الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سياسة دولية قيد التشكل: نموذج ترامب بالسعودية

محمد بوجنال

2017 / 5 / 25
مواضيع وابحاث سياسية




لا أحد يشك اليوم، إلا فئة الأحياء/الأموات ،بأن السياسة الدولية تمر بمرحلة انتقالية ما زال يطغى عليها الغموض. لقد كانت السياسة الدولية إلى حدود احتلال العراق وقلب الحكم بليبيا تعتمد رافعة القوة وهو ما ترجمته دوما ديبلوماسيتها. إنه الوضع الذي أصبح يأخذ اليوم طابع الكلاسيكية أكثر فأكثر لصالح البديل الذي بدأ يتشكل بالتدريج والمتمثل في ما يمكن تسميته ب" السياسة الدولية الاجتماعية "؛ وغير خاف، كما هو موثق في التاريخ، ما يتميز به النظام السياسي الدولي القووي من استغلال سريع وبشع للموارد الطبيعية والبشرية على السواء.
هذا الوضع سرعت العولمة من تفاقم تناقضاته بسبب الجشع والاستغلال من جهة، ومن جهة أخرى ما وفرته العولمة تلك من حرية وثورة في مجال التواصل الاجتماعي وطنيا وعالميا وهو ما سرع من وتيرة التواصل حول الأوضاع الاستغلالية والتهميش التي تتعرض لها الفئات والطبقات الاجتماعية؛ ومن هنا أصبحنا أمام تنظيم الاحتجاجات تلو الاحتجاجات في العديد من مناطق العالم؛ فكان ذلك مؤشرا على فشل معنى السياسة الدولية القووية التي لم يعد في بمقدورها الاستمرار في إلغاء ونفي الجماهير التي تمكنت من فرض أجندة حراكاتها واحتجاجاتها؛ وهو ما يعني ضرورة تغيير السياسة الدولية القووية التي ملتها وسئمتها الجماهير لما أفرزته من فقر وتسليع وإذلال للجماهير، إلى بديل هو "السياسة الدولية الاجتماعية " التي توجد ، مع الأسف، قيد التشكل بالشكل الرأسمالي.
في ظل هذا الوضع السياسي الرأسمالي قيد التشكل، ما موقع حكام دول الإسلام والعرب؟ وكيف استقبلوا عريسهم السيد ترامب؟ من الثابت أولا أن حكام دول الإسلام والعرب ليسوا مسلمين ولا عرب، بقدر ما أنهم عصابة تحكم، بدعم وحماية من الولايات المتحدة الأمريكية، الشعوب المسلمة والعربية التي عانت وما زالت تعاني أشكال التدجين والقمع والاستغلال الذي بفعل تراكمه، انفجرت مطالبة بالاستجابة لمطالبها.إنه انفجار تجاوز تسلط سلطة حكام الدول المسلمة والدولية ليفرض طرح مطالبه والاستماع إلى صوته ؛لقد كان انفجارا مساهما في بداية تشكل " نظام سياسي دولي اجتماعي " انقضت عليه الرأسمالية كعادتها لتحتويه معتبرة إياه إنتاجها الذي هو في طور التكون والتشكل حاليا.
وقد استغلت الولايات المتحدة الأمريكية – وباقي الذئاب كل حسب قدراته – ظاهرة الانفجار هذه لتظهر في الساحة بمظهر سياسي غامض ومقصود أفزع حكام دول الإسلام والعرب، خاصة منهم حكام الدول النفطية الذين، حماية لملكياتهم واستبدادهم،ارتموا في أحضانها بشكل أكثر دراماتيكية مما كان عليه الوضع في السابق. وقد استغلت الولايات المتحدة الأمريكية انتفاضات الجماهير العربية وانتفاضات الجماهير الأمريكية، لتطلب رفع سقف تكلفة الحماية. إنها فرصة ترامب لابتزاز حكام الإسلام والعرب للرفع من منسوبه السياسي أمام المجتمع الأمريكي وكذا خصومه على المستوين الداخلي والخارجي.


هكذا فإن الوضع السياسي الجديد الذي هو في إطار التشكل، عمل ترامب حاليا، ومن ورائه فريق عمله، على استثماره قصد ضمان استمرار امتلاك السيادة بمستوى ما من المستويات مع منافسيه بالمسرح العالمي من داخل النظام السياسي الجديد قيد التشكل. إنها المصلحة التي جعلته ينقلب من نعث المسلمين بالإرهاب إلى رد الاعتبار لهم بما يستجيب لمطالب التشكل السياسي في طور التكون والتكوين ؛هذه " السياسة الدولية الاجتماعية " قيد التشكل بالصيغة الرأسمالية،أفرزت ضرورة استعباد حكام دول الإسلام والعرب أكثر فأكثر استجابة للحفاظ على التوازن المالي والسياسي وبالتالي التحكم في نظام " السياسة الدولية الاجتماعية " قيد التشكل. إن الحاجة الملحة للحماية جعلت حكام دول الإسلام والعرب ترحب بشروط الرئيس الأمريكي ترامب الذي استقبلوه كعريس بالسعودية أو قل أن الشروط تلك من حيث ضخامة التمويل المطلوب كفيلة بتمويل العديد من المشاريع الأمريكية وما يوفره ذلك من امتصاص لنسبة البطالة وبالتالي امتصاص غضب الجماهير الأمريكية.
انطلاقا من الوارد أعلاه، نرى أن العنصر الأساس في العمليتين (الاستثمار، مناصب الشغل) لم يبق تنفيذه رهين إطلاقية النخبة بقدر ما أصبح لميزان قوى الجماهير الاجتماعية حضورا أقوى. وفي نفس الاتجاه، وبمستوى أقل من نظيره الأمريكي لأسباب عدة، أصبح لميزان قوى الجماهير الاجتماعية الإسلامية والعربية بدورها حضورا وفق قدراتها؛ إنه الحضور الذي جعل حكام دولة الإسلام والعرب يتكلمون عن الدموقراطية ولو في مستواها الشكلي من جهة،، ومن الجهة الأخرى استفادة الجماهير الأمريكية من المليارات التي حصدها التي حصدها ترامب من الخزانات المالية لحكام دول الإسلام والعرب وهو ما رفع من شعبية الرئيس ترامب داخل مجتمعه.
وربطا لكل ذلك ب " السياسة الدولية الاجتماعية " قيد التشكل، لم يتم تحويل هذه الأموال الضخمة من بلاد الإسلام والعرب إلى بلاد الأمريكان بفعل التدخل العسكري وهو ما كانت تعتمده "السياسة الدولية القووية" (فلسطين والعراق وليبيا) التي أصبحت تنعت اليوم بالكلاسيكية، بل بفعل السياسة الجديدة قيد التشكل، " السياسة الدولية الاجتماعية "، حيث اعتبار النظام الرأسمالي أهمية الحراكات والانفجارات الجماهيرية؛ حراكات وانفجارات فرضت على ترامب – وغيره – تغيير موقفه من صيغة :" المسلمون إرهابيون " إلى صيغة كونهم : " مسلمون مسالمون ومعتدلون "؛ وقد تطلب حصول هذا التغيير مليارات الدولارات التي سبقتها احتجاجات ومظاهرات.
لقد كان الرئيس الأمريكي ترامب في السعودية فعلا هو رئيس الجوقة الذي افتتن وتمتع حكام الإسلام والعرب بكلماته وإيقاع ألحانه؛ أو قل أن " السياسة الدولية الاجتماعية " قيد التشكيل التي اختطفت جعلت من السيد ترامب عريسا وسط ضيوف يقال أنهم مسلمون وعرب وهم في ذلك ليسوا بمسلمين ولا بعرب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس تواصلت مع دولتين على الأقل بالمنطقة حول انتقال قادتها ا


.. وسائل إعلام أميركية ترجح قيام إسرائيل بقصف -قاعدة كالسو- الت




.. من يقف خلف انفجار قاعدة كالسو العسكرية في بابل؟


.. إسرائيل والولايات المتحدة تنفيان أي علاقة لهما بانفجار بابل




.. مراسل العربية: غارة إسرائيلية على عيتا الشعب جنوبي لبنان