الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل هي قمم حقيقية؟..أم أنها (طَلَقْ الولادة) للشرق الأوسط الجديد؟! ...... (1)

خلف الناصر
(Khalaf Anasser)

2017 / 5 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


إذا كان هذا هو عصر صعود القوى الإمبريالية ـ والأمريكية تحديداً ـ إلى أقٌصى حدود قوتها الشاملة ـ الناعمة والخشنة على حد سواء ـ فهو يعني من الناحية المقابلة أنه عصر استلاب الشعوب الأخرى واستضعافها والهيمنة عليها بأشكال وذرائع متنوعة: كالديمقراطية وحقوق الإنسان وحماية الأقليات الدينية والعرقية وحق تقرير المصير........الخ

لكن الحقيقة الأهم هي: أن الشعوب وتحت أية ظروف قاهرة لا تخضع ولا تستكين، حتى وإن خدع وضلل قطاع عريض منها بتلك الدعاوي، وتحت ظروف استلاب والتباس شامل، وشديدة التعقيد في هذا العصر الإمبريالي المتناهي القوة والتأثير.. إنما الذي يرتهب ويخضع دائماً لهذا العصر وجبروته، هي الحكومات والأنظمة السياسية بدرجات مختلفة، لعمالة مكشوفة أو مستترة، أو لضعف وخوف أو لالتقاء مصالح وقتي أو دائمي مع القوى الإمبريالية!!

ومع هذا فإن الذي حدث في الرياض وقممها الثلاث [الخليجية ، العربية ، الإسلامية ، الأمريكية] تجاوز بمسافات ضوئية أية حدود معروفة أو مجهولة للخوف من القوة العظمى أو الخضوع والعمالة لها أو الاحتماء بها أو التقاء مصالح معها، وتحول إلى إهانة صريحة لأمم وشعوب خمسة وخمسين كياناً سياسياً ـ تسمى دولاً ـ ولكرامة وقيم وحضارة وأخلاق وتراث ما يقارب المليار إنسان من المسلمين، وتجاوز حتى الكرامة الشخصية لرؤساء هذه الدول المشاركة بهذه القمم المثلثة الأضلاع!!

لقد ذكرتنا هذه القمم الثلاث بــ )دارون ونظريته الشهيرة بتطور الأنواع).. فقد أثبت هذا العالم بأدلة علمية قاطعة، بأن الإنسان في الأصل كان قرداً تطور إلى هذا الكائن البشري الفريد!
وحكامنا العرب والمسلمون هئولاء قد أثبتوا هم أيضاً، وبأدلة علمية (ربما أكثر قطعية) أثبتوا فيها بأنه يمكن إعادة الإنسان إلى أصله، وتحويله إلى قرد ثانية.. وقد حولنا هئولاء الحكام فعلاً، بسياساتهم الحكيمة وقممهم السقيمة الكثيرة، وفي هذه [القمة الأمريكية الإسلامية] بالذات إلى) قرود ثانية)!.
فحققوا بهذا لــ (بوش الإبن) نظريته وما توعد به (العرب والمسلمين) جميعاً أثناء غزوه لأفغانستان، وذلك في خطبته أمام الكونكرس عن "حال الاتحاد اليهودي المسيحي" بتاريخ 29-1-2002 .
فبعد مقدمة طويلة عرض بوش خططاً تفصيلية مستقبلية للسياسة الأمريكية اتجاه العرب والمسلمين .. حيث قال بالنص:
o ((وعلى الرغم من أن الحرب في أفغانستان توشك على نهايتها فإن أمامنا طريقاً طويلاً ينبغي أن نسيره في العديد من الدول العربية والإسلامية ، ولن نتوقف إلى أن يصبح كل عربي مسلم مجرداً من السلاح وحليق الوجه وغير متدين ومسالماً ومحباً لأميركا ولا يغطي وجه امرأته نقاب ........)) (1) جريدة الأهرام..بتاريخ" 30-8-2003 رابط....
وهذا هو بالضبط الحالم الذي وضعتنا به هذه (القمة الأمريكية الإسلامية).. ووضعتنا بالفعل على أبواب (الشرق الأوسط الجديد أو الكبير أو الموسع) الذي تحمل الولايات المتحدة وحدها مفاتحه، لكن بشراكة كاملة مع الكيان الصهيوني!!
***
إن حالة العبودية المطلقة للأمريكان التي وضعنا فيها حكامنا الحكماء بسياساتهم الخانعة، وفي هذه (القمم الثلاثية) وما سبقها من أفعال مشابهة كثيرة، قد تجاوزت وبمسافات ضوئية أيضاً كل معاني هدر الكرامة البشرية للأمم والشعوب والمجتمعات، وتجاوزت حتى الكرامة الشخصية لهئولاء القادة والزعماء، وتجاوزت أيضاً جميع التوصيفات التقليدية المعروفة للعمالة والخيانة والتبعية والذيلية والاحتماء بالأجنبي والقوى الإمبريالية.. والذين قادوا الجميع بوقاحة وصفاقة وعهر سياسي وأخلاقي ـ غير مسبوق ـ وأوصلوهم إلى هذا المستنقع الآسن، هم بالتحديد ملوك وأمراء عائلة ومملكة آل سعود.. وكان هذا هو دور السعوديين دائماً، منذ إنشاء مملكتهم العتيدة هذه إلى يوم الناس هذا!!

فالمعروف أن العلاقة السعودية الأمريكية قد بدأت عام 1933وكانت على شكل تعاون اقتصادي في البداية، من خلال قيام شركة النفط (العربية الأمريكية) بحفر أول بئر نفطية في المنطقة الشرقية من السعودية, إلا أن نقطة التحول الأساسي والأبرز في علاقة المملكة السعودية بالولايات المتحدة الأمريكية، كانت باجتماع مؤسس المملكة السعودية عبد العزيز آل سعود بالرئيس الأمريكي روزفلت عام 1945على ظهر الطراد الرئاسي الأمريكي في البحيرات المرة في قناة السويس بمصر .
وكانت هذه العلاقات بين الطرفين، قد تطورت إلى رعاية وحماية أمريكية للمملكة السعودية منذ إنشائها إلى اليوم، وكانت هي السبب المباشر لبقاء وصمود هذه المملكة الرجعية المتخلفة، بوجه جميع العواصف العاتية التي مرت على المنطقة العربية وعلى العالم.. حتى أن تعاظم دور السعودية ونفوذها فيه عائد في أصله ـ من وجهة نظر السعوديين ـ إلى الأمريكان وحمايتهم لها، ولهذا هم لا يستطيعون الخروج على الإرادة الأمريكية أو معارضة أيٌ من مشاريعها في المنطقة، حتى لو أدت إلى دمارهم ودمارها!.
وكانت هذه الرؤية السعودية للأمريكان مضافاً إليها الفوائد الجمة للأمريكان منها، هما سبب هذه العلاقات المتميزة جداً بين الطرفين، والتي لا تفوقها إلا علاقة الأمريكان المتميزة أكثر بالصهاينة!.

والمعروف أن العلاقات بين الدول والحكومات تتطور دائماً باتجاه التوازن بين الطرفين كقاعدة.. لكن هذه العلاقات على الجانب السعودي بدلاً من أن تتطور بهذا الاتجاه، وتتحول إلى نوع من الندية بين الطرفين أو الاستقلال والفرز بين مصالح الشعب السعودي من جهة، والمصالح الأمريكية والغربية عموماً من جهة أخرى بمرور السنين والأجيال وتطور الأحوال، كما حصل مع أمم وشعوب كثيرة من قبل.. لكن العكس هو الذي حصل، فقد تطورت هذه العلاقات إلى زواج كاثوليكي لا انفصام له ولا فكاك منه بين الأمريكان والسعوديين!.

وكان لتطور هذه العلاقات بين الطرفين شكل غريب على الأعراف السياسية المرعية، فقد تحولت إلى نوع من الارتباط الشديد والتوحد الكامل والذوبان التام في بودقة المصالح الأمريكية خصوصاً، والصهيونية والغربية عموماً.. فأصبحت السعودية بموجبها تؤدي (دور الدولة الوظيفية) لصالح القوى الإمبريالية في المنطقة العربية والإسلامية، وتلعب دوراً شبيهاً بــ (الدور الوظيفي) الذي يؤديه الكيان الصهيوني ـ ومكملاً له ـ في المنطقة العربية والإسلامية نفسها!.
والاختلاف الوحيد بين الوظيفتين هو: أن وظيفة الكيان الصهيوني عسكرية استنزافية إرهابية للعرب، بينما وظيفة (الكيان السعودي) تؤدي دوراً استنزافياً مماثلاً، لكن على الجوانب السياسية والاجتماعية والعسكرية والمالية والإيديولوجية الدينية الوهابية المتطرفة!.
فأدت الوظيفتان ـ للكيانين ـ متظافرتان مع بعضها ومتعشقتان ببعضها بالنتيجة ـ وبقصد أو بدون قصد من آل سعود ـ إلى خلق كل هذا الإرهاب والدمار في المنطقة العربية الإسلامية، وتجير هذه المنطقة بكاملها بالنتيجة لخدمة مصالح الولايات المتحدة والتبعية المطلقة لها، وفي الوقت نفسه أدت إلى تعاظم دور الكيان الصهيوني ومحوريته وهيمنته على المنطقة !!
***
وهذه العلاقات المتميزة بين الطرفين الأمريكي والسعودي طوال هذه الفترة الطويلة نسبياً ـ منذ العام 1933ـ لم تشب العلاقات الودية الأمريكية السعودية شائبة، إلا مرتين أو ثلاث!.
مرة في عهد الرئيس الأمريكي الأسبق لندن جونسون عند (الحضر النفطي) على الغرب بعد حرب تشرين المجيدة عام 1973، والتي كانت هي السبب المباشر للقفزة والفورة النفطية، والتي جعلت من السعوديين والخليجيين من أغنى أغنياء الأرض.. ومرة مع الرئيس الأمريكي السابق (باراك حسين أوباما)!.

ففي المرة الأولى قد أحرج السعوديون عند قيام حرب تشرين عام 1973، فاضطروا إلى الاشتراك في (الحضر النفطي) مع باقي الدول العربية على الغرب، مما أدى إلى خلاف شديد بين الملك السعودي (فيصل) والرئيس الأمريكي (لندن جونسون).. لكن هذا الخلاف سوي بسرعة بين الطرفين، على أثر رفع ذلك الحضر النفطي!.
وقد أراد الملك السعودي من اشتراكه بالحضر النفطي على الغرب، محو تلك الصورة البشعة التي نظر بها الشعب العربي إليه، على أثر شيوع أخبار عن رسالة بعث هو بها إلى الرئيس الأمريكي جونسون، واقترح فيها عليه أن تمد الولايات المتحدة " إسرائيل " بسلاح فعال وكافي، يمكنها من إلحاق هزيمة كبيرة بجيوش مصر وسورية والأردن، وتمكنها أيضاً من احتلال سيناء والجولان والضفة الغربية!.
فكانت (حرب حزيران عام 1967) والكارثة الكبيرة التي حلت على إثرها بالأمة العربية، وأسست لكل المآسي التالية التي داهمتها، وأوصلتها لكل هذا التيه والضياع والدمار الذي تعيشه اليوم!!

وكان الخلاف الثاني بين السعوديين والأمريكيين على إثر " الاتفاق النووي" مع إيران عام 2014.. مما اضطر الرئيس لأمريكي (أوباما) لزيارة السعودية وشرح الأمور لها و ومحاولة ترضيتها!.
وقيل في حينها، أن أوباما عندما وصل إلى الرياض لم يجد باستقباله إلا أمير الرياض ـ وهو بدرجة محافظ العاصمة ـ في البلدان الأخرى ..ولم يكن ـ وهذا هو الغريب ـ باستقبال رئيس أكبر وأعظم قوة ودولة في العالم ، لا الملك السعودي ولا ولي عهده ولا ولي ولي عهده الجديد، ولا حتى أحد الوزراء السعوديين، كما تقضي الأعراف البرتوكولية والدبلوماسية المتعارف عليها في العالم!!
ومع هذا فإن الرئيس أوباما تحمل هذا الخرق السعودي لأنه يعرف الحقيقة، ويعرف أن السعودية كالزوجة الغنية الغبية المدللة ، بينما زوجها الأمريكي لا يحبها ولا يطيقها، هو فقط بحاجة ماسة لمالها الوفير ومضطر لملاطفتها وترضيتها دائماً.. وعندما وصل هذا الزوج (أوباما) إلى الرياض، كانت) زوجته السعودية) تتمنع على زوجها القادم لترضيتها، فلم تستقبله هي بشخصها إنما بعثت لاستقباله أحد خدامها، لتبين له مدى (زعلها) الشديد عليه.. فاضطر هذا الزوج لملاطفتها ومسايرتها ، لكنه في الوقت نفسه تملص من مطالب زوجته الغبية الرعناء هذه!!
ويقال والعهدة على من قال، أن هناك خلاف شديد بين الأمريكيين والسعوديين عند زيارة أوباما تلك للسعودية حول ثلاث قضايا جوهرية هي : القضية السورية/ قضية إيران/ والقضية الفلسطينية!!
طالبت السعودية أوباما ــ وهذا هو واحد من أهم أسباب زعلها ــ بالتدخل العسكري الأمريكي المباشر في سورية لصالح المعارضة الوهابية المسلحة، وذلك منذ بدء الأزمة السورية !.
فرد أوباما على هذا الطلب الجديد القديم بأن للقوة الأمريكية حدود، فهي ليست مطلقة ولا تستطيع التدخل في كل قضية.. لكن السعوديين لا يريدون أن يصدقوا بأن للقوة الأمريكية حدود، وأن لكل قوة مهما تعاظمت موانع متنوعة تكتف أيديها وتفرض عليها التوقف عند حدود معينة.!
لكن، ورغم أن السعوديين لم يقتنعوا بمبرر حدود القوة الأمريكية هذا، ومع عدم اقتناعهم بهذا المبرر، فإنهم غيروا مطلبهم من التدخل العسكري المباشر إلى تسليح المعارضة السورية بأسلحة إستراتيجية، تغير الوقائع على الأرض وتحسمها لصالح المعارضة السلفية (ماركة وهابية) وهم مستعدون للدفع بدون حدود.!
وعدهم أوباما بتلبية طلبهم هذا، ملمحاً إلى أنه سيدعم تسليح المعارضة بحدود صلاحياته الدستورية، وما يتعداها سيعرض على الكونكرس!!
****
وما عدا هاتين الحادثتين في تاريخ العلاقات بين الطرفين، كانت العلاقات الأمريكية السعودية تسير بخضوع السعوديين التام للأمريكيين، ويسيرون وفق الخطط والسيناريوهات التي تضعها الإدارات الأمريكية المتعاقبة لهم!.
وأصبحت زيارة كل ملك أو ولي عهد سعودي جديد لواشنطن، فرض عين على جميع الملوك والأمراء السعوديين.. وكذلك أصبحت زيارة الرؤساء الأمريكيون الجدد للسعودية تقليداً ثابتاً في السياسة الأمريكية!!
وكان هناك احتفال خاص بكل رئيس أمريكي جديد يزور السعودية .. لكن أغرب هذه الاحتفالات على الإطلاق كان مع هذا القادم الجديد غريب الأطوار (دونالد ترامب)
[يـــــــــــــــــــــــتــــــــــــــــــــــــــــــــــبــــــــــــــع]
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما ردود الفعل في إيران عن سماع دوي انفجارات في أصفهان وتبريز


.. الولايات المتحدة: معركة سياسية على الحدود




.. تذكرة عودة- فوكوفار 1991


.. انتخابات تشريعية في الهند تستمر على مدى 6 أسابيع




.. مشاهد مروعة للدمار الذي أحدثته الفيضانات من الخليج الى باكست