الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لن نسمح أن تصبح تونس قاعدة لإحتلال أطلسي للجزائر

عادل بن خليفة بالكحلة

2017 / 5 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


مقال رأي:
لن نسمح بأن تصبح تونس قاعدة لإحتلال أطلسيّ للجزائر!!
د. عادل بالكحلة
(باحث في الأنثروبولوجيا، الجامعة التونسية)

اليمينان: العلماني والديني يلعبان بالأمن القومي العربي، ولا وجود ليسار(بالمعنى الذي اختاره حسنين هيكل) يوقف ذلك...
لم تبالِ الرجعية العربية (ذات الأصل السلفي) بالخليج أن تَنصب قواعد عسكرية واستخبارية لاحتلال العراق؛ ولم تبالِ تركيا ذات السلطة الإخوانية أن تواصل في انتماء دولتها لحلف شمال الأطلسي وفي تدعيم العلاقات التركية – الإسرائيلية، فتنخرط في الحرب العالمية على سوريا عام 2011 وتجعل قاعدة إنْجِرْليك منصّة للاعتداء الأمريكي على السيادتين السورية والعراقية، وتهيّئ الظروف اللوجستية لاستقبال السلفيين الجهاديين من جميع أنحاء العالم (مطارات، موانئ، بنوك، مخيّمات تدريب بالجنوب...).
ضمن هذا السياق، كان اليمين الديني التونسي منذ بداية 2011 يبشر بـ« ربيع عربي» بالجزائر، فينشر الإشاعات أن الاحْتجاجات عام 2011 بالولايات التونسية على حدود الجزائر والحوادث الأمنية الغامضة بها وأن الإضرابات المنجميّة بولاية قفصة، وراءها « الاستخبارات الجزائرية» و« النظام الجزائري» (وكلمة « نظام» في الاصطلاح الإخواني الجديد تعني الدولة غير المرغوب فيها، في اعتداء صارخ على مصطلحية القانون الدستوري!).
بل كانت له شبكة من المهندسين ومقاولي البناء والكهرباء، يأكلون « غَلَّة» الجزائر و«يسبّون ملّتها»، كما يقول المثل المغاربي، بمعنى أن الدولة الجزائرية كانت تكلّفهم (وبعضهم من قَبْل 2011) بأشغال كبرى متوسطة الأمر وطَوِيلَتِها، بينما هم كانوا في الآن نفسه طليعة لوجِسِتِيّة، من أجل « ربيع جزائري» رديف للخريف العربي الإخواني – السلفي ذي التوجيه الاستخباري – الأمريكي.
وما كان الوجود السلفي – الجهادي بجبل الشعانبي (من ولاية القصرين) موجَّهًا للأمن الداخلي التونسي بقدر ما هو موجّه ضد السيادة الجزائرية.
إن أي وجود عسكري أمريكي وأطلسي، بتونس، على البرّ أو على البحر، في الصحراء أو في المدن، بقرار من اليمين القديم واليمين الوارث للتجمع الدستوري الديمقراطي، إنّما هو بدايات حرب على الدولة الجزائرية. وأي تهاون في مواجهة عودة فلول المنهزمين العائدين (على مستوى استراتيجيا جدّية لاستتابتهم وجعلهم يقومون بمراجعة دينية، وعلى مستوى إدماجهم اقتصاديًّا وتشغيلهم، علاوةً على محاسبتهم، ولم نَرَ إلى حدّ الآن إشارة لاستعداد من أجل ذلك!!)، إنما لا يعني – ذلك التهاون – ضربًا للسيادة التونسية بقدر ماهو ضرب للسيادة الجزائرية.
ذلك لأن السلفية الجهادية موجَّهة إلى حدّ كبير من قَطر والسعودية، وعلاقاتهما باليمين الديني التونسي والدولة العميقة التونسية جيّدة، بينما السلفية الجهادية والرجعية العربية في حالة حقد دائم على الدولة الجزائرية، تمامًا كالولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل والغرب، لأنّها بقيت « الوحيدة» بعد ضرب الدولة العراقية والدولة السورية مصّرة على الاقتصاد الاجتماعي – السّيادِيّ (الذي ليس في مصلحة التمدد الرأسمالي – العالمي) ومصرّة على البقاء في محور رفض إسرائيل ورفض التبعيّة للإمبريالية الغربية والتحالف مع الدول السيادية – التقدمية (الصين، روسيا، كوبا، أمريكا الجنوبية، إيران، جنوب إفريقيا...)... ولذلك من المُمكن أن يُوظَّف السلفيون الجهاديون التونسيون العائدون من قِبل الاستخبارات الأمريكية والدولة العميقة التونسية لضرب الأمن القومي الجزائري.
لقد كان اليمين الديني التونسي مظلوماً من نظام بن علي، فبادر إلى تكوين « الخلايا النوعية»، منذ أواسط عام 1989، وهي ميليشيات كانت تصنع سلاحًا بدائيا، ثم دخلت طور السلاح الحديث المستورد، ولكنه من حسن الحظ تفطن إلى أنه بذلك لن يضرب النظام بل سيضرب الدولة ويَفتح الباب أمام التدخل الإمبريالي، فتخلّى عن مشروعه ذلك بسرعة.
ولكنّه ناقض تعقله ذاك عام 2011، فكان من مؤسسي « مؤتمر أصدقاء سوريا » بتونس، الذي يهدف إلى المطالبة بـ« حق » سياسي بواسطة باطل هو استعمال العنف ضد الدولة، والاستقواء بالإمبريالية (فكانت الولايات المتحدة من أركان ذلك المؤتمر). وبذلك كان أئمة الجمعة الإخوانيون عام 2011 – 2012 لا يعبّئون الشباب في الخطب الجمعية فحسب، ضد «علمانية » سوريّة قبلوها في النظام والدستور التونسيين « الجديدين»، و «كُفر» سوري لم يحدّدوا خصائصه؛ بل كانوا أيضا من منظمي التسفير إلى مَوَاطن « الجهاد» السوري، بالتنسيق مع المال القطري واللوجستية التركية.
ولقد قال أحد القادّة الكبار لليمين الديني التونسي آنئذ :« لو كنت شابًّا لسافرتُ إلى سوريا الجهاد اليوم!»، بينما كان وزير الخارجية الإخواني ينادي صراحة بذلك المؤتمر وغيره إلى إسقاط « نظام» كان يؤوي الكثير من الإخوان التونسيين (بعضهم اضطرّ نظام الخرطوم للتخلي عنهم فهاجروا إلى دمشق) وكان رئيس الحزب ينشر بعض كتبه الممنوعة بتونس بدور نشر دمشقية، وله علاقات حسنة بالرئاسة السورية.

ماهو معقول اليوم، هو مراجعة إخوانية، جذرية لمفاهيم « الإسلامية» و« العلمانية » و« الكُفر» و«الإيمان» و« الديمقراطية» ولعلاقاتها بآي-باك والولايات المتحدة الأمريكية، وتركيا حلف شمال الأطلسي، وللرّجعية الخليجية ذات القواعد العسكرية الأمريكية والبريطانية والفرنسية، وعلاقاتها أيضًا بالسلفية الجهادية، بل خاصة بمبادئ الثورة التونسية: « الحرية» و« الكرامة» و« التشغيل» و« السيادة» و« مقاطعة الصهيونية»...فشعبنا صعبٌ جدًّا، ولن يغفر إلى الأبد...
لقد كتـب الأخ الجـزائري إسماعيـل القاسمـي الحسني في جريدة رأي اليوم الإلكترونية تحت عنوان : « تونس: حين تجلب الطاعون إليها (.....) »، مستعيدًا قول المرحوم محمود درويش: « أمريكا هي الطاعون والطاعون هو أمريكا»، منبّها إلى أن استقدام السلطة التونسية للولايات المتحدة بتعلات حمايتها مــن «الإرهاب»، إنّما تدخل الطاعون إلى بيتها، في الوقت الذي « ربما» تستهدف فيه الكيان الجزائري، رغم أن الجزائر هي التي أنقذت السياحة التونسية، ومن ثمّة الميزانية التونسية طيلة سنوات الخريف. وهو يدعو النخب إلى تنبيه السلطة وإيقافها عن اللعب بالأمن القومي المغاربي، مستغربًا عدم طلب السلطة التونسية لحاجتها لطائرات دون طيّار من الجزائر التي تنتجها (تماما مثل جنوب إفريقيا وإيران)، وعدم سعيها لتأسيس أمن قومي مغاربي حقيقي، مفضّلّة التعامل القُطري المنفرد مع « الطاعون الأمريكي». وقد كتب وزير الخارجية الجزائري للسلطة التونسية في 23/07/2015 : « على تونس أن تختار بين أمريكا والجزائر!»، والإجابة نجدها في « كليلة ودمنة»: « لقد أ ُكِلْتُ يوم أُكِل الثور الأسود!». ولسنا تونسيّين وجودًا إذا لم نكن جزائريّين جوهرًا...
12/01/2017








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحذير من الحرس الثوري الإيراني في حال هاجمت اسرائيل مراكزها


.. الاعتراف بفلسطين كدولة... ما المزايا، وهل سيرى النور؟




.. إيران:ما الذي ستغيره العقوبات الأمريكية والأوروبية الجديدة؟


.. إيران:ما الذي ستغيره العقوبات الأمريكية والأوروبية الجديدة؟




.. طهران تواصل حملتها الدعائية والتحريضية ضد عمّان..هل بات الأر