشريف إدريس بن جعفر الزكي بن علي الهادي بن محمد الجواد بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب وفاطمة بنت محمد. إنتهى.
لكن التذكيرأن قضية الخلافة نفسها لم تكن من بنات أفكار البغدادي لوحده بدعوى أن العديد كانوا سبقوه, لن يلغي أهمية التعديلات التي أدخلها على إسمه والتي تدل بكل تأكيد على وجود إقترابات دقيقة للتعامل مع الإختلافات التاريخية الإسلامية بمنطق أريد له أن يكون توحيديا, على إفتراض أن الخليفة الجديد, وبغطاء من إنتسابه للبيت العلوي المحمدي هو أكثر شرعية من مدعي الخلافة الآخرين, من أتراك وإيرانيين. والإيرانيون هنا لا يتحدثون عن دولة خلافة وإنما عن دولة الفقيه ونائب الإمام الغائب وحيث أن هناك محاولة لحل إشكالية الإنتساب لآل البيت من خلال التأكيد على صلة العنصر الفارسي ببيت النبي. والعمامة السوداء هنا تأتي من باب التعريف بهذا النسب الذي ينحدر من زوجة الحسين الفارسية أم الإمام الرابع السجاد زين العابدين علي بن الحسين ).
أما الأتراك العثمانيون فقد إستفادوا من تبعيتهم للمذهب الحنفي كونه لا يشترط تحديدا أن يكون الخليفة من قريش, وهي مسألة كان قد منحها (الخوارج) أيضا إهتماما أساسيا بتأكيدهم على جواز الخلافة لرجل من غير قريش وذلك بعد خروجهم على بيعة علي.
إن مسألة الإنتساب للبيت العلوي ومن خلاله الحصول على عضوية آل البيت أو الصلة بهم لعبت دورا اساسيا لمحاولة بعض الحكام العرب حسم قضية الولاء والبيعة تلك التي كان قد بدأ بها الخلاف الشيعي السني والتي تشكل واحدة من أهم بوابات الإفتراق والفرقة في عالمنا الإسلامي.
العراق هو في الصميم من هذا المتساقط التاريخي الذي كان وراء إختيار الملك الحجازي فيصل الأول المنتسب لآل هاشم والذي بدا حينها وكأنه الحل الأمثل لتلافي الإشكال الذي ظل فاعلا منذ يوم السقيفة, وهو أيضا ذا تأثير مباشر هنا لقطع دابر الإقترابات الفارسية من قضية السلطة في العراق حينما يعوزها النسب العلوي ليكون صعبا عليها إختراق هذا الحاجز الفقهي الصلد. وكان صدام حسين نفسه قد ادرك أهمية هذا المشهد وخاصة في أثناء الحرب مع إيران الأمر الذي دعاه إلى إرجاع نسبه إلى البيت العلوي في محاولة واضحة منه للتعامل مع هذه الإشكالية الدينوية التي ستظل تؤثر بإتجاهاتها السلبية المعروفة على قضايا الولاء للسلطة وعلى قدرة السلطة ذاتها إدعاء مشروعية تمثيلها للعراقيين الذي يشكل المسلمون أغلبيتهم المتفوقة عدديا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بين الحنين والغضب...اليهود الإيرانيون في إسرائيل يشعرون بالت


.. #shorts - Baqarah-53




.. عرب ويهود ينددون بتصدير الأسلحة لإسرائيل في مظاهرات بلندن


.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص




.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح