الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قطر .. اللهم لا شماتة

جواد البياتي

2017 / 6 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


قطر .. اللهم لا شماتة
من يقرأ التاريخ السياسي للدول والشعوب منذ ظهور الدولة المدنية ولحد اليوم ، لايجد في انهيار العلاقة المفاجئة وبشكلها الدراماتيكي الحالي بين امارة خليجية مجهرية اسمها قطر متهمة برعاية الارهاب وبين دول خليجية اخرى كالسعودية والامارات والبحرين وحكومة عبد ربه في اليمن زائدا مصر من قارة افريقية ، لا يجد اية غرابة ، اذا ما عرفنا ان هناك الكثير من الحضارات والامبراطوريات والدول قد ولدت وانتفخت بفعل التخمة الاقتصادية او العسكرية التي على اساسها تبني فلسفتها السياسية في التعامل مع محيطها الاقليمي والدولي ، ولم نجد من هذه الدول ما أحتفظ بنفس مكانته او مركزه في التاريخ .
ومع ان السياسة ليست دائما سياسة توافق ممتاز لذلك نجد ان هناك الكثير من نقاط التقاطع بيت التحالفات التي تراهن عليها الدول المتحالفة ، سواء كانت توصيفاتها دينية او مذهبية او سياسية او عرقية او اقليمية او حتى قارية ، ولا تبتعد سياسات هذه الدول عن الامزجة البشرية بفعل قياداتها ، وعلى ذلك فكل شيء محتمل ، فالاتحادات والانقسامات وتغيير الخرائط وتبخر الامبراطوريات وتشرذمها ، ليست سوى نتائج لتلك الامزجة التي تعتقد انها على حق في طموحاتها نحو تحقيق مصالحها في المجتمع الدولي .
من هنا تبدأ القضية التي وصلت اليها العلاقات بين قطر واعدائها عشاق الامس ، في قضيتهم المشتركة " الارهاب " الذين كانوا الاباء الشرعيين له ، لكن الاحساس بخطره جعل بعضهم يتخلى عنه بعد ان افتضح امره كالسعودية فيما اصرت قطر على الاشهار بدعمه ماديا واعلاميا وعن طريق استمرار احتضان قادته ودهاقنته . ويبدو ان قطر كان لها قصب السبق في قراءة الخريطة السياسية التي تم رسمها لمستقبل الجزيرة بعد مجيء ترامب على رأس السياسة " الشكلية " للولايات المتحدة وقرأت قرارات الكبار في مافيات السياسة الذين يذهبون لتصفية منفذي سياستهم قبل ان يفتضح امرهم و ( تخرب بيوتهم ) ، بينما كانت قطر قد هيأت كل الخطط لأعتماد سياسة بديلة تختلف عن سياستها التقليدية ب( 180 درجة ) ، فما ان انتهى مؤتمر الرياض حتى كانت الدوحة قد وقعت مع طهران عقودا اقتصادية بمئات المليارات من الدولارات واوفدت وزير خارجيتها الى بغداد لتصفية اجواء ما قبل القمة وهكذا فعلت مع روسيا ، ومع دول اخرى .
ومع ان نتائج قمم الرياض الثلاث قد بدأت ثمارها تأتي اؤكلها باستحلاب دول الخليج وتفكيكها في محاولة لتجفيف منابع الارهاب وتمويله ، فقد افرزت نفاق هذه الدول وعدم مبدئيتها العربية والاسلامية التي كانت تتغنى بها اثناء فترات اطمئنانها الامني ورخائها الاقتصادي ، وتخرج عن هذه الحزمة ، سلطنة عمان التي نأت بنفسها كالعادة عن مشاكل المنطقة مستندة على حكمة سلطانها وشيخها قابوس بن شخبوط ، وامارة الكويت التي اعلنت حياديتها ازاء المشكلة وفضلت ان تكون ركنا وسيطا في تقارب وجهات النظر ، الاّ ان سرعة الاحداث واتخاذ القرارات السريعة المتشنجة كانت وكأنها تسارع في انقاذ نفسها من خطر محدق وكانت مصر هي الرابح الوحيد من هذه المشكلة والتي كانت تشكو من القيادة القَطَرية وتدخلها في شؤون مصر ، بل وتوعدتها مرات عديدة .
ومع ان الكثيرون تفاجأوا بتفاعل المشكلة بشكل سريع دون ان يعرف او يقرأ مسبباتها الاصلية وابعادها دون معرفة الخفايا الحقيقية ، يبقى الهاجس الاكثر واقعية هي بوادر صراع دولي جديد لأعادة تقسيم المنطقة التي اعلن عنها بوش الابن " الشرق الاوسط الجديد " المبنية على جوهر فلسفة هنري كيسنجر المعروفة في سبعينات القرن الماضي .
لقد قضي الامر كما يبدو لنا كمراقبين بسطاء غير مؤثرين ، ولا يصلح العطار ما أفسدته عقول المشايخ التي فقدت حكمة السلطة والقيادة في بلدانهم واوصلتها الى الرعب الذي يعيشه ابنائها اليوم نتيجة طغيان حكامهم .
اللهم لا شماتة !!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل ينهي الرد المنسوب لإسرائيل في إيران خطر المواجهة الشاملة؟


.. ما الرسائل التي أرادت إسرائيل توجيهها من خلال هجومها على إير




.. بين -الصبر الإستراتيجي- و-الردع المباشر-.. هل ترد إيران على


.. دائرة التصعيد تتسع.. ضربة إسرائيلية داخل إيران -رداً على الر




.. مراسل الجزيرة: الشرطة الفرنسية تفرض طوقا أمنيا في محيط القنص