الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فراس عوض يكتب: صديقي والجنس الآخر

فراس عوض
كاتب وباحث سياسي واجتماعي، ماجستير في دراسات الجندر، نقابي وناشط حقوقي

(Feras Awd)

2017 / 5 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


نحن والجنس الآخر

يقول لي صديقي : لماذا تكتب عن المرأة فقط، واين نصيب الرجل؟ سؤالك مشروع يا صديقي، بطبيعة الحال، لكن، عندما اكتب عن المرأة، فانا اكتب عن نصف المجتمع الظاهر، وثلثي المجتمع الخفي، اما اذا كتبت عن الرجل، فساتحدث عن شخص واحد، ذلك ان المجتمع اعطى للرجل متسع كاف من الحرية ليعمل ويبدع وينتج ويقرر ويختار، و اذأ اخفق الرجل، فذلك بيده، فالقانون والتشريعات والعادات والفلسفات والتفسيرات الدينية قد شكلها بما يتماشى مع ذكوريته ومصالحه وأهوائه، لكن المرأة اذا اخفقت ولم تتقدم فذلك بسبب ثقافة ذكورية وبنى اجتماعية واقتصادية ذكورية، أعاقت تقدمها ونجاحها، ألم تعرف عن اللتي تركت عملها لان اجرها قليل، أو لانها لا تستطيع التوفيق بين بيتها والعمل لان زوجها لا يساعدها مثلا، وتلك التي لم تصبح مسؤولة في مكان عملها لان مديرها الرجل لا يراها تصلح للمسؤولية لان في ذهنه صورة مسبقة نمطية سلبية تجعله يتحيز ضدها بالتقييم والترقية والتدريب، فقط كونها امرأة، فيقف بذلك عائقا دون تقدمها، الم تسمع بامرأة عاملة تحرم من الدورات والورشات والسفرات او تشارك بنسبة بسيطة بسبب تحيز مديرها للموظفين من بناء جنسه، الم تشاهد في مكان عملك زميلتك التي جعلها مسئولها تترك عملها لانها انجبت طفلا وطالبت بحقها القانوني باجازة أمومة، الم تسمع بفتيات متعلمات عاملات يتقاضين اجورا اقل من الرجال في نفس مكان العمل ويقمن بالعمل ذاته الذي يقوم به الرجال، الم تسمع عن قوانين وتشريعات تحرم الفتاة من حقها باختيار العمل والوقت الذي تحب بملئ ارادتها كونها انسان بالغ راشد عاقل ناضج كأخيها الرجل، ألم تسمع بتلك الفتاة التي كان تحصيلها العلمي افضل او مساو لاخيها الذكر، فقام والديها بتدريس اخاها في الجامعة في صورة واضحة للتمييز ضدها،فقط كونها انثى، الم ترى تلك المرأة التي تتمتع بالكفاءة العلمية والمهنية والاجتماعية عندما ترشحت للانتخابات، فخسرت الرهان لأن المجتمع فضل عنها رجلا غير كفؤ حينها، فقط لانه رجل وانها امرأة، الم تسمع بحكومة لا يوجد فيها بضع وزيرات في مجتمع تمثل فيه المرأة النصف وتمثل المتعلمات من النساء العاملات فيه نسبة الثلثين، الم تسمع بتلك الفتاة التي ارادت ان تدرس الحقوق ومنعها اهلها بحجة انها مهنة رجالية، وفي الوقت ذاته، يترك الخيار لاخيها الذكر باختيارتخصصه بملء ارادته، الم تسمع بالفتاة المحاصرة والمسجونة بالبيت التي تمنع من الخروج للتنزه مع صديقاتها بينما اخيها يسرح ويمرح ليل نهار دون رقيب او حسيب او منع، الم تقرأ بالصحف عن تلك الفتاة التي قتلها اخاها بسبب مكالمة هاتفية، بينما أخاها ذاته يقيم علاقة مع صديقته، فقط لانه رجل ولانها امرأة! الم تسمع بالفتاة التي رفض اباها تزويجها من شاب تحبه بينما يترك العنان لاخيها الذكر باختيار من يريد دون تدخل الاهل والدولة، الم تسمع بالفتاة التي هددها زوجها بالطلاق اذا استمرت في عملها او وظيفتها، الم تسمع بالفتاة التي يضربها زوجها ويمنعها من الخروج وممارسة حياتهاالطبيعية بسبب عاداته وتقاليده الظالمة وفهمه المغلوط للدين، الم تسمع بالعائلة التي تحتفي وتفرح بولادة الذكر الذي يمثل بالنسبة لها امتداد الاسرة والقبيلة، بينما تحزن لولادة انثى الذي يمثل بالنسبة لها البؤس والحزن، الم تسمع بالمرأة التي لا يسمح لها بالسفر او ادخال ابنها المستشفى الا بموافقة زوجها الذي قد يكون منفصل عنها اصلا ،ألم تسمع بالمرأة التي تتزوج من غير جنسيتها فيحرم ابنائها من العمل والتعليم والمواطنة لانها لا تملك الحق باعطائهم الجنسية! والكثير الكثير مما لم تسمع به ياصديقي، لهذا اكتب عن المرأة؟ لان المجتمع الذي يظلم نصفه الاخر لن يتقدم، والمجتمع الذي يقرن نصفه بالتبعية للنصف الاخر لن يتقدم، ان المجتمع سيتقدم عندما تتمتع فيه المرأة بكامل خصوصيتها ككائن بشري مستقل استقلال تاما عن الرجل، وان لا يعاملها وينظر لها كذات ناقصة ومواطن من الدرجة الثانية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اضطرابات في الإمارات لليوم الثالث بسبب سوء الأحوال الجوية


.. -الرد على الرد-.. ماذا تجهز إسرائيل لطهران؟| #الظهيرة




.. بوتين..هل يراقب أم يساهم في صياغة مسارات التصعيد بين إسرائيل


.. سرايا القدس: رشقات صاروخية استهدفت المدن المحتلة ومستوطنات غ




.. أصوات من غزة| ظروف مأساوية يعيشها النازحون في العراء بقطاع غ