الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة في كتاب .. شذرات من مناهل المعرفة للباحث عبد الأمير الشلاه

نبيل عبد الأمير الربيعي
كاتب. وباحث

(Nabeel Abd Al- Ameer Alrubaiy)

2017 / 5 / 31
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات



كتاب شذرات من مناهل المعرفة هو حصيلة جهد كبير ومتواصل من القراءة والمتابعة اليومية لكل ما يصدر من جديد في جميع مجالات العلوم والثقافة والأدب والفلسفة والتأريخ والاقتصاد خلال أربع عقود من الزمن جمعها الكاتب والباحث عبد الأمير الشلاه, ووضعها أمام القارئ الكريم, أي بمعنى خلاصة مطالعة أربعين عاماً وضعها جاهزة ليطالعها كل من رغب أن ينهل من العلوم والمعرفة وليتسلح بها في حياته الثقافية والأدبية اليومية. الكتاب حصيلة موضوعات وأوراق واقتباسات متناثرة في الحكم والثقافة, جعلَّ منها السيد الشلاه مشروعاً ثقافياً ضمن كتاب.
الكتاب عبارة عن شذرات متنوعة رأى الكاتب إصدارها بكتاب على أن تفيد القارئ والمثقف, وقد أدرجها بأسلوب مبسط كما أشار إلى ذلك في صفحة 8, وكانت دعوته للكتاب إلى الكتابة بأسلوب بسيط حيث قال :" إنها دعوة للتقليل من استعمال المفردات الأجنبية الصعبة التي يصعب على القارئ غير المتخصص فهمها. إننا بحاجة إلى لغة وسيطة تخاطب أوسع شرائح المجتمع... فللمتلقي سلطة أكبر من سلطة الكاتب فهما شريكان في عملية فكرية واحدة هدفها الأساس التواصل مع المتلقي".
الكتاب صادر عن دار ينابيع في دمشق هذا العام 2017, يحتوي على (655) صفحة من الحجم الكبير الوزيري, تضمن الكتاب خمسة فصول, تناول الفصل الأول شيئاً من أهمية إعادة قراءة التاريخ وأحداثها المختارة, في معظم الموضوعات يتحدث الكتاب عن تاريخ العراق وحضارته بمراحلها التاريخية.
أما الفصل الثاني فقد تحدث الكاتب عن الثقافة ومفاهيمها وأهمية الكتاب واللغة للتواجد الجماعي البشري, وتاريخ تولد الثقافة ومراحلها التاريخية ومهماتها وأنواعها, ثم علاقة الثقافة بالسياسة وأزمة المثقف والثقافة العراقية, ووضح الكاتب ثلاثة أصناف للمثقف (المثقف النقدي, المثقف العضوي, المثقف الكوني), ثم يعقب الكاتب في كتابه إسهامات المثقفين في بناء الحضارة والثقافة الإنسانية منذ الإرهاصات الأولى في التاريخ الإنساني, وأول ما واجه المثقف في مشروعه النهضوي إشكالية شرعية السلطة والمثقف, ومن ضمن توصيات الكاتب حاجة المعرفة إلى فضاء واسع, وابتعاد السلطة عن وضع الرقابة التي تتوخى الوضوح في كل شيء والموالاة لا الغموض, والمشكلة اللغوية لا تزال فاعلة إلى يومنا هذا, وضآلة حصة المعرفة إزاء حصة السلطة.
أما الفصل الثالث فقد اجتهد الكاتب بإعطاء القارئ هذا الفصل منتجع استراحة ينهل منه المتلقي لأكثر من (660) حكمة مُحكَمة وقول حكيم, ليتزود القارئ بفيض معرفي سلوكي يتسلح به لمواجهة شؤون الحياة, ويعتقد الكاتب في صفحة 305 إن الحكم والأمثال وسيلة ناجحة من الوسائل التي يلجأ إليها الباحثون والدارسون لقراءة موضوعية حقيقية لسيكولوجية شعب من الشعوب, ويستثمر الكثير من الكتاب والشعراء طاقة الحكم والأمثال للتعبير المركز الغني والمكثف في الموضوعات التي يتناولها في أشعارهم وكتبهم.
وقد تضمن الفصل الرابع موضوعات ومفاهيم ومعالجات اقتصادية كلاسيكية وحديثة منها ما يتعلق باقتصاد العراق والمشكلات التي تعترض سبل تطوره, وتاريخ النقد والأوراق النقدية وظاهرة التضخم والانكماش, ونشوء وتطور الرأسمالية, ومراحل تطور قوى الإنتاج, كما عرج الكاتب على الاقتصاد الإسلامي والمصارف الإسلامية, والموازنة والدخل القومي, والأزمة العالمية المالية, وأسباب المشكلة السكانية, واعتماد العراق على الاقتصاد الريعي, ووضح الكاتب ما يخص غسيل الأموال والمراحل الرئيسية لغسيل الأموال, ووضح الكاتب الكثير من المصطلحات الاقتصادية والمالية.
أما الفصل الخامس والأخير فقد تضمن شذرات من مناهل الفلسفة, ودور الفلسفة في تطور الفكر الإنساني, وسجالات عن أخطاء الفلاسفة اليونان التي أصلحها العرب. أما موضوع إهداء الكتاب فقد أهدى الكاتب السيد الشلاه الكتاب إلى رواد شارع المتنبي التواقين للمعرفة والعدل والحرية.
يذكر الكاتب في صفحة 16 حول موضوع إعادة كتابة التاريخ قال :" إن محاولة إعادة كتابة التاريخ تأتي وفق منظور أصحاب السلطة والمال وليس من منظور القوى الاجتماعية الفاعلة في كل منجز إنساني أو حدث تاريخي لصالح الخير والسلام", ففي تاريخ العراق القريب حاولت حاشية النظام السابق العبث بتاريخ العراق والإتيان بشواهد تاريخية لا تصمد أمام الحقيقية لتوظيفها تبريراً للحروب والمآسي, ما زالت القوى تدفع أثمان أخطاء وجرائم أباطرة التاريخ قديماً وحديثاً, لكن مع هذا نقول إن التاريخ لم يكتب بصورة عادلة مطلقاً, وإن التاريخ نسبي وليس حقيقي, ولذلك قال الشاعر الرصافي :
نظرنا بأمر الحاضرين فرابنا فكيف بأمر الغابرين تصدقُ
الهدف من توثيق وكتابة التاريخ هو لمعرفة الإنسان بنفسه أي معرفة ما يستطيعه الإنسان, فقيمة التاريخ لكي يحيطنا علماً بأعمال الإنسان في الماضي وحقيقة هذا الإنسان. يعقب الكانب السيد الشلاه في كتابه على دور ابن خلدون في إظهار تبعية المجتمعات لقوانين ثابتة, كما قال أكد ابن خلدون حول الحتمية التاريخية, وقد عقب الأستاذ جورج شحاته قنواتي حول دور وأهمية ابن خلدون قال :" لقد دلت الدراسات المقارنة للأدب العربي أن بن خلدون كان سبّاقاً في ميدانين, فلسفة التاريخ وعلم الاجتماع, وأول من أشار إلى أهمية ابن خلدون وسماه (مونتسكيو العرب) ثم ترجمت المقدمة ومختارات منها إلى اللغات الألمانية والفرنسية والانجليزية والبرتغالية ولغات عالمية أخرى). لذلك يعتبر ابن خلدون الفقيه والفيلسوف الذي ضارع عمالقة النهضة بعبقريته العالمية منذ القرن الرابع عشر.
استخدم الكاتب والباحث السيد الشلاه أسلوباً جديداً في فهرست الكتاب, إذ تضمن الكتاب لكل فصل فهرسة خاصة به, فضلاً عن مصادر ذلك الفصل, وغاية الباحث الدقة في التوثيق, كما اعتمد الكاتب في كتابه المهم هذا على أكثر من (239) مصدر بين كتاب ومقال في صحيفة أو على مواقع النت الالكترونية. الكتاب يمثل مختلف الاتجاهات التي جمعت خلال مسيرته الحياتية.
لقد اسعد الكتاب جميع الذين اطلعوا عليه كما أسعدني لهذا الكم الوافر من المعلومات, في هذه القراءة للكتاب, لست هنا إلى الإشارة إلى الايجابيات والسلبيات للكتاب وإنما لأشد على يد الكاتب والباحث الشلاه بعد أن تجاوز عمره العقد السابع وهو في إبداع متواصل في كل مرة يتحفنا بمؤلف جديد وفي مجال معين بعيد عما كتبه سابقاً وفي اختصاص جديد.
إن هذا الجهد الرائع يكشف عن عمق حب الكاتب السيد الشلاه للمعرفة وحرصه الشديد على متابعة وجمع وتوثيق المعلومات من مصادرها, إلا أنه في الفصل الأول من الكتاب لم يدخر وسعاً في الرجوع إلى بعض المصادر الموثقة وقد أشار السيد الشلاه في مقدمة كتابه, أنه قد كتب بعض قصاصات الورق وبغفلة من الزمن نسى المصدر, لكن الكتاب يعتبر موسوعة فيما جمع الباحث الشلاه من معلومات لا يستغني عنها الطالب والباحث والمؤرخ والمحب للثقافة.
يتمتع السيد الشلاه بقائمة من المعلومات في كتابه هذا, حيث أتحف بها القراء, وهي عبارة عن فاكهة من بستان المعرفة, تكون مصدراً للباحثين لما وثق من معلومات وحقائق لقضايا تقادمت عليها الأيام, كان الغاية من كتابه هذا يخشى السيد الشلاه أن تفقد أو تنسى من قائمة من الملاحظات حول كتب ومصادر اطلع عليها, فهو طاقة لا تنضب من الإبداع في الكتابة.
الكاتب والباحث السيد عبد الأمير شمخي الشلاه, رجل غني في عطائه, ممتع في أسلوبه البحثي, رقيق المشاعر, عذب الحديث, طيب القلب, جميل المعشر, كتب في أبواباً متنوعة بين الدراسة النقدية في شعر الجواهري في كتابه الموسوم (الجواهري هذا المغني لنور الشمس), وفي مجال العولمة. وكتابه البحثي نفطنا ثروة أجيالنا, وحقوق الإنسان في الميزان, وأخيرا كتابه هذا (شذرات من مناهل المعرفة), إلى جانب العديد من الدراسات والمقالات المنشورة في الصحف والمجلات والمواقع الالكترونية. وأتمنى لأستاذنا السيد الشلاه المزيد من الصحة والعافية, والمزيد من الإبداع والمؤلفات لتضاف إلى المكتبة العراقية والعربية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السعودية.. شخص يطعم ناقته المال! • فرانس 24 / FRANCE 24


.. الادعاء الأمريكي يتهم ترامب بالانخراط في -مؤامرة إجرامية-




.. هذا ما قاله سكان مقابر رفح عن مقبرة خان يونس الجماعية وعن اس


.. ترامب يخالف تعليمات المحكمة وينتقد القضاء| #مراسلو_سكاي




.. آخر ابتكارات أوكرانيا ضد الجيش الروسي: شوكولا مفخخة