الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل يمكن شفاء العروبيين من (غيبوبة) الناصرية؟

طلعت رضوان

2017 / 5 / 28
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


هل يمكن شفاء العروبيين من (غيبوبة) الناصرية؟
طلعت رضوان
كان من بين أهداف ضباط يوليو52 إقامة حياة ديموقراطية سليمة. وجاء الواقع ليؤكد العكس. فتم تكريس السلطة المطلقة للزعيم الأوحد. ولذا انفرد عبدالناصربالسلطة. وفى هذا السياق ذكرالبغدادى فى مذكراته أنّ مجلس الوزراء هوعبد الناصر(ج1 ص 169) لذلك فإنّ الباحث الحرلا يندهش عندما يربط بين تكريس (الزعيم الأوحد) و(الحزب الأوحد) وتنفيذًا لهذا المخطط كان لابد من اتخاذ الإجراءات التى تدعم آلية (الوحدانية) لتكريس الديكتاتورية. فيُصدرمجلس (الثورة) قرارًا فى 10/12/52 بالغاء دستورعام 23 وفى يوم 16/1/53 يُصدرقرارًا بحل الأحزاب والهيئات السياسية ومصادرة أموالها فيما عدا جمعية الإخوان المسلمين (الوجه الآخرللأحادية) وفى أثناء أزمة مارس54 قال عبدالناصرلأعضاء مجلس الوزراء ((كل ما أطلبه منكم أنْ تعطونى حق التصرف دون الرجوع إليكم))
فى أول يوم جمعة فى شهرسبتمبر53 صلى مصطفى النحاس فى مسجد أبى العباس . وبعد الصلاة دوّتْ هتافات الجماهيربحياة النحاس وقالوا ((الشعب يرفض الديكتاتورية. أين الدستور يا حكومة الثورة)) كانت النتيجة تحديد إقامة النحاس وزوجته. وبعد أسبوع أقام الضباط مؤتمرًا (شعبيًا) فى ميدان عابدين جمعوا فيه عمال المصانع وموظفى الحكومة وتولتْ هيئة التحرير توصيل أهالى القرى إلى المؤتمر. حضرالاجتماع عبدالناصر ومحمد نجيب وصلاح سالم. وثائق هذا المؤتمرتشيرإلى أنّ الضباط الثلاثة اشتركوا فى لغة الاسفاف بالهجوم على الوفد. وكان صلاح سالم أكثرسفورًا عندما ظل لمدة نصف ساعة يشتم النحاس وسعد زغلول وجماهيرالوفد. ثم أظهرعداءه للصحافة فقال ((اسمحوا لى وأنا وزيرالارشاد أنْ أعلن بقوة وحزم وباسم قيادتكم أنّ الرقابة على الصحف فى داخل مصرستظل قوية بتارة تضع سيفها فوق كل رأس مخربة. ثم استشهد بآيات كثيرة من القرآن التى تحض على قتل المنافقين. وهوما فعله محمد نجيب أيضًا (مذكرات إبراهيم طلعت- مكتبة الأسرة2003 من ص 206- 212)
لم يكن عداء الضباط ضد السياسيين فقط ، أوضد الليبراليين الذين فصلوا من الجامعة فقط ، أوضد الشيوعيين الذين قادوا الكفاح المسلح ضد الإنجليزفقط ، وإنما إمتد ليشمل الضباط الشرفاء الذين تم اعتقالهم يوم 15 يناير53 لمجرد أنهم كانوا يطالبون بإجراء انتخاب لمجلس قيادة الثورة. وبعد الاعتقال صدرتْ ضدهم أحكام عسكرية بالسجن لمدد مختلفة. وكان من بينهم المقدم حسنى الدمنهورى الذى لم تكتف قيادة (الثورة) باعتقاله والحكم عليه وإنما بتعذيبه أيضًا.
ولكى يتم تنفيذ مخطط الأحادية أعطى عبدالناصرمبلغ أربعة آلاف جنيه بسعرعام 54 لرئيس عمال النقل بالقاهرة بهدف اقناع العمال بالإضراب عن العمل والهتاف ضد الديموقراطية. وفى مارس 54 يعترف عبدالناصربأنّ التفجيرات التى حدثت فى محطة السكة الحديد والجامعة ومحل جروبى من تدبيره (مذكرات البغدادى وخالد محيى الدين)
توازى مع خط الأحادية السياسية خط عسكرة المجتمع من خلال وزارة الحكم المحلى لإتمام السيطرة العسكرية على المحافظات. وتعيين الضباط رؤساء مجالس مؤسسات وشركات القطاع العام. بل ونقل الضباط إلى وزارة الخارجية حتى فى أثناء أزمة مايو67 بنقل عشرة من القيادات العليا (طارق البشرى – الديموقراطية ونظام يوليو52- كتاب الهلال- ديسمبر91 ص353، 355) وذكرأحمد حروش واقعة توضح نوعية الأشخاص الذين كان يرضى عنهم عبدالناصر الذى ((عيّن حسن إبراهيم مراقبًا لهيئة التحرير. ولكن الطحاوى وطعيمة استبدا ولم يلتزما بتعليماته، فشكا حسن إبراهيم ذلك إلى عبدالناصر. فأجابه قائلا ((إنهما يقومان بأعمال غيرنظيفة لاتستطيع أنت القيام بها))
وإذا كانت أميركا تساند كل الأنظمة الدكتاتورية، فكان من الطبيعى أنْ تدعم نظام يوليو. وهى حقيقة ذكرها كثيرون مثل د. رضا شحاتة الذى ذكر((لم تكن التقديرات الأمريكية تخفى ميولها إلى ترجيح كفة عبدالناصرالذى اعتبرته (العقل الحقيقى والشرارة وراء حركة الجيش) وأنّ الضباط على صبرى وزكريا محيى الدين ومحمد نجيب فى أحاديثهم مع أعضاء السفارة الأمريكية أكدوا (الطابع المعادى للشيوعية) فى الحركة)) (مجلة الهلال يوليو2002) وحتى حركات التحريرالعربية التى شجعها عبدالناصركانت لصالح أميركا لتحل محل فرنسا فى الجزائرومحل بريطانيا فى العراق والأردن (د. جلال أمين – المصدرالسابق) أما عن تدريب ضباط التعذيب فى معتقلات عبدالناصرفقد كان فى أميركا (د. فخرى لبيب – الشيوعيون وعبدالناصرج1 ص 234، 367، ج2 ص 33) وعندما أراد عبدالناصرإعداد دراسة عن إصلاح الجهازالإدارى، استدعى خبيريْن من أميركا فأعدا تقريرًا بعنوان (الإسلام والحكم) جاء فيه ((إن الثقافة الإسلامية من أصلح الأسس للحكم الناجح فى العصرالحديث)) (د. سليمان الطماوى- ثورة يوليو52 بين ثورات العالم- دارالفكرالعربىعام 64 ص 161)
وإذا كانت الحداثة تعنى توجيه الدخل القومى للتنمية ، فإنّ عبدالناصربدّد الكثيرمن أموال شعبنا على بعض الأنظمة العربية مثل العراق وسوريا والجزائر. كما لم يـُـفكرفى إجباربريطانيا وألمانيا لإزالة الألغام من منطقة العلمين. وإنما أرسل الجيش المصرى ليزرع الألغام فى اليمن، فحصدت أرواح مصريين ويمنيين. وعن تبديد أموال المصريين فى اليمن وفى تدعيم ميليشيات الخمينى قبل أنْ يستلوى على السلطة فى إيران ، أرجو الرجوع إلى كتاب هيكل (الانفجار) وكتابىْ فتحى الديب (عبدالناصروتحريرالمشرق العربى) ، (عبدالناصر وثورة إيران) ولذلك كان أ. عبدالحليم قنديل صادقــًا مع نفسه وهو يكتب ((عارض عبدالناصربشدة حكم شاه إيران وقدّم أوفر دعم ممكن لحركة الخمينى الثورية منذ بداياتها القوية سنة 63)) (الناصرية والإسلام- مركزإعلام الوطن العربى- صاعد عام 91 ص 63)
وإذا كانت الحداثة تعنى ترسيخ دولة المؤسسات، فإنّ مؤسسة القضاء تم تدبيرالمذبحة الشهيرة لها. ووصل الأمرإلى الاعتداء بالضرب على شيخ القانونيين السنهورى الذى دعّم سلطة ضباط يوليو بفتواه الشهيرة فى أغسطس 52 بعدم جواز دعوة مجلس النواب الوفدى المنحل، أى أنه كان مع الضباط فى عدائهم للوفد، ومع ذلك تم الغدر به. وإذا كانت الحداثة تعنى فصل المؤسسات المدنية عن المؤسسات الدينية، فإنّ نظام يوليو دمجهما بعدة قرارات، مثل تحويل الأزهرمن جامع إلى جامعة أخرجت لنا الطبيب والمهندس والمحامى (المسلم) الذين استولوا على النقابات. وأنشأ محطة إذاعة القرآن بتمويل المصريين. لذلك ذكرأ. عبدالحليم قنديل أنّ ((البرلمان الإسلامى الذى حلم به عبد الناصرليس صيغة متواضعة، إنها أكثرتقدمًا من صيغ محدودة طرحها إسلاميون من طرازحسن البنا)) (المصدرالسابق – ص63) وعبدالناصربلع الطــُـعم الأمريكى حتى تكون اليمن مصيدة للمصريين حسب خطة جونسون (نقلاعن د. عاصم الدسوقى – مجلة الهلال يوليو2002) وفى تبريره لدخول مصرفى هذه المصيدة قال عبدالناصر((إنّ جبال اليمن تحمل قبسًا من نفس الشعلة المقدسة التى يحج إليها المسلمون فى عرفات)) (الناصرية والإسلام ص 22) وبعد هزيمة يونيو67 قال ((إنّ القدس قبل سيناء)) لذلك كانت الشاعرة فدوى طوقان صادقة مع نفسها عندما كانت تــُـكرّرالقول ((الله فى السماء وعبد الناصرفى الأرض)) (نقلا عن رجاء النقاش أهرام 4 ، 11 يناير2004) ولم تكن مصادفة أنّ من يختاره عبدالناصرليخلفه هوالسادات الذى قال ((أنا رئيس مسلم لدولة مسلمة)) وإذا كانت الحداثة تعنى ترسيخ آليات الليبرالية، فإنّ عبدالناصرفى لحظة صدق مع النفس قال لإبراهيم طلعت ((إحنا يا أستاذ مش بنحاكم الوفد. إحنا بنحاكم نظام قديم. بنحاكم نظام رأسمالى اسمه النظام الليبرالى)) (مصدر سابق ص 245) والنتيجة التى يستخلصها العقل الحرهى أنّ نجاح الضباط فى الاستيلاء على السلطة فى يوليو52 ودعم الإدارة الأمريكية لهم كان هدفه وأد الليبرالية المصرية كى يتم قطع الطريق على أية محاولة للحداثة .
***








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح


.. مباشر من المسجد النبوى.. اللهم حقق امانينا في هذه الساعة




.. عادل نعمان:الأسئلة الدينية بالعصر الحالي محرجة وثاقبة ويجب ا


.. كل يوم - الكاتب عادل نعمان: مش عاوزين إجابة تليفزيونية على س




.. كل يوم - د. أحمد كريمة: انتحال صفة الإفتاء من قبل السلفيين و