الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التعليم والتطرف في دول الحراك المجتمعي العربي

حسين سالم مرجين
(Hussein Salem Mrgin)

2017 / 5 / 30
التربية والتعليم والبحث العلمي


بعد مرور خمس سنوات على الحراك المجتمعي العربي أواخر العام 2010م وبدايات العام 2011م ، طفحت على سطح المشهد تلك الدول ظاهرة التطرف، حيث أصبحت قضية يومية حياتية، لها انعكاسات سلبية على السّلم الأهلي والعيش المشترك والتسامح بين أبناء الوطن الواحد، فالأحداث اليومية في دول الحراك المجتمعي العربي شهدت تطرف على مستوى الأفكار، والمواقف، والممارسات، بالرغم من كون الظاهرة لم تكن وليدة ذلك الحراك، أنما بذورها الأولي ربما ترجع إلى سنوات الدكتاتورية والاستبداد للأنظمة الحاكمة، فالحراك مجتمعي العربي والذي كان بدايته أواخر 2010م، كانت له دواعيه الاقتصادية والاجتماعية، والسياسية، والفكرية، والتكنولوجية فتمحورت مطالب ذلك الحراك المجتمعي بإسقاط النظم السياسية العربية، فتم التعبير عن إرادة التغيير من خلال مظاهرات سلمية، وكانت تلك هي المرحلة الأولى في ذلك الحراك، إلى حين استحكمت لغة التطرف من قبل النظم السياسية العربية، والتي بدأت أولًا بحملة اعتقالات واسعة، ومن ثم برزت مخالب النظم السياسية وطال تطرفها، حيث استعانت بعض تلك النظم، خاصة في ليبيا وسوريا بالقوات المسلحة– كون الشرطة العادية – لم تستطيع فرض الأمن – وكان هذا اعتراف بحجم وقوة ذلك الحراك المجتمعي من جهة، إضافة إلى بروز ظاهرة التطرف في استخدام القوة من جهة أخرى، من خلال مواجهة المظاهرات بالقوة المتطرفة، فتحول الحراك السلمي إلى حراك مسلح، فكان الانتقال إلى المرحلة الثانية، حيث برزت القاعدة الهندسية على سطح تلك التغييرات والتى تقول: لكل فعل رد فعل مساو له في القوة مضاد له في الاتجاه، لتفسر حدة العنف والتطرف في استخدام القوة الحاصل ما بين النظام السياسي والحراك المجتمعي، وبالرغم من ذلك العنف إلا أن النظم السياسية العربية لم تعترف بحجم وقوة الحراك المجتمعي، وإذا كان يقال في علم الطب بأن بداية العلاج هو الاعتراف بوجود مرض، حتى تتم عملية التشخيص ليتم اكتشاف نوع المرض، ومن ثم تتم عملية البحث عن العلاج المناسب، فكان من المفترض أن يتم الاعتراف بوجود حراك مجتمعي – طالب - كون ذلك ضرورة لابد منها – كما يُصبح أيضا الاعتراف – بالمطالب- ضرورة لا بد منها أيضًا، كما أن تجاهل الطالب والمطلوب – أدي إلى خلق أزمة التطرف، ومن ثم عكس الحراك المجتمعي العربي أزمة تطرف نظم سياسية لا تستطيع أن ترى ضرورات التغيير.
وبالتالي بالرغم من سقوط بعض الأنظمة السياسية العربية – في ليبيا مثلًا- إلا أن الحراك المجتمعي "المسلح" لم يكن لديه مشروع وطني للتغيير، أو اتفاق على هوية الدولة، حيث برزت الأفكار والمواقف والممارسات والجماعات موسومة بالتطرف، بإدعاءات وتبريرات مختلفة، وكان ذلك بمثابة البدء للانتقال إلى المرحلة الثالثة، وهكذا أثارت هذه المرحلة نقاشاً حول العلاقة ما بين الحراك المجتمعي العربي والتطرف، سواء كان ذلك على مستوى الأفكار أو المواقف أو الممارسات، ومن ثم برزت في دول الحراك المجتمعي ظاهرة التطرف المذهبي، والتطرف القبلي، والتطرف الفكري، ..إلخ، ووصل الأمر إلى استخدام العنف من خلال اعتداءات على الحريات أو الممتلكات أو الأرواح، أو المدن أو القرى، ليتحول التطرف إلى إرهاب، وفي الحقيقة لا بـد أن نتفق أنه بالرغم من وجود بعض السمات المشتركة لظاهرة التطرف في جل دول الحراك المجتمعي فيما بينها، وتشابه بعض ظروفها في ملامحها العامة، إلا أنها تختلف موجات حدّتها وآثارها مِن دولة إلى أخرى، ومن ثم فمن الخطأ أن نسقط نموذج التطرف ما في أي دولة عربية على أي دولة أخرى، فإذا كانت العوامل التقليدية لبروز ظاهرة التطرف موجودة في دول الحراك المجتمعي، إلا أن لكل دولة ظروفها الذاتية والموضوعية الخاصة بها، ومن ثم فإن الفهم والتفسير الصحيح لظاهرة التطرف يتم من خلال تشخيص وفهم ما يمكن أن يكون، بمعني تشخيص تاريخ تلك الظاهرة، وطرح تساؤلات عن أسباب وعوامل التطرف، ومراحل تطوره، ومظاهره وآثاره، وربما التطرق إلى الدور والدعم الخارجي للتطرف، ومن ثم نتائجه على المستوى المحلي والإقليمي والدولي، وأخيراً تحديد الرؤي المستقبلية لهذا التطرف، بالتالي لا يمكن معالجة التطرف بالطائرات بدون طيار أو بالمعتقلات، أو بالقرارات الصادرة عن المنظمات الإقليمية أو الدولية، أو بالتحالفات الدولية، أو بالمراقبة والتجسس، أنما تكون بداية المعالجة من خلال محاولة الوصول لفهم تفسيري للفعل الذي أدى إلى ذلك التطرف، من خلال التشخيص والفهم والتحليل والتفسير، ومن ثم اقتراح المعالجات والحلول المناسبة، كما تبرز الحاجة إلى أستحدث علم جديد يهتم بدراسة التطرف بأنواعه كافة، كما تبرز أيضًا أهمية تطوير بعض المقررات الدراسية في المدارس والجامعات العربية بحيث يمكن تضمين موضوعات تطرح معالجة التطرف ضمن المقررات الدراسية، ولتحقيق ذلك أعتقد بأن هناك حاجة لوقفة للتدبر لكل المفكرين والبحاث العرب لواقع المجتمع العربي، والحراك المجتمعي على وجه الخصوص، وذلك بغية تحديد إجابات لتلك التساؤلات، والعمل على فهم وتشخيص وتفسير أسباب التطرف ووضع إجراءات التصحيح المناسبة، ومواجهة التطرف بالأسلوب الملائم من خلال التفكير النقدي، والتفكير الابداعي، ومنهج حل المشكلات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس تواصلت مع دولتين على الأقل بالمنطقة حول انتقال قادتها ا


.. وسائل إعلام أميركية ترجح قيام إسرائيل بقصف -قاعدة كالسو- الت




.. من يقف خلف انفجار قاعدة كالسو العسكرية في بابل؟


.. إسرائيل والولايات المتحدة تنفيان أي علاقة لهما بانفجار بابل




.. مراسل العربية: غارة إسرائيلية على عيتا الشعب جنوبي لبنان