الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثمن الخيانة العظمى و تفكك الاتحاد السوفيتي الحلقة الثانية

نجم الدليمي

2017 / 5 / 25
مواضيع وابحاث سياسية





المبحث الثالث : حدث غير مالوف
المطلب الاول : لماذا الأستفتاء ؟
إتخذ مجلس السوفيت الاعلى [ البرلمان السوفيتي ] ومجلس السوفيت الاعلى لجمهورية روسيا السوفيتية [ البرلمان الروسي] قراراً حول القيام بالأستفتاء الشعبي وجوهره وجود اوعدم وجود دولة الأتحاد السوفيتي ، وهذا القرار ينطبق عليه المثل القائل « حق يراد منه باطل » .
في 17/3/1991 طرح غورباتشوف مسألة إصلاح الاتحاد السوفيتي ، اي التحول من الأسم الرسمي ( إتحاد الجمهوريات السوفيتية الأشتراكية) الى الأسم الجديد – طبعاً خدعة – ( إتحاد الجمهوريات ذات السيادة ) وان يتم ذلك عبر الأستفتاء الشعبي العام ، وهنا واجه الشعب السوفيتي مفاجآت وخرافات لا يصدقها المجنون ناهيك عن الانسان المتزن والعاقل .
في ورقة الاستفتاء المعدة للتصويت حول بقاء او عدم بقاء دولة الاتحاد السوفيتي طرح السؤال التالي (( هل انتم تعتقدون بضرورة الحفاظ على اتحاد الجمهوريات السوفيتية الأشتراكية [ الاتحاد السوفيتي] وبأي طريقة يتم تجديد الاتحاد لضمان السيادة والمساواة للجمهوريات والذي سوف يضمن وبشكل كامل حق وحرية الانسان من اي قومية كانت )) الاجابة بنعم او لا ؟!. غريب حقاً .
يمكن ان نطرح أسئلة عديدة ومشروعة وهامة ومنها على سبيل المثال: من هو صاحب هذه الفكرة الصفراء – السوداء ؟ وكيف وافقت قيادة الحزب الشيوعي السوفيتي على طرح مثل هذا السؤال الخطير – طبعاً – بأستثناء غورباتشوف وفريقه الخائن ، وكيف وافق البرلمان السوفيتي والروسي على صيغة هذا السؤال اللامشروع ،علماً ان الغالبية من اعضاء البرلمان السوفيتي والروسي من قادة وكوادر واعضاء واصدقاء الحزب الشيوعي السوفيتي ؟ ماهو دور جهاز أمن الدولة [ كي. جي. بي] ولماذا التزم الصمت ولم يحرك ساكن وهذا مخالف للدستور الأشتراكي السوفيتي ؟ واين دور الطبقة العاملة وحلفائها من طرح هذه الفكرة الشاذة وغير المألوفة ؟ وهل يمكن طرح سؤال هدفه الرئيس تفكيك الدولة العظمى لمن ولمصلحة من ؟!.
لقد لعب الأعلام الليبرالي المتطرف في جمهورية روسيا السوفيتية بشكل عام وفي موسكو ولينينغراد بشكل خاص دوراً هاماً ومسانداً لفكرة غورباتشوف وفريقه المرتد ، وحظي هذا التوجه بالأسناد والدعم من قبل الأعلام الغربي – الاميركي ، وبالرغم من كل ذلك فأن الشعب السوفيتي قد صوت لصالح بقاء الاتحاد السوفيتي [ إتحاد الجمهوريات السوفيتية الأشتراكية ] بنسبة مابين 77 -80 % ،وفي جمهوريات آسيا الوسطى بلغت نسبة التصويت لصالح بقاء الاتحاد السوفيتي أكثر من 85% واليوم لو يتم طرح سؤال على الشعب السوفيتي بصيغة ‹‹ هل توافقون على عودة الاتحاد السوفيتي ، وعودة الأشتراكية كنظام سياسي واقتصادي أجتماعي ›› ستكون الاجابة بنعم أكثر من 85% ، ولكن ...؟!.
يمكن أن نصل الى إستنتاج علمي وموضوعي ، ان مستوى الوعي السياسي لدى الغالبية العظمى من المواطنين السوفيت وخاصة في مرحلة مايسمى بالبيريسترويكا ( 1985-1991) كانت أعلى مما لدى غالبية اعضاء وكادر وقيادات الحزب الشيوعي السوفيتي الحاكم والبالغ عدد اعضاء الحزب نحو (20) مليون عضواً والدليل نتيجة التصويت
ان برنامج هارفارد الأميركي الخطير في شكله ومضمونه حول قيام ((الاتحاد الأقتصادي للجمهوريات ذات السيادة)) والذي يهدف الى الأنتقال الى السوق [اي اقتصاد السوق الرأسمالي ] وفي الصفحة (17) من هذا البرنامج ، يؤكد كاتب البرنامج على مسألة غاية في الخطورة وهي ((كيف يتم تجديد الاتحاد على اساس المساواة والسيادة)) ؟ وكذلك تم التأكيد على ((سيادة الجمهوريات)) و ((تجديد الاتحاد)) . ان الجوهر الرئيس لهذه التعديلات وغيرها هو العمل على تفكيك الاتحاد السوفيتي الى دول مستقلة وذات سيادة ؟ والتحول من الأشتراكية الى الرأسمالية المفرطة في وحشيتها .
ان الغريب في الامر ، ان غورباتشوف وفريقه الخائن ، والسلطة التشريعية [ البرلمان السوفيتي ] التي أصابها سبات أهل الكهف ، أما الحزب والسلطة التنفيذية فقد أصابتهم الغيبوبة السوداء ، وأتصفت قيادة الحزب والسلطة التنفيذية باللامبالات وعدم الشعور بالمسؤولية وخاصة المخلصين في الحزب والسلطة التنفيذية ، في حين إن(( الطابور الخامس )) و((عملاء النفوذ )) في الحزب والسلطة قد نشطوا بشكل فاعل وملموس وعلني وبدعم من غورباتشوف والغرب الأمبريالي بزعامة الأمبريالية الأميركية، وبالنتيجة لم يتم الأخذ بنتيجة التصويت الشعبي التي حددت موقفها وبشكل علني مع بقاء دولة الاتحاد السوفيتي [ ومع ذلك يدعون الديمقراطية وحقوق الانسان ...] ؟!.
إن تفكيك دولة الاتحاد السوفيتي قد تم بالضد من إرادة ورغبة وطموح الغالبية العظمى من الشعب السوفيتي ، وتم التفكيك بشكل مخالف للدستور السوفيتي والديمقراطية ، إلا إن هدف غورباتشوف وفريقه المرتد والمدعومين من قبل الولايات المتحدة ومؤسساتها الدولية هو نفس هدف الأمبريالية الأميركية ومؤسساتها المالية والأقتصادية الدولية المتمثلة بصندوق النقد والبنك الدوليين وبالتالي فأن غورباتشوف وفريقه الخائن قد حققوا ما كان يطمح اليه كل من هتلر وترومان ودالاس وغيرهم من المعادين للسلطة السوفيتية ، وهذه هي الحلقة المركزية في برنامج هارفارد الاميركي . نطرح سؤال : هل يمكن ان يحدث في الولايات المتحدة الاميركية مثلما حدث في حكم الخائن غورباتشوف ؟وهل يمكن تمريرسيناريو ومسرحية الخيانة العظمى – البيريسترويكا – على وكالة المخابرات المركزية الأميركية ( C.I.A ) ؟!.

المطلب الثاني : السوق الليبرالية ودور (( الطابور الخامس )) و (( عملاء النفوذ)) في تفكيك دولة الاتحاد السوفيتي
على ضوء نتيجة الأستفتاء الشعبي والتي لم يتم الاعتراف بها من قبل غورباتشوف والغرب الأمبريالي بزعامة الأمبريالية الأميركية بالرغم من أن نتيجتها كانت مشروعة وشرعية 100% ، وعلى ضوء ذلك تم الاتفاق على عقد معاهدة جديدة حول تكوين الأتحاد الأقتصادي وتم تحديد موعد لذلك في 20/8/ 1991 ، وكما هو معروف فأن غورباتشوف في الاوقات الحرجة والصعبة والهامة يسعى للتهرب من ذلك ، بدليل ان البلاد وصلت الى مرحلة خطيرة والى طريق مسدود بقاء أو عدم بقاء دولة الاتحاد السوفيتي بسبب نهج ما يسمى بالبيرويسترويكا ، قرر غورباتشوف التمتع بأجازته السنوية في القرم على البحر الاسود .
إن فكرة تشكيل لجنة الدولة للطوارىء تمت مناقشتها داخل قيادة الحزب الشيوعي السوفيتي في ابريل – آيار عام 1991 وتم مناقشة فكرة اعلان حالة الطوارىء وتشكيل لجنة الدولة للطوارىء واعلان حالة الطوارىء في الجمهوريات والاقاليم الغير مستقرة سياسياً وأقتصادياً بفعل العامل الخارجي وتدخله بشكل غير مباشر من خلال دعم الحركات القومية الانفصالية في بعض الجمهوريات ومنها جمهورية أذربيجان وأرمينيا وجمهوريات البلطيق ، فان غورباتشوف قد وافق من حيث المبدا على تشكيل لجنة الدولة للطوارىء ، وفي 19/8/1991 أصدر غورباتشوف مرسوماً بتشكيل لجنة الدولة للطوارىء ، وكان الهدف الرئيس للجنة هو الحفاظ على وحدة وكيان النظام والدولة السوفيتية.
لقد أتصف سلوك غورباتشوف بالسلوك الأنتهازي واللامبدئي فهو ((حرباء)) بأمتياز ، فهو من جهة يصدر مرسوماً بتشكيل لجنة الدولة للطوارىء ويحدد رئيسها واعضاؤها وبنفس الوقت لم يؤيد ويساند أعضاء لجنة الدولة للطوارىء واجراءاتهم في الحفاظ على وحدة وكيان وسيادة الأتحاد السوفيتي ، وبعد غياب الحسم وعدم استخدام القوة العادلة بهدف الحفاظ على دولة الاتحاد السوفيتي من قبل اعضاء لجنة الدولة للطوارىء ، تم اعتقالهم من قبل بوريس يلتسين وفريقه (( الديمقراطي)) المدعوم من قبل الغرب الرأسمالي وخاصة من قبل الأمبريالية الأميركية ، وهذا تم بعلم غورباتشوف الذي راهن في سلوكه الأنتهازي وعلاقاته مع اعضاء لجنة الدولة للطوارىء ومع يلتسين في ان واحد ، فأي طرف يحقق الفوز فهو يرجع من القرم على ظهر الحصان الأبيض -كما يقال- ويؤيد الفريق المنتصر ، هذا هو جوهر السلوك الأنتهازي واللامبدئي ، اما تنفيذ غورباتشوف لمعاهدة الاتحاد الأقتصادي للدول المستقلة [جمهوريات الاتحاد السوفيتي] فهو مستمر بالعمل لإنجاز هذه الفكرة الخبيثة .
في يوم 19/8/1991 كان عدد المؤيدين لبوريس يلتسين وفريقه ((الديمقراطي)) المدعوم من قبل اميركا لم يتعدى (1000) شخص معظمهم من حثالة البروليتاريا ، ولكن القيادة الرئيسية للمؤيدين كانت قيادة من العناصر غير الروسية [ كاتب السطور كان شاهداً ميدانياً على الاحداث 19/8-21/8/1991 ] . وفي اليوم الثالث للانقلاب الحكومي الذي قام به يلتسين وبدعم أميركي لم يتعدى عدد المؤيدين للأنقلاب الحكومي مابين (5-6) ألف شخص ، وهذا يشكل نقطة في بحر –كما يقال- في حين عدد سكان الاتحاد السوفيتي كان (290) مليون نسمة؟!. من أجل تنفيذ برنامج هارفارد الأميركي الذي ينص على ((الانتقال الى السوق )) اي الانتقال الى اقتصاد السوق الرأسمالي من أجل تقسيم الأتحاد السوفيتي الى دول مستقلة وذات سيادة ، قام الرؤساء الثلاثة (( المنتخبين)) وهم يلتسين رئيس جمهورية روسيا الاتحادية ، وكرافجوك ، رئيس جمهورية اوكرانيا ، ورئيس البرلمان البيلاروسي شوشكيفيج .وبتاريخ 8/12/1991 ، أجتمع هؤلاء الرؤساء الثلاثة بوريس يلتسين [ مرشح المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوفيتي ] ، كرافجوك ، عضو المكتب السياسي ومسؤول العمل الايديدولوجي في الحزب في اوكرانيا ، وشوشكيفيج ، عضو الحزب الشيوعي السوفيتي ، إستاذ جامعي ، وتم عقد الأجتماع الخياني على الارض البيلاروسية وفي مكان قريب من الحدود البولونية ، تحسباً لمخاطر الفشل ومن اجل الهروب الى بولونيا وهذا كان بعلم وكالة المخابرات المركزية الأميركية والمخابرات البولونية ، وفي حالة فشل الأجتماع سيتم نقلهم الى بولونيا مباشرة وبعدها ...؟!.
لقد وقع هؤلاء الخونة الثلاثة وكانوا هم وفريقهم في حالة سكر لا يحسدون عليها وخاصة يلتسين وبالتالي تم توقيع معاهدة بيلوشيفسكيا بوشا ، وعلى أساس هذه المعاهدة الخيانية تم أعلان عملية إغتيال دولة الاتحاد السوفيتي، وبعد التوقيع على هذه المعاهدة اللاشرعية واللاقانونية قام يلتسين بالاتصال بالرئيس الأميركي بوش الاب [ عبر وزير خارجيته إندريه كوزوروف المقيم الان في أميركا ، طابور خامس بأمتياز ومناهض للنظام الحاكم في موسكو اليوم ] أخبره أنه تم تنفيذ برنامج هارفارد الاميركي ، اي إختفاء وتفكك الاتحاد السوفيتي وأختفاؤه من الساحة الدولية.
نقول ((مبروك)) على قادة بعض الأحزاب الشيوعية وخاصة بعض الاحزاب الشيوعية العربية التي ساندت في وقتها نهج الخائن غورباتشوف حتى آخر ايامه السوداء ، وقامت بالتثقيف الداخلي لأعضاء حزبها حول اهمية ودور مايسمى بالبيريسترويكا الصفراء سيئة الصيت في شكلها ومضمونها ، والاكثر من ذلك قامت بعقد الندوات ((العلمية )) في عام 1989 ، عام ناقوس خطر التفكك ... فاليوم قسماً من هؤلاء ((القادة)) قد ترك العمل السياسي وتحول الى رجل أعمال (بزنس) وبمصاف الاغنياء الجدد ، والقسم الآخر قد ترك (هجر) العمل السياسي متأسفاً على ماضيه السياسي، والقسم الآخر لايزال موجود في الحزب ويعمل من أجل إفساد العمل السياسي الحزبي واضعاف وتخريب الحزب بوسائل عديدة وبالتالي تم شل دور ومكانة الحزب وسط الشغيلة والمجتمع ، بدليل لعبوا ويلعبون اليوم دوراً ممنهجاً وخطيراً في تحويل أحزابهم الثورية الى احزاب إصلاحية ، احزاب الأشتراكية – الديمقراطية من حيث الجوهر الرئيس .
لقد علَم وعرف جهاز امن الدولة في جمهورية بيلا روسيا بعقد الأجتماع الخياني الذي [ ضم الرؤساء الثلاثة يلتسين ، كرافجوك ، شوشكيفيج وكان المجتمعون في حالة من الثمالة الكارثية] وقام بأبلاغ موسكو حول الحدث [ جهاز أمن الدولة السوفيتي] وبأنتظار الجواب والأمر من غورباتشوف ورئيس جهاز امن الدولة الجنرال كرجكوف من أجل أتخاذ الأجراء اللازم بخصوص ذلك بهدف أحباط وافشال هذا الأجتماع اللاشرعي واللاقانوني الذي قام به الرؤساء الثلاثة الفاسدين والمأجورين للأمبريالية الأميركية وحلفائها . إلا ان غورباتشوف لم يحرك ساكناً بالرغم من إنه الرئيس الشرعي لدولة الاتحاد السوفيتي وقتها ، ولكن على مايبدو إنه كان متفق مع هؤلاء المرتزقة سواء كان ذلك بشكل مباشر أو غير مباشر حول تفكيك دولة الاتحاد السوفيتي ، وبهذا الخصوص يجب ان نتذكر ما قاله فلاديمير لينين حول الخيانة : الخيانة سواء كانت بشكل مقصود ومخطط لها أو بفعل الجهل وضعف الأدراك والوعي فالنتيجة هي واحدة – خيانة . وإلا ماذا يفسر الموقف السلبي للمرتد غورباتشوف من إنه لم يحرك ساكناً ، ولم يتخذ اي اجراء معين ضد الفاسدين الثلاثة وضد معاهدة الخيانة العظمى معاهدة ((بيلوشيفسكيا بوشا)) وهي معاهدة غير شرعية وغير قانونية أقدم عليها الرؤساء الثلاثة الخونة والمرتدين ، الذين إجتمعوا مع (( خبراؤهم )) وقرروا تفكيك الاتحاد السوفيتي لصالح الأمبريالية الأميركية المفرطة في عدوانيتها ووحشيتها واجرامها اللامشروع ، ومن دون الرجوع للشعب السوفيتي .
نعتقد ، لو كان ميخائيل غورباتشوف صادقاً وطنياً ، مخلصاً وأميناً لشعبه وأيديولوجيته وحزبه لأستطاع وأقدم على إصدار أمراً لجهاز أمن الدولة [ كي. بي. جي] بإعتقال هذه العصابة الماردة والمارقة والفاسدة وإحالتهم الى المحكمة وفق الدستور السوفيتي بتهمة الخيانة العظمى وبالملموس ، فلو فعل غورباتشوف ذلك لكان الاتحاد السوفيتي اليوم موجوداً كقطب أيديولوجي واقتصادي وسياسي وعسكري رئيس لصالح الشعوب الفقيرة ولصالح الاستقرار السياسي والأقتصادي والامني على الصعيد الدولي ، ولما حلصت الفوضى والحروب غير العادلة في بلدان آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية بشكل عام وماحدث ويحدث اليوم في منطقة الشرق الاوسط تحت سيناريو وغطاء مايسمى بالربيع العربي الذي أشعلته الأمبريالية الأميركية وحلفائها من اجل تحقيق أهداف اقتصادية وعسكرية ، اي الهيمنة على موارد المنطقة وخاصة النفط والغاز وضمان أمن الكيان الاسرائيلي وتقويض الانظمة المناهظة لها والعمل على تصريف جزءاً من أزمتها الأقتصادية التي تحمل طابعاً بنيوياً غير قابل للعلاج.
أن هذا النموذج الحي والملموس قد حث بسبب غياب الاتحاد السوفيتي أولاً ، وبسبب النهج العدواني والغطرسة الأميركية وبالتعاون والتنسيق مع حلفائها وخاصة مع السعودية وقطر والامارات .... ومع تركيا ، ونتائج ما يسمى بالربيع العربي كانت ولاتزال وستكون كارثية ليس فقط على شعوب منطقة الشرق الاوسط ، بل على شعوب البلدان الرأسمالية وبسبب ((الحريق العربي)) حل الدمار الأقتصادي والأجتماعي ودمار كامل للبنى التحتية وللاقتصاد الوطني ، والخسائر البشرية والمادية التي بلغت مئات المليارات من الدولارات الاميركية ، والهجرة المنظمة وخاصة من الشباب العربي ، وسياسة الأرض المحروقة ...، وان كل ذلك يشكل أفرازاً ونتيجة خطيرة كان مخطط لها مسبقاً من اجل تدمير شعوب منطقة الشرق الاوسط وتأجيج الصراعات القومية والطائفية في هذه البلدان ، والعمل على تقسيمها وادخالها في صراعات لها بداية وليس لها نهاية ، إن المستفيد الاول من هذا السيناريو الكارثي والاسود هي الأمبريالية الاميركية والكيان الاسرائيلي بالدرجة الاولى .
إن ما حدث للاتحاد السوفيتي يفوق كل التصورات والتقديرات والخيال، بدليل يتم تفكيك دولة عظمى ومن الداخل على يد شلة من المرتزقة والخونة داخل الحزب الحاكم وتحت سيناريو مايسمى بالبيريسترويكا (1985-1991) . ان هذه الشلة الفاسدة ، وهذه العصابة المرتزقة الأجرامية التي كان نشاطها وتحركها قد تم تحت امتلاكها للبطاقة الحزبية والشعارات الجوفاء والفاسدة التي اطلقها غورباتشوف وفريقه المرتد ومنها : العلنية والديمقراطية ، وحقوق الانسان ، وسياسة التفكير الجديدة وغيرها من الخزعبلات الكاذبة والوهمية ، ومن خلال دعم الغرب الأمبريالي (( لعملاء النفوذ )) و (( الطابور الخامس )) في الحزب والسلطة ، إستطاعوا ان يقوموا بعملية الأغتيال الكبرى للاتحاد السوفيتي ، تحت إشراف وقيادة : غورباتشوف وياكوفلييف وشفرنادزة ، وبوريس يلتسين وغيرهم : يطرح سؤال مشروع : من المسؤول عن ذلك ؟.
• أين دور القيادات المخلصة في الحزب؟ واين دور السلطة التشريعية والتنفيذية مما حدث لدولتهم العظمى – معاهدة مينسك الأجرامية . هل انهم لم يعرفوا ويسمعوا جميعهم حزباً وسلطةً بتنفيذ المؤامرة الكبرى على الاتحاد السوفيتي ، ولماذا إلتزمت السلطة التشريعية الصمت ولم تحرك ساكناً أزاء عمل غير قانوني وغير شرعي ، ولماذا لم تجتمع السلطة التشريعية ( البرلمان السوفيتي) لأدانة المعاهدة ورفضها وهي السلطة العليا في البلاد ، ومن حقها أصدار الأوامر لأعتقال هذه العصابة وفق القانون واحباط وافشال مخطط الزمرة الفاسدة ، ولكن لماذا لم يتحرك المخلصين في الحزب ؟ ولماذا ألتزم البرلمان السوفيتي الصمت المطبق أزاء معاهدة الخيانة والذل ؟. ولكن ...؟!.
• أين دور الطبقة العاملة السوفيتية وحلفائها ، واين دور الكمسمول الشيوعي ، من هذه الصفقة الخيانية الكبرى التي فككت دولتهم العظمى ، دولة العمال والفلاحين ، هل لم يعرفوا بما حدث من جريمة نكراء ؟ ولكن ...؟.
• أين دور جهاز الأستخبارات والمخابرات السوفيتية ( ﮔرو مثلاً ) من عقد هذا الأجتماع الخياني ، هل كانت قيادة هذا الجهاز في سبات طويل أم اغلقت عيونها وسدت آذانها عما حدث لدولتهم العظمى من عملية تقسيم كبرى؟ ولكن ...؟.
• أين دور جهاز أمن الدولة السوفيتية [ كي. جي. بي] من عقد أجتماع مينسك للرؤساء الثلاثة؟! وهل لم يعرف رئيس هذا الجهاز الهام الجنرال كرجكوف عن أجتماع العصابة الفاسدة التي أغتالت الدولة العظمى الاتحاد السوفيتي ، ولماذا لم يحرك ساكناً من أجل الحفاظ على دولته العظمى وله صلاحيات واسعة قد منحها له الدستور الأشتراكي السوفيتي من أجل الحفاظ على النظام الأشتراكي ومنجزاته الكبرى والانسانية ، فلو أصدر امراً لفصيل واحد من قوات (( ألفا )) واعتقل المجتمعين في مينسك لحسم الأمر لصالح بقاء الاتحاد السوفيتي ؟ ولكن ...؟.
وأخيراً يمكن القول ان سبب الكارثة الكبرى يتحملها الحزب الشيوعي السوفيتي ، فالحزب هو المسؤول عما حدث ويحدث اليوم من كوارث ومآسي للشعب السوفيتي .

الغريب في الأمر ، بتاريخ 12/12/1991 صادق مجلس السوفيت الاعلى في روسيا ( البرلمان الروسي ) على معاهدة الذل والخيانة العظمى ، وكان الحزب الشيوعي الروسي يملك الغالبية المطلقة من اعضاء البرلمان الروسي ، اي ان قيادة الحزب الشيوعي واعضاء الحزب الشيوعي الروسي – اعضاء البرلمان قد صادقوا على تفكيك دولتهم العظمى إلا العدد القليل منهم والذي لا يتعدى العشرة اعضاء او أكثر بقليل لم يصوتوا على المعاهدة ، واليوم الغالبية من اعضاء الحزب الشيوعي الروسي يتباكون على عملية إغتيال دولتهم العظمى ، وفي النهاية تفكك الاتحاد السوفيتي بفعل معاهدة الذل والخيانة التي أقدم عليها يلتسين ، كرافجوك شوشكيفيج.
في 25/12/1991 ، اعلن غورباتشوف رئيس دولة الاتحاد السوفيتي عن أنتهاء صلاحيته كرئيس للاتحاد السوفيتي والدعوة الى حل (تفكيك ) دولة الاتحاد السوفيتي ، وأختفى الاتحاد السوفيتي من الساحة السياسية الدولية ، كدولة عظمى بفعل عمل الخونة والمأجورين لصالح الأمبريالية الاميركية وحلفائها وهم غورباتشوف ، يلتسين ، كرافجوك ، شوشكيفيج ، ياكوفلييف ، شفرنادزه وغيرهم من الخونة والمرتزقة فمصير هؤلاء في مزبلة التاريخ السوداء ، ومصير من أيد نهجهم اللاوطني والخياني أيضاً سيكون في مزبلة التاريخ .
وفي 26/12/1991 ، اعلن الرئيس الأميركي بوش الأب في مؤتمره الصحفي عن أختفاء الاتحاد السوفيتي ، وكما أكد ان أميركا قد أنتصرت من خلال أنفاقها (5) تريليون دولار لتحقيق هذا الهدف عبر مشروعهم اللامشروع إلا وهو مايسمى بالبيريسترويكا الصفراء والتي مثلت في واقع الامر مشروع قوى الثالوث العالمي .









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصادر: ضربة أصابت قاعدة عسكرية قرب أصفهان وسط إيران|#عاجل


.. القناة 12 الإسرائيلية: تقارير تفيد بأن إسرائيل أعلمت واشنطن




.. مشاهد تظهر اللحظات الأولى لقصف الاحتلال مخيم المغازي واستشها


.. ما دلالات الهجوم الذي استهدف أصفها وسط إيران؟




.. دراسة جديدة: اللحوم النباتية خطرة على الصحة