الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ابو أدولف !!!!!!

عماد عبد اللطيف سالم

2017 / 5 / 27
كتابات ساخرة


ابو أدولف !!!!!!


لستُ محظوظاً بجيراني .
ومع استمرار تنقّلي بين البيوت المُستأجَرَة ، أصبحتُ على قناعةٍ تامّة ، بأنّ جيراني كانوا (في الغالب) سيّئين.
و لكي أُثبت لكم هذه الحقيقة المُطلقة بالدليل القاطع ، فإنّني عندما استأجَرْتُ بيتي الحاليّ ، طلبَتْ منّي أُمّي أن أقوم بمهمّة استطلاعٍ استخباريّةٍ عميقة ، كنتُ أقومُ بها عادةً كلما انتقلتُ للسكنِ في بيتٍ جديد.
كانت متطلبات مهمّتي الاستطلاعيّة بسيطة ، و محسوبة بدقّة ، بحيث تستطيع خلق الاستفزاز الضروري والكافي لجسّ نوايا الجيران ، وقياس ردود فعلهم ، وطبيعة استجابتهم لجارهم الجديد.
في صباح اليوم الثاني لـ "عملية الانتقال" ، كنتُ أرتدي عدّة الاستطلاع المخصّصة لهذا الغرض ، وأقفُ بشموخٍ عند باب البيت ، بحيث يراني الجيران جميعاُ : "دشداشة" استعراضيّة عريضة الأكمام ، لونها أخضر مشوب بشيء من الصفار المُلطّخ بالبُنيّ ، و نعال جلد تاريخي يعود لأيام الكرخ المجيدة ، وشَعرُ رأسٍ ممنوعٍ من التمشيط ، للأيّام السبعةِ السابقةِ على الانتقال ، ونظّارة طبيّة كالحة من أيّام سندرسن باشا.
في هذا اليوم ، لم أرَ أيّ جار.
فقط .. في البيت الذي يجاورني من اليسار ، سمعتُ صرير بابٍ خافتٍ سُرعان ما تمّ اغلاقهُ بعنفٍ مُبالَغٍ فيه . وقبل أن التَفِتَ لمصدر الصرير ، سمعتُ صوتَ امرأةً وهي تصرخُ بعذوبةٍ فائقةٍ ، قائلةً : يبووووو.
في صباح اليوم الثالث للانتقال ، ظهرَ عملاقُ يرتدي لحيةً شاسعةً من باب البيت الذي يجاورني من اليمين.
صحتُ بهِ : مرحباً استاذ . أنا أبو عمّار جاركم الجديد . فقال لي : أهلاً أخي الكريم . وأنا أبو العتاهية !!! .
أبو العتاهية ؟؟
تسَمّرْتُ على عَتَبة البيت من شدّة الدهشة ، واذا بأمّي(التي يبدو أنّها كانت تتخندّقُ خلف الباب) تسحبني من "ياخة" دشداشتي اليابسةِ جدّاً ، صارخةً بصوتِ سمعهُ سابعَ جارٍ (وليس جاري أبو العتاهية وحده) : أبو العتاهية شنو ؟؟ تعال يابه فوت للبيت بساع كَبُل منتورّطْ . ثمّ أردفَتْ (وأُمّي لا تعرِفُ أباها عندما تُرْدِفْ): هيّة هسّة مال تعارف ويّه وِلِدْ أبو العتاهية ؟ هيّه بلا ابو العتاهية .. مكَلوبة الدنيا . تعال يابه خُش واستُرْ علينا . ودير بالَك تخلّي أبو العتاهية هذا يخُشّ ويّاك للبيت .
في صباح اليوم الرابع للانتقال ، ظهرَ من البيتِ المُقابلِ لي من اليسار رجلٌ سبعينيّ يرتدي بنطلون "برمودا" ، مع فانيلة حمراء "فوقيّة" ، وجوارب خضراء "تحتيّة"(فقط لا غير).
لوّحَ لي الرجلُ بذراعيهِ البضّتينِ حتّى بانَ شَعْرُ أُبْطَيه ، وقال لي : مرحباً استاذ . أنا خالد ابو الوليد !!!!! .
هنا أيضاً ظهرتْ أمّي فجأةً من العَدَم ، وسحبتني من "الياخة" ذاتها (التي "قرقَعَتْ" هذه المرّة من شدّة السَحبَة)، صارخةً بصوتِ سمعهُ سابعَ جارٍ (وليس جاري أبو الوليد وحده) : خالد بن الوليد شنو ؟؟ تعال يابه فوت للبيت بساع ، قبل أن تبدأ معركة "اُحُدْ" جديدة .. وإحنه بلا كُلشي محسوبين على المسلمين .. ومبينه حيل خالد ابن الوليد !!!!.
اما آخر جارٍ "مُباشرٍ" لي (في البيت المُقابلِ من اليمين) ، فلم يظهر إلاّ بعد شهرين من الاستطلاع . كان يرتدي (في ظهوره الأوّل) فانيلة قصيرة غبراء ، و "لِباس" خام أسمر طويل ، وبينهما كرشٌ هائل . صحتُ بهِ بشغف : مرحباً استاذ . آني أخوك ابو عمّار .
بعد انتظارٍ دام نصف ساعةٍ تقريباً ردّ عليّ : أهلاً خوية . وآني داعيك أبو أدولف !!!! .
أبو أدولف ؟؟؟
هنا ظهرتْ أُمّي من حيث أدري ولا أدري، وصاحتْ بي وعيونها مغمّضة باتّساع على أبو ادولف الوردة : أبو أدولف شنو ؟؟ أكو واحد يسمّي ابنه ادولف ؟؟ أكيد هذا أدولف أوّل ما طِلَعْ من بطن أُمّه .. عضّ القابلة المأذونة !!! .
أدولف ؟
صار لي شهرين انتظرك .. تاليها تطلع أدولف .
هاي تاليتها أبو عمّار ؟
لم يعجبكَ جيرانكَ القدامى .. وكنتَ تأملُ (حالكَ حال بلدكَ) بجيرانٍ افضل .. فاذا بك تجاوِرُ الرايخ الثالث !!! .
في اليوم التالي للشهر الثاني .. بدأتُ أنا وأمّي رحلةَ البحث عن بيتٍ جديدٍ .. وجيرانٍ جُدُدْ .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الذكاء الاصطناعي يهدد صناعة السينما


.. الفنانة السودانية هند الطاهر: -قلبي مع كل أم سودانية وطفل في




.. من الكويت بروفسور بالهندسة الكيميائية والبيئية يقف لأول مرة


.. الفنان صابر الرباعي في لقاء سابق أحلم بتقديم حفلة في كل بلد




.. الفنانة السودانية هند الطاهر في ضيافة برنامج كافيه شو