الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الديمقراطيات لم تبني الأمم والدول!!

بير رستم
كاتب

(Pir Rustem)

2017 / 5 / 24
القضية الكردية



بير رستم (أحمد مصطفى)
إننا نسمع كثيراً عن استبداد الإدارة الذاتية في روج آفا (سوريا) بحق الناشطين والمعارضين على سياساتها وبالأخص بالنسبة لأعضاء وكوادر المجلس الوطني الكردي، حيث الملاحقة والاعتقالات والمضايقات وذلك ضمن سياسة أقرب إلى سياسات دول المنطقة وأحزابها وأيديولوجياتها بحيث تكون لها كل السلطات أو على الأقل تكون هي صاحبة الكلمة الأخيرة وما الآخرين إلا أن يقبلوا بدور كومبارس ثانوي، مما يدفع بالكثير من مناصري المجلس إلى رفض سياسات الإدارة الذاتية، بل ونعتها بكل الصفات بما فيه التخوين والعمالة للنظام السوري، لكن وبمراجعة سريعة لتاريخ الشعوب والدول، سوف نلاحظ بأن؛ تلك الدول والحضارات لم تبنى من خلال النيات الطيبة أو الديمقراطيات وخطابات المحبة، بل وللأسف فإن التاريخ يخبرنا بأن كل تلك الأمم شيدت على الجماجم ومن خلال الحروب وليس الحريات.

طبعاً سيحاول الكثيرين _وكما في المرات السابقة_ أن يفسروا المقال على إنه تبرير للقمع والاستبداد وذلك على الرغم من تكراري الدائم؛ بأن لا مبرر للديكتاتوريات، لكن وعندما لا يكون هناك البديل الديمقراطي حيث الظروف التاريخية والمجتمعية غير مواتية لبناء هكذا كيان سياسي مجتمعي، فأنت ذاهب إما إلى الفوضى أو الخضوع لمشيئة الآخرين وبالتالي تبقى قضية الاستبداد الخيار الوحيد الذي أنت مجبر القبول به مرحلياً لبناء الكيان الخاص بك وبمشروعك السياسي ومن ثم العمل على إنجاز ثورتك الاجتماعية.. وفقط لنعد لتاريخ كل الدول والمجتمعات، فإننا سوف نجد بأن كان هناك دائماً أحد (الرموز الوطنية) قد تبوأ قيادة حركة ما وبها تمكن من تسيير المرحلة التاريخية لأجندات حركته وأجمع _أو بالأحرى أخضع_ الأمة لمشروعه السياسي؛ "أجمعهم على كلمة واحدة" وذلك تكرر في كل العهود والجغرافيات منذ الثورات الدينية الكبرى كالإسلام والذي جعل من القبائل العربية المشتتة والخاضعة للروم والفرس أمة قوية تحت إمرة قائدها "محمد بن عبد الله" وكذلك كل حركات التاريخ الأخرى؛ القومية (بسمارك؛ الإمبراطورية الألمانية النمساوية) أو ما عرفت أخيراً بالاشتراكية والثورة الشيوعية وقائدها لينين.

وهكذا فمن يريد أن يبني وطناً والخروج من ظل الاحتلال والخنوع لا بد أن يدفع ضريبة ذلك دماً وحريات عامة للأسف حيث عندما تكون خاضعاً لحالة الاغتصاب على صعيد قضيتك الوطنية، مثل المسألة الكردية، وفي ظل واقع اجتماعي وسياسي متخلف قبلي مستبد، فإنك مجبر على تشييد حركة تملك من الحزم والقوة ما يجبر كل أطياف المجتمع المفتت للخضوع لها وهي بشكل أو آخر تعني الاستبداد.. ومن هنا يأتي قضية القبول بالأمر الواقع، كون لا بديل ديمقراطي في الظروف الآنية، لكن ذلك لا يعني التوقف عند نقطة التحرر من الاستعباد الخارجي، بل لا بد من استكمال ثورتك الاجتماعية الفكرية وبالتالي التحول إلى دولة القانون والمشاركة السياسية بين مختلف أطياف الحراك الاجتماعي والسياسي داخل الكيان المشيد وهي المرحلة الأهم؛ حيث كلما تأخرت الثورات الاجتماعية، كلما ترسخ جذور الاستبداد في المجتمعات ولذلك وبعد التحرر الوطني من الاستعمار الأجنبي، لا بد للقوى الوطنية، المطالبة بحكومة شراكة وطنية وبناء مؤسسات الدولة على أسس دستورية وانتخابات برلمانية تنتخب حكومتها الشرعية مع ضمان حق العمل السياسي للمعارضة ولمختلف المؤسسات المجتمعية المدنية.

وهكذا وللوصول للهدف والغاية، لا بد من بناء قوات تدافع عن مشروعك السياسي والكيان الذي تعمل على تأسيسه وبناءه.. ومن هنا كانت فكرة إنشاء قوات حماية الشعب في "روج آفاي" كردستان حيث هي التي تأسست بإمكانيات جد متواضعة، لكن باتت اليوم إحدى أهم القوات العسكرية المتواجدة ضمن الجغرافية الحالية لسوريا والتي ستفرض شروطها في المعادلة الوطنية، طبعاً وفي هكذا حروب داخلية وظروف استثنائية قد ترتكب جرائم وليس أخطاء فقط، لكن تبقى القوات الكردية هي أكثر قوة عسكرية تنظيماً وشفافيةً ولم تنجر لارتكاب جرائم حرب كما بقية القوات وذلك على الرغم من بعض الأخطاء هنا وهناك، مثل موضوع "تجنيد القاصرات" والتي روجت لها بعض الدوائر وهي في حقيقة الأمر لم ترتقي لمستوى الجريمة المنظمة، كما يروجها أولئك البعض، وإن كانت هناك بعض الحالات التي ارتكبت فيها أخطاء، كما قلنا.. ولذلك يمكننا التأكيد: بأن لولا التجنيد الإجباري لكانت نسائنا تباع في أسواق النخاسة بمدن مثل الموصل والرقة، كما أرتكب بحق نسائنا وأخواتنا الأيزيديات.

أما بخصوص الاستفراد والاستبداد ولعلم الجميع وكما قلت في بداية المقال؛ إنني من أشد الرافضين لكل الديكتاتوريات والأحزاب والعقائد الشمولية ومنها العقيدة والفلسفة الثورية للعمال الكردستاني وغيرها من الفلسفات الثورية الشمولية، لكن وكما قلت سابقاً، فإن الديمقراطيات لا تبني الدول والمجتمعات، بل وللأسف كل الدول والمجتمعات والأمم تأسست وتشكلت على أيدي أحد المستبدين الذين تحولوا في نظر الأمة لرمز وقائد تاريخي.. وإن كل من يرفض تلك المقولة فليعد للتاريخ ويتحفنا، بأن أي الأمم والدول والإمبراطوريات قامت على الديمقراطية وليتفضل حينها ويقيم شأناً للأمة والكيان الكردي مشكوراً بديمقراطيته العتيدة، رغم أن أي حزب كردي يسقط في أول امتحان ديمقراطي وذلك عند انتخابات مؤتمراتها وقياداتها التي لا تختلف بشيء عن قيادات وحكومات تلك الدول الغاصبة لكردستان.. ولذلك دعونا نبني كياناً, لكن دون أن نتوقف عند تلك اللحظة التاريخية المفصلية وذلك كي لا يكتب أحدنا؛ "أنتم أمة ضحكت من جهلها الأمم"!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. منظمة -هيومن رايتس ووتش- توثق إعدام 223 مدنيا شمال بوركينا ف


.. بعد فض اعتصام تضامني مع غزة.. الطلاب يعيدون نصب خيامهم بجامع




.. بينهم نتنياهو و غالانت هاليفي.. مذكرات اعتقال دولية بحق قادة


.. بسبب خلاف ضريبي.. مساعدات الأمم المتحدة عالقة في جنوب السودا




.. نعمت شفيق.. رئيسة جامعة كولومبيا التي أبلغت الشرطة لاعتقال د