الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
انزعوا فتيل الفتنة بدل إذكائها .
سعيد الكحل
2017 / 6 / 6اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
التعامل مع احتجاجات المواطنين يفرز الدولة الديمقراطية عما عداها من الدول . في كل العالم ، لم يخرج المواطنون للاحتجاج إلا بعد إدراكهم أن المسئولين غير جادين في البحث عن حلول لمشاكل الساكنة . لا أحد يهوى الاحتجاج في وطني ، ولكن عمق المشاكل ومرارة الشعور بالحكرة وتعنت الحكومة ، عناصر تزيد من الغليان الشعبي وترفع منسوب الحماس لدى عموم الفئات بهدف الضغط على الحكومة لفتح حوار جدي ومسئول مع المواطنين حول مشاكلهم وانتظاراتهم. إن الحكومات الديمقراطية هي التي تتفاعل إيجابيا مع مطالب المواطنين وفق ما تسمح به إمكاناتها المادية ، وتسمع لمعاناتهم وتتفهم مطالبهم فتشركهم في البحث عن الحلول والمخارج . الحكومات الديمقراطية تدرك وتتصرف أنها تعبير عن إرادة الشعب وهي في خدمته ومنه تستمد مشروعيتها . فالشعب باق بينما الحكومات زائلة . لكن ما نعيشه في المغرب ، وما كشف عنه حراك الريف ، أثبت أن الحكومة منفصلة انفصالا تاما عن الشعب وهي في عناد مقيت لمطالبه وتعنت بئيس ضد مبادراته . ذلك أن تصرفات الحكومة تغيض الشعب وتذكي سخطه وتزيد من حدة الاحتقان والسخط والحكرة . ففي الوقت الذي يطالب فيه المواطنون بأبسط حقوقهم في العلاج والخدمات الاجتماعية وفك العزلة ، تلجأ الحكومة إلى التخوين والاعتقال وتأجيج مشاعر الحقد والكراهية بتوظيف المساجد التي أقيمت لذكر الله وطمأنة نفوس المؤمنين . حكومة تفتقد للحكمة التي يتطلبها التعامل مع هكذا مطالب واحتجاجات . ومن سخرية القدر ،أن الحزب الذي يقود الحكومة كف عن ترديد "نحن نمثل الشعب" و"نعبر عن إرادة الناخبين" ، و"اختارنا الشعب" وهي اللازمة التي يرددها كلما قرر الإجهاز على المكتسبات . لكن حين جد الجد ، وخرج المواطنون للاحتجاج الذي دام سبعة شهور ، بلع وزراء الحزب وباقي أعضاء الحكومة ألسنتهم إلا من توزيع تهم التخوين في حق المواطنين الذين حافظوا على سلمية حراكهم وما خربوا تخريبا . كان على الحكومة أن تفخر أنها حكومة لشعب راق يمارس احتجاجاته بكل وعي ومسئولية ؛ كما كان عليها أن تسارع منذ الأيام الأولى لانطلاق الاحتجاجات إلى محاورة ممثلي الحراك والقوى المدنية المحلية والإصغاء لمطالبهم . هكذا تتصرف الحكومات النابعة فعلا من الشعب والمعبرة بصدق عن نبضه وإرادته . بل حكومة تجعل إمكانات الدولة في خدمة الشعب وليس إمكانات الشعب وأرزاق أبنائه في خدمة الدولة وناهبي المال العام . كان على الحكومة أن تعطي المثل والنموذج الذي يقنع المواطنين أنها حريصة على المال العام وتبذل ما في وسعها لتوفير الخدمات الاجتماعية لعموم فئات الشعب على امتداد ربوع الوطن . والنموذج يبدأ من وقف التبذير والسفه فيه . ومن السفه أن تُرصد ميزانية مهمة لاقتناء اللوحات الالكترونية والهواتف الذكية للبرلمانيين من أموال الشعب ومن خزينة الدولة . فهل وصل الفقر بالبرلمانيين أن عجزوا عن اقتناء مثل هذه اللوازم ؟ ألم تنتبه الحكومة أن مثل هذه الميزانيات المخصصة للبنزين والهواتف واللوحات الالكترونية وأشياء أخرى كافية لتوفير الأدوية بالمستوصفات أو اقتناء ساعفات تقدم خدماتها لساكنة المناطق المهمشة أو تجهيز المستشفى الأنكولوجي بالمعدات الضرورية التي تعفى المرضى من االتنقل إلى الدار البيضاء .هناك مطالب رفعها المحتجون لن تكلف خزينة الدولة أي سنتم ، بل ستوفر لها موارد مالية مهمة كما هو الحال بالنسبة لمحاربة الفساد والنهب ومصادرة ما تراكم منهما من ثروات .
لقد اختارت الحكومة المقاربة الأمنية في مواجهة الاحتجاجات والمطالب المشروعة في وضع إقليمي مضطرب دون أن تستحضر ما تداولته تقارير صحفية وما كشفت عنه دوائر دولية مسئولة بخصوص إعادة رسم خريطة المنطقة العربية وتقسيم عدد من الدول في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا . حكومة بهذا العجز والشلل ،عدا استعمال القوة ، لن تزيد الأوضاع إلا احتقانا . أوضاع مرشحة لمزيد من الاحتقان والتذمر وتغري خصوم المغرب بالبحث عن منافذ لتأجيج مشاعر الغضب والدفع بالأوضاع إلى الانفجار لا قدر الله . فالحكمة تقتضي أن تستحضر الحكومة كل السيناريوهات المحتملة وتستفيد من أخطاء الدول العربية التي تجاهلت الاحتجاجات في مهدها ثم لجأت إلى القوة لقمعها فما زادتها غير التأجج والانفجار . وليس أخطر على استقرار أي وطن من أن يفقد المواطنون الثقة في الحكومة التي من المفروض أنها تمثلهم وتسعى لحل مشاكلهم . لهذا ، على الحكومة أن تجعل مصلحة الوطن فوق كل اعتبار فتتخذ سلسلة من الإجراءات العملية لنزع فتيل الاحتقان وتصفية الأجواء تمهيدا لأي حوار يجمعها مع كل الفاعلين الذين بلوروا مخارج لهذا الوضع أو تقدموا بمبادرات تلطف الأجواء استعدادا للحوار الجدي بين الأطراف المعنية بالحراك في منطقة الريف . من هنا ، وفي ظل هذه الظرفية الدقيقة ، سيكون من الحكمة أن تتخذ الحكومة المبادرات التالية : 1 ـ إطلاق سراح معتقلي حراك الريف كبادرة حسن النية لتهدئة نفوس المحتجين .2 ـ تشكيل لجان مشتركة تضم كل الفاعلين لمناقشة مطالب السكان ووضع جدولة زمنية للشروع في تنفيذ ما يتم الاتفاق عليه .3 ـ رفع حالة العسكرة التي تطوق مدن الاحتجاج في الريف .
لتدرك الحكومة أن تعنتها يدفع إلى ابتكار أساليب جديدة للاحتجاج كما يرفع من سقف المطالب ويزيد من حدة السخط والاحتقان اللذين لا يمكن توقع آثارهما استقرار الوطن.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. الانتخابات الرئاسية في السنغال: باسيرو فاي ينال 54,28% من ال
.. إسبانيا: النيابة العامة تطالب بسجن روبياليس صاحب القبلة القس
.. نتنياهو يأمر بشراء عشرات آلاف الخيم من الصين لإنشاء مخيم في
.. كامالا هاريس تصفق لأغنية إسبانية داعمة لفلسطين خلال زيارتها
.. قناة إسرائيلية: إدارة بايدن طلبت من إسرائيل السماح لضباط أمر