الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خطر الأحزاب الاسلاموية

مولود مدي
(Mouloud Meddi)

2017 / 6 / 5
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


في العلوم السياسية الحزب هو تنظيم سياسي يسعى الى بلوغ السلطة عن طريق الانتخابات, و الاحزاب السياسية كثيرا ما تختلف في الأفكار و الرؤى و البرامج السياسية, لكنها لا تختلف حول موضوع الديمقراطية و المساواة بين الرجل و المرأة و التداول على السلطة و عدم تمييز المواطنين على أساس العرق أو الدين أو الجنس, و كما قلنا أن لكل حزب برنامجه السياسي و طريقة تطبيقه, لكن, هل للأحزاب الاسلاموية برامج سياسية واقعية تعبر عن طموحات الشعوب المسلمة ؟ هل تؤمن هذه الاحزاب بالديمقراطية و بحقوق الانسان و بالتداول على السلطة ؟ .
لو نطّلع على دعايات الاحزاب الاسلاموية في مختلف الدول الاسلامية سنجد أن برامجها تتلخص فيما يلي :

-1 تقسيم المواطنين في الدولة الواحدة الى مؤمنين و كفّار و معاملتهم حسب عقيدتهم و مذهبهم و التأكيد على ان غير المسلمين سيتم اخضاعهم الى قانون دفع الجزية.
-2 منع غير المسلمين من تقلّد المناصب الوزارية أو الترشح للرئاسة و الاشتغال في الجيش أو في القضاء و عموما جميع المسؤوليات سيتم منعهم منها و تسليمها للمسلمين فقط – للمسلمين الذين يتبنون نفس رؤية و مذهب الحزب الاسلاموي الحاكم .
-3 القضاء على المعارضة السياسية و سجن مختلف القيادات الحزبية غير الاسلامية و الدعوة الى قتل العلمانيين بتطبيق حد الردة عليهم, و فصلهم بينهم و بين أزواجهم و ذريتهم و نزع الجنسية منهم.
-4 معارضة القوانين التي تنادي بالمساواة بين الرجل و المرأة و الاعتراض على قوانين معاقبة العنف الأسري بحجة تفكيك الأسرة و نشر الانحلال و شرعنة عنف الرجال على النساء, و كأن العنف لا يفكك الأسر بل يساعد على نشر المحبة فيما بينها.
-5 التنازل على مكتسبات الحداثة المتمثلة في السيادة و المواطنة, بحيث تجعل الأحزاب الاسلاموية و خاصة السلفية حدود الدولة غير ثابتة مطاطية , قابلة للتوسع في اشارة منهم الى اعلان الحرب على جميع الأقطار غير المسلمة ثم احتلال كل بلد مسلم لا يطبّق الاسلام على شاكلتها, و هذا ما جعل احد قادة حزب جبهة الانقاذ الجزائرية في 1991 يتوعد باحتلال اسرائيل عند وصولهم للسلطة!, و الطريف خروج احد المشايخ السلفيين " ابو اسحاق الحويني " يطالب بغزو البلدان غير المسلمة و سبي نسائها لحل المشاكل الاقتصادية و مشكلة الزواج في الدول المسلمة!, أما المواطنة فهي لصالح اتباع الدين و المذهب المسيطر ثم سيعود زمن التقسيم الطبقي الأموي العنصري بحجة اتباع سنّة السلف فيصبح المواطن اما مسلما أو ذمّيا أو من الموالي أو من العبيد و الخدم.

وينجذب إلى هذه النقاط أفراد لهم رؤية دينية متشددة وصبيانية في نفس الوقت للدين وللحياة وللعالم, ومما يثبت الصبيانية الفكرية لهذه الأحزاب, لن تجد لهذه الأحزاب فكرا جادا أو نظرية فكرية متماسكة في أي مجال من المجالات العديدة التي توهمتها لنفسها, فتخلط بين السياسة و الدين, و الادهى من ذلك كانوا بالأمس يكفّرون الديمقراطية و يرونها كفرا بالله و رسوله, أما الأن فيقولون " ديمقراطية اسلامية ", و المشكلة ان من المفروض أن يكون خطاب الأحزاب السياسية موجّها الى جميع شرائح الشعب الا الأحزاب الاسلاموية التي يبدوا أن مهمتها نشر الفرقة بين الشعوب, ففي العراق مثلا يتم التحريض المذهبي بين السنّة و الشيعة و في دول شمال ايفريقيا يتم المتاجرة بالخلاف السنّي الشيعي من أجل الأغراض السياسية فتتم الدعوة الى الكراهية ضد الشيعة و الاباضية لأثارة " حمية الجاهلية " من اجل اجتذاب الأتباع ...

ولن يكون من الشطط عندما نقول أن " داعش " هي أصدق الجماعات الاسلامية قولا فهي تطبّق كل ما يريده انصار الاسلام السياسي من تطبيق الشريعة التراثية و قتل المرتد و ذبح الشيعة و الايزيديين و تكفير الأقباط و سحلهم وسبي النساء و معاداة المنجزات الغربية و التطبيق الحرفي لتعاليم نجوم رجال الدين في الاسلام مثل ابن تيمية " و " ابن الوهاب " و تدريس كتاب " الموطأ " لامام مالك في المناطق المحتلة لأبناء المسلمين, أما الاسلام السياسي فيدعوا لنفس الشيء .. دولة الخلافة و تحكيم الشريعة و الاعتزاز بالموروث و الاستعداد لـ " معركة هرمجدون " يحتل فيها المسلمون العالم و يسيطرون عليه, اذن لماذا يتبرؤون من " داعش " التي تطبق ما ينادون به حرفيا ؟.

لا يمكن الانكار أن الاسلام السياسي ما هو الا ردة فعل على سقوط دولة الخلافة العثمانية, و أن الاسلام السياسي الذي يتسربل بشعار " الاسلام هو الحل " ما هو الا نتاج فكر حركة الاخوان المسلمين فمن هذه الحركة انبثقت جميع الحركات الاسلاموية الأخرى اضافة الى الحركات الارهابية مثل " الهجرة و التكفير ",و لو مازالت دولة الخلافة قائمة الى يومنا هذا هل سنتعرف على " حسن البنا " أو " سيد قطب " أو " محمد مرسي " أو حزب النور – أو الظلام – السلفي ؟, و من هنا نشأ الانقسام بين المسلمين .. فهناك من يرى أن العودة الى القمة تكون بنقد الموروث بكل جرأة و نزع هالة التقديس من أبطاله و القضاء على الكهنوت, و نشر ثقافة التنوير و فصل الدين عن الدولة, و هناك من يقول " لا يصلح أخر هذه الأمة الا بما صلح أولها " واستندوا على تراث أرعن يحل قتل الأبرياء وتكفير المعارضين دون بينة, يدعو للعنف والكراهية والعنصرية، وهذا يفسر شيوع الكراهية والطائفية بين المسلمين بالعموم والعرب بالخصوص.

يبدو أن الحل هو منع تأسيس الأحزاب الدينية لتفادي الحروب الأهلية في الوطن الواحد, و تبرير العنف الحاصل فيها باسم الدين, قد يقول البعض كيف تمنع تأسيس الأحزاب الدينية في العالم الاسلامي و هي أصلا موجودة بقوة في الغرب, سأقول أن الأحزاب التي يقصدونها هي الأحزاب ذات المرجعية الدينية و ليست احزابا دينية, فلو نأخذ مثلا في المانيا حزب الاتحاد الديموقراطي المسيحي نجد أن هذا الحزب يتطلّع لتأسيس مجتمع يرتكز على الكرامة الإنسانية، وحرمة الفرد، والصدقة المسيحية، وحقوق الإنسان، والديموقراطية, و المساواة بين المواطنين, ودعم حقوق النساء والأطفال, وتوسيع الدور الاجتماعي للدولة بل و يقبل هذا الحزب بالأعضاء غير المسيحيين فيه, فبالله عليكم اين أحزاب الاسلام السياسي من كل هذا ؟!.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المشهديّة | المقاومة الإسلامية في لبنان تضرب قوات الاحتلال ف


.. حكاية -المسجد الأم- الذي بناه مسلمون ومسيحيون عرب




.. مأزق العقل العربي الراهن


.. #shorts - 80- Al-baqarah




.. #shorts -72- Al-baqarah