الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لغة القلم

نادية خلوف
(Nadia Khaloof)

2017 / 6 / 1
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


نستطيع قراءة الآخر من لغة جسده عندما يتحدّث فنقول عنه: شخصيّة قلقة، منفصلة عن الواقع، صريحة، بسيطة، أو غيرها من الألفاظ، لكنّنا لا نحكم عليه من النظرة الأولى، ولو أنّ الانطباع الأوّل قد يكون هو الانطباع الأخير.
يبدو أنّ لغة الجسد لم تعد حاضرة كما السّابق، فالأجساد متباعدة تجمعها شاشة صغيرة ندّون عليها أفكارنا.
بالنسبة لي أقرأ مقالاً عن الثورة، فأقول هذا منافق، وهذا مدعوم من الدولة الفلانية، وأقرأ مقالات موالية، فأقول هذا حاقد، وذلك لئيم، وتلك تؤمن بالقتل.
أقرأ مقالات العلمانيّة فأقول: هذا طائفي، وذلك لديه تخمة في جيبه، ومن ثمّ لا أقرأ . أدير وجهي إلى الحائط فأقول: هذا ليس وطناً، ولا مقبرة.
إن كان الأدب يسجّل تاريخ الشّعوب، فإنّ من يقرأ كتاباتنا بعد ألف عام سوف يقول عصر أزمة منتصف العمر في تاريخ الأدب.
يوجد اليوم الأدب الفاجر، والتاجر، وما موضوع الأنثى فيه سوى بضاعة تلزم السّوق. حضرت حفل توقيع كتاب، وقد استمر الكاتب في شرح كتابه ساعتين، مع أنه يمكن تلخيصه بصفحة واحدة ، و كان الحضور لابأس فيه، وكل شخص من الحضور اشترى الكتاب ليس من أجل أن يقرأه بل لأنه هكذا يجب أن يكون الأمر. اختبأت في نفسي وأنا أدفع ثمن الكتاب. منذ متى والكاتب هو المسوّق؟
ربما أغلبنا مصاب بجنون العظمة، فكتاباتنا تدور حول نفس المواضيع. ونحن نعيش المراهقة فنسطّر فخرنا بأنفسنا، ويتبعنا المتملقون.
لا نحتاج إلى أطباء لدراسة أنفسنا، فقد بقيت عدّة سنوات أبحث لأجد سرّي، وأيّ نوع من الأشخاص أنا. لم تظهر لي ملامح واضحة سوى الرّهاب، والقلق. وهذا ليس أمراً حسناً عندما نصاب بفوبيا. إنني مصابة بفوبيا الخوف، تلاحقني ضحكات السّجان عندما يؤدّبني، ويحاول أن يعيدني إلى صوابي. رهاب الوطن، فكلما سمعت كلمة وطن أشعر بالشّيخوخة، وترتجف يداي، أخشى أن يعيدني إليه.
نضجّ بالأمراض النفسية، والسلوكية، ولا عذر لنا بأنّنا تعرّضنا للقمع من خلال الاستبداد، فلا يمكن أن نعيش جميعاً أزمة منتصف العمر ونحن في أجيال مختلفة. أما التقليعة الأخيرة فهي أن تكون مسلماً متشدّداً، وتقف ضد الإسلام بنفس الوقت لأنك ضد الإرهاب الإسلامي، أو تكون مسيحياً متشدداً وتتحدّث عن الإرهاب وتعبّر عن كرهك لليهود والمسلمين.
لديّ رهاب الصّداقة، فكلما أعطيت لصداقة ما استغلت من قبل الآخر الذي يعتبر أنّني لقمة سائغة، فأحياناً يطلب تمويلاً، وأحياناً يطلب سكناً، أو قرضاً، وكأنّني دولة صغيرة كقطر يمكنني أن أموّل الإعلام العربي كلّه.
لو أننا أقلعنا عن الفخر بماضينا، واكتفينا بتدوين ما نكتب بتواضع دون أن نشير إلى عظمتنا في صور كثيفة، وأمكنة عديدة، وجماهير حاشدة، فالقارئ ليس غبياً. لو بالغت في الأمر قد يبتعد عن قراءة ما تكتب.
لا يوجد كاتب أو شاعر من حيث المبدأ، فالكتابة ليست مهنة إلا عندما تتحوّل لعمل ووظيفة، وما عدا ذلك فالجميع هواة، والتاريخ هو الذي يصنّف.
جميعنا بشر. نحبّ أن نكرّم على أمر نستحقّه بتواضع، وحبّ، لكنّ تلك الفوضى، والانحدار الإنساني الذي نسجلّه على صفحاتنا يشبه فوضى القتل، والتهجير، والتخوين ، عقولنا موجودة على الأرض وفي كل الأماكن التي نرحل إليها، ومع أنّنا ننظر لأنفسنا بعظمة، ينظر لنا الآخرون بأنّنا نحتاج لإعادة تأهيل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تنشر أسلحة إضافية تحسبا للهجوم على رفح الفلسطينية


.. مندوب إسرائيل بمجلس الأمن: بحث عضوية فلسطين الكاملة بالمجلس




.. إيران تحذر إسرائيل من استهداف المنشآت النووية وتؤكد أنها ستر


.. المنشآتُ النووية الإيرانية التي تعتبرها إسرائيل تهديدا وُجود




.. كأنه زلزال.. دمار كبير خلفه الاحتلال بعد انسحابه من مخيم الن