الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فرض عين

السيد نصر الدين السيد

2017 / 5 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


"ان الحرب على فقه الكراهية أخطر من أن تُترك للأجهزة التنفيذية فقط"
"عندما يتعرض وجود الأمة المصرية لخطر داهم يصبح واجب الدفاع عنها فرض عين (*)"

في يوم الأحد 11 ديسمبر 2016 فجر انتحاري نفسه في الكنيسة البطرسية الملاصقة للكاتدرائية المرقسية بالعباسية أثناء صلاة القداس. وكانت النتيجة استشهاد 29 شخص واصابة 31 آخرون. وقد تبنى تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) مسؤوليته عن التفجير.
وهكذا أسدل الستار على عام رحل ودخلنا في عام جديد، 2017، شهدت الخمسة شهور الأولى منه ثلاث احداث جسام. كان أولها في فبراير وكان مكانها في مدينة العريش بمحافظة شمال سيناء. فلقد استهدف تنظيم ولاية سيناء التابع لتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) اقباط العريش فقتل سبعة منهم. وأدى تهديد التنظيم لهم الى مغادرة عشرات الأسر المسيحية من المدينة خوفا على أرواحهم.
وفي 9 إبريل وقع انفجاران أثناء الاحتفال ب "أحد السعف" أو "الشعانين"، وكان أولهما في كنيسة مار جرجس في مدينة طنطا، عاصمة محافظة الغربية، وأسفر الانفجار عن استشهاد 30 واصابة 78. اما الثاني فكان في الكاتدرائية المرقسية بمدينة الإسكندرية وأسفر عن استشهاد 19 واصابة 47. وتبنى تنظيم الدولة الإسلامية كلا الانفجارين.
وأخيرا في 26 مايو هاجم مسلحون ملثمون يركبون سيارات دفع رباعي حافلة تقل عدد من الأقباط المتوجهون من محافظة المنيا إلى محافظة بني سويف في رحلة دينية، بالقرب من دير الانبا صموئيل في منطقة العدوة. وقد أسفر الهجوم عن استشهاد 29، من بينهم 9 أطفال، اصابة آخرون. ولعل اهم ما يميز هذا الحدث هو ان من نفذوه خالفو وصية الرسول للجيش المتجه إلى مؤتة (أغسطس 629م) والتي جاء فيها: "‏اغْزُوا بِاسْمِ اللهِ فِي سَبِيلِ اللهِ، قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاللهِ، اغْزُوا وَلاَ ‏تَغُلُّوا، ‏وَلاَ ‏تَغْدِرُوا، ‏‏وَلاَ ‏تُـمَثِّلوا، ‏وَلاَ تَقْتُلُوا وَلِيدًا، أَوِ امْرَأَةً، وَلا كَبِيرًا فَانِيًا، وَلا مُنْعَزِلاً بِصَوْمَعَة".

ثلاثة احداث جسام ان تأملنا توقيتات حدوثها لاكتشفنا انها تحدث بوتيرة شبه ثابتة بمعدل كل شهر ونصف تقريبا. وإذا ظلت الأمور على حالها فإن الضربة القادمة قد تحدث في النصف الثاني من شهر يوليو. اما جغرافية حدوثها فتمتد من العريش (شمال شرق) والإسكندرية (شمال غرب) الى المنيا جنوبا مرورا بطنطا في الوسط. انها اذن جغرافية التمدد التي تنقل الأفعال من الأطراف الى المركز (وادي النيل). لذا يمكن القول ان الضربة القادمة قد تكون في مكان جديد لم تناله يد الارهاب من قبل. ان استهداف مسيحيو مصر بهذا الشكل المتواتر يهدف الى استكمال الضغوط الخارجية بضغوط داخلية تسهم مجتمعة في تفتيت الكيان المصري.
ان نظرة سريعة الى جغرافيا الوطن ترسم صورة مفزعة لوطن تحيط به مجموعة من الضغوط الخارجية. ففي الشمال الشرقي تجد تنظيم ولاية سيناء بعلاقاته الوثيقة مع نظائره الموجودة في غزة يشكل تهديدا يومي لعناصر القوات المسلحة والشرطة الموجودة في سيناء. وفي الغرب تقع حدود صحراءنا الغربية مع ليبيا والتي يبلغ طولها 1115 كم. وتوفر هذه الحدود الطويلة، التي تصعب عملية مراقبتها، والصحراء التي تبلغ مساحتها ثلثي مساحة مصر تقريباً تشكلان بيئية مواتية لاستقبال التيارات التكفيرية المقيمة في ليبيا وللسلاح المكدس في مخازنها. وفي الجنوب حدودنا مع السودان الذي يبلغ طولها 1280 كم، والتي لا يقبل بها جارنا الجنوبي، وهي حدود غير مأمونة فعبرها تدفق السلاح الى مصر وعبرها فرت عناصر السلفية الجهادية ومن شابههم الى الملاذ الآمن.
وهنا يبرز الدور الذي تلعبه عملية استهداف المسيحيين في خلق ضغوط داخلية على الدولة المصرية وذلك من خلال أمرين. الأمر الأول هو اظهار الحكومة بمظهر العاجز عن حماية افراد الشعب. والأمر الثاني، وهو الأخطر، النجاح في استفزاز شريحة من المسيحيين ودفعهم دفعا لطلب حماية خارجية أو الى حمل السلاح للدفاع عن أنفسهم. وهنا تبرز ملامح سيناريو مفزع يتعلق بوجود أمة لم تعرف الانقسام او الحرب الاهلية منذ ان وحدها الملك نعرمر (مينا) حوالي عام 3200 ق.م.
ان تجنب هذا السيناريو أخطر من يٌترَك للأجهزة التنفيذية فقط وهو يتطلب مشاركة المصريون افرادا وكيانات انه "فرض عين" لا "فرض كفاية" يقوم به البعض نيابة عن الآخرين. ولعل ابسط البدايات تجنب "هم" واستخدام "نحن" ... نحن المصريون ... فكنيسة الإسكندرية، على سبيل المثال، ليست "كنيستهم" بل "كنيستنا" نحن المصريون مسلمون كنا أو مسيحيون.
نحن نعيش فعلا مرحلة الخطر الداهم وترف الوقت ليس متاح.
... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...
(*) فرض العين هو الفرض الّذي يتعيّن على كُل مُسلم-أي كُل عين- القيامُ بِهِ وقد طلبَهُ الشارع من كلّ الأفراد المُكلَّفين طلباً جازماً وذلك مثل الصلاة. اما فرض الكفاية فهو الفرض الذي يكفي أن يقوم بهِ بعض المُسلمين، أو أحدهم، حتى يسقُط عن الباقين لهذا سُمّيَ بفرض الكفاية وذلك مثل الجهاد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الرد الإسرئيلي على إيران .. النووي في دائرة التصعيد |#غرفة_ا


.. المملكة الأردنية تؤكد على عدم السماح بتحويلها إلى ساحة حرب ب




.. استغاثة لعلاج طفلة مهددة بالشلل لإصابتها بشظية برأسها في غزة


.. إحدى المتضررات من تدمير الأجنة بعد قصف مركز للإخصاب: -إسرائي




.. 10 أفراد من عائلة كينيدي يعلنون تأييدهم لبايدن في الانتخابات