الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما مقدار تخلفنا الاقتصادي ؟

حسين الرواني

2017 / 5 / 28
الادارة و الاقتصاد


من الوسائل التي تمكننا من معرفة مقدار تخلفنا الاقتصادي، هو وضع اقتصاد البلاد على مقياس الزمن، الذي شهد شتى الأحداث في عالم الاقتصاد بدءا من الأفكار الاقتصادية البدائية مرورا بالإقطاعية انتهاء بالرأسمالية المنقوصة في أوروبا وأميركا، والدول النامية ذات الاقتصاد الاشتراكي الغالب، او الاقتصاد المختلط بين الاشتراكي ونظام السوق الحر بطريقة فاشلة.
واحدة من المحطات الاقتصادية التي شهدها العالم، هو ظهور المدرسة التجارية، او مدرسة الماريكانتيليين، نسبة إلى كلمة (merchant تاجر)، وهي مدرسة ضمت تجارا ورجال أعمال توسعت تجارتهم في الدول الثلاث ( إسبانيا، فرنسا، بريطانيا) في القرن الخامس عشر، فاضطرتهم التوسعات في أعمالهم، وتطور الحياة الاقتصادية في عموم السواحل الأوروبية، إلى التأمل والبحث في مفهوم الثروة وقيمة النقد، وسبل الإنتاج والتوزيع.
من أهم المبادئ التي اكدت عليها هذه المدرسة هو تحقيق فائض في المعادن النفيسة، وخصوصا الذهب والفضة، حيث اعتبروا ان تراكم كميات كبيرة من هذين المعدنيين في خزائن الدولة، هو السبيل الاكفل لاستقرار اسعار صرف العملة، واستمرار النشاط الاقتصادي.
للقارئ ان يعود الان من القرن الخامس عشر ويلقي نظرة على الاحتياطي الأجنبي للنقد في البنك المركزي، الذي انخفض من 78 مليار دولار في عام 2013 إلى 45 مليار دولار حاليا.
إن المسؤولين الاقتصاديين عاجزون عن العمل حتى بمبادئ القرن الخامس عشر الاقتصادية، فبدل زيادة موجودات هذا الاحتياطي من سبائك المعادن كالذهب والفضة والعملات الصعبة والسندات الدولية، نرى ان الحكومة مدت يدها إليه لتوزع منه اقوات الموظفين وعوائلهم.
ورغم ان الاقتصاد القائم على المعادن في الحقيقة هو اقتصاد كلاسيكي، ينتمي على حقبة المدرسة التجارية وما قبلها، اي قبل خمسة قرون، إلا أن الحكومة عاجزة عن تحقيق متطلبات حتى هذا المقدار من الاداء.
اتفق الاقتصاديون التجاريون حينها، على ان السبيل إلى كسب المزيد من المعادن النفيسة لا يتم الا بزيادة الصادرات بحيث تكون اكبر من الواردات لتحقيق ميزان تجاري فائض، هذا الفائض يتم تحويله إلى ذهب وفضة، وهذا ما لم تحققه الحكومات منذ 2003.
اما المدرسة الطبيعية في الاقتصاد (الفيزوقراطيون ) فقد ذهبوا إلى ان تحقيق ميزان صادرات فائض لا يتم الا من خلال النشاط الزراعي اولا، وبوحي من هذا الافكار، ظهرت الرأسمالية الزراعية، التي اكدت على دور الزراعة في تزويد المصانع، وخصوصا الصناعات النسيجية التي كانت لب الصناعات في الدول التجارية الثلاث المذكور اعلاه، باحتياجاتها من المواد الاولية، فضلا عن تزويد الاسواق المحلية بالمحاصيل الغذائية لتجنب استيرادها من الخارج وتسرب العملة المعدنية من الذهب والفضة، وهذا ما فشلت الحكومات المتعاقبة في تحقيقه ايضا، حيث لا تتجاوز نسبة مساهمة القطاع الزراعي في الناتج الاجمالي اكثر من 1.5 %، فضلا عن انخفاض انتاج خمسة محاصيل في العام الماضي بحسب تقرير وزارة التخطيط.
هذه مقارنة زمنية بسيطة بين الواقع الاقتصادي للبلاد، وبين متطلبات الاقتصاد المزدهر قبل خمسة قرون، فما بالك بمقارنات سريعة مع اقتصادات اليوم. فمثلا، اشترت روسيا قبل اسبوع سندات اميركية بـ 13 مليار دولار، لترتفع السندات الاميركية في الاحتياطي الأجنبي الروسي إلى 100 مليار.
ولمن يتعذرون بالحروب ويعلقون على شماعتها فشل الاقتصاد المحلي، فإن النهضة الاقتصادية الأوروبية انطلقت ودخان حرائق الحروب الاهلية كان ما يزال في السماء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أسعار الذهب اليوم الثلاثاء 23 أبريل 2024


.. بايدن يعتزم تجميد الأصول الروسية في البنوك الأمريكية.. ما ال




.. توفر 45% من احتياجات السودان النفطية.. تعرف على قدرات مصفاة


.. تراجع الذهب وعيار 21 يسجل 3160 جنيها للجرام




.. كلمة أخيرة - لأول مرة.. مجلس الذهب العالمي يشارك في مؤتمر با