الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجذور الخفية لعلاقة بريطانيا بالجماعات الإسلامية المتطرفة

محمد حبش كنو

2017 / 5 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


كانت بريطانيا امبراطورية لا تغرب عنها الشمس وكانت تتحكم في أغلب العالم الإسلامي وظهرت أولى بوادر دعمها لجماعات راديكالية إسلامية في شمال الهند عام 1866 عن طريق تأسيسها لجماعة ديوباندى التي تخرج منها العالم المشهور أبو الأعلى المودودي الذي أخذ عنه سيد قطب كل أفكاره التكفيرية وهو عالم ذو حظوة كبيرة لدى الإخوان المسلمين وكانت هذه الجماعة هي اللبنة الأولى التي أسست عليها حركة طالبان تنظيمها فيما بعد سواء في أفغانستان أو باكستان .
في أواخر القرن التاسع عشر تم إعلان خلافة دينية في نيجيريا سميت خلافة سكوتو وحسب مارك كورتيس في كتابه التاريخ السري لتآمر بريطانيا مع المتطرفين الإسلاميين فإن بريطانيا حاربت هذه الخلافة ثم ما لبثت أن دعمتها وثبتتها واتخذتها نموذجا لصناعة تنظيمات ومستعمرات شبيهة بها والذي أدى إلى صناعة جماعة الإخوان المسلمين في مصر عام 1928 .

مارك كيتس صحفي بريطاني معروف وتعتبر مؤلفاته السياسية من أكثر الكتب مبيعا أما كتابه العلاقات السرية ـ التحالف البريطاني مع الإسلام السلفي فقد صنف ضمن أخطر الكتابات وذلك لأنه يثبت كل كلامه بالوثائق والأدلة التي نشرتها الدولة البريطانية نفسها و تبقى هناك وثائق غير مسموح بها حماية لشخصيات قيادية تنتمي لجماعة الإخوان المسلمين ما تزال تلعب دورا مؤثرا على المسرح السياسي اليوم وقد كشف الكاتب في كتابه هذا الكثير من خفايا الأمور حول صناعة بريطانيا للأصولية الإسلامية في الشرق أو احتضانها لحسابات معقدة تخص الدولة البريطانية .

العديد من الوثائق تؤكد ضلوع المخابرات البريطانية في محاولات قتل عبد الناصر والقضاء على نظامه ويشير بعضها إلى اتصال بين مسؤولين بريطانيين ومنهم نورمان داربيشير، رئيس مكتب المخابرات البريطانية، في جينف مع الإخوان المسلمين في سويسرا في إطار محاولات قلب نظام الحكم في مصر ولعل أخطر مافي الأمر تحريضهم العلماء المسلمين على نشر فكرة الجهاد ضد الدولة وشرعنة عمليات الإعتقال بدعوى محاربة القومية العربية .

يقول كيرتس أيضا إنه عندما وقعت هجمات لندن في 7 يوليو 2005، ألقى الكثيرون بمسؤولية ذلك على غزو العراق، إلا أن العلاقة بين هذه الهجمات الدامية وبين السياسة الخارجية البريطانية أعمق من ذلك بكثير، فالتهديد الإرهابي لبريطانيا هو نكسة إلى حد ما ناجمة عن شبكة من العمليات البريطانية السرية مع الجماعات الإسلامية المتشددة ممتدة عبر عقود وفي حين يمثل الإرهاب أكبر تحد أمني للمملكة المتحدة فإن تواطؤ الحكومة البريطانية مع الإسلام الأصولي لا يزال مستمرا.
يؤكد المؤرخ فرانسيس رونيسون أن بريطانيا ثبتت جذورها في الشرق عن طريق التحالف مع الأصولية الإسلامية وهو ما يفسر عدم الإستجابة الشعبية لمطلب الخليفة العثماني بالجهاد ضد الإنكليز .

هناك نقطة أخرى جديرة بالتمعن والتعجب وهي أن بريطانيا تعطي حق اللجوء السياسي للإسلاميين المتشددين بسرعة كبيرة حتى لو ارتكبو جرائم في بلدانهم كما فعلت مع أعضاء الجماعة الإسلامية في مصر إبان التسعينات ومنهم شيخ الجماعة نفسه عمر عبدالرحمن وللتذكير فإن هذه الجماعة كانت تقوم بذبح أقباط مصر على الهوية في صعيد مصر وكان يتم ذبح الفتاة المسيحية على حجر الرصيف في الشارع لمجرد أنها لم ترتد الحجاب الإسلامي وهو ما دفع بمصر وقتها إلى تقديم احتجاج شديد اللهجة إلى الحكومة البريطانية خاصة بعد حادثة الأقصر الشهيرة التي راح ضحيتها أكثر من مئتي سائح .

بريطانيا تسهل عملية اللجوء لهؤلاء بينما تطلب من المعارضين الحقيقيين لدكتاتوريات بلدانهم والفارين إليها من جحيم حكامهم أن يثبتو لها أنهم شواذ جنسيا حتى تعطيهم حق الإقامة ولا يكفي التأكيد اللفظي فقط بل يجب أن يحضرو فيديوهات تثبت أن هناك أناسا يضاجعونهم من أجل أن يرتاح قلب القاضي ويعطيهم حق اللجوء وهذا ما يحدث مع الكثير من الإيرانيين الهاربين من جحيم حكم الملالي والدولة الإسلامية والذين تثبت الكثير من الوثائق أنهم أيضا صناعة بريطانية حيث أنهم صنعو الخميني في أقبية المخابرات وأطلقوه على ذلك الشعب ليدمر أخضرهم ويابسهم .

اليوم تضيف بريطانيا فضيحة أخرى إلى فضائحها عبر استقبال المقاتلين القادمين من جبهات سوريا وعدم محاكمتهم بحجة أنهم ارتكبو جرائم خارج التراب البريطاني وهم يصولون ويجولون كقنابل موقوتة ضمن بريطانيا بكل سهولة ويسر ثم تتساءل بريطانيا لماذا تحدث عمليات الدهس والقتل في بلادنا .

هذه هي الجذور الأولى للعلاقة التي تضخمت فيما بعد واتخذت أشكالا أعمق في عهد الحرب الباردة ودعم المجاهدين في أفغانستان والألعاب القذرة للمخابرات البريطانية واليوم وبعد حادثة مانشتر تتباكى رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي وتقول لا نستطيع أن نفهم عقلية هؤلاء الإرهابيين دون أن تكلف نفسها الرجوع إلى تاريخهم الأسود في دعم تلك العقليات لدرجة أصبح فيها شمال لندن مرتعا ومركزا للإسلاميين المتشددين حتى سميت بلندنستان و يجب التذكير أنه وفي بدايات القرن العشرين وفي توقيت دعم التنظيمات الأصولية وإنشاء دول دينية خلقت من تحت الرماد مثل دولة باكستان التي استقطعت من الهند ودولة إسرائيل التي صنعت من الوهم كان يتم طمس أية هوية كردية لشعب يعيش على هذه الأرض منذ آلاف السنين و كل ذلك من قبل البريطانيين .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. التصعيد الإقليمي.. شبح حرب يوليو 2006 | #التاسعة


.. قوات الاحتلال تعتقل شابا خلال اقتحامها مخيم شعفاط في القدس ا




.. تصاعد الاحتجاجات الطلابية بالجامعات الأمريكية ضد حرب إسرائيل


.. واشنطن تقر حزمة مساعدات عسكرية جديدة لإسرائيل وتحذر من عملية




.. قوات الاحتلال تقتحم بلدة شرقي نابلس وتحاصر أحياء في مدينة را