الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا مصر بدون مواطنيها الاقباط ، ولا أقباط بدون مصر

تميم منصور

2017 / 5 / 30
مواضيع وابحاث سياسية



صيحات وخطابات الرفض والاستنكار التي سارع المسؤولون لإطلاقها خاصة في مصر ، عبروا من خلالها عن موقفهم من المجزرة التي ارتكبها القتلة من عصابات التكفير ضد مجموعة من الأطفال ومرافقيهم من أبناء الطائفة القبطية في مصر ، وهم في طريقهم الى احدى الكنائس في منطقة المنيا ، كل هذا العويل الإعلامي وما سيتبعه من خطوات عقابية ، وما سيرافقه من ذرف المزيد من الدموع ، وتجهم الوجوه ، وعقد اجتماعات طارئة ، هذا وحده لا يمنع ولا يقاوم الإرهاب في مصر ، ولا يسد المسامات التي ينضح منها الحقد وشبق القتل .
يجب أولاً تجفيف مستنقع الإرهاب الفكري بالتوافق مع محاربة هذا الإرهاب جسدياً وميدانياً ، لأن تغذية الإرهاب فكرياً أكثر خطورة من ممارسات هذا الإرهاب ، لأن أعشاش الإرهاب الفكري ، هي الارحام التي يتناسل منها الإرهاب ، فإذا قضينا أو تخلصنا من جيل كامل من الإرهابيين ، دون القضاء على أعشاش الفكر الإرهابي ، فإن هذه البيوض الفكرية داخل هذه الاعشاش ، سوف تعود وتفقس من جديد ، ويخرج منها ارهابيون أكثر خطورة ، قابلين للانتشار في كل مكان .
مثل هذه الاعشاش متواجدة في غالبية الأقطار العربية ، والكثير من الأقطار الإسلامية ، اعشاشها تتواجد داخل ظلمات الكثير من الزوايا والتكايا والمساجد .
في داخل هذه الظلمات ينمو ويترعرع الإرهاب بهدوء وصمت ورؤوس الافاعي المسؤولون عن نشر هذا الوبأ ، يستغلون فقر وجهل وسذاجة المواطنين ، فيصبح خيار الدين المتطرف هو البديل للتعبير عن سد فراغ كافة النواقص الحياتية ، يرى به هؤلاء الجهلة الدواء والعلاج الأفضل . يستغلون أيضاً حالات الفساد المستشري داخل مؤسسات الأنظمة الحاكمة ، خاصة الأنظمة القهرية المغلقة ، فيصبح الخيار الديني المتطرف هو البديل ، والأسلوب المفضل للانتقام من هذه الأنظمة ، بقتل الأبرياء من المواطنين .
البكاء والعويل على ضحايا حافلة المنيا في مصر ، لا يمنع تكرار مثل هذه الجرائم والدليل على ذلك أن الارهابين القتلة الذين أقدموا على ارتكاب جريمة تفجير الكنيستين في الاسكندرية قبل حوالي الشهر ، أعلنوا بأن هذه الجريمة لن تكون الأخيرة ، هذا يعني بأن جرائم وأعمال إرهابية قادمة ، وهذا مؤشر أيضاً بأن جريمة حافلة المنيا لن تكون الأخيرة .
السؤال كيف يمكن القضاء على الفكر والدوافع الإرهابية ، والانتماء الديني المتطرف في مصر بالذات ، ما دام النظام فيها يتحالف ويتعاون ويخضع للأنظمة التي ترعى الإرهاب ، وفي مقدمتها السعودية ، ودولة الامارات ؟
ستبقى دموع هؤلاء الحكام كاذبة مخادعة ، ما داموا يتعاونون مع أكبر دولة داعمة للارهاب وهي الولايات المتحدة ، هذا الطاغوت العالمي هو من يزود الإرهابين بالأسلحة والأموال ، هو المسؤول بالتعاون مع السعودية عن إقامة حركة طالبان ومن بعدها توأمها تنظيم داعش وتنظيم النصرة وتوابعها ، هو من يزود إسرائيل بأحداث أنواع الأسلحة والأموال وكل حالات الدعم كي تمارس الإرهاب اليومي الديني والسياسي ، وتستمر في قهر ومصادرة إرادة الشعب الفلسطيني .
كيف يمكن منع وقوع مثل هذه الجرائم ما دامت أعشاش وأوكار الإرهاب متواجدة في غالبية المساجد في داخل مصر والسعودية والسودان والأردن والباكستان وكل مشيخات الخليج ، عدا عن توفير الفضائيات ووسائل الاعلام لرجال دين تحت عناوين عدة يكفرون ويلعنون الطوائف غير الإسلامية ، يرقات الإرهاب متواجدة في مناهج التدريس في المدارس المصرية ، ومعششة في أدمغة الكثير من شيوخ الأزهر وشيوخ المدارس الدينية .
كل المعطيات تؤكد بأن مناهج تدريس الدين الإسلامي في مصر تعج بالروح الطائفية ، مناهج متشددة متعصبة ، تميل وتفضل أبناء دين واحد عن بقية الديانات الأخرى ، المفهوم الضمني لهذه المناهج أنها ترفض الاعتراف بحق أبناء الطوائف الأخرى من ممارسة حياتهم وعباداتهم بحرية تامة ، باختصار تحرض على المسيحيين الاقباط ، رغم أنهم سبقوا المسلمين بانتمائهم الديني ، كما سبقوا العرب المسلمين بمئات السنين بالعيش فوق أرض الكنانة .
يجب اجتذاذ هذه المناهج بصورة جذرية ، كما يجب قطع دابر النشاط التحريضي الذي يقوم به أئمة وشيوخ المساجد هذا التحريض يتعارض مع الدين الإسلامي الذي يرفض ما يتشدق به هؤلاء التكفيرين من أن كل من هو غير مسلم فهو كافر ، والأزهر يتحمل المسؤولية الأولى في عدم محاربة هذه الظاهرة ، من يحول الجهلة والمذهوبون في عقولهم الى الغام بشرية مؤقتة غير التكفيرين ، الذين يستغلون الفراغ الفكري والاجتماعي الذي يعاني منه ملايين الشباب في مصر .
انهم يبثون سموم فكرهم أيضاً عبر قنوات التواصل الاجتماعي ، السؤال لماذا لا يوجد رقيب يمنع نشر مثل هذه السموم ؟؟ ان هم المخابرات في مصر وفي غيرها من الأقطار التي تدعم الإرهاب فقط حماية الأنظمة ، ولا يهمها سلامة المواطن ، ولا يهمها ثقافة الأجيال الناشئة .
لا أحد يستطيع انكار دور الأقباط في مصر في بناء الحضارة المصرية القديمة والحديثة ، كما أنهم كانوا في طليعة القوى التي حاربت الظلم في مصر ولعبوا دوراً بارزاً في مقاومة الاحتلال البريطاني في وادي النيل وقدموا قوافل الشهداء من اجل الدفاع عن كرامة وعروبة وعزة مصر ، يكفي أن نذكر أنه من بين شهداء مجزرة الاسماعلية التي ارتكبها الانجليز بحق حامية الشرطة المصرية في هذه المدينة عام 1952 استشهد 22 شرطياً كانوا ينتمون للطائفة القبطية من بين 55 شهيداً .
ان خيرة العلماء والباحثين هم من المصريين الأقباط ، انهم وجه مصر الحضاري ومصدر التنمية والإنتاج فيها ، أن الاعتداء على الاقباط في مصر يهدف الى تفكيك اللحمة بين أبناء هذا الشعب ، ويهدف الى تمزيق وحدته الوطنية ، فلا مصر بدون مواطنيها الأقباط ولا أقباط بدون مصر .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نازح من غزة ينشئ صيدلية مؤقتة في خيمة برفح


.. غالانت يتعهد باستمرار الحرب ضد حزب الله | #رادار




.. بايدن: القانون الذي صدق عليه الكونغرس يحفظ أمن الولايات المت


.. رويترز نقلا عن مسؤول إسرائيلي: جيشنا يستعد لعملية رفح وينتظر




.. العاهل الأردني وأمير الكويت يشددان على أهمية خفض التوترات في