الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رهانات إقالة وزير جزائري بعد ساعات من تعيينه

رابح لونيسي
أكاديمي

(Rabah Lounici)

2017 / 5 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


رهانات إقالة وزير جزائري بعد ساعات من تعيينه

البروفسور رابح لونيسي
- جامعة وهران-


سيكتب التاريخ مستقبلا بإقالة وزير جزائري للسياحة يدعى مسعود بن عقون بعد أقل من 48ساعة من تعيينه، وقد أقيل بدعوى الفساد المالي والتزوير لشهادة جامعية وكذلك بسبب الحكم عليه بالسجن منذ سنوات عديدة، نحن لا نعلم حيثيات كل هذه القضايا، لكن هل من المعقول أن يحدث كل هذا ولا يعلم من عينوه بذلك ولا الأجهزة الأمنية التي تتحرى على كل صغيرة وكبيرة في الجزائر؟ وهل يحدث ذلك بدعوى مكافحة الفساد كما يروج إعلام النظام وكل الجزائريين يعلمون ويسمعون عن قضايا فساد وتزوير طالت الكثير من المسؤولين في الجزائر، ولم تتحرك العدالة إطلاقا من أجل التحري والتحقيق في هذه القضايا الذي سينتج عنها إما الإدانة أو البراءة؟.
من الصعب جدا التمييز بين الحقيقة والكذب في قضية الوزير المقال مسعود بن العقون، لكن يبدو أن فيها رائحة تصفية حسابات بين أطراف متصارعة داخل النظام، وقد أستخدم فيها هذا الوزير المقال، فإن كان ما قيل عنه حقيقة، فهي من المهازل الكبرى للنظام الجزائري، لكن يبدو أنها مجرد تصفية حسابات قديمة جديدة بين أطراف النظام التي تستهين بسمعة الجزائر ولا تهمهم أكثر مما يهمهم ما سيتحقق من ذلك إبعاد أطراف فاسدين لأطراف فاسدين مثلهم، فهي مجرد أطراف تتصارع حول النفوذ والسلطة والريع لا أكثر ولا أقل، فهم يشبهون في ذلك صراع السراق حول ما سرقوه، فهذه المهزلة تدل على مدى تآكل النظام من داخله، وهو ما ينذر بأخطار مهددة للدولة وإستقرارها مقابل مجتمع مدني وأحزاب ضعيفة جدا وغير قادرة على ملأ الفراغ الذي سيتركه تآكل هذا النظام، كما أن هذه الصراعات بداخله سيدفع شعبنا المسكين ثمنه غاليا كما تعودنا من خلال كل صراعات الأجنحة منذ 1962، وما أكتوبر 1988 وإنعكاساته الكارثية عنا ببعيد، لكن هذه الصراعات اليوم جاءت في ظروف وطنية ودولية لا تخدم الجزائر وإستقرارها إطلاقا، بل يمكن إستغلالها من أطراف دولية تبحث عن مصالحها، ومنها تفجير وتفيتيت دولنا كما وقع في الكثير من بلدان منطقتنا، ولهذا يجب على الجزائريين تنظيم أنفسهم كما دعونا في الكثير من مقالاتنا الأخيرة إلى إنشاء جبهة للإنتقال الديمقراطي الفعلي في الجزائر وتجاوز الأحزاب التي طال الكثير منها الفساد والرداءة مثلها في ذلك مثل النظام، فللأسف الشديد لاتختلف ممارسات أغلب أحزاب المعارضة عن ممارسات النظام إن لم تكن أبشع منه.
لكن ما يضحك هو الحديث عن فساد الوزير المقال، وكأننا أكتشفنا أشياء عجيبة وغريبة، فالفساد يراه الجزائريون يوميا أمامهم، وتعود جذوره إلى بدايات إسترجاع الإستقلال في 1962، لكنه كان في قمة السلطة في عهد بومدين، ليصبح لا مركزيا وموزعا على المسؤلين في الولايات والبلديات في عهد بن جديد، وأصبح اليوم عاما.
لايمكن لنا محاربة الفساد في الجزائر بمهازل كمهزلة الوزير المقال بن العقون، فما علينا إلا تطبيق مبدأ "من أين لك هذا؟" لنعرف كيف بلغ الفساد ذروته في الجزائر، وكيف لا تتماشى مداخيل الكثير مع ممتلكاتهم، فلماذا رفض النظام منذ الستينيات مطلب الجزائريين بتطبيق هذا المبدأ، بل تم دفع الشعب الجزائري منذ ثمانينيات القرن الماضي إلى تناسي هذا المبدأ الذي يحارب الكسب الغير المشروع، وأصبح غائبا في خطابات كل الأحزاب السياسية، مما يدل على خوف الكثير من تطبيق هذا المبدأ، فهناك مبدأين جديرين بمحاربة الفساد وهما تطبيق مبدأ "من أين لك هذا؟" ووضع ميكانيزمات تنفيذه، والذي يطبق في أغلب الدول الغربية، ففي الدول الغربية اليوم يفتح تحقيق قضائي مباشرة عند بروز مظاهر ثروة لا تتماشى مع مداخيل فرد معين، لأن ذلك معناه أنه إما متاجر في المخدرات والممنوعات أو لا يدفع الضرائب وغيرها من الجرائم الإقتصادية والجنائية، فما علينا إلا نقل تلك الميكانيزمات وتحيينها مع ظروفنا.
لكن تطبيق ذلك يتطلب تطبيق مبدأ أساسي في الديمقراطية وهو إستقلالية القضاء، فلا نطالب النظام الجزائري بشيء كبير، بل فقط بإخراج تقرير بن يسعد رئيس لجنة إصلاح العدالة التي أنشأها الرئيس بوتفليقة في بداية حكمه من الدرج ثم تطبيقه على العدالة، وإن تعذر ذلك فما على النظام إلا نقل آليات مطبقة في دول غربية وتطبيقها في الجزائر مع تحيينها مع ظروفنا الخاصة، لكن لن يقبل النظام في الجزائر بذلك لأن تطبيق هذه المباديء معناه معاقبة الكثير من عناصره والموالين له، لكن حتى ولو طبق بعد إصداره، فإنه يمنع هؤلاء الموالين والعناصر من السلب والنهب الذي يزيدهم قوة وجبروتا إلى قوتهم ونفوذهم.

البروفسور رابح لونيسي
- جامعة وهران-








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ابحث عن المخابرات السوفياتية
فاخر فاخر ( 2017 / 5 / 29 - 07:31 )
تدمير الجزائر وسوريا هو من مخططات المخابرات السوفياتية الكي جي بي
بومدين وحافظ الأسد انقلبا على التوجه الاشتراكي ولذلك كان لهما حظوة في الكرملين
الفساد والإفساد كان الأداة الأمضى في مقاومة الاشتراكية باإضافة إلى كبت الحريات
لم يحدث في بلدان العالم مثلما حدث في الجزائر وقتل 300 ألف وفي سوريا 400 الف
بنبلا في الجزائر وصلاح جديد في سوريا كانا مثالا للنقاء الثوري فلماذا الاتقلاب عليهما
كان ذلك الاتقلاب على الإشتراكية وهو ما حدث في الاتحاد السوفياتي في العام 1953

اخر الافلام

.. لبنان وإسرائيل.. نقطة اللاعودة؟ | #الظهيرة


.. الجيش الإسرائيلي يعلن استهداف بنى تحتية لحزب الله جنوبي لبنا




.. الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي:الموقف المصري واضح من رفض تهج


.. مسؤولون أمنيون دوليون يبحثـــون في قطر قريبا فرص تحقيق تسوية




.. THE ECONOMIST: إيران استبدلت الرادار الذي استهدفته إسرائيل ب