الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انعكاسات خطيرة

رياض محمد سعيد
(Riyadh M. S.)

2017 / 6 / 3
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


انعكاسات خطيرة ....
اثارة اللقاءات التلفزيونية في الوسط الجماهيري منذ زمن طويل وخصوصا في الفترات الاخيرة حول المستوى الثقافي المتواضع و المرتبك في الطروحات التي يتم تناولها في اللقاءات والحوارات وطرح العديد من التساؤلات بعد الظهور الواضح للارتباك والتشتت في اسلوب طرح الاسئلة وادارة اللقاءات وتناوب الضياعات بين معد ومقدم البرنامج مع الضيف او الضيوف وطريقة التفاعل في الاجابة ، والظاهرة الابرز كانت بين الشباب السياسيين ممن امتهنو الاعلام من مختلف قطاعات المجتمع الحزبية والدينية ممثلة في الاسلام السياسي التي ظهرت حديثا في غفلة من الزمن العراقي ، ظهرت في وقت حرج ضاعت فيه المعايير ومقاييس التأهيل ما بين السياسة والاعلام وزادتها خطورة غياب القادة و المربين والرواد في الحركة الثقافية بسبب هجرة العقول و الخبرات وتدني المستوى التعليمي اثر الاحداث المحلية من صراعات دينية طائفية وتأثيراتها على هجرة الاساتذة الجامعيين والكوادر الخبيرة التي كانت تنظم سياقات انسيابية التنافس في ساحات المعرفة والعمل وفق الكفاءة و القدرات الذاتية .. حيث فتحت الابواب على مصراعيها دون ضوابط ليتسلق الشباب مناصب اعلامية مؤثرة دون اختبارات التأهيل او احيانا يتم اجراء اختبارات شكلية اساسها الولاء للمذهب ولا علاقة لها بالجوانب العلمية والاكاديمية .
هذه الظاهرة الخطيرة اثرت سلبا على المضمون الاعلامي ولا حاجة للتقييم المتخصص لتشخيص هذه الظاهرة اذ ان الكارثة كانت من الضخامة والوضوح بحيث يستطيع المواطن المشاهد العادي المتلقي لهذه المواد الاعلامية ان يشخص بوضوح الانهيار الثقافي في الوسط الاعلامي الحكومي العراقي مقارنة مع الاوساط الثقافية الاخرى.
واحيانا نجد ان النشوز وعدم التكافوء يظهر بوضوح في الفارق الثقافي الكبير في الحوار بين الشباب من جهة وبين بعض السياسيين المخضرمين في الوسط السياسي ونستشهد بذلك اللقاءات مع الاستاذ فائق الشيخ علي اذ يمكن تشبيه تلك اللقاءات بين عالم وجاهل او بين استاذ و طالب فيكون الناتج هزيل في قيمته و محتواه ، وبعيد عن الاثراء الفكري او العملي.
رجل مثل السيد فائق الخبير الذي تتراكم لديه الثقافة العامة والدراسة الاكاديمية والخبرة الميدانية والممارسة السياسية يقابله شباب معبأ من منظومة فاسدة ومتخرج من مؤسسة اكاديمية فاشلة ويحمل افكار ناتجة عن عقليات مصادرها الثقافية من موروث مسموم تجلى في بيئة حكمت العراق بفشل ذريع منذ 2003 لحد الان . ماذ نتوقع من مستوى لطرح مواضيع الساعة التي تشغل بال الجماهير وسط الخراب الذي امتد الى كل مفاصل الحياة ، ومع الاسف لم نجد مقدم برامج في الفترة الماضية يرتقي بالاسلوب و المستوى حتى الى مستوى او رتبة تلميذ او طالب عند السيد فائق الشيخ علي لما يحمله هذا الرجل من فكر سياسي و ثقافي و فلسفي. مع اننا لا ننكر وجود عقول من الشباب المبدع المحصن بعلمية ضد الطائفية وغيرها من الامراض الفكرية الا ان هذه الفئة من الشباب لا تجد فرص في الوسط العملي الحكومي العراقي بسبب شرط توفر الولاءات الدينية.
ومثل هذه المشاهد والامثلة كثيرة جدا في البيئة العراقية اليوم وهو مؤشر يبعث على اليأس والاحباط في ان المجاميع التي تقود العراق في تفاصيل الحياة ومكوناتها اليومية التنفيذية ، مرتكزة ومعتمدة على الجهل وغياب الخبرة العملية و العلمية و الارشاد وفقدان المتراكم ليصبح العراق بلد الفوضى والتهور .
من هذا سيجد المراقب و المتتبع و المهتم بالشأن العراقي ان التباين كبير في فحوى الحوارات الاعلامية وتبدو واضحة من بدأ طرح الاسئلة حيث لا تخلو الاجابات عادة من النصح والتوجيه والارشاد و التنبيه الى مقدم اللقاء واحيانا تتضمن التأنيب المؤدب. هذه الظاهرة (الجهل الثقافي / الحضاري) طالت ليس الوسط الثقافي و الاعلامي فقط بل هي موجودة واحيانا بشكل اكثر وضوحا في كل المفاصل الحكومية للدولة .
الجهل المبطن والمخفي خلف حجج الولاءات الدينية والمذهبية من اكثر الاخطار انتشارا في العراق الان و تلك المؤشرات و على بساطتها تؤكد وجود تيار شبابي غير مؤهل قليل الثقافة معتد بنفسه دون ان يرتكز على اسس علمية او مراجع ارشادية من الخبراء والرواد الاوائل الذين فقدهم الوطن بحجج واسباب تافهة مع ملاحظة وكما قلنا ان تلك المصيبة ليست في الوسط الاعلامي فقط بل في مختلف مفاصل الدولة ومن اعلاها الى اخرها ولكن الاعلام لكونه ناصية المواجهة الاهم مع الجمهور ومع الناس لذلك كانت المشكلة اكثر ظهورا ووضوحا . لذلك نجد ان الاداء الحكومي ضعيف جدا اذا لم نقل معدوم وطبعا هذا يصب في النتيجة التي تسبب بها الشباب المعتد بنفسه وافكاره دون العودة الى تجارب وخبرات الرواد الذين سبقوهم مع ان اغلب هؤلاء الرواد فقدهم الوطن بعد ان وضعو في موضع الاتهام على انهم من ازلام النظام السابق وبالتالي قطعت اواصر التواصل بين جيلين يفترض انهما متواصلين يكمل بعضهم الاخر لتكتمل مسيرة الحياة والاداء الايجابي وبفاعلية تعكس روح وقيمة منظومة الاداء الحكومية العراقية العريقة وفي مختلف المجالات لذلك فان انقطاع هذه الصلة وعدم الاستعانة بتجارب الرواد الاولين في الاداء الحكومي واعتماد الشباب على البدائل السياسية والدينية التي لا تمتلك الخبرة الميدانية المتخصصة كانت نتائجه ما نشاهده اليوم وما نحسه من فشل وحرج وتخبط يصل احيانا الى الفضائح على مستوى المجتمع العراقي و العربي والدولي . وهذه هي جوهر ما ينادى به في ان جزء كبير من الحل يكمن في اداء الحكومة وتجاوز فشلها هو في العودة الى بناء الدولة والحكومة على اساس اختيار كوادر التكنوقراط لأنقاذ ما يمكن انقاذه وتصحيح المسيرة القادمة من مستقبل العراق والا فان استمرار الحال بهذا الشكل سيؤدي الى ضياع كل الجهود بلا ناتج ذو قيمة يساهم او يدفع الى التقدم والتطور واللحاق بالركب العالمي . صحيح ان عجلة الزمن ستستمر بالدوران ولن تتوقف الحياة ويستمر الاداء الضعيف بصورته الحالية وقد يسوء اكثر الا اذا كان للتكنوقراط نصيب من الحل للمستقبل القريب .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص


.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح




.. مباشر من المسجد النبوى.. اللهم حقق امانينا في هذه الساعة


.. عادل نعمان:الأسئلة الدينية بالعصر الحالي محرجة وثاقبة ويجب ا




.. كل يوم - الكاتب عادل نعمان: مش عاوزين إجابة تليفزيونية على س