الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
ترامب وفلسطين: إعادة دخول المتاهة
نهاد ابو غوش
(Nihad Abughosh)
2017 / 6 / 2
القضية الفلسطينية
ترامب وفلسطين: إعادة دخول المتاهة
بقلم: نهاد أبو غوش
دفعت القضية الفلسطينية ثمنا باهظا لتطورات السنوات الأخيرة من حروب أهلية عربية، وافتعال ثم تضخيم التناقض السني الشيعي، وانكفاء إدارة أوباما وامتناعها عن التدخل العملي والجاد في ملف الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. كل ذلك إضافة إلى الأزمات الداخلية الفلسطينية من استمرار الانقسام، وتعطيل الحياة الديمقراطية، وتهميش مؤسسات منظمة التحرير. والنتيجة أن دولة الاحتلال استفردت بالفلسطينيين، ومضت في سياسة تغيير الوقائع المادية، وفرض الحقائق الاستيطانية وتهويد القدس على الأرض، أي تحديد نتيجة المفاوضات على الرض قبل أن تضطر لبحثها على طاولة التفاوض.
الرئيس الأميركي دونالد ترامب جاء إلى المنطقة، والكل يترقبون "الصفقة" التي وعد بها، وأوحى بأنه سيفرضها على سيفرضها لحل الصراع، لكن الرئيس الأميركي لم يتطرق بتاتا خلال كلماته الرسمية التي ألقاها في واشنطن أثناء استقبال الرئيس محمود عباس، ثم في بيت لحم والقدس خلال زيارته للمنطقة، إلى أي من الحقوق السياسية والوطنية للفلسطينيين. فلا ذكر لحل الدولتين، ولا لإنهاء الاحتلال، أو حق تقرير المصير مكتفيا بالحديث المبهم عن نيته بذل جهود لتحقيق تسوية سلمية.
وكان الأبرز في زيارة ترامب تبنّيه الحرفي لرؤية نتنياهو عن السلام الإقليمي وتحسين الأوضاع الاقتصادية للفلسطينيين، حيث يعلن نتنياهو صراحة استحالة تحقيق تسوية سلمية خلال عهد الجيل الحالي ويستعيض عن ذلك بالحديث عن سلام اقتصادي.
استفاض ترامب في الحديث عن مسؤوليات السلطة الفلسطينية في محاربة الإرهاب ومنع التحريض، وامتدح التنسيق الأمني باعتباره الوظيفة الأولى والرئيسية للسلطة، مع الإشارة إلى أن المطالب الثمانية التي نقلها مبعوثه جايسون غرينبلات للفلسطينيين هي في الحقيقة مطالب إسرائيلية معروفة ومكررة، وكأن المبعوث الأميركي لم يكن أكثر من ساعي بريد.
من الواضح أن ترامب لا يملك حتى الآن أية تصورات تفصيلية للحل، وأن إدارته ما تزال في طور بناء الرؤية، ثم إن نتائج زيارة ترامب والصفقات السياسية والاقتصادية التي أبرمها مع السعودية، وما أنجزه سياسيا وأمنيا مع دول الخليج بشكل خاص ومع معظم الدول العربية والإسلامية، ستغنيه عن الحاجة الماسّة لحل عقدة الصراع التي استعصت على 12 رئيسا أميركيا من قبله: منذ هاري ترومان وحتى باراك أوباما.
سيكتفي ترامب إذن ببعض الصور التذكارية لإطلاق مفاوضات فلسطينية إسرائيلية، ضمن عملية سلام إقليمي. مفاوضات لا تفضي إلى شيء، وغير محكومة بمرجعيات قانونية وقرارات أمم متحدة، ولا بجدول زمني أو هدف واضح، ومن دون رعاية أو إشراف دوليين، عدا الاحتكار الأميركي لهذا الإشراف، والمشاركة العربية الخليجية إلى جانب الاتحاد الأوروبي الذي اكتفى حتى الآن بالشق التمويلي.
من الممكن أن يترافق إطلاق المفاوضات مع بعض إجراءات بناء الثقة، من قبيل تخفيف بعض القيود والحواجز الإسرائيلية، وتمديد أوقات العمل على الجسور، وتفعيل اتفاقيات سابقة لبناء مناطق صناعية مشتركة على حدود الضفة والقطاع. ومن الجانب الفلسطيني الالتزام بتنفيذ دفتر شروط غرينبلات، ويبدو أن القيادة الفلسطينية لم تعد متمسكة بقوة بالشروط التي سبق إعلانها لاستئناف المفاوضات كوقف الاستيطان، وإطلاق سراح الأسرى ( الدفعة الرابعة ومن أعيد اعتقالهم من محرري صفقة شاليط)، أو الإعلان الصريح أن الهدف من هذه المفاوضات هو الوصول إلى قيام الدولة الفلسطينية.
هناك عدة عوامل قد تدفع القيادة للالتحاق بالمفاوضات وفق هذه الشروط المجحفة ومنها إحساسها بأن قطار ترامب المندفع سيتجاوزها إن لم تلتحق به، إضافة إلى ما يحصل في الإقليم من دمار وحروب أهلية فضلا عن مواقف غير ودية من بعض الدول، وفوق كل ذلك التحولات الجارية في حماس وآخرها الوثيقة المعدلة، والتي بدل أن تصب في خدمة تعزيز وتصليب الموقف الفلسطيني فقد بدت وكأن حماس تؤهل نفسها لكي تكون بديلا لفتح والمنظمة.
إذا التحقت القيادة الفلسطينية بهذه المفاوضات، طائعة أو مكرهة، فإنها ستلتحق من موقع الضعف والانكشاف، والكاسب الوحيد هو نتنياهو الذي يريد استئناف المفاوضات ولا يريد حلا في الأمد المنظور، الخيار الأفضل للقيادة الفلسطينية سواء التحقت بالمفاوضات أو لم تلتحق، هو أن تعمل على تحسين أوراق القوة المتاحة ودون ذلك ستدخل ومعها شعبها في متاهة جديدة كالتي عايشها الفلسطينيون وخبروها على جلودهم طيلة 25 عاما عاما من مسيرة مدريد- اوسلو.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. بنطلون -جينز- يثير أزمة في كوريا الشمالية! | #منصات
.. قطع للرؤوس وذبح في الشوارع نهاراً.. ما الحقيقة وراء دخول داع
.. لبنان وإسرائيل.. تصعيد وتهديدات باجتياح بري | #غرفة_الأخبار
.. نشرة إيجاز - إصابة 3 مستوطنين إسرائيليين في عملية إطلاق نار
.. الجيش الإسرائيلي: دمرنا نفقا بطول كيلومترين ونعمل في نطاق حي